الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة18 فبراير 2023 14:33
للمشاركة:

بكين وطهران.. نحو تعاون لا يضر بسياسة التعدد الصينية

بحث عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة "طهران" إبراهيم متقي سلوك الصين الاقتصادي والسياسي تجاه إيران، مشيرًا في مقاله بصحيفة "دنياي اقتصاد" إلى أن بكين لديها مصلحة في الحفاظ على علاقات متوازنة مع طهران.

تقدم “جاده إيران” ترجمة كاملة للمقال:

إن زيارة الرئيس الإيراني للصين مهمة لأنها الخطوة الأولى لتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول شرق آسيا من خلال العلاقات الثنائية. وعلى الرغم من الجهود اللازمة التي بُذلت في العام الأخير من إدارة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني لإبرام اتفاقية مدتها 25 عامًا لتطوير التعاون الاقتصادي والاستراتيجي في العلاقات الإيرانية – الصينية، إلا أنّ الصين لم تتّخذ إلى اليوم أي إجراء عملي لتنفيذ الاتفاقية، بسبب القضايا المتعلّقة بالسياسة الدولية.

في البيئة الحالية، يُقال إنّ آليات التفاعل يمكن أن تخلق سياقًا لتحسين مستوى التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف والإقليمي، حيث يُعتبر توسيع التعاون الثنائي الخطوة الأولى لتعزيز التعاون متعدد الأطراف، ومن أجل توضيح هذا المسألة يجب بحث نقاط عدة أهمها:

1-قدرات الصين في التعاون الثنائي مع إيران

تتمتع إيران والصين بتاريخ من التعاون الاقتصادي، السياسي، الاستراتيجي والتاريخي، حيق تحسّنت العلاقات بين البلدين في السنوات الأولى من السبعينيات. ومنذ ذلك الحين، نرى تشكيل أنماط من الازدهار في العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية والسياسية بينهما. على الرغم من أنّ الصين لم تُقحم نفسها في القضايا الإقليمية وسياسة إيران الأمنية في النظام الدولي، إلا أنها في الوقت نفسه تحاول استخدام آليات التوازن في التفاعل مع إيران ودول المنطقة.

يمكن للتوازن الذي تمارسه الصين في العلاقات الإقليمية أن يطوّر مستوى تعاون ذلك البلد مع الوحدات الإقليمية، بالتوازي مع توسيع العلاقات الاقتصادية مع إيران، حيث تشير الاتفاقيات الاقتصادية بين الصين والدول الخليجية إلى حقيقة أنّ السياسة الإقليمية البنّاءة هي إحدى أولويات الصين مع إيران والدول الأخرى في المنطقة.

تُعَدُّ القدرات الاقتصادية والاستراتيجية للصين في تعاملها مع إيران مهمة لأنها تساعد هذه الأخيرة في التخلّص من القيود الكثيرة في التعاون مع الاقتصاد الدولي، في حين أن واقع العمل المشترك هو أنّ الصين تنفّذُ تعاونًا إقليميًا ثنائيًا ومتعدَّدَ الأطراف على أساس القواعد والضروريات الاستراتيجية لتلك الدولة في السياسة الدولية.

كانت السياسة الاقتصادية للصين في القرن الحادي والعشرين تعاونية ومتطوّرة مع الولايات المتحدة والدول الغربية، لكن مع دخول العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، امتدّت علاقات وأنماط التعاون الصيني أيضًا إلى المجال الإقليمي.

في الوقت الراهن، تحاول إيران وضع التعاون الثنائي كأحد المحاور الرئيسية لسياستها الخارجية والاستراتيجية مع الصين، في ظل التحديات الاقتصادية للسياسة الدولية.

2-التناقض الصيني في العلاقات الثنائية مع إيران

رغم أنّ الصين مستعدّة لتوسيع مستوى علاقاتها وتعاونها الاقتصادي مع إيران، إلا أن هذا غير ممكن من دون الالتفات إلى احتياجات السياسة الدولية في سياستها الاقتصادية والإقليمية، وخاصة في الاتفاقية الاقتصادية والاستراتيجية التي تصل إلى 25 عامًا، حيث ربطت الصين العمل بها بحل مشاكل إيران على الساحة الدولية.

طالما أنّ قضية التعاون المتبادل بين إيران والدول الغربية لم تصل لنتيجة نهائية في إطار الاتفاق النووي، فمن الطبيعي ألا تستخدم الصين الإمكانات والإرادة اللازمة لتوسيع مستوى علاقاتها التعاونية مع إيران.

إنّ البراغماتية هي إحدى السمات الرئيسية لسياسة الصين الخارجية، وبناءً على هذه الاستراتيجية، فإنها لن تخاطر أبدًا بتقليص مستوى تعاونها مع دول المنطقة والدول الغربية مقابل تطوير العلاقات الثنائية مع إيران.

في الوضع الحالي، تحاول الصين تحسين مستوى تعاونها مع إيران ودول المنطقة والجهات الفاعلة الرئيسية في السياسة الدولية، لكنّ تعاونها مع أي من الدول المذكورة لا يعني تجاهل الإمكانات الاقتصادية والاستراتيجية للتعاون مع الجهات الفاعلة الأخرى.

لطالما استفادت الصين من سياسة الصعود البطيء والعمل غير المحفوف بالمخاطر، وبناءً على هذا النهج، سيكون نمط سلوك الصين مع كل من الدول الإقليمية والفاعلين السياسيين الدوليين بنّاءً وتعاونيًا بطبيعته.

فإذا واجهت دولة ما تحديات استراتيجية في البيئة السياسية الدولية، فإنّ الصين تحاول وضع سياسة توازن منخفضة المخاطر على جدول الأعمال في التعامل مع هذه الدولة.

بشكل عام، يجب التأكيد على أنّ الأمن والسياسة الاستراتيجية للصين في البيئة الإقليمية لجنوب غرب آسيا مبنيّة على التوازن، الذي يمكن أن يقلل من التحديات الأمنية للصين مع الغرب.

يتزايد مستوى تعاون الصين المتبادل مع دول مثل إيران وجهات فاعلة من المنطقة الخليجية إلى شرق البحر المتوسط، إلا أنّ هذا التعاون لن يكون متناقضًا مع التعددية الصينية.

وفي النتيجة فإنّ سياسة التوازن الصينية تضع مستوى العلاقات المتبادلة مع إيران في جو تعاوني، وتجعل من الممكن تحسينها بشكل تدريجي.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: