الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة28 يناير 2023 14:22
للمشاركة:

عمرها أكبر من الجمهورية الإسلامية.. العقوبات الغربية ومحاولات “ترويض” إيران

تحوّلت العقوبات إلى أداة قوية خلال القرن الماضي لتحقيق الأهداف السياسية الخارجية لبعض البلدان. وتُعتبر الولايات المتحدة رائدة في هذا المجال، حيث فرضت ما معدّله 70% تقريبًا من مجمل العقوبات المفروضة حول العالم، وفق معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية. وفي مقابل هذه "الأيقونة" الأميركية في "فن فرض العقوبات"، تظهر إيران التي يُمكن اعتبارها أيضًا "رمزًا" للدول الخاضعة لهذه الإجراءات. فتتمتع طهران، بتجربة كبيرة بالقدرة على مواجهة العقوبات، علمًا أنها ثاني أكثر دولة تخضع لها بعد كوريا الشمالية.

وفرضت قوى ومنظمات مختلفة، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، الكثير من العقوبات على إيران. كما منعت العقوبات الخارجية البلاد من التعاون مع دول أخرى. وتم تبني العقوبات لمجموعة من الدوافع السياسية، مثل الاحتواء العسكري، والمخاوف بشأن برنامج الصواريخ النووية الإيرانية، ومزاعم الإرهاب، ومحاولات التأثير على سياستها الداخلية أو الخارجية، أو الجهود المبذولة لحل أزمات ملموسة مثل تأمين إطلاق سراح الرهائن.

كما شملت أنواع العقوبات المفروضة على إيران قيودًا على تسليم الأسلحة وصادرات النفط والبتروكيماويات، وغرامات ضخمة على الشركات المتعاونة معها، وحظر الخدمات المالية وتجميد الأصول وقيود التأشيرات. باختصار، تم استخدام جميع أنواع العقوبات ضد إيران.

عقوبات ما قبل الجمهورية الإسلامية

يربط البعض تاريخ العقوبات الغربية على إيران بتاريخ انتصار الثورة الإسلامية؛ إلا أن تاريخ هذه الإجراءات يعود إلى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، عندما قاطعت بريطانيا، بدعم من الولايات المتحدة، النفط والبتروكيماويات الإيرانية بعد تأميم شركة النفط الأنجلو-إيرانية.

بعد ذلك بوقت قصير، تعاونت أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية للإطاحة برئيس الوزراء محمد مصدق. وبعد أقل من عام، قام كونسورتيوم من الشركات تم تأسيسه باسم شركة النفط الإيرانية (IOP) بإعادة النفط الإيراني إلى السوق الدولية. ومن هنا، لعبت العقوبات والمقاطعة الغربية لإيران، بالتحضير لعملية سرية للإطاحة بالحكومة من أجل استعادة ملكية الشركات الغربية في قطاع النفط.

العقوبات وأزمة الرهائن

أما الفترة الحديثة للعقوبات، فقد بدأت في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 1979، حيث وقع الرئيس كارتر الأمر التنفيذي رقم 12170 بتجميد الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة بعد أزمة الرهائن بين البلدين. في وفي نيسان/ أبريل 1980، حظر الأمران التنفيذيان 12205 و12211 تصدير المنتجات الأميركية (باستثناء الأغذية والأدوية) وتسليم البضائع إلى إيران.

وجه حظر الواردات الإيرانية ضربة قوية لقطاع النفط الإيراني. فقبل ثورة 1979، زودت إيران الولايات المتحدة بأكثر من 500 ألف برميل من النفط يوميًا، لكن بعد ذلك التاريخ، انتهت كليًا المبادلات بين البلدين.

أبرزت أزمة الرهائن اتجاهين. من ناحية، تكيفت إيران بسرعة مع القيود الأميركية على النفط الإيراني من خلال بيعه إلى مستهلكين آخرين. وأدت التوترات في الخليج إلى ارتفاع أسعار النفط، مما سمح لإيران بتعويض خسارة السوق الأميركية. في غضون ذلك، حاولت واشنطن، لكنها فشلت بعد ذلك، في إقناع اليابان وحلفائها في أوروبا الغربية بتشكيل تحالف عقوبات ضد إيران. لكن البنوك اليابانية استمرت في التعاون مع إيران، مما خفف من وطأة تجميد الأصول في الولايات المتحدة، واستمر التجار في شراء النفط الإيراني على الرغم من ارتفاع الأسعار.

بعبارة أخرى، استغلت إيران فشل الولايات المتحدة في تشكيل تحالف فاعل، وسوق مضطربة، وكذلك رغبة مستهلكي النفط في شراء المزيد من النفط استعدادًا لأزمات جديدة وأسعار متزايدة. ساعد الضغط الأميركي الحكومة الإيرانية الجديدة على حشد الشعب وتعزيز شرعيته، على الرغم من أن المواجهة مع الولايات المتحدة لم تكن العامل الوحيد الداعم.

ورغم انتهاء أزمة الرهائن ورفع العقوبات التي فرضت بعد الحادثة، إلا أن ذلك لم يساعد في إعادة شحنات النفط إلى حجم ما قبل الأزمة. فقد زادت صادرات النفط الإيراني إلى الولايات المتحدة تدريجيًا إلى 50 ألف برميل يوميًا عام 1987، والتي كانت لا تزال 10٪ من مستويات ما قبل الثورة، وتوقفت تمامًا بعد عام 1991.

حرب الناقلات

تطورت الأزمة في العلاقات الأميركية الإيرانية عام 1987 على خلفية “حرب الناقلات” في الخليج. في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1987، وقع الرئيس رونالد ريغان الأمر التنفيذي رقم 12613 الذي يفرض عقوبات على إيران بسبب “دعم الإرهاب كأداة لسياسة الدولة” (بعد تفجير قاعدة للمارينز في العاصمة اللبنانية بيروت).

إضافة إلى ذلك، اتهمت واشنطن طهران بالوقوف خلف استهداف ناقلات النفط التي ترفع العلم الأميركي في الخليج. ووفق القرار الجديد، تم حظر استيراد السلع والخدمات الإيرانية إلى الولايات المتحدة. بحلول ذلك الوقت، تم تقليص شحنات النفط الإيراني إلى حد كبير، وبالتالي كانت العقوبات الجديدة رمزية إلى حد كبير، خصوصًا أن عملية عسكرية أميركية انطلقت ضد مصافي النفط الإيرانية في الخليج قد تبعت تلك العقوبات.

من هنا، تُعتبر عقوبات عام 1987 مثالًا عندما تكون العقوبات مقدمة للعمليات العسكرية، ولكنها في حد ذاتها لا تؤدي إلى تغييرات ذات مغزى في سياسة البلد المستهدف.

فترة حكم بيل كلينتون

تصاعد الضغط على إيران خلال رئاسة بيل كلينتون. ولأول مرة، فُرضت عقوبات بسبب اتهامات حول طموحات إيران لامتلاك أسلحة دمار شامل. في 15 آذار/ مارس 1995، وقع الرئيس كلينتون الأمر التنفيذي رقم 12957، الذي يحظر على الشركات والمواطنين الأميركيين المساهمة في تطوير موارد النفط والغاز الموجودة في إيران.

لحق ذلك القرار أمر تنفيذي يحمل الرقم 12959، والمؤرخ في 6 أيار/ مايو 1995، والذي نص على حظر استيراد “أي سلع أو خدمات ذات منشأ إيراني”، وكذلك تصدير وإعادة تصدير السلع والتقنيات الأميركية، بما في ذلك البيانات التقنية أو المعلومات الأخرى ، إلى إيران.

كما منع الأمر المواطنين والشركات الأميركية من الاستثمار في إيران أو في العقارات التي تملكها وتسيطر عليها الحكومة الإيرانية. وفي 19 آب/ أغسطس 1997، وقع بيل كلينتون الأمر التنفيذي رقم 13059، الذي عزز أحكام الأمر التنفيذي لرونالد ريغان لعام 1987، وأوامر كلينتون السابقة فيما يتعلق بالعقوبات ضد إيران.

قانون عام 2010

كان أحد العناصر الرئيسية في تلك المرحلة هو دور الكونغرس في سياسة العقوبات ضد إيران. حاولت الولايات المتحدة مرة أخرى تدويل هذه السياسة من خلال تشجيع حلفائها على الانضمام إلى العقوبات. وفي عام 1996، اعتمد الكونغرس الأميركي قانون عقوبات إيران وليبيا، والذي أعيدت تسميته بقانون عقوبات إيران عام 2006 لأنه لم يعد ينطبق على ليبيا.

وسعى قانون العقوبات وسحب الاستثمارات الإيرانية الشامل لعام 2010، الذي إلى منع إيران من تمويل الإرهاب وكذلك برامجها النووية والكيميائية والبكتريولوجية والصاروخية.

استهدف قانون 2010 في المقام الأول قطاع الطاقة الإيراني، أو بشكل أكثر دقة، صناعة إنتاج النفط ومعالجته. علاوة على ذلك، ألزم الكونغرس الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما بحشد الدعم الدولي لزيادة ضغط العقوبات على إيران من خلال آليات الأمم المتحدة والاتفاقيات الثنائية.

قبل ذلك، كان الرئيس الأميركي حرًا في التصرف وفقًا لتقديره الخاص، لكن قانون 2010 كلفه بتقديم تقارير سنوية إلى الكونغرس حول فعالية جهوده الدبلوماسية.

إضافة إلى ذلك، أدخل قانون 2010 مبدأ تطبيق العقوبات خارج الحدود، أي أن المواطنين والشركات الأجنبية التي تنتهك القانون تخضع أيضًا للعقوبات. فقد حظرت استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة الإيراني، وتوصيل السلع والخدمات والتقنيات لقطاع الطاقة الإيراني، فضلاً عن تصدير المنتجات البترولية المكررة إلى إيران، التي، على الرغم من كونها منتجًا رئيسيًا للنفط، تفتقر إلى القدرة على التكرير.

كما حظر القانون تصدير ناقلات النفط والغاز الطبيعي المسال والخدمات التي تنطوي على نقل المنتجات البترولية المكررة إلى إيران، فضلاً عن معاملات التأمين التي تنطوي على هذه الصفقات. كما فرض قانون 2010 قيودًا على صادرات المنتجات والتقنيات التي يمكن استخدامها في برامج أسلحة الدمار الشامل الإيرانية.

وبين عامي 2010 و2013، وقع الرئيس باراك أوباما على سلسلة من الأوامر التنفيذية (13553، 13574، 13590، 13599، 13606، 13608، 13622، 13628، 13645) لضمان تنفيذ العقوبات على إيران. على سبيل المثال، فرض الأمر التنفيذي 13590 عقوبات على الشركات التي تبيع معدات لقطاع الطاقة الإيراني.

عقوبات مجلس الأمن الدولي

بالتوازي مع الخطوات الأميركية، تبنى مجلس الأمن الدولي قراره الأول بشأن برنامج إيران النووي والصواريخ الباليستية في 31 تموز/ يوليو 2006. وكان القرار في حد ذاته انتصارًا دبلوماسيًا للولايات المتحدة.

وطالب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1696 إيران بـ”تعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير”. كان على الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقديم معلومات شاملة عن امتثال إيران لهذا القرار.

وأشاد الأعضاء الدائمون الآخرون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي، بهذا القرار باعتباره ناجحًا، لأنهم أرادوا أيضًا تعزيز نظام عدم انتشار الأسلحة الكيميائية. كسر القرار احتكار الولايات المتحدة لهذه المسألة وسمح للدول المذكورة أعلاه بالمساهمة بفعالية في العملية. ولم يفرض القرار أي عقوبات على إيران، لكنه حذرها من أنه سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بموجب المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إذا فشلت إيران في الامتثال لهذا القرار.

عندما رفضت إيران، كما هو متوقع، الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1696، وافق مجلس الأمن الدولي على العقوبات ضد إيران ووسعها لاحقًا. فجاء القرار 1737 الذي تم تبنيه في كانون الأول/ ديسمبر 2006 والذي يحظر على جميع الدول توريد المواد التي يمكن أن تسهم في برنامج إيران النووي والصواريخ الباليستية، ومن نقل هذه المواد إلى إيران ومن إجراء المعاملات المالية ذات الصلة.

كما قدم القرار قائمة بالكيانات الإيرانية والأشخاص الذين يجب تقييد تنقلهم في الخارج ويجب تجميد أصولهم. في البداية، كانت القائمة متواضعة للغاية: 12 شخصًا و10 كيانات. لكن في آذار/ مارس 2007، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 1747 الذي وسع القائمة لتشمل ليس فقط الكيانات والأشخاص المشاركين في برنامج إيران النووي والصواريخ الباليستية، ولكن أيضًا الشركات والقادة الأفراد في الحرس الثوري الإيراني.

كما حظر القرار واردات الأسلحة من إيران، وفرض قيودًا على توريد أو بيع أو نقل جميع أنواع الأسلحة التقليدية تقريبًا، كما حث جميع الدول الأعضاء والمنظمات المالية الدولية على الامتناع عن إصدار المنح والمساعدات المالية والقروض الميسرة إلى إيران.

تم توسيع قائمة العقوبات بشكل أكبر في آذار/ مارس 2008. فقد دعا القرار 1803 الدول الأعضاء إلى تقييد دخول أو عبور بعض الأشخاص والكيانات في بلدانهم. كما دعا القرار الدول الأعضاء إلى توخي اليقظة حيال أنشطة مؤسساتها المالية مع جميع البنوك التي تتخذ من إيران مقراً لها، ومع فروعها في الخارج، لمنع تمويل برامج إيران النووية والصاروخية.

تزامنًا مع ذلك، أصدرت مجموعة العمل المالي (فاتف) توجيهات بشأن الإجراءات المالية ضد إيران. كما سمح القرار للدول الأعضاء بتفتيش الشحنات من وإلى إيران التي تحملها الطائرات والسفن بشرط وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأنها قد تنقل بضائع محظورة.

لكن هذه الإجراءات فشلت في وقف برنامج إيران النووي. وبحلول عام 2010، أنتجت إيران أول دفعة من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% وأنشأت محطة فوردو لتخصيب الوقود بالقرب من قم. رداً على ذلك، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 1929 الذي شدد العقوبات على إيران، وحظر أي استثمار أجنبي في إنتاج المواد والتكنولوجيا النووية والصاروخية.

كما وسع القرار العقوبات المالية لتشمل جميع البنوك التي يمكن أن يشتبه في مساهمتها في البرنامج النووي الإيراني. لم يُسمح لهذه البنوك بفتح فروع أو شركات تابعة في الخارج أو الدخول في أي معاملات مع مؤسسات مالية أخرى. على عكس القرارات السابقة، ربط القرار 1929 بين عائدات النفط وتمويل البرنامج النووي الإيراني. تم استخدام هذا البند لاحقًا من قبل الدول الفردية لتبرير عقوباتها ضد قطاع الطاقة الإيراني.

دور الاتحاد الأوروبي

كان الانتصار الدبلوماسي الكبير لواشنطن هو قرار الاتحاد الأوروبي الذي اتخذ في كانون الثاني/ يناير 2012 بحظر استيراد النفط الإيراني وتخزينه ونقله. واعتبرت هذه الخطوة ضربة موجعة للجمهورية الإسلامية، التي كانت تسلّم دول الاتحاد 25% من حاجته إلى النفط سنويًا.

قدم الاتحاد الأوروبي الحجج التالية لدعم قراره. أولاً، رفضت إيران الامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي. ثانيًا، فرضت وزارة الخزانة الأميركية غرامة على بعض البنوك الأوروبية لخرقها العقوبات. أظهرت واشنطن عزمها على معاقبة المخالفين وفرض عقوبات خارج الحدود الإقليمية حتى لو تسبب ذلك في توترات مع حلفائها. وثالثاً، أثار الخطاب القاسي للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد غضب الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، لا يمكن اعتبار تصرفات الاتحاد الأوروبي حاسمة، لأن المستهلكين الرئيسيين للنفط الإيراني هم الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية. وقد كان من الممكن أن يصبحوا “الفرسان السود” الذين طالبوا بتخفيضات جديدة لتجاهلهم العقوبات.

كان ذلك حلاً مقبولاً لإيران وسط ارتفاع أسعار النفط. إلى جانب ذلك، لم يكن من المرجح أن تضغط واشنطن على مثل هؤلاء المستهلكين الكبار خوفًا من المخاطر السياسية. الجميع باستثناء الولايات المتحدة استفادوا من هذا السيناريو. اشترى المستهلكون الآسيويون النفط بأسعار منخفضة، وحافظت إيران على أسواقها.

لكن الولايات المتحدة التفت على الرغبة الآسيوية، فأعفت أكثر من عشرين من كبار مشتري النفط الإيراني من العقوبات إذا خفضوا بشكل كبير مشترياتهم.

نتيجة لالتقاء القرارات الأوروبية والأميركية، تراجعت صادرات النفط الإيرانية بنسبة 40% مقارنة بعام 2011. بعض المشترين، على سبيل المثال الهند، خفضوا مشترياتهم بدرجة أكبر مما طالب به الأميركيون.

بعد ازدياد الضغط الاقتصادي على إيران، وافقت على مناقشة الملف النووي مع الغرب، وبعد ذلك بوقت قصير تم بدء التفاوض عبر خطة عمل مشتركة في جنيف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. وبموجب هذا الاتفاق المؤقت، وافقت إيران على تجميد أجزاء من برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات.

بعد 18 شهرًا من المفاوضات الشرسة، اجتمعت إيران ومجموعة 5 + 1 (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بالإضافة إلى ألمانيا) في فيينا في 14 تموز/ يوليو 2015 للتوقيع على الاتفاقية النهائية المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. وفي 20 تموز، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2231 بالإجماع بالموافقة على خطة العمل الشاملة المشتركة.

وتم رفع غالبية عقوبات الأمم المتحدة، باستثناء الحظر المؤقت على تسليم الأسلحة وتكنولوجيا الصواريخ والمواد النووية وذات الاستخدام المزدوج إلى إيران. كما رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته المتعلقة بالمجال النووي. وأصدر الرئيس أوباما الأمر التنفيذي 13716 برفع أشد العقوبات عن إيران.

ترامب والعودة إلى نقطة الصفر

خلال حملته الانتخابية، انتقد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الاتفاق النووي الموقع مع إيران، واعدًا بالانسحاب منه في حال دخوله إلى البيت الأبيض.

وهذا ما حصل؛ فقد أنهى ترامب المشاركة الأميركية في الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران في أيار/ مايو 2018، ووعد بفرض العقوبات النووية الأميركية، التي تم تعليقها في كانون الثاني/ يناير 2016 بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ. وأعلنت عشرات الشركات العالمية أنها ستنهي أو تعلق عملياتها في إيران حتى قبل إعادة فرض العقوبات الأميركية رسميًا.

وجاءت عقوبات ترامب في مجموعتين رئيسيتين: الأولى وهي غير نفطية وأقرت في 7 آب/ أغسطس 2018، ودفعة ثانية أكثر أهمية في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 ضد أكثر من 700 شخص وكيان، بما في ذلك حوالي 300 هدف جديد.

وأدت تلك العقوبات، أو ما أسماه ترامب حينها بإستراتيجية العقوبات القصوى ضد الجمهورية الإسلامية، وأدت إلى انهيار العملة الإيرانية، وتراجع النمو في الإنتاج حتى إلى ما دون المستويات التي كانت قبل الاتفاق النووي.

وعود بايدن والاحتجاجات الإيرانية

لم يقبل الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، والذي كان نائبًا لأوباما عند توقيع الاتفاق النووي، بأن يبقى الوضع على حاله. وحتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض، بدأ بتقديم الوعود حول العودة إلى الخطة المشتركة مع إيران ورفع عقوبات ترامب عن طهران.

هذه الطموحات الأميركية، صُدمت بفشل مفاوضات فيينا التي بدأت لهذا الهدف. فمع تغير الرئيس في إيران ووصول الأصولي إبراهيم رئيسي إلى قصر باستور، تغيّر الخطاب الإيراني المرن إلى أكثر تشددًا، ومعه، ضاقت سبل الحل.

وما زاد طين العقوبات بلة، هو الاحتجاجات التي عصفت بالجمهورية الإسلامية منذ حادثة وفاة الشابة مهسا أميني في أيلول/ سبتمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين، بدأت العقوبات تنهال على إيران من دول الاتحاد الأوروبي ومن أميركا.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: