الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة3 يونيو 2019 20:39
للمشاركة:

نهاية عداوة؛ أوباما، إيران، وانتصار الديبلوماسية- الجزء الخامس

في الجزء الخامس من ترجمة “جاده إيران” لسلسلة كتاب “فقدان عدو، أوباما، إيران، والانتصار الديبلوماسي” التي يقدّمها موقع “مشرق نيوز”،
نصل إلى الجزء العاشر حيث يتناول مؤلف الكتاب، رئيس المجلس الوطني للإيرانيين في أميركا تريتا بارسي، أبرز مواقف المفاوضين الأميركيين والأوروبيين والإيرانيين، من تلاعب أوباما بورقة “تصفير تخصيب اليورانيوم” إلى كيفية إقرار “حق” إيران بالتخصيب.

أوباما يتلاعب في ورقة تخصيب اليورانيوم
بعد فشل مفاوضات عام 2012 بين الإيرانيين والأميركيين في مسقط، وبقاء قضية “تخصيب اليورانيوم” نقطة خلاف، يستكمل الكاتب تريتا بارسي الأحداث من عام 2013 في عهد الرئيس أحمدي نجاد. ويذكر بارسي أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لم يكن يؤمن بفكرة إلغاء تخصيب اليورانيوم، كما كان لديه اعتقاد بعدم عودة برنامج إيران النووي إلى نقطة الصفر، مخالفاً بذلك الرئيس الأسبق جورج بوش الأبن، لكنه في الوقت نفسه كان يستخدمها كورقة ضغط على إيران خلال المفاوضات، وكان ينتظر انتهاز الفرصة المناسبة من أجل التوصل إلى قبول طهران بتقييد برنامجها النووي، كشرطٍ لموافقته على استمرارية البرنامج النووي السلمي.
حول هذا الأمر يقول مستشار الأمن القومي للرئيس أوباما، بن رودس، لبارسي: “عندما كنا نتحدث داخلياً (فيما بيننا) حول هذا الأمر، كان من البديهي أن نأخذ فكرة تخصيب اليورانيوم في عين الاعتبار، والرئيس أوباما أخذ قراراً بهذا الشأن منذ أمد بعيد”.
اعتبر بارسي أنّ الكشف المبكر عن هذه النوايا كان بمثابة كشف أقوى ورقة رابحة لواشنطن طيلة المفاوضات، ومؤشراً لمرونتها واقتناعها بعدم جدوى العقوبات على إيران، ما مهّد إلى مفاوضات فعّالة وأكثر مرونة في مدينة “الماتي” في كازاخستان بين إيران ومجموعة الدول 5+1، خلافاً لما كانت عليه مفاوضات مسقط التي خيَّمَ العناد على أجوائها.

دَور حركة دول عدم الانحياز بشأن”حق” إيران بالتخصيب
استغل الإيرانيون منبر اجتماعات حركة عدم الانحياز لتكرار قولهم: “إنّ شرط تقدم المفاوضات النووية هو تحديد مصير قضية تخصيب اليورانيوم”. في المقابل كانت حكومة أوباما تترقّب هذه التصريحات عن كثب، من دون الإدلاء بأي تصريح رسمي.
وتعقيباً على ذلك دَوَّن المستشار الرفيع في وزارة الخارجية الأميركية في مجال حظر الانتشار النووي، روبرت أينهورن: “أوباما لم يُرِد أن يتخذ موقفاً صارماً تجاه تصفير تخصيب اليورانيوم، لأنّ ذلك سيجعل المفاوضات بلا معنى”.
ويؤكد الكاتب أن المسؤولين الأميركيين كانوا حريصين جداً بتشديدهم بشكل مستمر على هدفهم، وهو منع إيران من امتلاك “السلاح النووي”، وليس منعها من “القدرات النووية”، التي توازي معنى “تخصيب اليورانيوم”.
وقد أورد بارسي كلاماً أدلى به بن رودس أمامه حيث قال: “نحن كنا نتحدث بشكل مستمر عن منع إيران من امتلاك “السلاح النووي”. لكنّ الاسرائيليين وغيرهم كانوا يطالبوننا باستخدام مصطلح “القدرات النووية”، ورفضنا ذلك، وتعمّدنا استخدام عبارة “السلاح النووي”.
في آب/ أغسطس 2012، أيّد 120 عضواً من المشاركين باجتماع “حركة دول عدم الانحياز” حق إيران في تخصيب اليورانيوم، وبذلك تم نفي تأكيد واشنطن عزل طهران دولياً، إضافة إلى تأييد الصين وروسيا حقّ إيران في التخصيب.

موقف الاتحاد الأوروبي من مسألة التخصيب
رغم تأييد الاتحاد الأوروبي للموقف الأميركي حيال التخصيب، كانت هناك وجهات نظر مختلفة داخل الاتحاد، وقد تغير الموقف الرئيسي على نحو تدريجي. بيتر ويستماكوت، سفير بريطانيا في واشنطن آنذاك، قال لبارسي: “في عام 2004 كان موقف الأوروبيين من عدم تخصيب اليورانيوم صلباً وغير قابل للنقاش”.
أما فرنسا فكانت أكثر تشدداً من إدارة أوباما في هذا الشأن، وقال أحد أعضاء المفاوضين الأوروبيين لبارسي: “كان من الواضح أننا كنا نريد استخدام ورقة تخصيب اليورانيوم، لكن مشكلتنا كانت أميركا”.
لكن بالنسبة لواشنطن، فإن هذه القضية لها آثار تتجاوز برنامج طهران النووي، فإذا تم قبول التخصيب على أنه “حق” فسيكون من الصعب عليها إقناع الدول الأخرى بالامتناع عن الحصول على هذه التكنولوجيا.
يقول خافير سولانان كبير المفاوضين الأوروبيين حتى عام 2010 لتريتا بارسي في هذا الشأن: “يقول الإيرانيون: عندما يتم الاعتراف بشكل رسمي بحقوقنا النووية، عندها نستطيع التفاوض على تقييد البرنامج النووي”.

أوباما يستسلم
بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرين الثاني / نوفمبر 2012 في أميركا، وبعد أشهر من فشل قمة عُمان، بدأ النقاش الذي استمر لسنوات عدة في البيت الأبيض مرة أخرى، فشعر الرئيس أوباما أنّ الوقت حان لاستخدام ورقة “تخصيب اليورانيوم” داخل البيت الأبيض.
قسم هذا القرار الساسة الأميركيين قسمين، بين مؤيد ومعارض. وقد كتب ريتشارد نيفو، المنسق الرئيسي لسياسة العقوبات في إدارة أوباما، عن وجهة نظر المخالفين: “لقد كانوا قلقين بشأن التداعيات الاستراتيجية والسياسية وحول ما ستورثه إدارة أوباما بمنح إيران حق تخصيب اليورانيوم، وكانوا قلقين من عوامل عدة أخرى”.
في الواقع كان هناك عوامل عدة لتغيير موقف أوباما في هذا التوقيت، كوصول الجميع إلى نقطة حرجة في المفاوضات، وفشل العقوبات الاقتصادية في إجبار إيران على أن تكون مرنة، إضافةً إلى خطر نشوب حرب على وجه التحديد، بعد الوصول إلى باب مسدود بشأن مسألة التخصيب.

الجزء الأول

الجزء الثاني

الجزء الثالث

الجزء الرابع

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: