الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة18 مارس 2023 21:38
للمشاركة:

“جرس إنذار”.. كيف سينعكس تطوّر العلاقات السعودية – الإيرانية على أميركا؟

اعتبر أستاذ العلاقات الدولية ستيفن والت، في مقال له على موقع مجلّة "فورين بوليسي" الأميركية، أنّ الانفراج السياسي بين السعودية وإيران يمثل دعوةً للإدارة الأميركية وبقيّة مؤسسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة للاستيقاظ، لأنها تكشف العوائق التي شلّت السياسة الأميركية في الشرق الأوسط لفترة طويلة.

وأضاف والت أنّ ما حصل بين الرياض وطهران يسلّط الضوء على محاولة الصين تقديم نفسها كقوة من أجل السلام في العالم، وهو ما تخلّت عنه الولايات المتحدة إلى حد كبير خلال السنوات الماضي، على حد تعبيره.

كيف نجحت الصين في ذلك؟

وأجاب الأستاذ الجامعي مذكّرًا بأنّ صعود بكين الدراماتيكي منحها دورًا متزايدًا في الشرق الأوسط، مما مكّنها من التدخّل ومساعدة الطرفين، أي الإيرانيين والسعوديين، للتوصل إلى اتفاق، كما أنّه سمح لها بالتوسّط بينهما بسبب تمتّعها بعلاقات ودية تشبه الأعمال التجارية في غالبية دول المنطقة.

وفي هذا الإطار، لفت والت إلى أنّ الصين تقيم علاقات دبلوماسية وتتعامل مع جميع الأطراف: مصر، السعودية، إسرائيل، دول الخليج العربية وحتى الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا.

وتابع: “هذه هي الطريقة التي تعمل بها القوة العظمى على زيادة نفوذها إلى الحد الأقصى: توضحُ إنَّكَ على استعداد للعمل مع الآخرين إذا كانوا على استعداد للعمل معك، كما أنّ علاقاتك مع الآخرين تذكّرهم بأنّ لديك خيارات أخرى أيضاً”.

وفي مقارنةٍ مع سياسة الولايات المتحدة، أشار والت إلى أنّ الأخيرة تتمتّع بعلاقات خاصة مع بعض دول الشرق الأوسط، بينما ليس لها علاقة على الإطلاق مع دول أخرى، خاصة إيران.

واستنتج والت أنّ هذه الطريقة تؤدي إلى أنّ دولًا مثل مصر، إسرائيل أو السعودية، تأخذ دعم الولايات المتحدة كأمرٍ مسلّم به، وتتعامل مع مخاوفها بازدراء، سواءً لناحية مسألة حقوق الإنسان في مصر، الحرب السعودية في اليمن، أو حملات الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وبالعودة إلى إيران، حذّر الكاتب من أنّ الجهود الأميركية غير المجدية في الغالب لعزل وإسقاط الجمهورية الإسلامية تركت واشنطن بلا قدرة حقيقية على تشكيل تصوّرات إيران أو أفعالها أو مسارها الدبلوماسي.

وأرجع والت السياسة الأميركية المتّبعة هذه إلى الجهود الدؤوبة للجنة الشؤون العامة الأميركية – الإسرائيلية، وجهود الضغط الحكومية العربية المموّلة تمويلًا جيّدًا، معتبرًا ذلك دليلًا على زرع هدف “خاص” داخل الدبلوماسية الأميركية المعاصرة.

وأردف: “من خلال إثبات أنّ واشنطن لا تستطيع فعل الكثير لدفع السلام أو العدالة في المنطقة، فقد تركت المجال مفتوحًا على مصراعيه لبكين”.

فضلًا عن كل ذلك، برز وفق الكاتب سؤال مهم خلف الاتفاق السعودي – الإيراني: هل سينظر الآخرون إلى واشنطن أو بكين على أنها موجِّهٌ لنظام عالمي في المستقبل؟

وتحدّث والت هنا عن ثقة الولايات المتحدة، نتيجة دورها العالمي منذ عام 1945، بسير الجميع خلف قيادتها، حتى عندما يكون للآخرين تحفظات بشأن السياسات الأميركية، مؤكدًا أنً الصين ترغب بتغيير هذه المعادلة، حيث يُعتبر تصوير نفسها على أنها مصدر أكثر احتمالية للسلام والاستقرار جزءًا أساسيًا من هذا الأمر.

وأكمل الكاتب: “كقاعدة عامة، تريد معظم الحكومات في العالم السلام، ولا يريدون تدخّل الغرباء بشؤونهم وإخبارهم بما يجب عليهم فعله. على مدار الثلاثين عامًا الماضية أو أكثر، أعلنت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا إنه يجب على الحكومات الأخرى تبنّي مجموعة من المبادئ الليبرالية (الانتخابات، سيادة القانون وحقوق الإنسان) والانضمام إلى العديد من المؤسسات التي تقودها الولايات المتحدة”.

واستطرد: “كان تعريف الولايات المتحدة للنظام العالمي: ستوجه واشنطن العالم بأسره تدريجيًا نحو مستقبل ليبرالي مزدهر وسلمي. استخدم الرؤساء الديمقراطيون والجمهوريون أدوات مختلفة لتحقيق هذا الهدف، واستخدموا أحيانًا القوة العسكرية للإطاحة بالدكتاتوريين وتسريع العملية”.

وخلص والت إلى أنّ نتائج كلّ ذلك لم تكن جيّدة، كالاحتلال المكلف، وظهور دول فاشلة، وحركات إرهابية جديدة، وكوارث إنسانية، والتعاون بين المستبدّين، على حد قوله.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: