الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 فبراير 2023 15:42
للمشاركة:

إيران و44 عامًا على الثورة.. الأحلام الكبرى

خَلُصَ أستاذ الدراسات الإيرانية سعيد الصباغ، في كتابه المعنون "الناتو الشيعي.. وأحلام إيران الكبرى"، إلى أنّ الفقهاء الإيرانيين تخطوا دورهم الديني باتجاه القيام بدور سياسي خلق نوعًا من ازدواجية القيادة في البلاد، كما جعلت الثورة الإيرانية برأيه من القراءة الشيعية للإسلام وتفسيره الراديكالي مكوّنًا جوهريًا لهياكل الدولة ومؤسساتها.

وتحتفل إيران هذه الأيام بمرور 44 عامًا على ثورتها التي اتخذت طابعًا إسلاميًا في العام 1979، حيث سعت خلال هذه السنوات لمعالجة أوجه قصورها، خاصة في أمنها القومي وحماية إقليمها من التهديدات، وهي التي عاشت حربًا مع العراق لمدة ثماني سنوات، كما تتمركز القواعد الأميركية في محيطها الحيوي. لهذا كله، حاولت إيران بناء درع واقي لها تسميه “محور المقاومة”، فيما يسميه معارضوها “الناتو الشيعي”.

في هذا السياق، أشار الكاتب إلى وجود نية إيرانية للانفراد بهندسة المنطقة على المستوى الجيوسياسي، وفقًا لتصوّرات استراتيجية وسعي مستميت لتحويل “محور المقاومة” إلى “ناتو شيعي”.

وخلال تناوله لآليات بناء النفوذ “الجيو-شيعي” في المنطقة والعالم، كما يسمّيه الصبّاغ، تحدث الكاتب عن عملية تمدد جعلتها إيران محورًا لثلاث دوائر اهتمام تضم كل دائرة منها ثلاث مناطق استراتيجية، ولكل منها آلية خاصة بها لبناء نفوذها.

ورأى الصباغ أن دائرة شيعة المحيط الجغرافي تتوزّع على المناطق الثلاثة الاستراتيجية، تتمثل في:

المنطقة المحيطة بحدود إيران الغربية، وتمتد من أقصى شمال غرب هذه الحدود، نزولًا باتجاه حدودها الجنوبية الموازية لمياه الخليج، وتضم كلًا من: تركيا، والعراق، والكويت، والبحرين، وقطر، والسعودية، وعمان، والإمارات.

المنطقة المحيطة بحدودها الشمالية، وتضم: أرمينيا، وأذربيجان وتركمانستان.

والمنطقة المحيطة بحدودها الشرقية وتضم كل من أفغانستان وباكستان.

أمَّا دائرة شيعة الجوار الجغرافي، فتتوزع أيضًا على ثلاث مناطق استراتيجية:

شرق البحر المتوسط وتضم سوريا، لبنان، الأردن وفلسطين.

منطقة آسيا الوسطى وروسيا والهند، وتضم طاجيكستان أوزبكستان وروسيا في الشمال، والهند وبنغلادش.

المنطقة المطلّة على مياه المحيط الهندي وبحر العرب، وتضم كلًا من: اليمن، إريتريا، الصومال، كينيا، تنزانيا، أوغندا، فضلًا عن أثيوبيا، السودان وجزر القمر.

كذلك أشار إلى الدائرة الثالثة المختصة بالبؤر الشيعية حديثة النشأة، وتضم أربعة مناطق:

شمال أفريقيا، وتضم مصر، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا.

غرب ووسط وجنوب أفريقيا، وتضم نيجيريا، غانا، السنغال، سيراليون، زيمبابوي وجنوب أفريقيا.

جنوب شرق آسيا، وتضم إندونيسيا، ماليزيا، المالديف، إلى جانب الصين، تايلاند، سيريلانكا، الفلبين وبورما.

المنطقة الرابعة تشمل دولًا أوروبية مثل: ألبانيا، إسبانيا، اليونان، إيطاليا، بلغاريا، بريطانيا، فرنسا وبعض دول أمريكا الجنوبية.

كما تناول الكاتب محاور آليات استراتيجية التمدد “الجيو-شيعي”، لافتًا إلى أنّ تنشيط ودعم الجماعات الأصولية، ودعم ومساندة حركات التحرر، وتصدير أعمال العنف والإرهاب، وبناء درع طائفي حول إيران، وفتح آفاق دعوية في أفريقيا، وبلورة إطار مؤسسي للأقليات الشيعية، هي المحاور الأساسية لآليات هذا التمدد.

وأكَّد الصباغ أنّ رغبة إيران لتسوية قضايا الخلافية مع المجتمع الدولي تعود لتطلّعها للقيام بدور إقليمي مهيمن داخل الدائرة الأولى لأمنها القومي، كما تسعى إلى القيام بدور سياسي مؤثر داخل الدائرة الثانية، يؤهلها في المستقبل للعب دور الوسيط في الأزمات الإقليمية الكبرى، هذا إلى جانب العوامل الأخرى التي تمثل دافعًا لقبول التسوية.

وبرأي الكاتب فإنّ رغبة إيران في هذه التسوية تعود إلى عدد من العوامل الدافعة، على رأسها تقلّص قدرة طهران على مواصلة تقديم الدعم لمعظم الجماعات المسلحة التابعة لها أو دفع مخصصاتها المالية بسبب الأزمة الاقتصادية، تزايد الانكماش في حجم الناتج القومي السنوي الإيراني، حرمان طهران من الحصول على الخدمات البنكية بسبب إدراجها على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، تردّي سمعة المؤسسات الإيرانية على المستويات كافة، استمرار الجهود الرامية لتطويق نفوذ إيران الإقليمي والتي أفضت إلى زيادة الوزن النسبي لتركيا وإسرائيل شمالًا بمنطقة القوقاز.

وفي ختام كتابه، رسم الصبّاغ استراتيجية المواجهة لهذا النفوذ والتمدد الإيراني، وذلك من خلال التضامن العربي والمواجهة الناعمة. أمَّا عن آليات المواجهة، فلخَّصها الكتاب بتفكيك ولاية الفقيه، تفكيك المنظومة القيمية ودحض الشعارات الإيرانية.

كذلك رأى أنّ الأهداف المرجوة من هذه الاستراتيجية وعملية تفكيك النفوذ الإيراني تكمن في إحداث فجوة بين إيران ومكوّنات محور المقاومة، من حيث إضعاف الروابط الإيديولوجية، وفضح الممارسات الإيرانية، وتعزيز الانتماءات الوطنية لدى الشباب.

وعن مسارات المواجهة، أوصى الصباغ بتبلور الجهود العربية الرامية لمواجهة النفوذ الإيراني بالمنطقة في مسارات عدة، تستهدف إعادة بناء الوعي العربي بالدرجة الأولى، وتتمثل في: المسار العلمي والتعليمي، مسار الأنشطة الثقافية، مسار الأنشطة الإعلامية ومسار الأنشطة الخدمية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: