الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 مارس 2023 16:36
للمشاركة:

مسلسل تسمم الطالبات في إيران.. إرهاب بيلوجي أم توتر وقلق؟

بدأت قضية تسمم الطالبات في إيران قبل ثلاثة أشهر من مدارس البنات في محافظة قم وسط إيران، وحتى اليوم، نشرت أكثر من 50 مدرسة في 11 محافظة إيرانية تقارير لها عن تسمم طلابها، حيث وصل عدد المصابين في هذا الإطار لأكثر من 800 شخص.

صحيفة “هم ميهن” وصفت الأمر بأنه “إرهاب بيولوجي”، في حين تؤكد وزارتا الداخلية والتعليم والتربية أنّ معظم التقارير سببها التوتر والقلق، وليس نتيجة انتشار السم، بينما صرّح وزير الصحة الإيراني بهرام عين اللهي أنّ التحقيقات أظهرت أنّ سمًّا خفيفًا أدى إلى حدوث حالات التسمم بين طالبات المدارس.

واستشهدت الصحيفة بأوجه الشبه بين حالات التسمم في مدارس البنات في إيران وما قام به من اسمتهم المتطرّفون في الشيشان وطالبان أفغانستان من هجمات، وهو ما حصل وفق “هم مهين” مع طالبات المدارس في جمهورية أوسيتيا الشمالية المتمتعة بالحكم الذاتي في روسيا بتاريخ 1 أيلول/ سبتمبر 2004.

يعزو البعض في إيران ذلك إلى الجماعات المتطرفة المذهبیة وأتباع مدرسة مصباح يزدي، بينما ينسبها البعض الآخر إلى جماعة “مجاهدي خلق”، بينما لم تتّضح الجهة المسؤولة بعد.

وكان قد أُبلغ عن أول حالة تسمم في مدرسة في مدينة قم، حيث أصيبت 18 تلميذة بأعراض مرضية ونقلن إلى المستشفى في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين، شملت الموجة 58 مدرسة على الأقل في ثماني محافظات، بحسب وسائل إعلام محلية. وشملت معظم الحالات فتيات في المدارس الابتدائية والثانوية، على الرغم من وجود بعض التقارير عن إصابة تلاميذ ذكور ومدرّسين أيضًا. كما أبلغ العديد من الأشخاص عن أعراض مماثلة، ومنها مشاكل في الجهاز التنفسي، الغثيان، الدوخة والتعب.

وقالت المتحدثة باسم لجنة الصحة للبرلمان الإيراني زهرا شخصي إنّ عدد الطلاب الذين أصيبوا بالتسمم في حوادث مختلفة في الأشهر الثلاثة الماضية هو 800، 400 منهم ظهرت عليهم أعراض خفيفة.

بدوره كلّف رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف رؤساء أربع لجان برلمانية للتحقيق في قضية تسمم تلامذة مدارس ورفع تقارير للبرلمان بهذا الشأن. أما رؤساء اللجان الأربع فهم: رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية وحيد جلال زادة، رئيس لجنة الشؤون الداخلية والمجالس المحلية محمد صالح جوكار، رئيس لجنة التعليم والأبحاث علي رضا منادي سفيدان ورئيس اللجنة الصحية والطبية حسين علي شهرياري.

وعلّقت وكالة “فارس” الإيرانية على مسألة تسمم الطالبات بالتالي: يجب التصرّف بأسرع ما يمكن لتحديد عوامل أو أسباب التسمم المتسلسل لطالبات المدارس في قم. التسويف والغموض والجو المسموم سيذكّر بما بعد دخول مهسا أميني إلى المستشفى وعدم الإخطار في الوقت المناسب، ويمكن أن يكون بمثابة الشرارة الكبيرة التي تريدها مراكز الفكر الأميركية من خلال تحفيز التيارات الداخلية والخارجية”.

وفي نفس الإطار، دعت نقابة المعلمين في محافظة جيلان شمال ايران جميع المعلّمين إلى التجمع يوم الثلاثاء المقبل صباحًا أمام المديرية العامة للتعليم في هذه المحافظة.

وقال نائب وزير الصحة الإيراني: “بعد حالات عدة من التسمم لطلبة مدارس قم، اتّضح أن التسميم كان عمدًا، والبعض يريدون إغلاق جميع المدارس، وخاصة مدارس البنات. وتم البحث والتحقيق في هذه المسألة، وحتى الآن تم تحديد أنّ المركبات الكيميائية ليست سلاحًا كيميائيًا وليس لها أي علامات على أنها معدية”. كما تحدث المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري عن احتمال أن يكون تسمم الطلاب المتكرر في قم قد حصل عن عمد.

ومما ذكره المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي في هذا السياق: “يريدون إغلاق المدارس بعمليات تخريب مشرّفة، كما يسمونها، لكن مؤامرتهم ستفشل. يسمّون العمل الإرهابي تخريبًا مشرفًا، ويريدون إغلاق المدارس وهيّئوا الأجواء بشكل واسع النطاق لإظهار هذه الأعمال الإرهابية، مثل التدمير، إشعال النار والإهانة، على أنها أعمال أخلاقية”.

بهادري جهرمي أضاف أنً التسميم التسلسلي للطلاب هو استمرار لمشروع الفوضى الفاشلة، وأنه يهدف إلى منع النمو العلمي في إيران.

ورغم الإحصائيات التي أثارت المخاوف لدى الطلّاب وأهلهم، أعلن وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي إنً أكثر من 90% من الطالبات “تدهورت حالتهن بسبب التوتر”، نافيًا العثور على مادة سامة محددة حتى الآن.

لكنّ وزير الداخلية أعلن العثور على عيّنات مشبوهة يجري التحقيق فيها في مختبرات البلاد المرموقة لإجراء تحقيقات متخصصة، من أجل الوصول إلى أسباب المضاعفات التي حدثت للطلاب في البلاد.

وأصدر وحيدي بيانًا شدد فيه على أنّ موضوع تسميم الطلاب يتم متابعته بجدية، وأنّ صحة الطلاب هي الأولوية القصوى لجميع المسؤولين الذين لن يدّخروا أي جهد لتوفير الأمن والراحة والسلام لهم، على حد تعبيره.

وزارة الخارجية الأسترالية علّقت على حالات التسمم في إيران بالقول: “إن الحكومة الأسترالية قلقة للغاية بشأن الأنباء الواردة عن تسمم مئات الطالبات في مدن إيرانية عدة”.وتابعت: “نحن نتابع الحدث عن كثب ونراقب الأوضاع بدقة”.

من جهة أخرى، كتبت السيناتورة رئيسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والتجارة ف مجلس الشيوخ الأسترالي كلير تشاندلر على حسابها على “إنستغرام”: “هجوم مروّع آخر على فتيات إيرانيات… تسمم تلميذات المدارس هو أحدث تكتيك من الوحوش لمواصلة الظلم على النساء والفتيات في إيران”.

في الوقت نفسه، أعلن مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في إيران، ردًا على استمرار ظاهرة تسمم الطالبات، إنه يتابع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عن كثب.

وجاء في بيان ل”يونيسيف” في إيران: “المدرسة هي ملاذ آمن للأطفال والمراهقين للتعلّم في بيئة آمنة وداعمة. مثل هذه الحوادث يمكن أن تترك تأثيرًا سلبيًا على معدّل تعليم الأطفال، وخاصة الفتيات”.

كما وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عمليات التسمم المتسلسلة بأنها “مقلقة للغاية” و”مثيرة للاشمئزاز”، وقال: “التعليم حق عالمي، والنساء والفتيات في كل مكان من العالم لهنّ الحق بالحصول على التعليم والتربية”.

وأضاف: “نتوقّع من السلطات الإيرانية أن تحقق بشكل كامل في تسميم الطالبات، وأن تبذل كل ما في وسعها لإنهاء هذه الأعمال ومحاسبة المسؤولين”.

أما المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي، فقد دعا لمحاسبة المسؤولين عن تسمم فتيات مدراس بإيران، مشددًا على أنه ينبغي عدم منع الفتيات من مواصلة التعليم.

وجاء في تغريدة لمالي: “يجب أن تتوقف حالات التسمم هذه ويجب محاسبة الجناة.. لا ينبغي لأحد أن يمنع فتيات إيران من مواصلة التعليم، الذي يُعدُّ حقًا من حقوق الإنسان وضروريًا لتعزيز الأمن الاقتصادي للمرأة”.

كما وعبّر مجلس الأمن القومي الأميركي عن قلقه مما وصفها بالتقارير الواردة عن حالات تسمم واسعة النطاق بين الطالبات في مدارس إيران، والتي ربما تكون مرتبطة بالمشاركة في الاحتجاجات، على حد قوله.

ورداً على تغريدة لوزيرة خارجية ألمانيا عن تسمم الطالبات الايرانيات في بعض المدارس، كتب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني: “من بين الحقائق المريرة التي لا تزال بحاجة إلى توضيح، التسمم الكيميائي بالغازات الألمانية السامة أثناء حرب صدام المفروضة (1980-1988)، والتي تتحمل الحكومة الألمانية مسؤوليته”.

وفي تغريدة له، خاطب كنعاني وزيرة خارجية ألمانيا بالقول: “هذا الإجراء الدنيء والمزعزع للأمن قيد التحقيق. الحكومة الإيرانية جادة للغاية في تحديد المجرمين واستئصال هذا الحقد. لن نسمح بانعدام الأمن لطالبات المدارس الإيرانيات لدوافع سياسية”.

وكانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك اليوم الجمعة وصفت التقارير عن حالات التسمم في إيران بالصادمة، مشددة على ضرورة التحقيق فيها بشكل كامل.

منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أعرب الخميس عن قلقه من حالات التسمم هذه، مضيفا: “العالم يحتاج لأن يعرف السبب”.

وكان السفير البريطاني في طهران سيمون شيركليف علّق في تغريدة له: “بصفتي أبًا، أتعاطف مع جميع الآباء والأمهات الإيرانيين القلقين على أطفالهم في المدارس بسبب سلسلة حالات التسمم التي لا تنتهي”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: