الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة15 أبريل 2023 08:46
للمشاركة:

معاقل الصدريين: غضب مكتوم.. وترقب

ليست المرة الأولى التي يتوارى فيها مقتدى الصدر ويغيب عن الأضواء، لكنها المرة الأولى التي يشعر فيها تياره الكبير بهزّة في كبريائه إلى هذا الحد، مما جعل الغضب يعتري كافة أوساطه.

بعد إخفاق هذا التيار بتشكيل حكومة أغلبية مع حلفائه السنّة والكرد، مستندًا على فوزه بأغلبية المقاعد النيابية المخصصة للطائفة الشيعية، ونزاعه مع خصومه من نفس المذهب، اعتزل زعيمه مقتدى الصدر العمل السياسي مكرهًا.

وبعد غيابه التام طيلة الفترة الماضية، جمّد الصدر تياره لمدة سنة، بدءًا من 14 نيسان/ أبريل، وأغلق مكتبه وأبواب مرقد والده، وأوقف حسابه على موقع “تويتر”.

تبدأ “المظلمة”  التي يعيش الصدريون تحت وطأتها حالياً من ما جرى لهم في المنطقة الخضراء يومي 29 – 30 أيلول/ سبتمبر الماضي.

لم ينفك “سيد فلاح” عن ضرب الطاولة الخشبية التي أمامنا، وهو يستعيد ما جرى له ولرفاقه مساء 28 أيلول/ سبتمبر 2022 في المنطقة الخضراء وسط بغداد.

فلاح (40 عاماً) مقاتلٌ في صفوف “جيش المهدي”، الذي أسسه الصدر عام 2003، لمقاتلة القوات الأميركية، ثم شارك في المعارك الداخلية بين عامي 2006 – 2008.

وكثيراً ما شوهد هذا الرجل المعروف في منطقة حي العامل جنوب غرب بغداد وهو يحمل بندقيته ذاهباً أو عائداً من معركة خلال تلك السنوات. الفقر بادٍ عليه، وهو يسكن في بناء قديم ملحق بمدرسة يتولّى حراستها.

كان مطلوباً للقوات الأميركية التي داهمت منزله أكثر من مرة، وقبضت عليه في إحداها، وأُصيبت ابنتاه  بالخرس بسبب الرعب، كما يقول هو، وقد تنقّل بين سجون عدة لمدة سنة، ثم أُطلق سراحه.

وهو يؤذن للصلاة في مكتب فرعي للصدر في 30 تموز/ يوليو 2022، سمع سيد فلاح دعوة التيار الصدري للاعتصام داخل المنطقة الخضراء، عندما تم ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، مرشح الإطار التنسيقي، وهو الذي يعتبره الصدريون ظلًّا لخصمهم اللدود نوري المالكي.

جاء ذلك بعدما استقالت الكتلة الصدرية الفائزة بـ73 مقعداً برلمانياً في انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2021، لعدم تمكنها من تشكيل حكومة أغلبية مع حلفائها السنّة والكرد، بسبب المعارضة القوية التي أبدتها القوى الشيعية الأخرى، وأصبحت هي بدورها الكتلة الأكبر بعد استقالة النواب الصدريين.

منذ الساعة الأولى للاعتصام، كان فلاح موجوداً في المنطقة الخضراء، يردد الهتافات وسط الحشود، وقد استمرّ ذلك حتى 28 أيلول/ سبتمبر، عندما أعلن المرجع الديني كاظم الحائري اعتزال المرجعية بسبب المرض والتقدم في العمر.

اعتبر التيار الصدري هذه الخطوة ضربة مدروسة له، فالحائري هو مرجعهم بعد المؤسس محمد محمد صادق الصدر، والد مقتدى الصدر، وقد أوصى بالرجوع إليه بعد وفاته.

ودعا آية الله المقيم في إيران مقلّديه إلى اتّباع القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، حيث اعتبره “الأجدر والأكفأ لقيادة الأمة”، في حين لا يعترف الصدريون بمبدأ ولاية الفقيه ويرفضون نفوذ إيران في العراق.

وشكك الحائري بشرعية قيادة مقتدى الصدر، باعتباره لم يبلغ درجة الاجتهاد في الفقه، وألمح إلى أنه ابتعد عن “نهج الشهيدين الصدرين (محمد باقر ومحمد صادق)، واتهمه ضمنًا بالسعي لتفريق المذهب الشيعي باسم هذين الشهيدين”

وردّ الصدر على ذلك من خلال تدوينة على تويتر، جاء فيها أنه يتصوّر أنّ “اعتزال المرجع لم يكن بمحض إرادته.. وما صدر عن كه من بيان كان كذلك أيضًا”، ملمّحًا بذلك إلى إيران، معلنًا اعتزال السياسة بشكل نهائي.

اعترى الغضب أنصار الصدر والمعتصمين، فاقتحموا القصر الحكومي صباح 29 أيلول/ سبتمبر، ثم أخرجتهم القوات العراقية، منها قوات أمن الحشد الشعبي.

يروي “سيد فلاح” إنهم تعرّضوا ل”إعدامات ميدانية تشبه ما حصل في سبايكر عام 2014 على يد تنظيم “داعش”.

بعد هذه الأحداث خرج الصدر في مؤتمر صحفي وقد بدا عليه الغضب، واصفًا أعمال المحتجين ب”بئس الثورة”، مضيفًا أنّ “القاتل والمقتول في النار”، ثم أمهل أنصاره ساعة للانسحاب من ساحة الاعتصام. 

وغاب الصدر عن الواجهة، حتى ظهر مستقبلًا المنتخب العراقي الفائز بكأس الخليج في منزله مساء 23 كانون الثاني/ يناير الماضي.

عتبٌ على الجميع

التقت “جاده إيران” بعددٍ من أنصار التيار الصدري المشاركين في الاعتصام واشتباكات المنطقة الخضراء، وقد بدوا حاملين عتبًا على الجميع، الشعب العراقي ومراجع الدين الشيعة، بمن فيهم المرجع الأعلى علي السيستاني، وحتى على أنفسهم، كما أضافوا على لائحة خصومهم  رئيس مجلس القضاء فائق زيدان.

كرّر “سيد فلاح” عبارة “المشتكى لله”، وهو يتحدث إلينا عن تلك الأحداث.

يقول إن “الفصائل (الشيعية الحليفة لإيران) جميعها اشتركت في قتال الصدرين تلك الليلة. كنّا قلّة هناك وتعرًضنا لخسارة”.

كان حيدر المحمداوي (36 عاماً) هناك أيضاً، وكاد أن يُقتل عندما أطلق مسلّح عليه النار من مسافة بعيدة.

لم يتوقف حيدر عن إشعال سيجارة تلو أخرى وهو جالس على مقعد حديدي يغطّيه ورق كرتون، بجوار مقهى صغير قرب مكتب الصدر في حي العامل.

ومما قاله: “المتظاهرون الصدريون لم يعرفوا المنطقة جيدًا ودخلوا صباح 29 أيلول/ سبتمبر في شوارع تقع فيها مقرات حساسة للحشد الشعبي، وبيت نوري المالكي، فتعرّضوا لإطلاق نار، ثم وصل قادة جيش المهدي وهكذا وقعت الاشتباكات”.

بدوره نفى الناطق باسم “سرايا السلام” مرتضى البهادلي مشاركة قوات السرايا في المعركة.

وقال خلال لقائنا به في منزله الملحق بالجامعة المستنصرية في بغداد، حيث يعمل مدرّسًا في كلية الاقتصاد، إنّ “أوامر صدرت يومها لسرايا السلامُ بالاستعداد، لكنها لم تتدخّل مطلقًا”.

وأضاف: “لو دخلنا المعركة لم يكن ليبقى حجرًا على حجر أو وجود لأي جهة. نحن نعرف المنطقة ونقاط ضعفها وقوتها، وكنا فيها طيلة فترة الاعتصامات لتأمين الحماية وهي تحت مرمانا”.

أيّد البهادلي ما قاله حيدر وفلاح عن تعرّض الصدريين ل”مجزرة” يومها، وتابع: “الذين دخلوا القصر الجمهوري حوصروا فيه وتعرّضوا لقتل مباشر. أكثرهم كبار في السن ونساء وأطفال.. قُتلوا على يد فاقدي الغيرة بوحشية ودم بارد ومن دون مبرر”.

ساد بعد تلك الأحداث جدل واستهزاء بالقوة العسكرية للتيارالصدري، وقد علّق البهادلي على ذلك: “لو جاءتنا الأوامر يومها وتدخّلنا، لتغيّرت كل المفاهيم والتصورات التي سادت بعد الأحداث، وأسقطنا القوات المسلحة التي كانت هناك، لكنها لم تصدر”.

على مقربة من المنطقة الخضراء، يقع مكتب أوس الخفاجي، عالم الدين الذي تتلمذ على يد محمد محمد صادق الصدر، وكان أحد أبرز مساعدي مقتدى الصدر ومتحدّثًا باسمه.

شارك الخفاجي بتأسيس جيش المهدي، وكان إمام جمعة الصدريين في ذي قار، قبل أن يستقل عنهم بعد دخولهم العملية السياسية قبل سنوات.

بدا الخفاجي حاسر الرأس عند باب مكتبه الذي داهمه أمن الحشد الشعبي في شباط/ فبراير 2019، واحتجزه لأيام، ثم أطلق سراحه بعد تدخل قوي من عشيرته.

قال ومسبحته تنسدل من يده إنّ “الإطار (التنسيقي) لم يأبه للدماء التي سالت”. وأضاف: “حتى رئيس الحكومة المرشح وقتها، لم يعزّي بالشهداء الذين سقطوا، وإنما ذهب لعزاء قتلى الإطارين”

وأشار إلى أنّ “عناد القوى الشيعية الحاكمة مستمر حتى اليوم، وينذر بحرب أهلية بين الشيعة لحال استمراره”

الجميع خذلنا

في أوساط التيار الصدري، تسري الشجون وتتعقد بمرور الأيام.

فلاح، ومحمد الموسوي (32 عاماً) اللذان يسكنان في الشعلة، إحدى أبرز معاقل التيار في بغداد، وينتميان إلى “سرايا السلام”، يحمًلان المرجعيات الدينية في النجف والشعب العراقي مسؤولية جزئية في مقتل زملائهم في أحداث المنطقة الخضراء. 

“إذا ظهر الفساد فعلى العالم أن يظهر علمه. لماذا سكتوا عن الدماء؟ وهؤلاء الذين أطلقوا النار لماذا قتلوا الشيعة؟ إنه من أكل الحرام. ماذا سيقولون لله”؟

وأضاف فلاح: “الشعب العراقي لو ساعدنا لتغيًر وضع العراق. التغيير ينفع الجميع، لكنهم أغلقوا أبوابهم وجلسوا في بيوتهم”.

أما محمد فقد عاد إلى التسعينيات. حينها كان محمد محمد صادق الصدر في خضم مشروعه لمعارضة نظام صدام حسين، وحمل الحوزة الدينية في النجف على تأدية أدوار أكبر من الدروس الفقهية.

“المراجع آذوا السيد، وكان يشعر بالوحدة والغربة وسطهم، ويتعرًض للاتهامات والانتقادات. والآن يمر السيد مقتدى بحالة مشابهة. لا يريدون إصلاحًا يأتي عن طريقه. الحائري سدد له طعنة. لماذا لم يعتزل المرجعية منذ سنوات؟ أين كان؟ لماذا عندما ضاق المشهد بالإطار التنسيقي خرج ببيان اعتزال لم يسبق للحوزة أن شهدت مثله”؟

انخفضت نبرة صوته وأطرق إلى الأرض وقال: “يوجد الآن شعور باليأس داخل التيار الصدري. اليأس من تحقق الإصلاح”.

“كم نادى السيّد (مقتدى) العراقيين ليساندوا مشروعه؟ لم يجبه غيرنا نحن أتباعه. حتى التشرينيون (المتظاهرون عام 2019) سكتوا رغم أنه يدعو لتحقيق مطالب بوطن”

اعتاد الصدريون على لغة إشارات محملة بالرموز يعتمدها زعيمهم، فعندما يكتب “أسألكم الفاتحة والدعاء”، فهو يشعر بخطر على حياته.

وإذا زار ضريح والده “فهذا يعني أنه يحمل شكوى على التيار ذاته”، وفق ما شرح محمد، بينما تُفهم زيارته لمرقد الإمام علي بن أبي طالب في غير الأوقات المعتادة للزيارة على أنه مقبل على خطوة غير عادية”.

بعد اعتزاله السياسة، ركّز مقتدى الصدر على المسائل العقائدية في تدويناته.

اتضح الأسى أكثر في نبرة محمد وهو يقول إن “بعض الصدريين باتوا لا يهتمّون بتغريدات السيّد على تويتر ما دامت خالية من السياسة”.

الانسحاب كان صحيحاً

أيّد كل من تحدثنا إليهم انسحاب الصدر من العملية السياسية.

حينها كانت الخطوة مفاجئة وتركت الكثيرين أمام تفسيرات واسعة في جو مشحون بالاضطراب.

وأجمع المتحدثون معنا على أنّ التحديات السياسية التي ظهرت بعد فوز الكتلة الصدرية في الانتخابات “جعلت الصورة تتضح أكثر لدى مقتدى الصدر، فانسحب”.

ويرى محمد الموسوي أنّ مراجعة تدوينات الصدر قبل وبعد الانتخابات تقود إلى استيعاب قراره بالانسحاب واعتزال السياسة.

نادى الصدر بمكافحة الفساد والنفوذ الأجنبي، ووقف المحاصصة في تقاسم المناصب، وحلّ الفصائل المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، مما أثار خشية خصومه من حكومة الأغلبية التي يسعى لها.

إضافة للمسائل السياسية، كان على الحكومة الجديدة أن تتعامل مع قضية سعر صرف الدينار أمام الدولار، التي أربكت الأسواق المحلية، وأدت لارتفاع أسعار السلع بعد ما فرضت الولايات المتحدة قيودًا على وصول المصارف العراقية إلى عملتها.

كان واضحاً لدى الصدريين أنّ الأطراف الشيعية المعزولة، حال تشكيل حكومة الأغلبية، لن تبقى ساكتة، وتوقعوا منها تحريك الشارع واستخدام وسائل الإعلام لإثارة القضايا المعيشية ونقص الخدمات وتفشي الفساد.

كما أدركوا أنً أي محاولة لنزع سلاح الفصائل تعني الحرب، لأنّ جميع هذه الفصائل تؤكد أنها لن تسلّم سلاحها.

قال محمد: “مقتدى الصدر يحرص بشدة على سمعة عائلته، وتحسس الضرر الذي قد يلحق بها إذا ما أخفقت كتلته التي سمّاها باسم هذه العائلة بالتعامل مع القضايا العامة الملحة التي تنتظرها”.

وتطرق جميع من التقيناهم إلى قضية سعر صرف الدولار أمام الدينار، وأكدوا أنّ التيار الصدري كان سيضطر للتفاوض مع واشنطن بشأن هذه القضية، و”تقديم تنازلات”، وهو ما يرفضه الصدر.

وأشاروا إلى زيارة وفد حكومي لواشنطن في شباط الماضي، لإقناع الإدارة الأميركية بتخفيف الإجراءات المتعلّقة في العراق “من دون نتائج واضحة، وكذلك تجوّل السفيرة الأميركية آلينارو مانوسكي في أروقة الوزارات العراقية”. 

حاولت “جاده إيران” الاتصال بأعضاء في الكتلة الصدرية المستقيلة لكنهم امتنعوا عن إجراء أي حديث.

كثيراً ما ظهر عصام حسين، المحلل السياسي المعروف، على قنوات التلفزة بصفته عضوًا في التيار الصدري، لكن عندما تحدثنا إليه، لفت إلى أنّ آراءه الآن تمثله شخصيًا فقط.

ومما صرّح به هو أنّ “السيد مقتدى رأى أنّ الحكم الشيعي لم يقدم شيئًا للعراقيين، وتميّز بالفساد، فضلًا عن قمع المخالفين”.

وبرأي حسين فإنّ “قناعة السيد مقتدى تتمثل بأن إدارة الدولة بالشكل الحالي، والذي سعى لتغييره بحكومة الأغلبية، لا تنتج سوى إضاعةً للوقت، واستمرارًا للصراع على الوزرات والثروة العامة والحرب الإعلامية”.

وتابع: “الفساد لا يمكن مكافحته بسبب تورّط أحزاب وشخصيات كبيرة فيه، واحتمال اندلاع حرب أهلية بحال محاكمتهم”.

بدوره بدا حيدر المحمداوي كثير الحماس لانسحاب الصدر من السياسة، ويرى في ما تعرّض إليه التيار الصدري فرصة لـ”تنظيف نفسه”.

وهنا يقول: “توجد في التيار فئة تحب الدماء ومصالحها مرتبطة بهذا الأمر، وهناك أيضًا المنتفعون. الدخول في السياسة وما تجلبه من مناصب أو خصومات تنفع هذه الفئة وتديم مصالحها. هؤلاء سيخرجون من التيار بعد تركه السياسة، وهكذا سيقوى هذا التيار ويعود نظيفًا وناضجًا بقوة”.

شغل “أبو علي” مناصب متقدمة في “سرايا السلام”، وكان يتولّى مهمات حساسة قبل أن يقوم بما يصفه ب”مراجعات فكرية”، جعلته ينسحب ويقول عن نفسه: “أنا صدري لكني لست مع التيار المندفع الذي يجرف معه كل من وجده في الطريق”.

وتابع: “التيارالصدري مشروع ديني عقائدي، والسيد الشهيد الثاني (والد مقتدى) كان يمنع العمل في السياسة ويعارض تأسيس أحزاب. مقتدى الصدر لم ينكر ذلك”.

ويعتقد أبو علي بأنّ انشغال الصدر في السياسة “جعله يبتعد عن قاعدته الشعبية، مما أنتج مشاكل كثيرة داخل هذه القاعدة، وسمح للأهواء أن تتقاذفها”.

وهو يتحدث إلينا، تذكر أوس الخفاجي السنوات الأولى لتأسيس التيار الصدري: “كنت من الأوائل مع سماحته (مقتدى الصدر)، وكنت أرى أنّ القرب من القواعد الجماهيرية والابتعاد عن السياسة هو الأولى”.

وأكمل: “كمعمم أو مواطن، أنا جهة رقابية. الجماهير الصدرية بهذا الحجم إذا مارست الرقابة فستنجح. السيد محمد الصدر مارس المعارضة البنّاءة وليس الهدّامة، ولم يكن لديه طرف سياسي، ولم يشترك في حكم أبدًا”.

وتمنى الخفاجي أن يستمرّ اعتزال الصدر للسياسة، مثلما تمنّى “لو أنً التيار بقيَ على قواعده الشعبية المراقبة”.

أصيب أبو محمد (53 عاماً) في اشتباكات المنطقة الخضراء. أطلقت عليه النار من مسافة قريبة، واخترقت رصاصتان جسده ليرقد في المستشفى ثمانية أيام. حضر أبو محمد خطب الجمعة لوالد الصدر، في مسجد الكوفة في التسعينيات. 

وقال الرجل الذي يسكن في مدينة الصدر شرق بغداد، وهي أكبر معاقل التيار الصدري: “نحن مع سيد مقتدى حتى الممات. هو طريقنا إلى رضا الله، ولن نتخلى عنه. تعرضنا للنبذ والقتل والملاحقة منذ التسعينيات، ولم نتركه لأنه يريد الإصلاح”.

الصدر سيعود وجيش المهدي ينتظره

يجزم الصدريون بأنّ زعيمهم سيعود مرة أخرى للسياسة. 

“لن يسكت أمام الظلم والفساد” كما يقول مرتضى البهادلي، مضيفًا: “السيد قال سابقًا إنّ العراق عراق آبائه وأجداده، وهو يراه عاصمة الإمام المهدي ويجب الحفاظ عليه. عندما يرى الظلم والفساد والاضطهاد وتدنّي سمعة الوطن بين بقية البلدان فلا بدّ أن يتدخّل”.

في الأزمة الأخيرة وقبلها، لوّح التيار الصدري والصدر شخصيًا بإنهاء تجميد جيش المهدي.

يُعتقد على نطاق واسع بأنّ هذا الجيش المجمّد منذ 2007 قد اضمحّل وتلاشى.

يرد البهادلي على هذا الأمر بالتالي: “إنّ جيش المهدي موجود، وهو بعدّته وعدده ينتظر أي أمر يصدره مقتدى الصدر، وخلال ساعة ستجد تشكيلًا منقطع النظير”. 

أما محمد الأبيض، وهو ناشط مقرّب من قيادات بارزة  في التيار الصدري، فقد خرج ببث مباشر عبر موقع “فيسبوك” في اليوم التالي لإعلان الصدر قرار تجميد التيار.

ومما قاله: “لديّ عتب.. عتب من التقصير تجاه السيد. أصحاب القضية يريدون إيقاف جميع مشاريع الإصلاح. هؤلاء مموّلون ومدعومون من الولايات المتحدة وإسرائيل ودول إسلامية لخلق فتنة وبلبلة في العراق، لأنه عاصمة الإمام المهدي، ولتخريب العقيدة وحتى الحياة اليومية فيه”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: