الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 مارس 2019 18:19
للمشاركة:

الصراع الأميركي – الإيراني .. البحر شاهد ملك – الجزء الأول

جاده إيران- رأفت حرب

لطالما تجلّى الصراع بين واشنطن وطهران في منطقة حيوية جداً من منطقة الشرق الأوسط، إنها المياه الخليجية التي تفصل إيران عن عدد من الدول العربية. هناك تدور المواجهات على مختلف المستويات، بعضها ينتهي بالتهديد والتحذير والاستفزاز، وبعضها لم ينتهِ إلا بالكثير من الحديد والنار. هناك مضيق هرمز وبواخر النفط، هناك البوارج الأميركية والقواعد العسكرية ودوريات لا تنتهي، وهناك العيون الإيرانية ترصد البشر والمياه والهواء. ماذا شهد هذا البحر حتى الآن؟

الصراع الأميركي - الإيراني .. البحر شاهد ملك - الجزء الأول 1

مناوشات السيادة وسيف العقوبات

حساسة هي نظرة الإيرانيين لسيادتهم على مياههم الإقليمية. مع إيديولوجية وخيارات سياسية مختلفة عن الجيران العرب، تتحيّن طهران الفرصة لتظهر من خلال بحريّتها أنها لا تسكت لواشنطن على أي تعدّ أو نوايا عدوانية، وأنها غير مستعدّة لتعاظم أية هيمنة أميركية في بحر الخليج على حسابها.
مظاهر القوة على سطح تلك المياه لا تكاد تنتهي. مناورات ومناوشات. تهديدات وتصريحات نارية. ما يمرّ عبر مضيق هرمز من كميات من النفط يجعل إقفال هذا المضيق بالألغام (وهو ما حاولت تحقيقه إيران فعلاً خلال الحرب الإيرانية – العراقية) سلاحاً قوياً بيد الجمهورية الإسلامية، ومكاناً مناسباً لأية إدارة أميركية تريد تحجيم نفوذ إيران ودورها في المنطقة، كما أن هذه الساحة التي تفوح فيها رائحة مصادر الطاقة، لا تبدو استراتيجياً ساحة قابلة للمساومة بالنسبة للأميركيين الذين ينظرون إلى هكذا أماكن حيوية كمراكز يجب أن تكون خاضعة لسيطرتهم بشكل أو بآخر.
لا تُعدُّ ولا تُحصى المناورات والأحداث التي كادت أن تؤدي إلى توترات كبيرة بين الطرفين في السنوات السابقة. ربما ذكر بعضها يكفي لإيضاح المشهد.
في 21 شباط/ فبراير الماضي، أعلنت القوة البحرية الإيرانية بدء مناورات “الولاية 97” البحرية الكبرى والتي جرت على أربعة مراحل، على مساحة تبلغ مليوني كيلومتر مربّع من مضيق هرمز إلى مدار 10 درجات من المحيط الهندي، تم خلالها ولأوّل مرة إطلاق صواريخ من الغوّاصات الإيرانية.
لا ينفصل هذا المشهد الذي يعني مضيق هرمز بالذات عن العقوبات الاقتصادية الأميركية المتصاعدة على إيران، حيث تعلن رموز الإدارة الأميركية الحالية نيّتها تحقيق هدف أساسي هو خفض صادرات إيران النفطية إلى صفر، في حين لا يتردّد الإيرانيون، على لسان رئيسهم حسن روحاني، بالحديث عن نيّتهم إقفال المضيق الحيوي إذا توقف تصدير النفط الإيراني، وهو الذي قال في كانون الثاني/ يناير الماضي: “إذا قررت الولايات المتحدة يوماً إيقاف صادرات إيران من النفط، فلن يصدر نفط عبر الخليج”.
في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومع حصول توترات بين الطرفين في مياه الخليج، خاصة بعدما قام زورقان هجوميان سريعان إيرانيان بالاقتراب من حاملة الطائرات الأميركية “أسيكس” بالترافق مع زيارة قام بها للمنطقة قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط جوزيف فوتيل، حذرت صحيفة “الواشنطن بوست” الأميركية من إمكانية تجدد التوتر بين الطرفين.
علّقت الصحيفة على هذا الحادث بالقول إنه يوضح دقة المسار الذي يجب على الجيش الأميركي اجتيازه مع تصعيد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للضغط على طهران والاستعداد لإعادة فرض عقوبات جديدة عليها.
وأضافت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين في البحرية الأميركية إن السفن الإيرانية تُجري بانتظام مناورات مماثلة حول حاملة الطائرات الأميركية، وغالباً ما يحصل ذلك مرات عدة في الأسبوع الواحد.
أما في أيلول/ سبتمبر 2018، فقد قامت قوات بحرية أميركية – بريطانية بمناورات قيل إنها تهدف لحماية مياه الخليج من نشاطات معادية، تحديداً من خطر الأغام البحرية، غالباً قُصد فيها جماعة أنصار الله في اليمن وإيران، وذلك في ظل المعارك التي كانت تدور في المحافظات اليمنية والاتهامات التي كانت تُساق لإيران بدعم حلفائها هناك.
في آذار/ مارس عام 2017، أجرت القوات البحرية والجوية الأميركية مناورات لتدريب جنودها على مواجهة الزوارق الحربية الإيرانية التي تهدد سلامة الملاحة وتواجد القوات الدولية في مياه الخليج وبحر عمان، بحسب تعبير الأميركيين.
المناورات سُمِّيَت بـ “هجوم المطرقة” وقد جرت في سواحل فلوريدا، وفي هذا الشأن صرّح عقيد في الجيش الأميركي قائلاً إن هذه المناورات كانت شبيهة لما حدث من احتكاكات مع الحرس الثوري الإيراني في وقت السابق.
أما عن هذه الاحتكاكات، فلعلّ أبرز ما جرى في هذا الإطار هو التالي:
في كانون الثاني/ يناير 2016، احتجزت القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني جنوداً أميركيين قالت إنهم دخلوا إلى المياه الإقليمية الإيرانية.
نشر الحرس صور هؤلاء الجنود وهم يضعون أيديهم على رأسهم بعدما تمّت محاصرة زورقين كانوا يبحرون على متنهما. بعد الإفراج عن الجنود، أعلن الحرس الثوري أن الأميركيين سيعودون إلى ديارهم بعدما قدّموا اعتذارهم عن “الدخول غير القانوني” للمياه الإقليمية وتعهّدهم بعدم تكرار ذلك.
أما نشر الصور بهذا الشكل، فكان من الواضح أن القصد من ورائه إعلامي ونفسي، هو أنّ إيران قادرة على إذلال الولايات المتحدة في مياه الخليج.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: