الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 مارس 2023 21:35
للمشاركة:

كتاب “العلاقات السعودية – الإيرانية”.. تاريخ من الأحداث بين الرياض وطهران

سلّطت الكاتبة الإيرانية بنفشه كي نوش في كتاب لها بعنوان "العلاقات السعودية – الإيرانية" الضوء على الخلافات بين البلدين، مسترجعةً أصول هذه العلاقة المتوترة إلى ما قبل الثورة الإيرانية، حيث كانت تقلق الدول الخليجية العربية، ومنها السعودية، من قرب الشاه محمد رضا بهلوي من الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون.

وأوضحت الكاتبة أنً العلاقة بين الطرفين يحكمها دائمًا الحذر، فعلى سبيل المثال، تنقل عن أحد كبار المسؤولين الخليجيين، سعد العمّار، أنّ الدول الخليجية العربية لم تكن راغبة برؤية هجوم عسكري على إيران بسبب برنامجها النووي، خوفًا من أن يمزًق ذلك الوضعَ الإقليمي بعواقبه الخطيرة.

الدين في العلاقات الثنائية

رأت كي نوش أنً الاختلاف المذهبي بين إيران والسعودية يمثل خلفية مهمة لنقاط التوتر بين الطرفين، وإن كان هناك نواحٍ أخرى لهذا التوتر أكثر أهمية.

وأشارت الكاتبة إلى خوف حكام السعودية من تأثير النموذج الإيراني على عدد كبير من الشيعة الذين يسكنون السعودية وغيرها من الدول الخليجية العربية، فضلًا عن تحدّي إيران لمكانة السعودية الدينية التي تجمع على أراضيها مكَة والمدينة المنوّرة، المدينتين اللتين تجذبان ملايين المسلمين سنويًا للحج والعمرة.

من جهتها، تنظر إيران إلى اعتناق السعودية للمذهب الوهابي على أنه تشتيت للمسلمين، وعقبة أمام الاعتراف بالمذهب الشيعي، كما تؤكد أنّ الثروة المالية السعودية منحت المذهب الوهابي أكثر مما يستحق في العالم الإسلامي، ودفع بالإسلام والمسلمين نحو التشدد.

العلاقات الدبلوماسية الأولى

وكما أورد الكاتب، فإنّ رسالة تهنئة من الملك السعودي عبد العزيز آل سعود إلى رضا خان عام 1925، تعهّد فيها الأول بحماية الحجاج الإيرانيين، فتحت بابًا للتواصل بين الطرفين، بعد سنوات من الحظر الإيراني على الذهاب للحج بسبب الحروب القبلية في أرض الحجاز.

وعام 1926، حضر الإيرانيون مؤتمرًا دوليًا في السعودية لمناقشة تنظيم الحج، لكنّ الشاه الإيراني ظلً غير معترف رسميًا بسلطة الملك عبد العزيز، فردّ عام 1927 بطلب تغيير القنصل الفارسي في جدة محمد علي مقدّم، معلّلًا ذلك بالخوف من ميول شيوعية للرجل.

ولفتت كي نوش إلى أنه في تلك الفترة، كان الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود، يعقد جلسات حوار مع القنصلية الإيرانية، حيث لاحظ أنّ طهران قد تعترف رسميًا بالمملكة السعودية مقابل ضمانات مبدئية بحماية المقامات الشيعية المقدسة.

نتيجة لذلك، وفي سنة 1928، تواصل الملك السعودي مع رضا خان حاثًا إياه على التوقيع على اتفاق أمني مشترك، مشيرًا إلى أنه إذا وقّعت بلاد فارس على هذه المعاهدة، وأرسلت ممثلًا لها إلى الحجاز، فسوف يُرسل ولده محمّلًا بالهدايا العظيمة إلى الشاه!

دارت المفاوضات وسط رفض متبادل لبعض الشروط من هنا وهناك، لكن في 19 آب/ أغسطس 1929، اعترفت إيران رسميًا بحكومة الحجاز ونجد، بعد أربع سنوات من الاتصال الأول بين الملكين.

وفي أيار/ مايو 1932، زار الأمير فيصل إيران في طريق عودته من روسيا، وطُلب من ممثلي إيران في قنصليات باكو، تبليسي وباطومي الترحيب بالأمير وهو في طريقه إلى طهران.

العلاقات بين 1955 – 1963

على أثر التنافس مع عبد الناصر والريبة من حلف بغداد، هزّت المملكة السعودية أزمة بين الموظفين الشيعة في شركة “أرامكو”، الذين راحوا يطالبون بالحصول على تعويضات منصفة، مما جعل الرياض تخشى من وجود تدخل إيراني في المحافظة الشرقية.

ومع استمرار رفض حكّام السعودية لحلف بغداد، لقي الملك السعودي سعود بن عبد العزيز استقبالًا فاترًا من الشاه عندما زار إيران في آب/ أغسطس 1955، وهو ما يبرره تمامًا انضمام إيران لهذا الحلف بعد مدة قصيرة جدًا من هذه الزيارة.

مع ذلك، حصل الشاه في تلك الزيارة على دعم السعودية في مواجهة مطالبة أبو ظبي بواحة البريمي عندما عُرض ذلك الخلاف في مبادرة الرياض في الأمم المتحدة سنة 1956.

وفي آذار/ مارس 1957، زار الشاه السعودية لمدة ستة أيام، حيث أدى الحج. وقبل هذه الرحلة، كانت البعثة الإيرانية في جدة قد أرسلت إلى وزارة الخارجية السعودية رسالة تعترض فيها على استخدامها مصطلح “الخليج العربي” في الإذاعة السعودية، وكذلك استخدامه في الجريدة السعودية التي تصدر من مكة.

ما بعد الثورة

روت كي نوش في كتابها الكثير عن تطوّر العلاقات السعودية – الإيرانية خلال مرحلة ما بعد نجاح الثورة الإيرانية عام 1979، حيث حاول السعوديون التقرًب من إيران الثورية، والتعبير عما كان يثير امتعاضهم من الشاه، في حين دفعت الأحداث، خاصة أزمة الرهائن، إلى انحياز الرياض إلى جانب واشنطن في نهاية المطاف، مع الحرص على عدم استفزاز طهران ما أمكن.

ووفق الكاتبة، أدت دعوة القيادة الإيرانية الثورية لنشر ثورتها في الخارج إلى اتهام الرياض لطهران بتصدير الإرهاب، كما شجع الحكام السعوديون رجال الدين لديهم على تطوير خطاب ديني يعتمد على المذهب الوهابي للرد على تحدّي الثورة الإيرانية.

ومع بدء الغزو العراقي لإيران، بدأت السعودية مباشرة بتقديم “مساعدات تموينية” للعراق، كما قال مصدر سعودي للكاتبة، بينما أكد لها الأمير تركي الفيصل أنّ بلاده لم تقدّم أي مساعدة للعراق إلا بعد مرور سنتين من بدء الحرب، أي عندما كانت إيران قد احتلّت أراضي عراقية، كجزيرة الفاو وجزر مجنون.

ومع تأكيد مصادر عدة لكي نوش أنّ المساعدات السعودية لم تصل إلى العراق إلا بعد سنتين من بدء الحرب، لاحظت الكاتبة أنّ الأردن واليمن الشمالي كانا يقدّمان العون للعراق عن طيب خاطر، وهما الدولتان اللتان كانتا تحصلان على مساعدات بدورهما من السعودية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: