الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة30 مارس 2019 09:54
للمشاركة:

سيول سياسية في إيران، ومركبا روحاني ولاريجاني في خطر

جاده إيران- محمد علي

لم تخلُ أزمة السيول والفيضانات التي تشهدها إيران منذ أسبوع من الاستغلال السياسي الذي يسعى طرفا اللعبة الداخلية في إيران إلى اقتناص أقصى المكاسب منه، فالأصوليين يهاجمون رئيس الجمهورية حسن روحاني، متهمين إياه بالغياب عن متابعة أوضاع السيول عن قرب، ويستشهدون على ذلك بعدم قطع روحاني لإجازته التي كان يقضيها في جزيرة قشم، أما الإصلاحيين من جهتهم فألقوا مسؤولية هذه الأزمة على كاهل وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي المحسوب على الأصوليين والمقرب من رئيس البرلمان علي لاريجاني ، وحُملت المسؤولية لرحماني فضلي بسبب اختيارات الأخير للمحافظين وطريقة أداءه للوزارة. هذه الاتهامات المتبادلة لم تحجب حقيقة قيام السيول والفيضانات في إيران بتغطية 25 محافظة من إجمالي 31، مخلفةً وراءها حتى الآن 39 ضحيةً في مختلف تلك المحافظات.

سيول سياسية في إيران، ومركبا روحاني ولاريجاني في خطر 1

أزمة السيول والفيضانات التي تشهدها إيران جاءت بعد عامين أسفر خلالهما الانخفاض في الموارد المائية عن احتجاجات واسعة في البلاد بدأت في محافظة خوزستان عام 2017، والتحقت بها في يوليو 2018 محافظة أصفهان التي استمرت فيها الاحتجاجات حتى نوفمبر من نفس العام حيث احتج المزارعون على سوء إدارة الحكومة الأنابيب المياه، ووصل الأمر إلى حد تقديم نواب أصفهان في البرلمان استقالتهم احتجاجاً على حذف تمويل المشاريع المائية في المحافظة.
الأحداث غير المرتقبة والتي تحولت فيها الأمطار الغزيرة في محافظة غُلستان شمال شرق إيران إلى فيضانات أغلقت 70% من قرى منطقة آ قلا، دفعت رئيس الجمهورية حسن روحاني إلى تكليف نائبه الأول اسحاق جهانغيري بإعداد تقرير يتضمن التقديرات النهائية لحجم السيول، في تلك الأثناء وعد رئيس هيئة إدارة الأزمات الإيرانية بتقديم حجم خسائر السيول في محافظة مازندران خلال الأيام العشرة القادمة.
النائب الأول لرئيس الجمهورية اسحاق جهانغيري بدوره بدأ إجراءات المعالجة لفيضانات غُلستان بإقالة مناف هاشمي الذي يرأس المحافظة هناك نظراً لتقصيره في أداء ثم بسبب ما نسب إلى المحافظ من التواجد خارج البلاد لأسباب شخصية.
جدير بالذكر أن الانتقادات في هذه الأزمة طالت جميع الأجهزة الحكومية وعلى رأسها الرئيس روحاني وهيئة إدارة الأزمات والكوارث، لكن وكالة “مهر” وجدت عذراً للهيئة عندما سلطت الضوء على أن ما تتقاضاه الهيئة من الموازنة الإيرانية لا يتجاوز الـ 5%، فيما ترتفع حصة هيئات ومؤسسات أخرى غير ضالعة بإدارة الأزمات.

كيف اُستغلت الأزمة سياسياً؟
برغم أن الأصوليين ركزوا هجومهم على حكومة حسن روحاني الموصوفة بالاعتدال إلا أن البعض منهم وضع المسؤولية أيضاً على كاهل رئيس البرلمان علي لاريجاني المصنف على التيار الأصولي بسبب قرب وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي منه، حيث كان الأخير ضمن فريق عمل لاريجاني في المناصب الي تقلدها، فعندما ترأس لاريجاني هيئة الإذاعة والتلفزيون كان رحماني فضلي مساعداً له للشؤون السياسية ثم نائباً له بعد ذلك، وحينما عمل لاريجاني أميناً عاما للمجلس الأعلى للأمن القومي في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، عُين رحماني فضلي نائباً له. كما أن رحماني فضلي وصل إلى منصب وزير الداخلية في حكومة روحاني نتيجة لعملية “خذ وهات” كما يصف ذلك النائب الأول لرئيس البرلمان علي مطهري الذي يعد أحد المدافعين عن حكومة روحاني وصاحب الصلة الأسرية بعائلة لاريجاني.
وكما أن رحماني فضلي يُصنف لجهة رئيس البرلمان علي لاريجاني فإن محافظ غُلستان المقال مناف هاشمي يُحسب على جهة وزير الداخلية رحماني فضلي كما يؤكد ذلك البرلماني الأصولي حسين علي دليغاني الذي شكك أيضاً في حمل هاشمي لجنسية أخرى بجانب الإيرانية وهذا ما يعتبر اتهماً للحكومة بتعيين أشخاص مصنّفين بـ “الخطر على الأمن القمي” ضمن الكادر الحكومي.
من جانبه، قارن البرلماني الإصلاحي محمود صادقي بين الرئيس حسن روحاني وبين نظيره الأميركي لناحية أن روحاني لم يقطع إجازته في جزيرة قشم من أجل متابعة هذه الأزمة، بينّما الرئيس الأميركي ذات مرة قطع إجازته بسبب مشكلة أصغر من أزمة غُلستان بكثير.
وفي ظل الهوة الآخذة في الاتساع بين الإصلاحيين ورئيس الجمهورية، شدّد صادقي على أن البرلمان سيتعامل بعد إجازات النوروز مع المسؤولين المقصرين في أحداث السيول، ملمحاً لإمكانية استجواب رحماني فضلي تمهيداً لعزله، حيث وصفه صادقي بأنّه “الوزير صاحب السجل المليء بالأسئلة غير المردود عليها فيما يتعلق بأداء من يديرهم”. يُذكر هنا أن البعض يُرجع إلى رئيس البرلمان علي لاريجاني مسؤولية عدم عزل رحماني فضلي لأن لاريجاني وقف حائلاً أكثر من مرة أمام استجواب رحماني فضلي في البرلمان.

سيول سياسية في إيران، ومركبا روحاني ولاريجاني في خطر 2

وفي ذات الإطار، أكد رئيس مجلس الإصلاحيين بمحافظة قزوين حجة الإسلام ناصر قوامي، على أنه أوعز لرئيس الجمهورية حسن روحاني، مرارًا وتكرارًا بأن رحماني فضلي، ليس بالشخص المناسب لإدارة وزارة كبيرة مثل الداخلية، وذلك خلال رسالته المفتوحة لروحاني، ردًا على ما اسماه بضعف إدارة وزارة الداخلية وبعض المحافظين خلال حوادث السيول التي غطت عدداً من المحافظات الإيرانية.
كما ذكر قوامي خلال رسالته، أن ضعف الإدارة وعدم استشراف الحوادث الطبيعية المتعددة التي وقعت في أثناء وزارة رحماني فضلي، أي واحدة منهم كانت توجب استقالته من مهام منصبه، وكان حريّ بروحاني إقالته إذا لم يتقدم الوزير هو بنفسه بالاستقالة، مبدياً أسفه لعدم الاكتراث بذلك حتى الآن.
كذلك هاجم مدير تحرير صحفية “جمهوري إسلامي” مسيح مهاجري، وزير الداخلية رحماني فضلي محملاً إياه مسؤولية الأداء السيء لمحافظ غُلستان المقال، طالباً في ذات الوقت من جهانغيري، الإيعاز لرئيس الجمهورية بإقالة وزير الداخلية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: