الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 مارس 2023 20:03
للمشاركة:

هل لا تزال الولايات المتحدة تريد الاتفاق النووي؟

اعتبر الصحافي الإيراني هادي خسرو شاهين أنّ الأميركيين باتوا يبحثون عن اتفاقيات تكتيكية مؤقتة وموضوعية، في محاولة للوصول الى أعلى مستوى من الفائدة والمصلحة، قبل التوصل لاتفاق نهائي. وفي مقال له في صحيفة "دنياي اقتصاد"، رأى الكاتب أنّ الاستراتيجية الأميركية الجديدة تمهّد الطريق لاتفاق يستحق رفع جزء كبير من العقوبات، بعد تحقيق أكبر قدر من المصلحة مسبقًا عبر الاتفاقيات التكتيكية.

“جاده إيران” تقدم لكم ترجمة كاملة للمقال

تخيّلوا لعبة شد الحبل مع أعداد متساوية من الناس على جانبي الحبل، مع دخول قوة إضافية متجددة من كل جانب، بحيث تكون هذه القوة متساوية، مما يعني أنّ اللعبة لن يكون فيها رابح أو خاسر. ويعني ذلك أنه أثناء اللعبة، قد ينحرف الحبل أحيانًا يمينًا وشمالًا؛ لكن ليس لدى أي من الطرفين القدرة على تحقيق تفوّق واضح باستخدام القوة، ليتمكّن من سحب الحبل باتجاهه؛ لهذا السبب، يفضّل الجانبان إنهاء لعبة الاستنزاف التي لا يوجد فيها فائز.

بهذا المثال نشرح قاعدة مهمة في العلاقات الدولية: توازن القوى. في مثل هذه المعادلة، تكون القوى المتوازنة معاكسة في الاتجاه ومتساوية في الحجم. إيران والولايات المتحدة، كانتا تقريبًا في هذا الوضع الصيف الماضي. ومع ذلك، كان التوازن نسبيًا وهشًا، ولهذا السبب، كان لعوامل مثل الحرب في أوكرانيا، والانتخابات الأميركية النصفية، أن أخلّت بتوازن القوى.

في آب/ أغسطس 2022، كان لإيران أوراق ضغط عدة في يدها. من تخصيب اليورانيوم عالي التركيز إلى الحد من التعاون خارج الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، جعلت إيران من الإبقاء على برنامجها النووي نشطًا، والحد من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قوّة إضافية في لعبة شد الحبل مع الولايات المتحدة.

من ناحية أخرى، كانت الولايات المتحدة تحاول توازن القوة مع إيران من خلال حماية نظام العقوبات، وبناء إجماع دولي خلال المفاوضات. دفعت هذه الضغوط المتبادلة الأطراف في آب/ أغسطس الماضي إلى درجة تخلّى كل منها عن بعض مطالبه، حتى يصبح التوصل إلى الاتفاق ممكنًا.

تخلّت الولايات المتحدة عن استراتيجية الدومينو للاتفاقيات. كانت الخطة الأولية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هي تحويل الاتفاق النووي إلى نقطة انطلاق لصفقات لاحقة، وتمديد “بند الغروب”، والتعاون الإقليمي وبرنامج الصواريخ. في الواقع، كانت هذه السياسة بمثابة نقطة الاختلاف بين إدارة بايدن وإدارتَيْ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

لكنّ تقدم البرنامج النووي الإيراني، وتقليص نقطة الهروب النووي إلى أسابيع قليلة فقط، جعل الولايات المتحدة تتراجع عن هذا المطلب. في المقابل، تخلّت طهران عن بعض مطالبها، بما في ذلك ضمان الرئيس الأميركي لاستمرار الاتفاق النووي وإزالة الحرس الثوري الإيراني من القائمة السوداء لوزارة الخارجية الأميركية.

كان سبب هذه الانسحابات المتبادلة هو أنّ كلا الجانبين اعتقدا بأنّ قوّاتهما وصلت إلى مستوى متساوٍ، سواء من حيث الحجم أو من حيث قدرة تطبيق هذه القوة، وبأنّ استمرار لعبة شد الحبل هذه من شأنها أن تتسبب باستهلاك القوة. لكن يجب ألا ننسى أنه عندما نتحدث عن لعبة شد الحبل أو توازن القوى، فإننا لا نعني بالضرورة ظاهرة يمكن ملاحظتها. بالمناسبة، في لعبة التوازن، يلعب العقل والإدراك دورًا أكثر أهمية؛ لهذا السبب، لا يهم المرحلة التي وصل إليها برنامج إيران النووي، أو نظام العقوبات الأميركي فعليًا، ولكنَّ الأهم هو الإدراك المُتَصَوَّرُ في الذهن. في الواقع، ما يجعل توازن القوى حتميًّا هو تشكيل هذه العقلية بين إيران والولايات المتحدة، بأنه لم يعد من الممكن تطوير استراتيجيات مثالية، ويجب على الطرفين الرضوخ للاستعداد النسبي. الحقيقة هي أنّ مثل هذا الحدث حصل إلى حد ما في آب/ أغسطس.

ومع ذلك، تسببت الانتخابات النصفية بالنسبة لواشنطن، وتقييم طهران لعواقب حرب أوكرانيا، وحاجة أوروبا للطاقة في الشتاء، باضطراب هذا التوازن النسبي للقوى في وقت قريب جدًا، وظهرت تصوّرات جديدة في ذهن كلا الطرفين.

الاضطرابات في إيران، ونجاح الغرب في إدارة أزمة تداعيات الحرب، وبقاء روسيا في وحل الحرب في أوكرانيا، كل ذلك قضى على العقلية التي تشكّلت سابقًا، وبالطبع مشروع إقحام إيران في الحرب، أنهى تقريبًا كل التصوّرات التي أدت إلى إعداد مسودة مسؤول السباسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل المكوّنة من 35 صفحة في آب/ أغسطس 2022. اعتقد الأميركيون بأنّ لديهم إمكانية التغلّب على الجانب الآخر من حيث الحجم والقوة. هنا، معنى الأمل في التغلّب على الطرف الآخر هو كسب المزيد من النّقاط في عملية التفاوض (المباشرة وغير المباشرة).

وفي هذا الإطار، فإن الولايات المتحدة التي طالبت باستمرار بمفاوضات مباشرة مع إيران في عام 2021 ونصف عام 202، ورفضت طهران قبول هذا المطلب، حوّلت فجأة لعبة المفاوضات إلى ورقة ضغط. لهذا السبب، أصرّ وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين ومستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان والمبعوث الرئاسي الأميركي إلى إيران روبرت مالي ومسؤولون أميركيون آخرون باستمرار على أنّ الاتفاق النووي ليس على جدول الأعمال حتى إشعار آخر. ولكن لماذا تم عكس المعادلة؟ الجواب واضح جدًا؛ ظهر تصوُّرٌ بين المسؤولين الأميركيين بأنّ طهران بحاجة للمفاوضات أكثر من واشنطن هذه المرة.

الدليل على ذلك واضحٌ أيضأ. استطاع الغرب في المرحلة الجديدة زيادة نفوذه وقوى الضغط، بما في ذلك ادعاءات مساعدة إيران العسكرية لروسيا، وانتهاك القرار 2231، مع ما رفق ذلك من تطوّرات في الداخل الإيراني.

في مثل هذا التغيير في سياق لعبة شد الحبل، من الطبيعي أن تعلّق الولايات المتحدة الاتفاقية الاستراتيجية وتتجه نحو اتفاقات تكتيكية وموضوعية. يمكن أن يتراوح نطاق هذه الاتفاقيات من تبادل الأسرى إلى اتفاقية مؤقتة (الأقل مقابل الأقل). من منظور متفائل، حتى لو لم يكن لدى واشنطن مثل هذه الأجندة بشكل صريح، فإنّ تفعيل أدوات الضغط، مثل التدخل في حرب أوكرانيا والتطورات الداخلية الإيرانية، سيؤدي إلى زيادة تكلفة أي اتفاق استراتيجي أكثر استقرارًا مع إيران في المجال العام. ويمكن لواشنطن وطهران معًا، عبر مواصلة الاتفاقيات التكتيكية، تقليل كلفة المفاوضات النهائية. مع ذلك، لا ينبغي إهمال نقطة مهمة مفادها بأنّ تغيير ساحة اللعب يترك تغييرات كبيرة في تصوّر الأطراف تجاه بعضها البعض.

قصة الولايات المتحدة وإيران ليست مستثناة عن هذه القاعدة. مع تغيير ساحة اللعب، واجه التصوّر الأميركي تجاه طبيعة الاتفاق النووي ونظام العقوبات واستراتيجية التفاوض تجاه إيران تغييرات مهمة. من خلال رسم حدود وثغرات هذه التغييرات، من الممكن الإجابة على السؤال الرئيس عن نظرة الولايات المتحدة إلى إيران والمفاوضات مع هذا اللاعب الإقليمي في عام 2023.

روبرت مالي عام 2023، ليس نفسه روبرت مالي في أول عامين من رئاسة بايدن. لم يعد هو من ينفّذ أفكاره. كانت فكرته الأولية أنّ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي تسبّب بعدم ثقة إيران. لذلك، من أجل إحياء الاتفاق النووي، يجب أن تكون الخطوة الأولى هي كسب ثقة إيران أثناء المفاوضات. كان خروج الاقتصاد الإيراني من حالة الطوارئ عبر تجاهل تنفيذ بعض العقوبات، بما في ذلك التحويلات المالية والنفط والطاقة، اقتراح مالي لبناء الثقة. لكنّ هذه السياسة كان لها معارضون جادّون منذ البداية، ليس خارج البيت الأبيض، بل داخل فريق الأميركي المفاوض.

أفاد مراسل صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية لورنس نورمان في 24 كانون الثاني/ يناير 2022 بأنّ بعض أعضاء الفريق الأميركي غادروا أو استقالوا بعد الإصرار على نهج أكثر صرامة في المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي. وأعلن نورمن أيضًا عدم مشاركة مهندس العقوبات الثانوية ريتشارد نيفو ومستشارة بلينكين أرين طباطبائي في المفاوضات، اعتبارًا من كانون الثاني/ ديسمبر 2021. ما تسبّب في هذا الانقطاع كان سياسة مالي لبناء الثقة على وجه التحديد.

كان نيفو يؤمن بسياسة العصا والجزرة الكلاسيكية، وأراد من واشنطن أن تكون صارمة بشأن الحظر النفطي وعرقلة طرق الالتفاف على الحظر. الآن، بعد أكثر من عام على هذه الخلافات، أجبر الفشل في التوصل إلى اتفاق مالي على التخلّي عن فكرته الأولية ومتابعة الدبلوماسية هذه المرة بضغط متزايد.

في هذا السياق، يجب أخذ ثلاثة أحداث مهمة على الأقل في الاعتبار: عودة الولايات المتحدة إلى التشدد في مجال بيع النفط الإيراني منذ أيلول/ سبتمبر، عرقلة التحويلات المالية من العراق إلى إيران وزيارة نائب وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب والمعلومات المالية بريان نيلسون الأخيرة إلى سلطنة عمان والإمارات وتركيا لتشديد العقوبات ضد إيران.

ولكن بعد مستوى التنفيذ، يجب الانتقال إلى المستوى الأكثر أهمية واستراتيجية، أي وجهة نظر وقرار الولايات المتحدة تجاه الاتفاق النووي ونظام العقوبات. قال مالي في مقابلته المهمة في الأول من كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي مع مراسل “فورين بوليسي” رافي أغراوال إنّ موت الاتفاق النووي يكون عندما يعلن خبراء العقوبات إنّ الفوائد المرجوّة من الاتفاق لدى الرأي العام، لا تقدّم مبررًا لحالات رفع العقوبات التي نمنحها.

بعد أربعة أيام فقط من نشر هذه المقابلة، تطرّق أحد الخبراء الأميركيين في مجال الأسلحة والطاقة النووية ديفيد أولبرايت في تقرير من 20 صفحة إلى عدم كفاية الاتفاق النووي للسيطرة على برنامج إيران النووي. كان هذا التقرير مهمًا من ناحية المؤلّف والمحتوى، وقد أظهر أنّ نظرة النخب الأميركية تتغيّر تدريجياً.

ديفيد أولبرايت هو عالم فيزياء وخبير أسلحة أميركي، وهو مؤسس معهد العلوم والأمن الدولي غير الحكومي (ISIS) ، ورئيسه الحالي، ومؤلف العديد من الكتب عن الانتشار النووي. من عام 1992 إلى عام 1997، كانت له علاقات مع فريق التفتيش التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في حزيران/ يونيو 1996، دُعي أولبرايت ليكون أوّل مفتش غير حكومي لبرنامج العراق النووي، حيث استجوب المسؤولين العراقيين بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم في البلاد. في أيلول/ سبتمبر 2002، كان أولبرايت ومنظمته أول من انتقد علانيّة مزاعم إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش ووكالة المخابرات المركزية بشأن قضبان الألمنيوم العراقية. قال أولبرايت إنه ليس من الواضح ما إذا كانت هذه القضبان مخصصة لأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. وتابع: “إذا نشرت الحكومة الأميركية معلومات سيّئة، فهناك خطر من تقويض المعلومات الجيدة. في هذه الحالة، أخشى أنه تم نشر هذه المعلومات لأغراض سياسية قصيرة المدى، تتمثّل بإقناع الناس بأنّ صدام قريب من صنع أسلحة نووية”.

بناءً على ذلك، فإنّ تقرير الفيزيائي، الذي له تاريخ في معارضة السياسة الأميركية تجاه العراق بذريعة الأسلحة النووية، يمكن أن يكون مثالاً على نفس التعليق الذي أدلى به مالي لمراسل فورين بوليسي. لكن من حيث المضمون، يتضمّن التقرير بعض النقاط الجديدة والمهمة؛ المهم ليس إمكانية التحقق من الادعاءات الواردة فيه، بل أنّ تقرير أولبرايت يُظهر تغيرًا تدريجيًا في مقاربات وتصورات النخبة الأميركية.

النقطة الأولى في هذا التقرير هي أن إيران، ومن خلال الاتفاق النووي، باتت قريبة من أن تصبح تايوان أخرى. لكن ماذا يعني هذا؟ في الثمانينيات، كانت تايوان تُعدُّ خطة للاستعداد لعبور نقطة الهروب النووي على المدى القصير (بين ثلاثة وستة أشهر). بالطبع، لم تقرر تايوان صنع أسلحة نووية، ولم تُظهر أي نية لبنائها، لكنها أرادت أن تفعل ذلك بسرعة، خشية أن يكون الغزو الصيني وشيكًا.

من ناحية أخرى، كانت الولايات المتحدة قلقة من أنّ الصينيين إذا اكتشفوا هذا البرنامج، فسوف يهاجمون هذا البلد. ونتيجة لذلك، اتخذت الولايات المتحدة خطوات سرية للإصرار على أن تفكّك تايوان الكثير من بنيتها التحتية ذات الصلة، بما في ذلك مفاعل أبحاث، ومصنع لفصل البلوتونيوم. تابعت تايوان مشروعها غير المكتمل لفصل البلوتونيوم تحت ستار قضية غير عسكرية، وكان مفاعلها البحثي يخضع لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورأى أولبرايت، من دون تقديم أي دليل مقنع، أنّ إيران تتابع مشروع “التَيْوَنة”، من خلال برنامج “آماد”، واضعًا المواقع الأربعة، التي لم يتم الإعلان عنها للوكالة، في هذا الإطار.

ادعاء أولبرايت الآخر هو أنّ الاتفاق النووي جعل من الممكن متابعة البرنامج النووي بتكلفة منخفضة. أولاً، أعطى الإذن للبحث والتطوير. ثانياً، اكتسبت إيران الثقة ببقاء مواقعها النووية عبر وضعها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ثالثًا، انتهاء صلاحية الاتفاق مبدئيًا في عام 2025، وكليًا في عام 2028، يجعل من الممكن لإيران عبور نقطة الهروب النووية مرة أخرى في غضون أيام قليلة. رابعًا، ترحّب إيران بإحياء هذا البرنامج بسبب انتهاء القيود المفروضة على برنامجها الصاروخي في عام 2023، وانتهاء مهلة snapback في عام 2025. كما أنشأ أولبرايت علاقة منهجية بين البرنامج الصاروخي والبرنامج النووي، مع الحجة القائلة إنّ القنبلة البدائية غير كافية للردع ويجب توفير الإمكانات التقنية لبناء صواريخ برؤوس نووية. لهذا السبب، فإنّ تاريخ 2023 ورفع القيود المفروضة على برنامج الصواريخ الإيراني له مغزى ومهم بالنسبة لأولبرايت، إلا أنّ نسخة أولبرايت أكثر أهمية بالنسبة للسلطة التنفيذية الأميركية من جميع أجزاء هذا التقرير وتقرّبنا من فهم التصوّر الحالي لصنّاع القرار الأميركيين.

من وجهة نظر هذا الخبير النووي الأميركي، فإنّ إحياء الاتفاق النووي سيقلّل بشدة، ولكن بشكل مؤقت، من احتياطيات إيران من اليورانيوم المخصّب، ويُنهي استخدام الآلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.
لذلك، خلال السنوات الخمس الأولى من إحياء الاتفاق، على افتراض استمراره، ستقلّ إمكانية الهروب النووي، وسيتم منع تسريع البرنامج النووي؛ لكنّ هذا الاتفاق لا يمكن أن يفعل أي شيء لمنع برنامج “آماد” من الناحية العملية. لذلك، فإنّ الاتفاقية الحالية، وحتى مسودة “بوريل”، لها مزايا محدودة وقصيرة المدى.
وعليه، يجب على الولايات المتحدة أن تضع خططًا أخرى لتحقيق اتفاقية مستقرّة وقوية. من وجهة نظر أولبرايت، فإنّ الأولوية العاجلة هي لتعزيز الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان تعامُل إيران مع نتائج المفتّشين الذين عثروا على أدلّة تشير إلى تعامل إيران مع مواد نووية غير معلن عنها، مما يمثّل انتهاكًا لاتفاقية الضمانات. كما أنّ مثل هذا الاتفاق، يجب أن يتطلّب من إيران التعاون مع المفتشين؛ خلاف ذلك، ستكون هناك عواقب.

حتى أن الخبير النووي اقترح أن يُصدر بايدن بيانًا عن استخدام القوة العسكرية كملاذ أخير. (عند استكمال الاتفاقية النووية) ينبغي أن تشمل الإجراءات الأميركية الأخرى توسيع الجهود لتعطيل سلسلة التوريد في برامج إيران النووية، الطائرات المسيّرة والصواريخ. يجب على الولايات المتحدة تشديد العقوبات الحالية وتوسيع عقوبات إضافية، مع دفع إيران نحو اتفاق نووي أطول وأقوى وأكثر فاعلية مع عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية. الآن، مع هذه الاعتبارات، يصبح الحكم على تصريحات مالي عن وفاة الاتفاق النووي “عندما يعلن خبراء العقوبات إنّ الفوائد المرجوة من انتشار الاتفاق لدى الرأي العام، لا تقدم مبررًا لحالات رفع العقوبات”، معقدًا وصعبًا.

ربما لهذا السبب يبحث الأميركيون عن اتفاقيات تكتيكية ذات نطاق معيّن (تبادل أسرى واتفاق نووي مؤقت) لتمهيد الطريق لاتفاق يستحق رفع جزء كبير من العقوبات. هذه الاتفاقية التكتيكية، لديها أيضًا القدرة على توسيع العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية: اتفاقية موضوعية بدلاً من اتفاقية الضمانات العامة، خاصة في ما يتعلّق بالقضايا المتبقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

حتى لو لم يكن هناك احتمال لمثل هذا الاتفاق، من وجهة نظر الأميركيين، فإنّ العودة إلى مسودة بوريل ربما لا تكون متاحة؛ من أجل العودة إلى الاتفاق النووي بفوائد محدودة وقصيرة الأجل، من المحتمل أن يطلبوا تغييرات مهمة في المسودة؛ من تعزيز نظام التحقق في البرنامج النووي إلى خريطة طريق مضمونة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. هذا على الرغم من حقيقة أنّ إيران لا يبدو أنها تقبل بخسارة مصالحها النووية في أراضيها وفق الخطوط الحمراء. بالنظر إلى كل هذه الاعتبارات، فإنّ قوى الأطراف بعيدة عن الوصول إلى نقطة التوازن. ربما لم يتبقَّ سوى بصيص أمل؛ دفع الاتفاقات التكتيكية على أمل الوصول إلى نقطة التوازن على المدى المتوسط.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: