الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 مارس 2023 06:16
للمشاركة:

من يقف خلف عمليات تسميم الطالبات في المدارس الإيرانية؟

اتهم المستشار السياسي للحرس الثوري الإيراني يد الله جواني، في مقال له عبر صحيفة "صبح صادق" الأصولية، "أعداء الجمهورية الإسلامية بالوقوف وراء حالات التسمم التي شهدتها مدارس الفتيات في بعض المدن والمحافظات الإيرانية"، نافيّا أن يكون النظام هو من فعل ذلك. واستعرض جواني إحصائيات من قبل وبعد الثورة في إيران عن وضع النساء، مستدلًّا بها على مكانة المرأة المهمة عند النظام الإسلامي.

تقدّم “جاده إيران” ترجمة كاملة للمقال.

في صباح يوم 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، تسببت رائحة كريهة في معهد نور للفنون الجميلة في منطقة يزدانشهر في قم، بإصابة بعض طلّاب هذا المعهد بأعراض ومشاكل في الجهاز التنفسي. تكرار هذا الحدث في هذا المعهد وتوسّعه ليشمل مدارس في قم ومدنٍ أخرى في الأشهر الثلاثة الماضية، من ناحية، خلق موجة من القلق بين الطلاب وأولياء الأمور والمسؤولين في البلاد، ومن ناحية أخرى، أثار سؤالًا كبيرًا في الرأي العام: من الذي يقف وراء عمليّات التسمم المتسلسلة للطالبات؟

إن نوع المعالجة والمواقف في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية في ما يتعلّق بهذه القضية، من النوع الذي يمكن القول عنه إنّ تسميم الطالبات في مدن عدة من البلاد أصبح قضية إعلامية وأمنية مهمة؛ ولكن في هذه الأثناء، وفي حين أكد مسؤولو الدولة، من الرئيس إلى رؤساء القوات الأخرى ورؤساء المؤسسات والمنظمات، على التحقيق الفوري وتحديد مصدر انبعاث هذه الغازات والذين يقفون وراءها، ونشط أمناء المخابرات والأمن في هذا الاتجاه، وفي ظلّ الأدبيات المتكاملة للحركة المناهضة للثورة ووسائل الإعلام الأجنبية والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة للأعداء والمعارضين، بشأن الكشف عن مرتكبي هذه الجريمة ضد الإنسانية، أمرٌ ملفت للغاية ويبعث على التأمل!

المجموعات المذكورة أعلاه، من خلال التأكيد على عبارة واحدة وتكرارها، تقّدم متسبّبي تسميم الطلاب على النحو التالي: “إنه من فعلهم”، وهي العبارة التي تم استخدامها في السنوات الماضية، خاصة في أعمال الشغب في الخريف الماضي، والتي كانت في الواقع حربًا مركّبة تركّزت على الحرب المعرفية، وتكرّرت في حوادث عدة.

في ذلك الوقت، تم تقديم مرتكبي إضرام النار في البنوك، وسيّارات الناس الخاصة، وإضرام النار في المساجد، وحرق المصحف، وخلع الحجاب عن رؤوس المحجبات، وحتى جريمة شاه جراغ، بنفس العبارة “هذا من فعلهم”!

في أعمال الشغب الأخيرة، كان من الغريب أنّ وسائل الإعلام الخاصة بهم، قامت بتعليم كيفية صنع زجاجات المولوتوف، شن الهجمات، الاغتيال، التدمير، القتل وقطع الطرق، وحرّضوا الناس على القيام بهذه الأشياء. ولكن كلّما وقع حادث مرير ومؤسف من وجهة نظر الرأي العام، قامت هذه الجهات بنسبه إلى النظام والمؤسسات الحكومية.

الآن، بعد أن أصبح تسمم الطالبات مصدر قلق اجتماعي – ثقافي، وأمني أيضًا، ولن يغفر الرأي العام لمرتكب هذه الجريمة ضد الإنسانية؛ فهم لا يكتفون بتقديم النظام والمؤسسات الحكومية على أنها سبب هذا التسمم، ولكن يحاولون من خلال الدعوة للاحتجاج على هذه القضية، إغلاق المدارس ومنع الطلاب من الذهاب إلى المدرسة.

حجة هذه المجموعة في هذا الادعاء هي أنّ الجمهورية الإسلامية لديها سياسة مناهضة للمرأة، وضد ذهاب الطالبات إلى المدرسة والدراسة، لذلك تفعل شيئًا كهذا لحبس النساء والفتيات في المنزل! هل هذه الحجة صحيحة؟ إذا لم يكن كذلك، فمن وراء كواليس هذه الجرائم؟

للإجابة على هذه الأسئلة، فإنّ النقاط التالية مفيدة:

السبب الرئيس لهذا الاتهام ضد النظام من قبل أعداءه الخارجيين، والحركة المناهضة للثورة، أنهم يقولون إن طبيعة نظام الجمهورية الإسلامية “مناهضة المرأة”، ومعارضة لـ “حرية المرأة ونشاطها الاجتماعي والعلمي”.

هل هذه الحجة صحيحة؟

لقياس حقيقة أو زيف هذا الادعاء من قبل من رفع شعار “المرأة، الحياة، الحرية”، يكفي مقارنة أوضاع المرأة في إيران قبل الثورة وبعدها.

في العهد البهلوي، والذي يتوهّم أحد أبناء هذه العائلة الفاسدة والديكتاتورية والتابعة، التي ترفع شعار “المرأة، الحياة، الحرية” بالعودة إلى إيران والجلوس على العرش السلطة، كانت النساء في أسوأ الظروف الاجتماعية، مع أعلى مستوى من الأمية. بعض الإحصائيات توضح وضع المرأة في ذلك العصر.

في النظام البهلوي، كانت 90٪ من الريفيّات أميّات، وبلغت حصة المرأة من نسبة أساتذة الجامعات عام 1977، كمركز اجتماعي فعّال، نحو 1.4٪. وبلغ عدد الخرّيجات عام 1977 نحو 6٪ من جميع الخرّيجين، والعدد الإجمالي للأطباء كان 3500 شخص، عدد النساء منهم 597، وعدد النواب النساء أقل من 10. وفي مجال الرياضة الوطنية والدولية، كان العدد الإجمالي للحاصلات على ميداليات قبل الثورة خمسة رياضيات، معظمهنّ في المسابقات الآسيوية. قبل الثورة، لم يكن هناك سوى خمس منظمات غير حكومية تعمل في مجال المرأة، وكانت تنتمي بشكل أساس إلى العائلة المالكة.

لننظر الآن إلى بعض الإحصائيات المتعلّقة بمجال المرأة في فترة الجمهورية الإسلامية:

نسبة النساء بين الأساتذة الجامعيين والهيئات التدريسية في الجامعات 34٪. نسبة الطالبات 56٪ (أكثر من البنين). الخريجات من الجامعات 44٪. عدد الطبيبات أكثر من 60 ألفاً. أكثر من 9500 كاتبة ومؤلفة، و840 عدد الناشرات. 70 امرأة رئيسة مجالس رياضية، 51 رئيسة ونواب رؤساء اتحادات رياضية، 366/88 حَكَمَة رياضية في المسابقات الوطنية والدولية، 180 امرأة حاصلة على ميدالية عالمية في الرياضة، 903 صانعات أفلام في مجال السينما ونحو 2000 امرأة ناشطة في مجال السينما.

يجب أن يجيب المطالبون بشعار “المرأة، الحياة، الحرية”، وأولئك الذين يقدّمون سياسة الجمهورية الإسلامية على أنها “مناهضة للمرأة”، على سؤال أساس، وهو كل هذا النجاح للمرأة وارتفاع شأنها العلمي والثقافي والاجتماعي في فترة الجمهورية الإسلامية، تم تحقيقه في ظل أي سياسة ونهج للجمهورية الإسلامية تجاه المرأة؟

الآن، بالنظر إلى سخافة الحجة المضادة لإثبات ادعاء “إنه من فعلهم!” يمكن القول على وجه اليقين إنّ وراء كواليس هذه الجريمة والمؤامرة الشريرة لتسميم الفتيات هم نفس أعداء الأمة الإيرانية منذ 44 عامًا.

لقد أظهر الأعداء الرئيسيون للأمة الإيرانية، والحركة المناهضة للثورة التابعة لهؤلاء الأعداء وخدمتهم في السنوات الـ 44 الماضية، أنهم مستعدّون لارتكاب أي جريمة، واستخدام أي وسيلة، لاستعادة هيمنتهم على إيران، والتغلّب على الإيرانيين الذين استقلّوا مع انتصار الثورة الإسلامية.

واستخدم هؤلاء الأعداء كلّ الوسائل والطرق في استمرار المؤامرات والفتن والضغوط الشاملة، في فترة ما بعد الثورة، وفي اضطرابات الخريف، على شكل حرب مركّبة، لتحقيق أهدافهم المشؤومة، والتي كانت تهدف حتى إلى تفتيت أوصال إيران وتطبيق النموذج السوري في بلدنا الحبيب.

في تاريخ هؤلاء الأعداء، بمحورية الولايات المتحدة ورفقة إسرائيل ودول أوروبية وعربية عدة، يمكن وبسهولة تبرير الجريمة الأخيرة من خلال تاريخ ارتكاب جرائم ضد الأمة الإيرانية من قبل التيارات المعادية للثورة، مثل المنافقين.

الاغتيالات وتفجيرات المنافقين في الثمانينيات، وحتى تفجير صلاة الجمعة في طهران، وتجهيز صدام بالأسلحة الكيماوية، والجريمة ضد الإنسانية في القصف الكيماوي على سردشت وحلبجة، وإسقاط طائرة ركاب ايرباص فوق الخليج الفارسي، والتفجير في حسينية سيد الشهداء في شيراز، والجريمة الإرهابية في شاه جراغ، أمثلة من هذا التاريخ.

لكن النقطة الأخيرة، هي أنه أمام هؤلاء الأعداء الذين لا يلتزمون بأي من المبادئ الأخلاقية والإنسانية في أعمالهم العدائية ضد الأمة الإيرانية، أثبت نظام الجمهورية الإسلامية في الـ44 عامًا الماضية، أنه يلتزم بالمبادئ الأخلاقية والإنسانية حتى أمام أعدائه.

خلال ثماني سنوات من الدفاع المقدّس، بينما كان صدّام يقصف ويطلق الصواريخ على المدن الإيرانية، منازل الناس، الأسواق، المدارس والمستشفيات، كان أحد عوامل القلق الرئيسة للإمام (الخميني)، الذي كان يحذّر قادة الحرب دائمًا، هو أن لا يلحق أذى بالعراقيين.

وفي عهد ما بعد الإمام، كان لقائد الثورة الإسلامية الحكيم نفس السياسة الدينية والإنسانية في التعامل مع العدو. عندما لا ينتهك نظام وحكومة، على أساس مبادئها وأسسها، الأخلاق حتى عند التعامل مع أعدائها، فإنّ الطريقة التي ينظر بها إلى شعبه واضحة تمامًا.

كاتب هذه السطور، على الأقل خلال أعمال الشغب في الخريف، سمع أربع مرات من اللواء سلامي، القائد العام للحرس الثوري، قوله: “أكد حضرة القائد لنا مرّات عدة عبر الهاتف، وشخصيًا، أنه خلال أعمال الشغب هذه، احذروا من أن يصل أي أذى لهؤلاء الناس والشباب المتحمّسين والمضلّلين أحيانًا”!

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: