الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة8 أبريل 2019 22:10
للمشاركة:

ماذا يعني تصنيف الولايات المتحدة للحرس الثوري كمنظمة إرهابية؟

جاده إيران- فريق العمل

في إيران كان الرد بإجراء مماثل من خلال إعلان مجلس الأمن القومي الإيراني تصنيف القيادة الوسطى الأميركية والقوات المرتبطة بها في الشرق الأوسط كيانا إرهابيا. كانت وزارة الخارجية الإيرانية قد اقترحت على الرئيس ومجلس الأمن اتخاذ هذا القرار، ولكن كيف ستتأثر إيران بالإعلان الأميركي وهل لهذا إنعكاس على المنطقة بأسرها.
في النظر إلى الحرس الثوري، هو ليس مجرد قوة عسكرية فحسب، الحرس مؤسسة تعمل في الاقتصاد والإعمار ولديها وكالات تجارية ومراكز تجارية وفنادق وشركات طيران ومؤسسات إعلامية على إمتداد إيران، هذا يعني أن كل هؤلاء الذين يعملون في مؤسسات تابعة للحرس، أو مرتبطة بالحرس سيتحولون بين ليلة وضحاها إلى إرهابيين من وجهة النظر الأميركية. كذلك فإن عشرات الآلاف من الشبان الإيرانيين ينضوون كل عام في إطار الخدمة الإلزامية العسكرية تحت لواء الحرس الثوري وهو ما سيعني أيضا زيادة عدد أكبر من الإيرانيين إلى لائحة أميركا الطويلة.
هذا سيعني أن كل هؤلاء، وهم يعدون بمئات الآلاف سيحولهم القرار الأميركي إلى عناصر إرهابية وهو ما يسهل على واشنطن استهدافهم خارج إيران وبالتالي سيجعلهم ربما أكثر التصاقا بالداخل.
لكن هذا الأمر قد يسّرع بدوره في عملية فصل الحرس عن النشاطات الاقتصادية والمالية في إيران، وحصر دوره في الساحة الإيرانية بالجانب العسكري حصرا.
تحويل شريحة كبيرة من الشعب الإيراني إلى إرهابيين لن يكون آخر انعكاسات هذا القرار. فالحرس من جهة ثانية لديه امتداد إقليمي وحلفاء في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان، وهذا يعني أن عناصر الحركات والتنظيمات التي تعمل مع الحرس الثوري، تحديدا تلك التي لم تُشمل بعد بالتصنيف كجماعات إرهابية، وهو ما سيعني أن كل من حارب، أو تلقّى تدريبا من الحرس الثوري، من هذه الدول بدوره سيتحول إلى عنصر إرهابي.
بالنسبة لواشنطن التصنيف يهدف أيضا للضغط على دول كالعراق ولبنان لحسم اصطفافها في المعركة بين أميركا وإيران، وهذا الضغط سيوّلد بدوره توترات داخلية في حال تزايد على الحكومات لرسم خط واضح بينها وبين حلفاء الحرس الثوري داخلها أو في الإطار الأوسع للبلاد. بعبارة أخرى، يمكن أن يتحول هذا الضغط مع الوقت إلى وصفة سريعة لحروب داخلية لا تنتهي.
في العراق تحديدا، وهو نقطة الاشتباك الأميركية الإيرانية الأهم في المنطقة، ومع تسريب خبر إضافة الحرس الثوري إلى لائحة المنظمات الإرهابي، كان لافتا توصية المرشد الأعلى آية الله خامنئي خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي بضرورة إخراج الأميركيين بأسرع ما يكون من البلاد. تحمل الدعوة رسالة إلى واشنطن بأن ذكريات ما بعد الغزو الأميركي للعراق في العام ٢٠٠٣، قد تتكرر بشكل مختلف. فحلفاء إيران في العراق اليوم أكثر بكثير من حلفاء الأمس، إضافة إلى أن فلول القاعدة وداعش في حال توفّر السلاح لهم من جديد، كما في مرحلة ما بعد الغزو، قد يجتمعوا ضمن مجاميع تقاتل الاميركيين مجددا. الفارق اليوم أن الولايات المتحدة غير منتشرة على الأراضي العراقية كما في السابق، إنما محدد وجودها في مجموعة من القواعد العسكرية والمصالح الاقتصادية.
بدون قواعد اشتباك واضحة، سيكون أي توتر مستقبلي شديد الخطورة في المياه الخليجية التي تجمع كلا من الحرس الثوري المصنف أميركا كمنظمة إرهابية، والقيادة الأميركية الوسطى المصنفة إيرانيا كجهة إرهابية. لذلك فإن المشهد حاليا سيكون معقدا إلى أن يقع التوتر الأول، وبعدها ربما تُجترح قواعد جديدة بناء على الظروف الطارئة.
يبقى أن تصنيف الحرس كمنظمة إرهابية سيسمح للولايات المتحدة باستهداف مواقعه حيثما ما كانت، وتنفيذ عمليات إغتيال وتصفية واختطاف حيثما تشخّص واشنطن المصلحة بضرورة ذلك، وهذا وحده كاف لوضع المنطقة بأسرها في حالة ترقب مستمرة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: