الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 مايو 2019 13:29
للمشاركة:

نهاية عداوة؛ أوباما، إيران، وانتصار الدبلوماسية

جاده إيران- ترجمة/ محمد علي

نشر تريتا بارسي الكاتب والمحلل والناشط الإيراني-السويدي المقيم في أميركا ورئيس المجلس الوطني للإيرانيين في أميركا “ناياك” في أغسطس عام 2017 كتابه ” فقدان عدو؛ أوباما، إيران، وانتصار الدبلوماسية”، الذي اقال بارسي عنه إنه رواية من رحم المفاوضات التي انتهت في 14 يوليو 2015 بالتوقيع على خطة العمل المشتركة الشاملة المعروفة باسم الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبار. هذه الرواية وفق الكتاب مأخوذة من صف المفاوضين الأول للدول الموقعة على الاتفاق النووي مثل وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، ونظيره الأميركي آنذاك جون كيري.
موقع “جاده إيران” يترجم ملخصًا للكتاب قام موقع “مشرق نيوز” بنشره على حلقات عدّة.
بارسي الذي ألف سابقًا كتابين آخرين في 2008 و2012 تناول فيهما على الترتيب العلاقات بين إيران وأميركا وإسرائيل منذ العام 1948، والسابقة الدبلوماسية لحكومة باراك أوباما تجاه إيران منذ بداية عهد رئاسته للجمهورية إلى ما قبل بداية المفاوضات النووية التي انتهت بالاتفاق النووي.
الجزء الأول من مجموعة التقارير الخاصة بملخص الكتاب سيشمل جزء من التقديم والمقدمة التي ورد فيها موضوع اعتقال الحرس الثوري للبحارة الأميركيين في الخليج ومساعي البلدين لمنع تأثير ذلك على المفاوضات والاتفاق النووي.

نهاية عداوة؛ أوباما، إيران، وانتصار الدبلوماسية 1

التقديم
يؤكد بارسي خلال التقديم على أن الكتاب يُركز على حالة مسؤولي إيران وأميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين تجاه ظهور خطري الحرب وإيران المدججة بالسلاح النووي. ويسعى إلى إثبات وشرح كيفية مساهمة العوامل الداخلية والجيوبلوتيكية وكذلك الفرصة الدبلوماسية، إضافة إلى دور المفاوضين في جعل فرص الاتفاق ممكنة. كما ويحلل كذلك العوامل المؤثرة على مسار اتخاذ القرارات، مثل نقص المعلومات، وعدم الثقة في نوايا الطرف الآخر، والقيود الداخلية التي تحجم أحياناً إمكانية المناورة في السياسة الخارجية.
المقدمة التي أكدت على أن هذا الكتاب هو الجزء الثالث من مجموعة ثلاثية، أشارت كذلك إلى الكيفية التي حلّت فيها أميركا وإيران الأزمة النووية، وكذلك كيف انتهت سياسة أميركا للسيطرة على إيران وإيجاد نظام شرق أوسطي بدون مشاركة منها (التي تقع في مركزية التوترات الجيوبولتيكية).
وأوضحت المقدمة أن هذا الكتاب يعتمد على المصادر الأولية، أي الحوار مع متخذي القرار في أميركا، والاتحاد الأوربي، وروسيا، وإسرائيل، وإيران. كما أنَّ جزء كبير من الكتاب أيضًا جاء نتيجة للملاحظات الشخصية للكاتب بوصفه شاهدًا ولاعب جزئي في مسار (المفاوضات والاتفاق). حيث كانت الحكومة الأميركية تتشاور معه أثناء المفاوضات وبعدها كونه رئيسًا للمجلس الوطني للإيرانيين في أميركا وأحد المدافعين القدماء عن الدبلوماسية، وكانوا يقدّمون له تقارير. كما كشفت المقدمة عن قيام الكاتب في ذلك الوقت بإجراء مفاوضات عن كثب مع المفاوضين الإيرانيين كي يتمكن من إدراك رؤيتهم على نحو أفضل. كما استفاد أيضًا من المصادر الثانية، مثل كتابات كافة المحللين والتقارير الإخبارية أيضًا، من المصادر الإنجليزية وكذلك الصحف الإيرانية الناطقة بالفارسية.

أكثر الكوابيس رعبًا للبحارة الأمريكيين

تناولت المقدمة أحداث إلقاء قوات بحرية الحرس الثوري القبض على 10 من البحارة الأميركيين الذين توقف زورقهم وسط الخليج، ولم يتمكّنوا من إدراك إلى أي مدى خرجوا على مسارهم بسبب تعطل نظامهم الملاحي، ولم يدركوا أنّهم في المياه الإيرانية.
ويكتب بارسي: “كان هذا الحدث أسوء كوابيس البحارة الأميركيين: الأميركيون لديهم قوّة نيران أكبر من زوارق الحرس الثوري، لكن العداء بين أميركا وإيران في الخليج كان يمكنه أن يحوّل حادثة صغيرة مثل هذه إلى حرب كاملة”.
وفي 12 يناير 2016، كان من المقرر بعد بضع ساعات أنَّ يلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما، آخر خطبة لـ لـــ”حالة الاتحاد” على الكونغرس، وكان مقررًا خلال 5 أيام أخرى أن تلغي واشنطن العقوبات ضد طهران بموجب الاتفاق النووي التاريخي.
وفي مساء اليوم ذاته كان يتعين على وزير الخارجية محمد جواد ظريف، أن يتحدث مع نظيره الأمريكي جون كيري، هاتفيًا من داخل الوزارة، ويتحاورا حول الخطوات الختامية قبل “يوم التنفيذ” وإلغاء العقوبات الأميركية والاتحاد الأوربي ضد إيران حسب المخطط. وفي هذا الوقت اتصل به مساعد مستشار الأمن القومي الإيراني، كي يبلغه بخبر إلقاء القبض على البحارة الأميركيين. وبعد 4 ساعات من القبض على البحارة الأمريكيين، أدرك الإيرانيون أن هؤلاء البحارة صادقون في قولهم، وأنهم ضلّوا طريقهم، ولم يضمروا أي أهداف عدائية.

الإيرانيون متحسسون من التهديد

وما كان يقلق ظريف في هذه الأثناء إمكانية تناول أوباما علانية هذا الموضوع في خطاب حالة الاتحاد، ومن حيث أنَّ إلقاء القبض على هؤلاء البحارة كان خطئًا، فكان أفضل سيناريو تحريرهم في أسرع وقت. إذا ما أدلى أوباما أو المسؤولين الكبار في واشنطن بتصريحات حول هذا الشأن وخاصة بلغة تهديد، لكان هذا الأمر صعّب على ظريف المناورة في النظام السياسي الإيراني وضمانة الإفراج السريع على البحارة. ومثلما أن ظريف كان يرغب في القول إن الإيرانيين متحسسين من التهديد. وقال لبارسي: “بمعرفتي عن الأميركيين، فالعبارة التي كانوا سيستخدمونها، كانت لتكون “على الإيرانيين الافراج عن قواتنا”، فآنذاك ستعتبر طهران هذه الجملة تهديدًا، ثم لكانت لترد على ذلك؛ وهذا الحدث (الصغير) كان ليتحوّل إلى مشكلة”.
إن خطأ مثل خطأ البحارة الأميركيين في الملاحة كان ليعرض أشياء مهمة للخطر. فبعد سنوات من التهديد والعقوبات والمفاوضات، توصلت إيران وأميركا والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن علاوة على ألمانيا إلى اتفاق كان يرضي جميع الأطراف. وكان يسد على إيران جميع الطرق نحو القنبلة النووية عبر تشكيلة من القيود الفنية والتفتيشية وآليات الشفافية. وعلى الجانب الآخر، ستتحصل إيران على برنامج سلمي للطاقة النووية، والذي كان يشمل تخصيب اليورانيوم. لقد نجحت واشنطن وطهران بشكل إعجازي في قطع خطوة للسلام.
بارسي أكد على أن التحدي الواقعي في المفاوضات كان إنسانيًا وليس فنيًا، فقد كان معدّل الثقة بين البلدين-أمريكا وإيران- صفر تقريبًا. وفي ظل ذلك، فبعد 2003 والاضطرابات الناجمة عن الهجوم على العراق، بدأت نجوم الجيوبولتيكي والسياسة الداخلية لإيران وأمريكا (في سماء الشرق الأوسط) بالتزاوج بشكل هادئ، وعبدت الطريق لحل دبلوماسي محتمل.
الفرصة كانت قائمة، وتوّلى آنذاك مسؤولون في إيران وأميركا (باراك أوباما وحسن روحاني)، المتشككون في العمليات العسكرية، ويرغبون في بحث هذا الأمر، ما الانجازات التي تستطيع الدبلوماسية أن توفرها.
لكن الآن تتعرض ثمرة هذه المساعي إلى مخاطر، ليس بسبب نتنياهو ولا حلفاءه في الكونغرس والسعودية، وإنما بسبب 10 بحّارة ضلّوا طريقهم.
قامت واشنطن وطهران بمفاوضات حول تبادل السجناء طوال الـ 14 شهر الماضيين بسرية، والتي كان يمكنها أن تسفر عن الافراج عن 5 أمريكيين معتقلين في إيران و5 إيرانيين معتقلين في أمريكا. وكان مقررًا لهذا التبادل أن يتم خلال عدّة أيام، وإذا لم تكن لتحل مشكلة البحارة في أسرع وقت، فلم يكن ليصبح من غير الممكن على واشنطن من الناحية السياسية إلغاء العقوبات طبقًا للاتفاق القائم وتبادل السجناء الإيرانيين مع المعتقلين الأمريكيين في إيران.
هذا وقد قال ظريف: “أخشى أنَّ يهدد هذا الأمر كل شيء، وليس فقط تنفيذ الاتفاق النووي”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: