الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 مارس 2023 21:36
للمشاركة:

مقارنة تاريخية.. بماذا تختلف احتجاجات إيران الأخيرة عن سابقاتها؟

اعتبر الكاتبان إروين فان فين وحميد رضا عزيزي، في دراسة نشرها معهد كلينجينديل الهولندي للعلاقات الدولية، أنّ "النظام الإيراني يبقى نظامًا استبداديًا رغم تميّزه بعناصر ديمقراطية، مثل الانتخابات والتنافس بين الفصائل السياسية النخبوية"، وأرجعا ذلك "لعدم وجود معارضة سياسية منظمة، صحافة حرة أو منظمات اجتماعية مستقلّة، كالنقابات العمالية والطلابية".

وأشار الكاتبان إلى أنّ الواقع غالبًا ما يجعل الاحتجاجات خطرة، لا سيّما عندما تتم المطالبة بتغيير سياسي جذري، في حين يمكن لهذه الاحتجاجات أحيانًا أن تحقق أهدافًا خاصة بقضية معيّنة، بشرط أن تقع ضمن الحدود الحالية لنظام الحكم.

وبرأي فان فين وعزيزي، فإنه يمكن أن تحدث انتفاضة جماهيرية عندما تتمكّن الاحتجاجات من تحقيق اتصال تنظيمي عبر المناطق يتخطّى الصعاب، بالتزامن مع أنشطة تخريبية ودعوة مشتركة لهدف أدنى مشترك.

وبحسب الكتابين، تصبح شروط الثورة متوفّرة عندما تلتقي ثلاثة عوامل: عندما تصبح النخب الحاكمة منقسمة، عندما تقف قوات الأمن جانبًا أو تبتعد أو تغيّر موقفها وعندما لم يعد من الممكن للدولة أن تنفّذ وظائفها الأساسية.

فان فين وعزيزي قيّما الثورة الإيرانية بأنها “استبدلت نظام حكم ملكي استبدادي، بنظام حكم ديني استبدادي أيضًا، لكنّ الأخير جلب التغيير والحفاظ على الاستمرارية”.

تطوّرُ مطالب التغيير في إيران

برّرت الدراسة حصول ما سُمِّيَ بالحركة الخضراء عام 2009 بوقوع عمليّات احتيال واسعة النطاق في الانتخابات الرئاسية ذلك العام، حيث لعبت دعوة المرشحَين الرئاسيَّيْن مهدي كرّوبي ومير حسين موسوي دورًا أساسيًا في التحضير السريع لمظاهرات لم يسبق لها مثيل في تاريخ الجمهورية الإسلامية.

وذكّر الكاتبان بأنّ تلك المظاهرات بدأت في طهران، ثم ظلّت مقتصرة على العاصمة وعدد قليل من المدن الكبرى، مثل أصفهان، شيراز وتبريز، معيدَيْن هذا الأمر لطبيعة القاعدة الشعبية التي نزلت إلى الشوارع، والتي كانت بدورها من الطبقة الوسطى المتعلّمة.

فان فين وعزيزي لاحظا أنه في الأسابيع الأولى لاحتجاجات 2009، استهدفت شعارات المتظاهرين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وتركّزت على مطلب إلغاء نتائج الانتخابات، لكنها انتقلت إلى شعارات ضد القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي لاحقًا عندما اشتدّت “حملة القمع الحكومية”.

مع ذلك، كما تذكر الدراسة، لم يُثِرْ قادة الحركة الشعبية الناشئة أبدًا فكرة الإطاحة بالجمهورية الإسلامية، أي أنّ الحركة الخضراء احتجّت داخل النظام وليس ضدّه، كما تحدّث موسوي وكرّوبي علنًا ضد الدعم أو التدخل الأجنبي.

احتجاجات 2019

عام 2019، بدأت الاحتجاجات ضد قرار الحكومة بزيادة سعر البنزين بنسبة 200%، والتي كانت بدورها محاولة للحد من تأثير تدهور الوضع الاقتصادي الإيراني على الموازنة العامة الإيرانية.

وأشار الكاتبان إلى أنه يمكن رؤية احتجاجات عام 2019 كتتويج لاحتجاجات كانون الأول/ ديسمبر 2017 وكانون الثاني/ يناير 2018، مؤكدين أنها بدأت بشكل عفوي، من دون أن يكون لها قيادة واضحة.

لكنّ فان فين وعزيزي خلصا إلى أنّ احتجاجات 2019، من حيث النطاق الجغرافي ومستوى التحدّي للحكومة، ومستوى العنف غير المسبوق، كانت مختلفة ومثّلت نقطة تحوّل في تاريخ الاحتجاج في إيران المعاصرة.

وفي مقارنة جغرافية، لفتت الدراسة إلى أنّ معظم التحرًكات العنيفة حصلت في المدن الأصغر، والأحياء الفقيرة داخل المدن الكبرى، مثل طهران. وفي غضون أسبوع، امتدّت هذه التحرّكات إلى 29 محافظة، وما لا يقلّ عن 104 مدن.

اجتماعيًا، وفق الكاتبين، كان المتظاهرون في الغالب من الشرائح الأقل حظًا في المجتمع، رغم أنه نُظِّمت مسيرات احتجاجية في بعض الجامعات.

وتابعت الدراسة: “على الرغم من أنها أُثيرت من خلال قضية اقتصادية، فقد استهدفت شعارات المتظاهرين أيضًا النظام السياسي بأكمله والقائد الأعلى. ظلّت ردود الفعل الدولية مقتصرةً على إدانة القمع وفرض عقوبات محدودة”.

احتجاجات 2022

في المقابل، قال فان فين وعزيزي إنّ العوامل الاقتصادية لعبت دورًا هامشيًا في احتجاجات 2022، التي شهدت برأيهما تركيزًا واضحًا على الحقوق المدنية الأساسية، كرفض الحجاب الإجباري وتعزيز حقوق المرأة.

لكنّ احتجاجات 2022 كانت مماثلة لتلك التي حدثت عام 2019 من حيث طبيعتها العفوية وافتقارها إلى القيادة، وفق الكتابين، مضيفين أنّها كانت الأكثر انتشارًا في تاريخ الجمهورية الإسلامية، لأنها شملت كل المحافظات الإيرانية الـ31، وأكثر من 100 مدينة.

المناطق الكردية غرب إيران، ومحافظة سيستان وبلوشستان في الشرق، كانت الأكثر شدة وعنفًا في مشاركتها الاحتجاجية، على ما نصّت عليه الدراسة، كما تجاوزت الاحتجاجات إيران، وكانت مشاركة المرأة والشباب عنصرًا مميّزًا للحركة الأخيرة.

ولاحظ الكاتبان ردود فعل دولية أقوى من كل مرة، حيث تم عزل إيران من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما فُرضت عقوبات عدة على مؤسسات وشخصيات رفيعة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: