الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 فبراير 2023 18:02
للمشاركة:

كتاب “إيران والنظام الدولي”.. هل تريد طهران تحويل العالم إلى مجتمع إسلامي؟

خَلُص الكتابان أنوشيروان محتشمي ورضا مولوي، في كتابهما المُعنون "إيران والنظام الدولي"، إلى أنّ ما يميّز تعاليم الإسلام والسنّة النبوية لعلماء الدين الحاكمين في إيران هو "الاستناد إلى الحقائق أكثر من المشاعر والشعارات الخالصة"، مضيفين أنّ فترة 30 عامًا التي مضت على ولادة الجمهورية الإسلامية لا تُعتبر فترة زمنية طويل حتى تتشكل البنى التحتية النظرية والأيديولوجية لهذه الجمهورية.

وذكّر الكاتبان بأنّ طهران واجهت خلال العقود الثلاثة الماضية العديد من الأزمات السياسية والاجتماعية، بما في ذلك العمل المسلّح للجماعات المعارضة في السنوات الأولى بعد ثورة عام 1979، وحرب دامت ثماني سنوات مع العراق، ألحقت خسائر مادية وبشرية فادحة بالإيرانيين.

ورأى محتشمي ومولوي أنّ عضوية إيران في المعاهدات والمواثيق الدولية يمكن أن تمثّل دليلًا على رغبتها بطمأنة الدول الليبرالية لجهة قيامها بالاعتداء أو بشأن حقوق الإنسان. وبعض هذه المعاهدات هي: ميثاق الأمم المتحدة الذي تم التصديق عليه عام 1945، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعتمد عام 1975، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المعتمدة عام 1968 والبروتوكول 111 لمنظمة العمل الدولية المعتمد عام 1967.

نهج نقدي للنظام الدولي

وقال الكاتبان إنّ جمهورية إيران الإسلامية كحكومة ثورية منبثقة من الثورة الإسلامية تحافظ على نهج نقدي تجاه النظام الدولي الحالي، حيث ترى أنّ النظام الدولي الحالي السائد غير مناسب ويجب مراجعته.

وبحسب محتشمي ومولوي، ما قد يكون مثاليًا ومرغوبًا بنظر إيران هو إنشاء نظامٍ عالمي إسلامي، يتشكّل من خلال جهود البشر الذين يستخدمون القيم الإسلامية العالمية والمصالح الإنسانية المشتركة والمبادئ الأخلاقية والعدالة.

وتابع الكتاب: “يتطلّب تكوين مجتمع عالمي إسلامي نشر القيم والأعراف الإسلامية في جميع المجتمعات، إلى جانب ترسيخ العالم الإسلامي داخل أمة موحدة”.

وشرح الكاتبان، كما ذكر العديد من الكتّاب في هذا الشأن، إنّ النظام الإسلامي السياسي والدولي لا يتوافق مع النظام الويستفالي ونظام الدولة القومية، حيث أنّ “العالمية الإسلامية” لا تعتبر التقسيم الطبيعي للبشر يرجع إلى الحدود الجغرافية لأي دولة قومية.

ولفت محتشمي ومولوي إلى أنّ تشكيل مجتمع العالم الإسلامي كأحد المُثُل العليا والهدف الاستراتيجي للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تم التأكيد عليه صراحة في دستور البلاد وفي البيانات التي أدلى بها القادة الإيرانيون.

على سبيل المثال، يأتي في مقدمة الدستور:
“إنّ الدستور في ما يتعلّق بالطبيعة الإسلامية للثورة الإيرانية التي كانت بمثابة حركة لانتصار المظلومين على الظالمين، سوف يمهّد الطريق لاستمرار هذه الثورة داخل البلاد وخارجها. خاصة في توسيع العلاقات الدولية مع الحركات الإسلامية والشعبية الأخرى، ستحاول تمهيد الطريق لتكوين أمة موحدة في العالم، وسيتم فرض استمرار النضال من أجل خلاص الدول المحتاجة والمضطهدة في العالم بأسره”.

كما لحظ الكاتبان تصريحًا لمؤسس الثورة الإسلامية آية الله روح الله الخميني عام 1992، جاء فيه: “لا شيء يجب أن يُحدث انحرافًا عن الهدف الأعلى للثورة وهو حكومة العالم الإسلامي”.

مجتمع إسلامي دولي

ووفق محتشمي ومولوي، يُعتبر تشكيل مجتمع دولي إسلامية الأولوية الثانية لجمهورية إيران الإسلامية، وهو ما لا يستلزم نفي النظام الويستفالي أو نظام الدولة القومية.

بناءً على ذلك، إنّ تقسيم الدول إلى وحدات سياسية منفصلة للدولة القومية أمر مقبول، على أن تتجاوز التزامات ومسؤوليات الدول القومية الإسلامية المصالح الوطنية وتجسّد القيم الإسلامية والإنسانية، كما جاء في كتاب “إيران والنظام الدولي”.

وتابع الكاتبان: “تشكيل مجتمع دولي إسلامي يأخذ الأولوية على مجتمع العالم الإسلامي، لأنه من غير الممكن الانتقال المباشر من نظام دولي فوضوي قائم إلى مجتمع عالمي إسلامي. بل بعد تشكيل مجتمع دولي إسلامي، ستُدرك حكومته ومواطنوه تدريجيًا مصالحهم وقيمهم ومصيرهم المشترك، وهذا من شأنه أن يمهّد الطريق لتأسيس مجتمع عالمي إسلامي تحت سيادة وحكومة موحّدين”.

إيران الثورية والكتّاب المناهضون للشاه

استنتج الكتاب أنً الثورة ابني شهدتها إيران عام 1979 جعلت منها في طليعة قتال “القوى المتعجرفة”، حيث زوّدت الثورة الإيرانيين بقوة لا تُقاوَمُ للتعبير عن روايتهم الخاصة، والتي هيمن عليها مفهومان تحت عنوان: “السموم الغربية” و”العودة إلى الذات”.

هذان المفهومان تم استقاؤهما من كتابات لنشطاء وكتّاب مناهضين لنظام الشاه، رأوا بلادهم تحت ذلك النظام تحت خطر زوال استقلالها الثقافي والسياسي والاقتصادي، لأنّ المجتمع برأيهم أصبح عرضةً للتغلغل من قبل الغرب.

هنا اقتبس “إيران والنظام الدولي” من كتاب لجلال أحمد جاء فيه أنه من السيطرة الغربية، يجب أن تتحوّل إيران إلى طليعة في قتال “الشرق” المضطهد ضد الغرب الإمبريالي، وإذا لزم الأمر من خلال العمل الثوري.

على شريعتي، كاتب آخر ركّز على محتواه الكتاب، حيث يصف شريعتي بالمصرّ بنفس القدر (كجلال أحمد) على تحدّي سياسات الشأن واعتماد الأخير على سياسات الولايات المتحدة.

شريعتي دعا بدوره للعودة إلى الذات الحقيقية لإيران، التي عرّفها بالاشتراكية والإسلامية. ووفق الكتاب، شدّد شريعتي في خطاباته ومنشوراته العديدة على أنّ الإسلام بشكل عام، والإسلام الشيعي بشكل خاص، يطالب الشعب بالثورة على الحُكّام الظالمين.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: