الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 فبراير 2023 18:49
للمشاركة:

زلزال طهران المتوقع… كارثة بشرية وضحايا بالملايين!

"عندما يحدث زلزال طهران، سنشهد أسوأ زلزال في تاريخ العالم، وسنشهد تسجيل الإحصائيات الأكثر دموية لعدد الوفيات وحجم الدمار". هكذا وصف رئيس المعهد الإيراني لأبحاث الزلازل فريبرز ناطقي الهي، زلزال طهران المُتوقّع. تصريحات رئيس المعهد الإيراني لأبحاث الزلازل جاءت بعد أن تسبب الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وسوريا بقلق بالغ في الأوساط الشعبية والحكومية الإيرانية، بشأن عواقب حدوث زلزال في البلاد، وحقيقة الاستعدادات الحكومية لمعالجة أضراره التي من المتوقع أن تكون كبيرة جدًا وفق التقديرات، في حين تُركِّز معظم الدراسات على العاصمة طهران كونها تشكل ملتقى وبؤرة للفوالق والصدوع في الصفائح التكتونية تحت الأرض.

تُقدِم “جاده إيران” تقريرّا مفصّلًا عن الزلزال المتوقع، احتمالات حدوثه، حجم الأضرار المرتقبة والاستعدادات الحكومية لمواجهتها.

الدراسات والتوقعات

تؤكد الدراسات والتحقيقات التي أجراها الباحثون ومراكز البحوث الإيرانية أنّ إيران لديها احتمالية لحدوث زلازل تتجاوز قوته 7.5 على مقياس ريختر، كما أنّه بحسب النتائج التي تم التوصل إليها من دراسة خنادق الصدع، واستنادًا إلى المعلومات المتعلّقة بالفوالق والزلازل السابقة في طهران، يتحدث العديد من الخبراء والمحللين والمؤسسات الحكومية عن احتمال حدوث زلزال مدمّر في طهران خلال الثماني أو العشرة سنوات المقبلة، حيث من الممكن أنّ تتجاوز شدته 7.2 على مقياس ريختر، مما يعني دمارًا واسعًا وضحايا بالملايين وفق الواقع السكاني الذي تعيشه المدينة، وهي التي يقطنها أكثر من 13 مليون نسمة في النهار، وأكثر من تسعة ملايين نسمة ليلاً، كما جاء في الإحصاءات الأخيرة.

في السادس من شباط /فبراير، حذّر رئيس المعهد الإيراني لأبحاث الزلازل وجمعية هندسة الزلازل فريبرز ناطقي الهي من تعرّض إيران لزلزال في أية لحظة، مؤكدًا أنّ الاحصاءات تفيد بأن زلزالًا تزيد قوته عن سبعة درجات على مقياس ريختر يضرب طهران كل 158 عامًا، وإذا ما حدث ذلك فعلًا، قد يكون أسوأ زلزال في التاريخ، حيث سيسجل أرقامًا هي الأكثر دموية لعدد الوفيات وحجم الدمار.

وأضاف ناطقي الهي في تصريحات للتلفزيون الإيراني أنّ الزلزال المتوقع من الممكن أن تبلغ شدته 7.4 ريختر، لافتًا إلىأنً إيران بأكملها تبقى معرّضة لنفس الخطر، لكنّ طهران هي الأكثر عرضة نظرًا لتاريخها مع هذا النوع من الأحداث.

ووفقًا لناطقي، في العقود الأخيرة، نما عدد الأبنية غير الآمنة بشكل أكبر في طهران، وهو الأمر الشائع بشكل خاص في المباني الفاخرة التي تُباع بأسعار باهظة، ونظرًا لارتفاع الأسعار يتم تقليص كمية المواد المستخدمة في بنائها، وهنا تصبح كل المشاكل الأساسية مغطاة بواجهة جميلة.

أسباب الزلزال المتوقع

  • الدورة الزلزالية لطهران

منذ آلاف السنين، شهدت طهران زلازل متتالية بمعدل زلزال قوي كل 158 عاما تقريباً، لكنّ الزلزال المتوقع تأخّر هذه المرة أكثر من 40 عامًا، حيث شهدت المدينة في عام 1830 زلزالاً بشدة 7.2 ريختر كان مركزه منطقة دماوند، وخلّف آلاف القتلى والجرحى.

وبالرجوع إلى حسابات علي درويش زاده (أبو الجيولوجيا الإيرانية)، فإنّ دورة الزلازل لطهران هي 150 عامًا، بينما مرّ إلى اليوم قرابة 180عامًا على آخر زلزال كبير، وهذا التأخير- 30 عامًا – يعني أنّ الزلزال المقبل من المرجح أن يكون أكثر حدة، حيث تتراكم طاقة الأرض في الصدوع ويمكن أن تصل شدة الزلزال التالي في طهران إلى ثمانية درجات على مقياس ريختر.

  • الفوالق الفعّالة تحت طهران ومحيطها

فالق “مشاء-فشم”: يبدأ من دماوند شرق طهران ويستمر لمسافة 400 كيلومتر، وينتهي في أبيك قرب مدينة قزوين.

فالق شمال طهران: يبدأ من منطقتي سوهانك ولشكرك في الشرق، مرورًا بنیاوران، تجریش، زعفرانیه، الهیه، فرنانيه سعادت‌آباد ودره پونك، لينتهي عند فرحزاد وحصارك.

كما تقبع طهران فوق العديد من الصدوع والفوالق الأخرى، وأهمها: فالق نیاوران، فالق تِلو بايين، فالق محموديه، فالق شيان وفالق كوث، شمال ري، وجنوب ري، كهريزك، كرمسار، بيشوا، بارشين، وجميعها من الفوالق الخطرة، لأنها تحيط بطهران من كل الجهات، وأي اتصال أو تقارب بين هذه الفوالق يمكن أن يحدث زلزالا شديداً، يؤثر على كافة أنحاء المدينة.

  • ضغط الصفائح على الشمال الإيراني

قال الباحث في الزلازل التكتونية وعلم الحفريًات في منظمة الجيولوجيا والاستكشافات المعدنية في إيران الدكتور شهريار سليماني آزاد إنّ الهياكل الأساسية التي تشكّلت في منطقة جبال الألب – الهيمالايا تتميّز بجزء غربي مع صدع أساسي في البحر الميت، والجزء الشرقي منه في زاغروس.

وترتبط الجبال بالضغط والقص، وتقع المنطقة إلى جهة الشمال قليلًا على طول صدع شرق الأناضول، لذلك فإنّ الحركة باتجاه الشمال للصفيحة العربية تؤدي إلى تحرّك قسم صدع الأناضول، والجزء الشمالي الغربي من إيران بشكل تكتوني إلى الجانبين، مما سيظهر تأثيره في الزلازل المستقبلية في إيران، لا سيما في المدن الشمالية وسط البلاد، وخاصة طهران.

مخاطر الزلزال المتوقع وحجم الأضرار

ومما توقعه الهي هو أنّ حدوث زلزال في طهران خلال الليل يمكن أن يُخلّف مليون قتيل ونصف المليون، فضلًا عن إصابة أربعة ملايين ونصف آخرين، نظرًا للكثافة العمرانية وحالة شوارع المدينة ونقص المعدّات اللازمة، مشيرًا إلى أنّ طهران ستواجه كارثة كبيرة في الأسابيع القليلة الأولى بعد الزلزال.

كما توقعت دراسة جيولوجية أن يؤدي زلزال بقوة سبع درجات في طهران إلى تدمير 640 ألف منزل، بالإضافة إلى مقتل أكثر من مليون ونصف المليون من السكان، وجرح نحو أربعة ملايين وثلاثمائة ألف شخص.

ومن المعلوم أنّ طهران تعاني من تهالك آلاف المباني، إضافة إلى انتشار البيوت ذات الأساسات الضعيفة، والمراكز التجارية القديمة المهددة بالانهيار.

وكانت الوكالة الدولية لدراسات الزلازل اليابانية (JICA) قد قدمت عام 2002 تقريرين يستندان إلى دراسة حالة الأرض والتربة وعرض الشارع وعدد طوابق المباني وعدد سكان طهران، ومنحدر طهران والعديد من هذه الحالات، حيث جاء في تقرير الوكالة أنّ فالق شمال طهران قد يتسبب بحدوث زلزال تصل شدته إلى 7.5 درجات على مقياس ريختر، كما أنّ الصدع الجنوبي قد يُطلق زلزالًا يصل إلى سبع درجات، وقد توقّع التقرير أن يؤدي زلزال طهران إلى مقتل مئات الآلاف وجرح وإصابة ضعف هذا العدد.

استعداد طهران للزلزال

أكد رئيس مجلس مدينة طهران مهدي جمران في 18 شباط/ فبراير 2023 أنّ هناك أكثر من 16 ألف مبنى متهالك في طهران بحاجة لترميم، محذّرًا من أنّ عدم تأمين هذه المباني سيجعل من الزلزال المتوقع حدوثه فاجعة القرن.

بدوره اعتبر رئيس منظمة الوقاية وإدارة الأزمات في العاصمة الإيرانية مهدي نصيري أنّ زلزالّا بقوة 5.2 درجة، لن يُحدِثَ دمارًا واسع النطاق، لكن مع زيادة شدة الزلزال إلى 5.5 أو 6 درجات، فإن احتمالية التدمير تصبح كبيرة بسبب وجود المباني والهياكل غير الآمنة.

وتابع نصيري: “هذا الأسبوع، أجرينا مناورة في طهران في 23 مكانًا من الأماكن المتوقع حدوث زلزال فيها، حيث شاركت في التمرين منظمة إدارة الأزمات و22 إدارة منطقة، وتم الوصول لنتائج جيدة، ونأمل أن تسير البرامج على ما يرام”.

نصيري دعا المواطنين إلى ضرورة تهيئة أنفسهم وتجهيز حقائب للحالات الطارئة، لافتًا إلى أنه يجب على المواطنين إيلاء اهتمام خاص لمسألة الاعتماد على الذات والنظر في حقيبة الطوارئ وإعدادها في السيارة والمنزل ومكان العمل، مع ضرورة إقامة دورات تدريبية مجانية للمواطنين عن قواعد إدارة الأزمات والاستفادة من تدريبات المساعدة الذاتية المجانية.

من جهته شجّع محافظ طهران علي رضا فخاري يوم الأحد 19 شباط/ فبراير 2023 على بدء برنامج حكومي كامل لتهيئة المؤسسات للتعامل مع تداعيات الزلزال المتوقع، موضحًا إنّ خطة التعامل مع الزلزال الصغير تختلف عن خطة التعامل مع الزلزال الكبير.

وشدد فخاري في اجتماع هيئة الوقاية والتنسيق وقيادة الأزمات على أهمية التأكد من استعداد كافة الأجهزة المختصة بالتعامل مع الأزمات الكبيرة، منبّهًا إلى ضرورة عقد اجتماعات مستمرّة بجدول زمني وفترات أقصر في منطقة مقر إدارة الأزمات، وتشكيل مجموعة عمل مدروسة لتطوير نظام التعاون وتقسيم العمل والتقدير والتخطيط وتوفير الموارد خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: