الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 فبراير 2023 18:36
للمشاركة:

إيران.. الحركة الخضراء والولايات المتحدة

نشر المؤرّخ الإيراني – الأميركي حميد دباشه عام 2010 كتابًا بعنوان "إيران.. الحركة الخضراء والولايات المتحدة"، وذلك على أثر المظاهرات العنيفة التي شهدتها إيران عام 2009 بعد الخلاف السياسي الذي نشأ إثر إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد لولاية رئاسية ثانية، واتهامات بتزوير ملايين الأصوات لصالحه.








توقع المؤرّخ الإيراني – الأميركي حميد دباشه ظهور إيران بشكل أقوى مهما كانت الطريقة المتّبعة معها، سواءً تم احتواؤها أو تم تشديد الضغوط عليها، مرجعًا ذلك للإرث الذي تركه الرئيس الأميركي الأسبق جورج دابليو بوش في كيفية تعامله مع قضايا الشرق الأوسط، وليس لذكاء الجمهورية الإسلامية.


وفي ذلك الكتاب، قال دباشه إنّ سبب موقع القوة الذي تتمتّع به إيران يعود لتعزيز علاقاتها مع ثلاث حركات تحرّر وطني رئيسية في المنطقة، هي حزب الله اللبنان، حركة “حماس” الفلسطينية وجيش المهدي في العراق.


وأكد الكاتب أنّ ما خلّفته الولايات المتحدة وإسرائيل في أعقاب مشاريعهما الاستعمارية والامبريالية قد عزز بشكل كبير قبضة طهران في المنطقة، مشيرًا إلى أنَ هذا العصر هو عصر القوة غير المتكافئة، حيث فقد التباهي غير المنطقي للقوة من قبل إدارة بوش وإسرائيل منطقه العسكري وأصبح يؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا.


أين صوتي؟


برأي دباشه، ستظلّ الأحداث التي اندلعت في الأيام الأولى للانتفاضة الإيرانية عام 2009 في الذاكرة دائمًا لعفويّتها وشجاعتها، على حد تعبيره، مضيفًا أنها تحدّت عن فظائع نظام متشدد وعنيف “لم يتردد في اختطاف مواطنين من الشوارع واحتجازهم رهائن”.


وذكّر الكاتب بما جرى على إثر فوز محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية عام 2009، حيث وُصفت النتائج من قبل المعارضين، خاصة المرشح المنافس مير حسين موسوي، بأنها “تمثيلية خطيرة”، كما راح آلاف المتظاهرون يرفعون شعار: “أين صوتي”؟


وتابع دباشه في كلامه عن الحركة الخضراء: “في منطقة مليئة بالإبادة الجماعية والقتل والعنف الانتحاري، نشهد الآن ظهور حركة حقوق مدنية غير عنيفة فاجأت العالم بأسره”.


واستنتج الكاتب أنّ ما جرى يدلّ على تحوّل في المسألة الإيرانية/ الإسلامية، من سؤال: “أين بندقيّتي”؟ إلى “أين صوتي”؟ مما يدلّ على مفهوم أعلى بكثير للمواطنين وتقدّمه على الرواية الفوقية الأيديولوجية.



الاستفادة من الحماقات الأميركية


لاحظ المؤرًخ الإيراني – الأميركي أنّ إيران كانت من أكبر المستفيدين من حيث أهميتها الإقليمية من حماقات الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين في الشرق الأوسط، وذكّر دباشه بأنّ حزب الله اللبناني، حركة “حماس” الفلسطينية وجيش المهدي العراقي هي حركات تشترك في تصميم مشترك على معارضة الهيمنة العسكرية الأميركية – الإسرائيلية في المنطقة، وذلك رغم الاختلافات المذهبية في ما بينها.


من هنا رأى دباشه أنّ أهم عنصر لنفوذ الجمهورية الإسلامية في المنطقة وفي العالم الإسلامي ككلّ هو حقيقة أنّ امبراطورية مسيحية، بمساعدة من دولة يهودية، قد غزت واحتلّت أراضي المسلمين.


وأردف: “ليس خطأ الجمهورية الإسلامية عندما تم القبض على الجنود الأميركيين من قبل قناة الجزيرة وهم ينظّمون تحويل الأفغان إلى المسيحية”، مشددًا على أنً إيران تصبح بالطبع المستفيد الأساسي من حالة يقوم فيها الجنود المسيحيون الذين يمتلكون أكثر الآليات العسكرية فتكًا بأمر الناس الذين غزوهم بالتحوّل إلى المسيحية.


ويخلص الكاتب إلى أنه ليس أسامة بن لادن والملا عمر وأوصياء الجمهورية الإسلامية هم وحدهم الذين رأوا بدرجات متفاوتة الوجود الأميركي في المنطقة ودعم واشنطن غير المشروط لإسرائيل كعلامة واضحة على مؤامرة يهودية – مسيحية وهجوم على المسلمين، بل يرى الجنود الصهاينة المسيحيون واليهود في ساحات القتال في لبنان، العراق، فلسطين وأفغانستان أيضًا الأمر على هذا النحو.



المقيمون في الخارج والحركة الخضراء


شبّه دباشه الحركة الخضراء التي ظهرت عام 2009 بالثورة الدستورية التي عرفتها إيران بين عامَيْ 1906 و1911، نافيًا أن تكون الثورة الإسلامية بين عامَيْ 1977 و1979 الفصل الأخير من الثورة الدستورية.


ولفت الكاتب إلى أنّ العامل الحاسم في تشكيل الحركة الخضراء هو المشاركة النشطة للإيرانيين في جميع أنحاء العالم، معتبرًا أنّ حماسة الإيرانيين المقيمين في الخارج تجاه وطنهم هي ربما أكبر من حماسة المقيمين في الداخل.


وقال دباشه إنّ أحد الاهتمامات الرئيسية للأجهزة الأمنية الإيرانية يتمثّل بتفكيك المواقع الالكترونية للمعارضة، مثل “جرس” و”غويا”، الذي ينشر فيها مثقفون إيرانيون بارزون تحليلاتهم للأحداث الجارية، كما أنّ شبكات التلفزة مثل “بي بي سي فارسي” و”صوت أميركا فارسي”، مزعجة بنفس القدر لسلطة علماء الدين في إيران، كما أورد المؤرّخ الإيراني – الأميركي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: