الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 مايو 2019 15:30
للمشاركة:

بولتون وظريف يتسابقان… من يسحب ترامب إلى جهته؟

جاده إيران- زكريا أبو سليسل

برغم أن طهران تستبعد قيام واشنطن بشن حرب مباشرة عليها، إلا أنّها لا تلغي احتمال وقوع تطورات ميدانية تتدحرج من خلالها الأمور إلى مواجهة عسكرية.
قد تحدث تلك التطورات أثناء مرور النفط الإيراني عبر البحار والمحيطات أو في مناطق التماس مع الوجود الإيراني على الأراضي السورية والعراقية.
بداية الحديث الإيراني عن تدحرج التوتر جاءت على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في المقابلة التي أجراها الأسبوع الماضي مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية عندما استبعد الحرب لكنه أكد أن فريق الباءات (بولتون، بومببيو، بنيامين نتنياهو، بن سلمان، بن زايد) يسعى لجر ترامب للحرب مع إيران. ظريف قصد تذكير ترامب عبر قناته المفضلة بتعهداته خلال حملته الانتخابية بعدم جر أميركا للحروب مجدداً.
في هذا السياق رأى الديبلوماسي الإيراني السابق قاسم محب علي أنّ “ظريف باستبعاده وجود نوايا حرب لدى ترامب، إنّما يسعى لخلق فجوة في الحكومة الأميركية من أجل تهيئة المجال للمفاوضات”. وأضاف محب علي في مقاله بصحيفة “ستارة صبح” أن ظريف يحاول أن يعزز في أميركا مسار المفاوضات الذي يريده الرئيس ترامب على حساب مسار الحرب الذي يسعى إليه مستشاره للأمن القومي جون بولتون.
لم تبق التصريحات التي أدلى بها ظريف عن الحرب وحيدة بل لحقت بها تصريحات أخرى كان أهمها إشارة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي لـ” عدم وجود اصطفافات حربية ظاهرية للعدو في المجال العسكري”. هذه القراءة التي أبداها خامنئي فيما يتعلق بالسلوك الظاهري لخصوم بلاده “لم تستبعد بشكل نهائي تماماً وقوع مواجهة بين واشنطن وطهران” كما يقول الكاتب والمحلل السياسي الإيراني صابر غلعنبري.
ومما لفت الأنظار للكلام الصادر من طهران عن الحرب تلك الدعوات التي وجهها قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي للقوات المسلحة بضرورة التأهب للحرب والاستعداد لأي هجوم ليلي إلى جانب الدأب على المناورات من أجل تعزيز القدرات الدفاعية، وهذا ما اعتبره صابر غلعنبري في حديثه مع “جاده إيران” بأنّه “جزءً لا يتجزأ من طبيعة عمل القادة العسكريين للقوات المسلحة الإيرانية” خصوصاً في ظل ما وصفها “بالظروف الحساسة والغير اعتيادية التي تعيشها طهران خلال هذه الفترة”.
لكن قائد قوة القدس قاسم سليماني بدا مطمئناً أكثر بقوله إن “أميركا لا تريد أن تدخل في حرب مع إيران” كما جاء في الفيديو المنشور بحسابه على موقع انستغرام، وبالنظر إلى تصريحات سليماني فإنها بالمجمل لا تبتعد عن إعلان محمد جواد ظريف السابق بخصوص خيار الحرب لدى أميركا إلا أن الأخير يُبقي الباب موارباً لاحتمال وقوع تطورات ميدانية تغير في خيارات حاكم البيت الأبيض، وتلك التطورات الميدانية إذا وصلت إلى استهداف ناقلات النفط الإيراني فإن غلعنبري يجزم بأن “طهران لن تصمت إزاءها، بل سترد عليها”، مستعبداً في ذات الوقت “أن تذهب تطورات الفعل ورد الفعل بين الطرفين إلى المواجهة الشاملة”.
صحيفة “إنديبندنت” البريطانية من جهتها، نقلت عن ظريف توضيحات لشكل “الحوادث الغير المتوقعة” التي من الممكن أن تقود إيران وأميركا للاشتباك، فذكّر الوزير بحادثة اعتقال السلطات الإيرانية للبحارة الأميركيين في مياه الخليج في يناير 2016، مؤكداً أن حدثاً كهذا من الممكن أن يتسبب في وقوع الاشتباك، مبيّناً أن غياب التواصل الحالي بين واشنطن وطهران سيكون عاملاً إضافياً في زيادة فرص الاشتباك على خلاف ما حدث عام 2016، عندما كانت قناة الحوار مفتوحة بينه وبين وزير الخارجية الأميركي جون كيري آنذاك.
التحسب الإيراني للمواجهة والواضح من تصريحات ظريف المتكررة عنها لم يكن بنفس القدر لدى صحيفة “جوان” الأصولية التي جزمت بأن “كل الخيارات مطروحة على طاولة أميركا باستثناء الحرب”، وأرجعت الصحيفة غياب الحرب من على طاولة واشنطن لانحسار الخيار العسكري الأميركي بعد التغيّر الذي حصل في المعادلات الدولية مع دخول روسيا كقوة دولية وإقليمية على المسرح العالمي.
الاطمئنان المختلط بالتوجس على مستوى الادارة الايرانية يعكس بدوره اختلافا داخليا حول تقييم المعادلات الدولية، ففي حين تربط جوان اعلاه بين استبعاد الحرب وتراجع قوة واشنطن، تعكس العقوبات الأميركية وفعالية الإجراءات الأخيرة ضد إيران على المستوى الدولي والإقليمي استمرارية لقدرة التأثير بالتوازي مع اعتراض روسي صيني لم يتخط المواقف العلنية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: