الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 أبريل 2023 16:10
للمشاركة:

العربية السعودية وإيران.. تنافس القوة الناعمة في الشرق الأوسط

أشار الكاتب سايمون مابون إلى مجالين أساسيين تتنافس فيهما إيران والسعودية، هما المجال الجيوسياسي والأيديولوجيا، خاصة بعد اشتداد الصراع على قيادة العالم الإسلامي بين الطرفين إثر الثورة الإيرانية عام 1979. وفي كتاب له بعنوان: "العربية السعودية وإيران.. تنافس القوة الناعمة في الشرق الأوسط"، يذكّر مابون بأنَ المنافسة الجيوسياسية بين الرياض وطهران ازدادت بسبب التحوَل الدراماتيكي في علاقة طهران بواشنطن، والتي تضررت بسبب إزاحة الشاه محمد رضا بهلوي عن الحكم، ومن ثم أزمة الرهائن الأميركيين في السفارة الأميركية في العاصمة الإيرانية.

حروب الخليج

يستذكر مابون الدور السعودي الداعم للعراق في حربه مع إيران خلال ثمانينيات القرن الماضي، ودور الملك فهد في التفاوض مع الولايات المتحدة على نظام “أواكس”، الذي أدى إلى إسقاط طائرات مدنية وعسكرية إيرانية.

وفي تلك الحرب، كما يذكر الكتاب، استهدف العراق السفن الإيرانية، فردّت طهران باستهداف سفن حلفاء العراق، كالسعودية والكويت، مما أطلق مرحلة جديدة في الصراع عُرفت ب”حرب الناقلات”، والتي أجبرت البحرية الأميركية على المشاركة في النزاع.

ومع اجتياح العراق للكويت، وزيادة الدور العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، بات النظام الطبيعي للعلاقات الإقليمية مشوّهًا بالنسبة للإيرانيين. من هنا، يرى الكاتب أنّ الخلافات بشأن طبيعة الأمن الإقليمي تبقى ذات أهمية مركزية لفهم التنافس بين السعودية وإيران.

أما اجتياح الولايات المتحدة للعراق عام 2003، فقد أخرج هذا البلد من حسابات الأمن بالنسبة لإيران والسعودية، مما فتح المجال لهاتين الدولتين من أجل زيادة نفوذهما في المنطقة، سواءً من خلال القوة الناعمة أو من خلال القوة الصلبة.

ووفق مابون، تدرك كل من الرياض وطهران أهمية الأحداث في العراق وعواقبها على المشهد السياسي والاقتصادي عبر منطقة الخليج.

البحرين

اعتبر الكاتب أنّ مملكة البحرين توفّر مجالًا ثريًا لتحليل العلاقة بين الرياض وطهران، على أساس أيديولوجي وجيوسياسي.

من هنا، يشير مابون إلى أنّ 75% من سكان البحرين هم من الطائفة الشيعية، في حين أنها تبعد عن السعودية فقط 16 كلم.

ويلفت الكاتب إلى أنّ العلاقة القوية للرياض مع آل خليفة حكام البحرين والروابط الاقتصادية بينهما تعود من ناحية إلى جذور آل خليفة القبلية في السعودية، ومن ناحية أخرى إلى المخاوف من تمدد النفوذ الإيراني.

وتطرّق الكتاب لما جرى في البحرين من احتجاجات خلال فترة الربيع العربي، ودخول ألف جندي سعودي عبر جسر الملك فهد إلى هذا البلد، لمساندة قوات الشرطة البحرينية وقوات من قطر والإمارات لقمع هذه الاحتجاجات.

وتابع مابون: “بينما يعتقد البعض بأنّ الوجود السعودي داخل البحرين هو لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد تجاه الأغلبية الشيعية، يشير آخرون، مثل فرانسوا سيزنيك، إلى أنّ وجود القوات السعودية كان لحماية عناصر داخل عائلة آل خليفة من أعضاء أكثر ليبرالية وأكثر انفتاحًا على الإصلاح”.

تناقضات الهوية

تحدث الكاتب عن تناقض في الهوية داخل السعودية وإيران، حيث تجلّت حدا هذا التناقض في معضلات الإمن الداخلي، بين الهويات العرقية والقبلية والدينية، وأيضًا على المستوى الخارجي، حيث غالبًا ما تتعارض هذه الهويات مع الهويات في الدول المجاورة.

وأردف: ” هناك تناقض في الهوية الخارجية، يحدث بين هويات الدولة في السعودية، كدولة عربية وهابية، وإيران، كدولة فارسية شيعية. على هذا النحو، واجه النظامان في الرياض وطهران عملية موازنة دقيقة، سعيًا إلى الحفاظ على وحدة الأراضي، والسيادة الأيديولوجية، والشرعية المحلية والدولية، وأمن النظام”.

وبحسب مابون، خلق حلّ معضلات الأمن الداخلي معضلة أمنية خارجية بين السعودية وإيران، مدفوعة بمخاوف القوة الناعمة.

لكنّ مابون اعتبر أنً السعودية لم تواجه الدرجة نفسها من التناقض في الهوية مثل إيران. وبالتالي ، فإن معضلة الأمن الداخلي داخل المملكة أقل حدة.

وأضاف الكاتب أنّ البناء الداخلي للدولة السعودية يعكس طبيعة دولة طبيعية متماسكة أكثر بكثير مما تعكسه إيران، كما ينعكس ذلك من حيث العرق والدين.
ومع ذلك، لا تزال السعودية تواجه تحديات داخلية، تنعكس في العلاقة الشرسة مع المجتمع الشيعي، والضغوط القبلية، والتوترات الناشئة عن العلاقة بين آل سعود والعلماء الوهابيين.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: