الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 مارس 2023 14:16
للمشاركة:

إعادة صياغة إيران.. مخاوف السلطة في الجمهورية الإسلامية

نقلت الكاتبة نرجس باجوغلي عن أحد المسؤولين المتقاعدين في الحرس الثوري الإيراني رضا حسيني حديثه عن وجوب إعادة سرد الثورة الإسلامية للجيل الجديد بشكل أفضل، مشيرةً في كتابها الذي حمل عنوان: "إعادة تشكيل إيران"، إلى أنً المسؤولين الثقافيين الإيرانيين صُدموا عندما رأوا المتظاهرين عام 2009 يرفعون شعارات كانت هي نفسها التي رفعتها الثورة منذ عقود عدة.

وتنقل باجوغلي عن حسيني دعوته ليكون النظام الحاكم في إيران أكثر مرونةً مع الشباب، وإلى عدم تحويل قضايا مثل اللباس وشكل الشعر إلى قضايا سياسية.

تغيير في الأجيال

روت باجوغلي في القسم الأول من كتابها قصة تُبرز الصراع بين مناصري الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد من جهة، وأنصار حزب الله والحرس الثوري من جهة أخرى، للسيطرة على القيادة الثقافية في إيران.

وقسّمت الكاتبة منظمة “الباسيج” إلى ثلاثة أقسام: الأعضاء العاديون، الأعضاء النشطون والأعضاء الخاصون. القسم الأول يتعلًق بالأعضاء الذين تلقوا تدريبات أساسية، من دون أن يكون لهم أي اتصال بقواعد الباسيج الرئيسية، بينما القسم الثاني فيعود لمن تلقوا تدريبات لأكثر من ستة أشهر، أقام القسم الثالث فيشمل الأعضاء الأساسيين في الباسيج الذين يخدمون الحرس الثوري بدوام كامل.

ولاحظت باجوغلي أنّ راديو فاردا، بدا رائجًا بين منتجي الإعلام الداخلي الإيراني، رغم أنّ هذا الراديو هو الفرع الناطق بالفارسية لإذاعة أوروبا الحرة التي تموّلها الحكومة الأميركية، وتبث من مقرّها في براغ منذ عام 2003.

وقالت الكاتبة إنّ العديد من رجال الجيلين الأولين في “الباسيج” يطمحون ليرتقي أبناؤهم إلى المناصب المهمة، لذلك يمنعونهم من الانضمام إلى هذه المنظمة كأعضاء فاعلين، هذا فضلًا عن الانتهازية التي يعتقد هذان الجيلان أنها الدافع الأساسي لجيل الشباب للانضمام إليها.

وأضافت باجوغلي أنه بالنسبة للجيلين الأول والثاني من الباسيج، فإنّ السماح لأبنائهم بأن يكونوا جزءًا من هذا الكيان سيكون خطوة إلى أسفل السلّم الاجتماعي، لذلك يفضلون أن يحصلوا لهم على فرصة للسفر إلى أوروبا ليكونوا في الطبقة الاجتماعية التي يطمحون إليها.

الأداء الرسمي

أشارت الكاتبة إلى أنّ الجيل الإيراني الجديد، كغيره من الشباب في العالم، لم يعد يقرأ، حيث أنه لا يمكن أن يطّلع على شيء إلا إذا كان الى شكل “شطيرة” صغيرة.

تحكي باجوغلي عن كيفية قيام الأجهزة الإعلامية الإيرانية بالتأثير على المقاتلين القدماء وهم يروون قصصًا عن الحرب العراقية – الإيرانية، حيث يتم تلقينهم كيفية الكلام وكيفية وصف الحرب، في حين يتحدث هؤلاء، بحسب باجوغلي، بمصطلحات مختلفة تمامًا عن الحرب عندما يكونون بعيدين عن الكاميرا.

وتؤكد الكاتبة أنّ بعض المصوّرين والمخرجين الذين يخدمون السياسية الحكومية من خلال عملهم في التلفزيون الرسمي، يهتمّون بصنع أفلامهم الخاصة وإرسالها إلى مهرجانات خارج البلاد من أجل الوصول إلى مرحلة الاستقلال المادي.

وفي هذا المجال، تنقل الكاتبة عن أحد هؤلاء قوله: “نحتاج إلى راتب لدفع إيجارنا ورعاية أطفالنا. لو كانت لديّ ظروفهم (صانعي الأفلام المستقلًين ماديًا)، لما كنت هنا أصنع هذه المقاطع للتلفزيون الحكومي”.

وبرأي باجوغلي، فإنّ ذلك لا يعني أن هؤلاء الفنانون لا يؤمنون بصنع وسائل إعلام للنظام، بل هم يرون أنّ القيود التي يفرضها التلفزيون الحكومي عليهم تعني أنه يتعيّن عليهم جعل وسائل الإعلام “جافة” و”مملّة”.

إنتاج القومية

تناولت الكاتبة جهود المسؤولين الثقافيين الإيرانيين بشأن محاولة التحدث مع الشباب بلغتهم، ومن خلال استخدام رموزهم، معتبرةً أنّ قصص المنتجين الإيرانيين التي يركز محتواها على محاربة الاضطهاد ويرتبط بالإمام الحسين بن علي لم تعد تلقى الصدى المطلوب لدى الجمهور.

وفي هذا الإطار يقول حسيني: “علينا أن نُظهر للشباب أننا هنا لحماية إيران كدولة، وليس فقط كفكرة للجمهورية الإسلامية. يبتعد الشباب عنا لأنهم يرون في النظام غريبًا عن تاريخ إيران. علينا أن نُظهر لهم أننا نهتم أيضاً بإيران”.

وذكّرت باجوغلي بأنه عند إنشاء الجمهورية الإسلامية، جرت محاولة للتقليل من أهمية الأعياد الإيرانية غير الإسلامية، لكنّ المواطنين الإيرانيين أصرّوا على إحياء بعض هذه الأعياد، كعيد “النوروز”، كما حافظوا على بعض الرموز الإيرانية غير الإسلامية.

وتابعت الكاتبة: “لطالما لعبت القومية دورًا في الإنتاج الثقافي للجمهورية الإسلامية. ومع ذلك، بعد احتجاجات الحركة الخضراء، بدأ المنتجون الثقافيون للنظام يحاولون إعادة تصوير الحرس الثوري تمامًا كمؤسسة تدافع عن الأمة الإيرانية”.

ومع تزايد الضغوط الدولية على إيران، بما في ذلك العقوبات الخانقة التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا، على حد تعبير باجوغلي، استمرّ الشعور بالقومية الشعبوية بالارتفاع في إيران.

ووفق الكاتبة، لا يوجد مكان يتجلّى فيه هذا الشعور أكثر من حديقة ومتحف الدفاع المقدس، وقد صرّح في هذا الخصوص المسؤول عن المتحف بالقول: “أُنظر إلى كل الأراضي التي باعتها سلالة قاجار الفاسدة مقابل أجر زهيد، وكيف تخلّى الشاه عن جزر الخليج الفارسي للعرب غير المستحقّين”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: