الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة27 أبريل 2023 12:36
للمشاركة:

ما هي أثار الاختراق الدبلوماسي السعودي – الإيراني على الشرق الأوسط؟

يرى الكاتبان أحمد شوكت وخالد واصف أنّ الاتفاق الإيراني - السعودي قد لا يكون مؤثرًا تمامًا في ملفات عدة في الشرق الأوسط. وفي مقال للكاتبين في موقع شبكة CBS News، يخلصان إلى أنّ اليمن هو أكثر البلدان تأثرًا بالانفراج بين الرياض وطهران، من دون أن يعني ذلك انتهاء القتال كليًا في هذا البلد.

في الأسبوع الماضي، وجهت إيران دعوة رسمية للعاهل السعودي الملك سلمان لزيارة طهران، وهي إحدى الخطوات العديدة التي اتخذها البلدان مؤخرًا، حيث يعملان على تحسين علاقاتهما ببطء.

كان البلدان متنافسين لدودين منذ عقود، لكن كسر الجليد بينهما بدأ منذ توقيعهما اتفاقية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية في بكين الشهر الماضي. لقد كان اختراقًا دبلوماسيًا في المواجهة التي شكلت الأحداث والمواقف في جميع أنحاء الشرق الأوسط لأكثر من 40 عامًا.

قطعت الدولتان العلاقات الدبلوماسية تمامًا بعد أن قامت السعودية، التي يحكمها المسلمون السنّة بإعدام عالم دين شيعي بارز في عام 2016. علماء الدين الحاكمون في إيران، ومعظم سكانها، هم من الشيعة، وقد أدى انفجار العداء بين البلدين إلى “حروب بالوكالة” في العديد من البلدان في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك اليمن، حيث تسببت الجماعات المدعومة من كل من الجانبين بخسائر فادحة في الأرواح وبأزمة إنسانية كبيرة.

هناك العديد من الأسئلة عن مدى التقدم الذي ستحرزه السعودية وإيران في الواقع تجاه وضع ضغينة طويلة الأمد وراءهما، ولكن بالنظر إلى التأثير الكبير لكلا البلدين في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع، يمكن أن يكون للتقارب تأثير ملموس على الخلافات والأزمات.

في ما يلي نظرة على كيفية تأثير الصفقة التي توسطت فيها الصين على المنطقة.

التحول السعودي إلى الصين

قال المحلل السياسي السعودي سلمان الأنصاري لشبكة سي بي إس نيوز: “هناك نوعان من الأدوية الشائعة، الطب الأميركي والطب الصيني”، مضيفًا أنّ السعوديين أمضوا أربعة عقود في محاولة إقناع الحكومة الأميركية بوقف “الإرهاب الإيراني في الشرق الأوسط”، لكنهم لم يحصلوا على النتائج التي كانوا يسعون إليها.

تابع الأنصاري: “لذا قررت المملكة تغيير اتجاهها نحو الطب الصيني”. هل ستنجح في منع انتشار سرطان الإرهاب الإيراني في الشرق الأوسط؟ وحده الزمن سيجيبنا”. كما أشار إلى أنّ السعودية ستعتبر الاتفاق فرصة لتقييم التزامات إيران بالسلام.

في غضون ذلك، ليس هناك شك بأنّ هذه الوساطة عززت صورة الصين على المسرح العالمي كوسيط عالمي وقوي.

وأكمل الأنصاري: “الصين هي الدولة الوحيدة التي لها نفوذ كبير على إيران.. إذا لم تفِ طهران بوعودها، فإنّ النظام الإيراني سيحاصره أكبر حليف لها، وهو الصين. لذا في كلتا الحالتين، الصفقة إيجابية”.

الاضطرابات الإيرانية الداخلية

كانت علاقة إيران بالسعودية متوترة منذ أن جلبت الثورة الإسلامية عام 1979 نظام الملالي الإيراني المتشدد إلى السلطة. على مدار العام الماضي، واجه هذا النظام تحديًا غير مسبوق من الداخل، حيث شهدت موجة من الاحتجاجات عشرات الآلاف من الإيرانيين يطالبون بمزيد من الحرية.

يعتقد أحد الخبراء بأن الدبلوماسية بين طهران والرياض، حتى لو كانت تؤتي ثمارًا محدودة لعلاقاتهما الثنائية، يمكن أن تساعد علماء الديو الحاكمين في إيران على وضع الاضطرابات وراءهم.

“حقيقة أنّ إيران والسعوديين سيعودون الآن إلى علاقات دبلوماسية تعزز النظام الإسلامي، الذي يعاني حاليًا من اضطرابات داخلية واقتصاد منهار بالكامل، وعزلة كاملة عن بقية العالم” ، قال الدكتور الإيراني أردافان خشنود، وهو خبير في السياسة الخارجية يدرّس في جامعتين في السويد. وأضاف في حديث لشبكة سي بي إس نيوز: “لكن هذا لا يعني أنه سيتم إزالة جميع العقبات بين البلدين. قطعا لا”.

وأكد خشنود أنّ الطبيعة الأيديولوجية العالية للصراع بين البلدين ستجعل من الصعب للغاية تحقيق مصالحة ذات مغزى.

وتابع: “العوائق بين البلدين ستستمر، وقد نشهد عمليات خبيثة سرية من الجانبين”.

الحرب الأهلية في اليمن

لطالما كان يُنظر إلى الحرب الأهلية في اليمن على أنها حرب بالوكالة بين السعودية وإيران. يقود السعوديون التحالف العسكري الإقليمي الذي يقاتل حركة أنصار الله – الحوثيين المتمردة في اليمن، والتي تدعمها إيران. وبينما يمكن للدبلوماسية الجديدة بين القوى الإقليمية أن تعزز الهدنة الهشة التي هدّأت القتال منذ العام الماضي، يعتقد قلة بأنّ نهاية حتمية للحرب باتت وشيكة، ويخشى البعض من أن تزداد الحرب سوءًا”.

وقالت ندوى الدوسري، الزميلة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط لشبكة كسي بي إس نيوز”: “سيكون من الخطأ افتراض أنّ التقارب السعودي – الإيراني سيُترجم إلى إنهاء الحرب في اليمن. الهدف السعودي الآن هو تخليص نفسها من الفوضى اليمنية التي ساهمت فيها”.

الدوسري أضافت إنه بما أنّ السعودية فشلت ليس فقط في إعادة الحكومة اليمنية وإنهاء انتفاضة أنصار الله – الحوثيين بالقوة على مدى السنوات التسع الماضية، بل تعرضت أيضًا لهجوم مباشر بسبب دورها في الحرب، فمن المرجح أن تدفع المملكة اليمن لقبول اتفاق في محاولة لاحتواء الأزمة على الأقل.

وقالت الدوسري إن ذلك سيعني بشكل فعال “منح أنصار الله – الحوثيين اعترافًا سياسيًا مقابل تأكيدات بوقف هجماتهم الصاروخية على السعودية واحتواء اليمن كحرب أهلية”.

قد يساعد ذلك السعودية على المدى القريب، لكنه لن يفعل الكثير لمساعدة الشعب اليمني في تحمّل الأزمة الإنسانية الوحشية التي سببتها الحرب.

وأردفت الدوسري: “الحوثيون يخزّنون السلاح ويعيدون تمركز قواتهم. لم ينتهوا من القتال وهذه الصفقة ليست على وشك تغيير ذلك. لم يدخل اليمن بعد في أشد مراحل الصراع حدة”.

إسرائيل والسعودية

لعبت إيران والسعودية أدوارًا مهمة بتشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، بما في ذلك علاقات إسرائيل مع جيرانها العرب – وهي العلاقات التي سعى قادة إسرائيل إلى تحسينها في السنوات الأخيرة.

تشترك السعودية وإسرائيل في قضية مشتركة في معارضة برنامج إيران النووي واحتواء نفوذها الإقليمي.

قال الدكتور مئير جافيندانفار، المحاضر في جامعة الرايخمان الإسرائيلية، لشبكة “سي بي إس نيوز” إنه من المحتمل أن تتمكّن إيران والسعوديون الآن من إدارة خلافاتهم بشكل أكثر سلاسة، لكن من غير المرجح أن يكون لاتفاقهم تأثير كبير على الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

ومع ذلك، لفت إلى إنه من الممكن رؤية إسرائيل والسعودية تتعاونان أكثر لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة.

وتابع: “أعتقد بأنّ الطرفين سيعملان سويًا وراء الكواليس … لمراقبة ما تفعله إيران في المنطقة”.

أزمة لبنان

يُقدَّرُ بأنّ 75٪ من سكان لبنان يعيشون في فقر. تقترب البلاد من الانهيار المالي وليس لها رئيس حاليًا، حيث لا تستطيع الأحزاب السياسية الرئيسية الاتفاق على مسار للمضي قدمًا لإجراء انتخابات وطنية جديدة.

لطالما تم تأطير النظام السياسي الفريد والمعقّ في لبنان من خلال الانقسام الطائفي، حيث تدعم إيران حزب الله الشيعي من جهة ويدعم السعوديون السياسيين السنّة من جهة أخرى.

لذا، هل يمكن لذوبان الجليد في العلاقات السعودية – الإيرانية أن يساعد في إنهاء المأزق وجعل الحكومة اللبنانية تعمل مرة أخرى، وربما حتى ملء الفراغ الرئاسي؟

ليس بسرعة، كما يعتقد المحللون.

وقال جوزيف باحوط، مدير معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت: “هذا التقارب – ليس صفقة بعد – لا يعني إنهاء المنافسة أو التوتر أو حتى الاحتكاك بين السعودية وإيران، لكنه يهدف إلى تنظيمه.. إلى أن تعالج إيران والسعودية هذه القضية بشكل علني، فمن المرجح أن تتمسك جميع الأحزاب المحلية في لبنان بمناصبها ومرشحيها”.

انقسامات العراق الداخلية

لعب العراق دورًا مهمًا في تسهيل المصالحة الوليدة بين إيران والسعودية، حيث استضافت العاصمة بغداد خمس جولات من المحادثات بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين. وأدت تلك المحادثات مباشرة، في 10 آذار/ مارس 2023، إلى توقيع الاتفاقية التي تم التوصل إليها بوساطة في بكين لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

كان للعراق مصلحة راسخة في الجمع بين الخصمين القدامى: التنافس الطائفي المستمر منذ عقود بين إيران والسعودية لعب دورًا على الأراضي العراقية بقدر ما فعل في أي مكان آخر.

لقد حارب المسلمون السنة والشيعة في العراق لعقود من أجل النفوذ السياسي في بغداد، ولطالما كان للقيادة الإيرانية نفوذ كبير على الفصائل الشيعية القوية في العراق. كان هذا الانقسام في قلب أعمال العنف التي أعقبت الغزو الأميركي هو الذي ابتليت به البلاد طوال عقدين من الزمن.

قالت المحللة العراقية ونائبة رئيس تحرير قسم الشرق الأوسط في مجلة New Lines رشا العقيدي لشبكة “سي بي إس نيوز”: “مع عدم تصعيد السعودية وإيران، هناك أمل بأن تنخفض الطائفية في كلا البلدين تجاه الأقليات الطائفية هناك، مما يؤثر بشكل إيجابي على التوترات الطائفية في العراق”.

وأضافت العقيدي أنّ فائدة أخرى من المصالحة السعودية -الإيرانية للعراق، وإن كانت رمزية، “تتمثل بعودة العراق إلى مركز الجغرافيا السياسية – ليس كصداع، بل كحل للمشاكل. إنه يمنح العراق نفوذاً كبيراً على الصعيدين الإقليمي والدولي”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: