الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 أبريل 2023 11:41
للمشاركة:

خفض توتر مع الجيران وتصعيد مع الولايات المتحدة وإسرائيل.. استراتجية إيرانية جديدة؟

يرى الكاتب الإسرائيلي أمير بار شالوم أنّ إيران تحاول من خلال الخطوات الإقليمية الأخيرة التي تتخذها تكوين شرق أوسط جديد، من خلال تخفيض التوتر في علاقاتها الدولية وإيجاد حل في اليمن.

ويضيف شالوم في مقال بموقع “تايمز أوف إسرائيل”: في خطوة نادرة يوم السبت، أعلنت البحرية الأميركية إنها سترسل غوًاصة تحمل صواريخ موجهة تعمل بالطاقة النووية إلى الخليج، مرورا بقناة السويس المصرية، في طريقها إلى قاعدة أميركية في البحرين.

كان إعلان مثل هذا، بما في ذلك المسار الدقيق للسفينة وموقعها الدقيق، خطوة محسوبة: أجرت الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي تقييمًا مستمرًّا للوضع في ما يتعلّق بإيران وشبكتها من الجماعات الحليفة لها في جميع أنحاء المنطقة.

الهدف الفوري لإرسال غواصة تحمل حمولة 154 صاروخًا من طراز “توماهوك كروز” هو تعزيز الوجود البحري الأميركي في الخليج، من خلال إضافة قوة نيران كبيرة بالقرب من إيران – وهي إشارة واضحة لطهران بأن واشنطن مستعدة للعمل من أجل حماية مصالحها في المنطقة.

لم تستغرق إيران وقتًا طويلاً للرد، بإعلان إنّ الأسطول البحري للحرس الثوري سيُجري مناورة بحرية كبيرة في الخليج والبحر الأحمر.

خطوة واشنطن لها أيضا بُعدٌ استراتيجي. إنّ الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن المحور الناشئ في المنطقة بين إيران، روسيا، الصين والسعودية. واعتُبر اجتماع وزيري خارجية إيران والسعودية في بكين يوم الخميس، والتصريحات بشأن تجديد العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، انتصاراً لبكين.

استفادت الصين من العداء الإيراني للولايات المتحدة، واستمرار خيبة الأمل والغضب من جانب الرياض تجاه واشنطن والرئيس الأميركي جو بايدن، وخرجت بإنجاز كبير من حزمة التوترات هذه.

إن ثقة طهران المتزايدة بالنفس محسوسة في المنطقة بأسرها، وغني عن البيان أنّ هذه التطورات لها تداعيات عميقة على إسرائيل، التي شهدت تصاعدًا ملحوظًا في النشاط على حدودها الشمالية – بما في ذلك أكبر وابل من الصواريخ من لبنان منذ عام 2006 يوم الخميس الماضي، وإطلاق صواريخ من سوريا أيضا.

ليس من قبيل المصادفة، حتى في الوقت الذي سعى فيه حزب الله إلى النأي بنفسه وإعلان إسرائيل رسميًا تحميل حركة “حماس” في جنوب لبنان المسؤولية عن إطلاق الصواريخ، نقلت قناة إيران الدولية الإخبارية يوم السبت عن مصادر مجهولة أنّ إيران وحزب الله كانا على علم بما حدث يوم الخميس.

كان هذا نوعًا من الإنذار المبكر، الذي نُشر على موقع إلكتروني يراقبه النظام الإيراني والقيادة العليا في طهران دقيقة بدقيقة: شخص ما أراد التأكد من أنّ طهران فهمت بوضوح أن إسرائيل تعرف بالضبط من يقف وراء إطلاق الصواريخ.

كما سلط التقرير الضوء على رسالة الرد العسكري الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ. وذكر التقرير إنّ “الهجمات الإسرائيلية على لبنان وقطاع غزة لم تكن رد فعل على الهجمات من لبنان وغزة، بل كانت رسالة للجمهورية الإسلامية”.

على خلفية الأعمال العدائية المتصاعدة والتهديدات بين إسرائيل وإيران، كان هناك حدث مهم آخر يوم الأحد في صنعاء، عاصمة اليمن: محادثات سلام بين السعودية واليمن لإنهاء الحرب بينهما. ولم يكن من الممكن إجراء هذه المحادثات من دون موافقة طهران التي تدعم حركة أنصار الله – الحوثيين في اليمن.

من وجهة نظر تل أبيب، قد تأتي نهاية الصراع في اليمن بعواقب، إذا تم إعادة توجيه انتباه ونشاط أنصار الله – الحوثيين نحو الدولة اليهودية. في نظر الحرس الثوري الإيراني، فإن أنصار الله – الحوثيين هم ميليشيا إيرانية مثل حزب الله في لبنان. إنهاء الحرب في اليمن سيزيد من قوة نيران طهران، وبالتالي فإنّ فرص نجاح مبادرات السلام عالية.

اتخذت إيران قرارًا جوهريًا بتخفيف التوترات مع الدول العربية السنية من أجل التركيز على استراتيجية بناء محور مناهض للولايات المتحدة. إن دعم الصين لإيران لتجديد العلاقات مع السعودية هو مجرّد حلقة في تلك السلسلة.

ترتبط هذه السياسة ارتباطًا مباشرًا بعلاقات إيران العميقة مع روسيا، ودفء العلاقات مع تركمانستان وكازاخستان وأرمينيا. وهذا في نظر النظام الإيراني يشكل جبهة موحدة ضد “الشيطان الأكبر”، الولايات المتحدة، وسيشجع عزم إيران على مهاجمة أهداف أميركية مباشرة، واستعدادها لمواجهة إسرائيل في لبنان وسوريا.

في تحوّل ملحوظ عن الماضي، من وجهة نظر الإيرانيين، فإنّ أي علاقة إيجابية مع دولة إسلامية سنية تخدم مصلحتهم الاستراتيجية، لا سيما في ظل اتفاقات إبراهيم التي حدّت من مساعي طهران لتوسيع دائرة نفوذها.

إلى أي مدى مستعدة أن تذهب إيران؟ القصة التالية قد تقدم إشارة في هذا المجال:

قبل سبع سنوات، أعدمت السعودية أحد قادة الأقلية الشيعية في البلاد، الشيخ نمر النمر، وهو شخصية بارزة في نضال الشيعة هناك من أجل الحقوق والاعتراف، والذي غالبًا ما تحدث ضد السلطات السعودية، وأيدته إيران علانية.

كان إعدامه، بأمر من النظام الملكي السعودي، هو الدافع الذي أدى إلى اقتحام السفارة السعودية في طهران، والتي تم إغلاقها منذ ذلك الحين. تم تغيير اسم الشارع الذي كانت تقع فيه السفارة بعد أيام إلى شارع الشيخ نمر.

يوم السبت، حتى قبل وصول أول دبلوماسي سعودي لإعادة فتح السفارة السعودية في طهران، تفاجأ أحد الصحافيين الذي صادف وجوده في المكان برؤية لافتة شارع الشيخ نمر قد أزيلت.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: