الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة13 أبريل 2019 14:22
للمشاركة:

قراءة في كتاب: فنّ العقوبات… وجهة نظر ميدانية

جاده إيران- شيرين سمارة

عام 2018 أصدر كبير خبراء العقوبات أثناء ولاية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ريتشارد نيفيو، كتاب “فن العقوبات” الذي يتناول فيه العقوبات الأميركية وانعكاسها على الوضع الإيراني.

قراءة في كتاب: فنّ العقوبات... وجهة نظر ميدانية 1

يقع الكتاب في 138 صفحة، تتوزّع على مقدّمة وتسعة فصول منها: الإطار المفاهيمي؛ لماذا تطبق العقوبات؟؛ العراق ومواجهة إيران؛ بدء الضغط على إيران؛ استجابة ومقاومة البلد المستهدف؛ عودة إيران إلى المفاوضات الواقعية؛ وغيرها.

في المقدّمة أوضح نيفيو الإطار الفكري والعملي المتّبع في هندسة العقوبات ضد إيران، من أجل زيادة تأثيراتها السلبية، وقدّم نظرته الخاصة حول العقوبات من زاويتين: الأولى “الآلام”، والثانية “المقاومة”، ليوضع بعدها تفصيليًا: متى، وكيف، وأين يمكن فرض “آلام” العقوبات، وفي الوقت نفسه، كيف يمكن قياس المؤشرات وحسابها، وآلية تعديل العقوبات وفقاً لتلك المؤشرات، والتي سيكون لها الأثر الأكبر في تحقيق أقصى قدر من مصالح فارضي تلك العقوبات.

يشير نيفيو إلى أن العقوبات كأداة استراتيجية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة ليست مجرد مسألة تقنية، إنّما “وسيلةً لصنع القرار الفنيّ والاستخدام المبتكر لمختلف الأدوات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة في هذا الصدد”. ويطرح مثالاً حول نتائج حظر مختلف السلع باستثناء السلع الكماليّة المستوردة، ما انعكس سلباً على الحالة الاجتماعية في إيران، وكيف ساعد ارتفاع أسعار الدجاج في ذلك مثلًا، ويوضح أنّ هذا الأثر الاجتماعي بحدّ ذاته لم يكن غاية الحظر، وانما ساعد كوسيلة في زيادة ضغط العقوبات.

يبدو الكتاب كأنّه يحاول إيصال رسالة لصانع القرار الإيراني، مفادها أنّ العقوبات أداة رئيسية من سلسلة أدوات تتعامل من خلالها الولايات المتحدة مع بعض الدول، ولا يمكن التعامل معها أو حلّها بصورة مؤقّتة. كذلك يبدو كأنّه يدفع القارئ الإيراني للاستنتاج بأن ما سيحدّد مصير الحرب والعقوبات “الآلام والمقاومة”، هو فنّ المناورة والالتفاف على العقوبات في أبعاده المختلفة، عبر استخدام أساليب تقليدية وأخرى عصريّة يمكن اللجوء إليها كخيار أخير، ما سيحقق نتائج عكسية.

“فن العقوبات” الذي يتطرّق للعقوبات الأمريكية من ناحية عمليّة وإجرائية بحته، لا نظرية أو أكاديمية، كما وصفه نيفيو نفسه، لاقى اهتماماً لافتاً في إيران، فقد تولّى ترجمته مجلس الشورى الإسلامي، وأوصى بقراءته وتداوله من المواطن الإيرانيّ العادي قبل المختص، ليتسنّى له فهم العقوبات وما يحاك ضد بلده، إضافة إلى كونه مصدراً جيداً لفهم الآثار الحقيقية للعقوبات على حياة الشعب الإيراني. أما في الولايات المتحدة فقد اعتبر الكتاب، منذ صدوره، الدليل والموجّه لكبار صنّاع السياسة الخارجيّة في ما يتعلق بفرض العقوبات.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: