الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 مارس 2023 20:01
للمشاركة:

الدولار الأميركي.. حصان الشطرنج النووي

يُعرف الحصان في لعبة الشطرنج بضربة الشوكة، أي أنه يستطيع تهديد أكثر من قطعة في آن واحد، ليصبح العدو أمام خيارين أحدهما أمرّ من الآخر. كذلك هو الدولار على رقعة الاتفاق النووي، فهو الحصان الذي تستخدمه الولايات المتحدة لترهيب إيران بالضغط عليها عبر العقوبات والتضييق على تهريب الدولار من جهة، وتحفيزها من جهة أخرى بالإفراج عن مليارات الدولارات المجمّدة في الخارج في حال إحياء الاتفاق.

يُعتبر الدولار حلقة وصلٍ بين السياسة والاقتصاد في المفاوضات النووية، إذ تأمَلُ طهران بعد توقيع الاتفاق النووي أن يتم الافراج عن أكثر من 100 مليار دولار من أموالها، وفي المقابل تستخدم الولايات المتحدة الدولار كسلاح للضغط والحصار لإجبار إيران على العودة إلى الاتفاق النووي، أو تقديم تنازلات في المفوضات.

تقدم “جاده إيران” تقريرًا عن علاقة الدولار الأميركي بالاتفاق النووي والمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.

الحرب على أوكرانيا والاضطرابات في إيران

بعد اتهام إيران بمساعدة روسيا في الحرب على أوكرانيا، وقيام الاضطرابات الداخلية في إيران، بدأت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بتطبيق حزم عقوبات جديدة ضد إيران، وما لبثت أن دخلت أوروبا على المسار، ففرضت هي الأخرى عقوبات على الحرس الثوري الإيراني ومؤسسات أخرى بحجة دعم روسيا ومخالفة حقوق الانسان، فازداد وضع الاقتصاد الإيراني تعقيدًا ولم يعد هناك حديث عن الاتفاق النووي.

الدولار يحاصر الاقتصاد الإيراني

مع تداعيات الحرب الأوكرانية على إيران، وما تسببت فيه الاضطرابات الأخيرة في البلاد من فقدان آلاف الوظائف وإفلاس مئات الشركات التي كانت تعتمد على الفضاء الالكتروني، انتقل الآلاف للاستثمار في سوق العملات، مما شكل ضغطًا كبيرًا على هذا السوق الذي يعاني بطبيعته من اضطرابات دائمة، فارتفع الطلب على الدولار الأميركي وزاد سعره تحت وطأة استمرار الطلب.

الولايات المتحدة استغلّت الفرصة لزيادة الضغوط والعقوبات على طهران، من أجل جرّها إلى المفاوضات بلا أي شروط، فتسارعت التطورات، وتحركت الولايات المتحدة للدفع نحو خنق الاقتصاد الإيراني بإغلاق منافذ دخول الدولار لإيران.

بدأت الإجراءات الأميركية من التفاهم مع العراق على الانضمام لنظام “سويفت” البنكي العالمي، لحرمان طهران من الاستفادة من هذا البلد لتهريب الدولار، أو خلط نفطها مع النفط العراقي وتصديره على أنه نفط عراقي وفق بعض التقارير.

تم تحركت واشنطن نحو أبو ظبي، ففرضت عقوبات على العديد من الشركات الإماراتية التي قيل إنها تساعد طهران في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية.

الإجراءات الأميركية رافقها تصوبت البرلمان الأوربي على تصنيف الحرس الثوري ضمن المنظمات الإرهابية، مما تسبب بارتفاع سعر الدولار الأميركي إلى مستويات جديدة، ليبلغ أكثر من 40 ألف تومان، ترافقه موجة تضخم واستياء شعبية، فاضطرت الحكومة الإيرانية إلى تغيير رئيس البنك المركزي الإيراني في 30 كانون الأول/ ديسمبر.

ولم يُثمر هذا الإجراء عن جدوى، فبعد أن هبط سعر الدولار قليلًا، عاد للارتفاع خلال شهر شباط/ فبراير الماضي، حتى وصل إلى مستويات قياسية، مسجّلًا أكثر من 600 ألف ريال مقابل الدولار الأميركي الواحد.

الدولار والسياسة النووية

رغم أنّ اجراءات الحكومة الإيرانية لم تُوفّق بضبط سعر الدولار، لكنّ السياسة فعلت ذلك، فحمل خبر زيارة رئيس الوكالة الدوليسة للطاقة الذرية رافيل غروسي إلى طهران بشارة خير لسوق العملات، فمنذ الإعلان عن الزيارة قبل أيام، بدأ سعر الدولار في التاراجع حتى 52 ألف تومان، أي أن التومان استعاد 15% من قيمته بفعل التحركات الساسية.

ويؤكد الخبراء الاقتصاديون في إيران أنّ التوصل إلى اتفاق مع مجموعة 6+1، ورفع العقوبات عن إيران، من شأنهما أن يعيدا للريال الإيراني مجده، وأن يستعيد 50% من قيمته على الأقل.

ويعتبر أصحاب محل الصرافة في طهران أنّ أخبار وتطورات المفاوضات والاتفاق النووي يلعبان دورًا بارزًا في ارتفاع وانخفاض قيمة الدولار، فكلّما كانت التطوّرات على الصعيد النووي إيجابية، انخفض سعر الدولار في إيران، وكلما ابتعد الأمل بإحياء الاتفاق النووي، بدأ سعر الدولار في الارتفاع.

الدولار الدبلوماسي

ترفض طهران الخضوع للضغوط الأميركية، لكنها في ذات الوقت تحنو مع العاصفة قليلًا، فتقبل صفقات تبادل الأسرى مقابل الإفراج عن جزء من أموالها المجمدة في الخارج.

في تشرين الأول/ أكتوبر، سمحت طهران للأميركي من أصل إيراني، باقر نمازي، ونجله السجين سياماك نمازي، المدانَين بالتجسس، بمغادرة إيران لغرض العلاج، فيما نقلت وكالة “ارنا” الرسمية عن مصادر مطلعة أنّ طهران تتوقع قرب الإفراج عن سبعة مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية في إطار صفقة الإفراج عن سجناء مع واشنطن.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: