الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة21 يناير 2023 12:22
للمشاركة:

“تباين في المواقف”.. مجلتان للحرس الثوري تنتقدان تصريحات بعض المسؤولين

ألقت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية الضوء على تقارير في مجلّتين تابعتين للحرس الثوري الإيراني انتقدتا ما اعتبرتاه "تباينًا وتناقضًا" بمواقف المسؤولين والسياسيين بشأن بعض القضايا الوطنية، مركزة على مطالبة هاتين المجلّتين بـ"توحيد والمواقف، وتعريف المصلحة الوطنية خارج المصالح الشخصية والحزبية".

تقدّم “جاده إيران” ترجمة لما جاء في صحيفة “اعتماد” الإصلاحية.

وانتقدت مجلّتان تابعتان للحرس الثوري في عددين لهما هذا الأسبوع تضارب تصريحات بعض المسؤولين. الأولى كانت المجلّة الإخبارية التابعة للموقع الإلكتروني للنائب السياسي للحرس الثوري، والتي تناولت في عددها ليوم السبت تصريحات بعض المسؤولين بخصوص الحجاب، واصفةً إياها بالمتناقضة، كما طالبتهم بالتنسيق في ما بينهم.

المجلّة الثانية هي “صبح صادق”، المجلّة الأسبوعية التابعة للنائب السياسي لممثل الولي الفقيه في الحرس الثوري، والتي انتقدت في عدد هذا الأسبوع – من دون ذكر مثال محدد – “التصريحات والحلول المختلفة والمتضاربة أحيانًا لمسؤولي الدولة للتغلّب على الأزمات الحالية”.

ولعلّ من أبرز نقاط مقال “صبح صادق” هو تأكيدها وجود “أزمة” في البلاد، وهو أمر نادرًا ما يحصل في فترات الاضطرابات. وجاء على صفحات المجلّة أنّ “تحقيق وحدة الرأي بين النُّخب الفكرية والتنفيذية” هو نتيجة “الحوار والتفاهم في الأساسيات، والحوار المدروس وتجاوز المصالح الشخصية والحزبية والجماعية لصالح المصالح الوطنية”.

عادةً ما تكون أدبيات هذه المقالات غريبة وغير مفهومة للجمهور العادي. هنا، ربما يقصد الكاتب بالنّخب الفكرية وصانعي السياسات، كُتّاب القانون، النخب التنفيذية وربما السلطات التنفيذية وجهات تطبيق القانون.

إنهم لا يعرفون المصالح الوطنية

وبحسب “صبح صادق”، فإنّ أصل ما أسمته “المشكلة” هو أنّ “المصالح الوطنية لم تجد بعد مكانتها لدى السياسيين”. ورأى الكاتب أنّه في أوقات “الأزمات والمشاكل”، بدلاً من أن يسعى المسؤولون وراء “الوحدة والتآزر والتعاون والتفاعل.. غالبًا ما يفكّرون في الحفاظ على مكانتهم”.

وطالبت هذه المقالة السياسيين بالتحدث واتخاذ القرارات عند الأزمات بمقتضى “المصالح الوطنية”، وبعد الأخذ بعين الاعتبار “القيم والأفكار والمتطلّبات والأجواء الداخلية والخارجية والمستقبل”. وبرأي الكاتب فإنّ عدم وجود “تعريف صحيح وموحّد للمصالح الوطنية” هو سبب آخر لهذه القضية، مضيفًا أنه مع وقوع أي حادثة، “ينفعل بعض الناس بسرعة كبيرة، وتكون نتيجة أقوالهم وأفعالهم بمثابة سهم يتم إطلاقه من كبد القوس عن غير قصد، إما أن يصيب الأصدقاء، أو يخطئ رميته، ويتجاهل البعض الآخر حقيقة أنّ العدو قد جاء لمواجهتنا بأدوات وأساليب القرن الحادي والعشرين”.

“صبح صادق” شبّهت هؤلاء الأشخاص بـ “الفونوغراف”، بحيث أنّ “إبرتهم عالقة في مكان واحد، ولا يزالون عالقين في أساليب وأدوات القرن التاسع عشر”.

ووفق الكاتب، فإنّ هذه المجموعة من الناس “تحاول سد الفجوة بين هذين القرنين بالصراخ والضوضاء، بينما العصر الحالي هو عصر الذكاء في السياسة”. وجاء في التحليل الموجه إلى السياسيين أنّ “الناس يتوقّعون منهم” تحقيق التماسك الفكري والعملي اللازم من خلال تصحيح أفكارهم وصقل تجاربهم وأساليبهم، والانتباه أكثر من ذي قبل، والتصرّف بذكاء في مواجهة الأزمات.

هل القضية قضية الحجاب؟

أما المجلة اليومية التابعة للنائب السياسي للحرس الثوري، فقد أوصلت مقصدها بشكل أكثر وضوحًا. ليس من الواضح ما إذا كانت هذه المجلّة قد ذكرت مسألة التناقض في المواقف المتعلّقة بالحجاب كمثال في التحليل الذي قدمته، أو ما إذا كان ترمي إلى ما هو أكبر من قضية الحجاب.

وتطرّقت المجلّة إلى تصريحات حسين جلالي، النائب عن منطقة رفسنجان، ورئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف.

وقال جلالي: “معنى تغيير الطريقة أنه يمكن إعلام غير المحجبات في رسالة نصية بأنّكِ لم ترتدِ الحجاب وأن تحاول احترام القانون.. بعد التنبيه ندخل مرحلة التحذير، وفي المرحلة الثالثة قد يتم إغلاق الحساب المصرفي لغير المحجبات”.

أما قاليباف، الذي على ما يبدو ردّ على كلام جلالي، فقد صرّح بالتالي: “بأي حق ندعو لمنع المرأة غير المحجبة من ركوب قطار الأنفاق”؟

أما غلام عباس تركي معاون الحقوق العامة للمدعي العام في البلاد، فعلّق بالقول: “في الوضع الراهن، بخصوص نزع الحجاب وفضح الجسد، أو نشر وتشجيع المنكرات الأخلاقية، حكم القانون واضح وصريح، وعلى ضبّاط الشرطة العمل وفق التزاماتهم القانونية”.

وأكدت المجلة اليومية التابعة للنائب السياسي للحرس الثوري أنّ “هذا التشتت وتعدد الآراء، إضافة إلى عدم إعطائه رسالة طيبة للشعب، فإنه يربك عقول المجتمع”.

وطالب الكاتب بوضع هذه القضايا قيد “المناقشة في الاجتماعات المتعددة للمنظمات”. وبرأي المجلّة فإنّ الاختلاف في المواقف أيًّا كان موضوعه، لا ينبغي أن يدخل “في حياة الناس الذين يعانون من الأمور المعيشية”، سواءً كان يرجع إلى “عدم التنسيق المعرفي واختلاف القراءة”، أو نتيجة “اختلاف النهج”.

يجب أن تكون كلمات القائد هي الدالّة الرئيسية للقانون

وفي إشارة إلى جزء من كلام القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامني في لقائه مع “النساء”، شدد الكاتب على أنّ “هذه التصريحات، وبلا شك، تحظى بقبول جزء كبير من المجتمع”، داعيًا لأن تكون هذه الكلمات “الدالّة الرئيسية للمواقف والتشريعات”.

وكان خامنئي قد اعتبر في كلمته أنّ “الحجاب واجب شرعي يجب مراعاته، ولكن من لا يلتزم بالحجاب بشكل عام، لا ينبغي اتهامه بعدم التديّن ومعاداة الثورة”. وفي جزء آخر من هذا التحليل، شجعت المجلّة على اتخاذ قرارات “دقيقة وعميقة من دون ضجة في الأوساط الفكرية”، “لتحويلها إلى قوانين وتشريعات”، لافتةً إلى أنّ هذه القوانين والتشريعات يجب تنفيذها بعد “إقناع المجتمع بها” حتى “يتخلّص من حالة الضياع الموجودة”.

وتابعت المجلّة: “المجتمع الإيراني أظهر أنه سيرحّب بالعمل الدقيق الصادر عن خبرة، الذي يمنع الفحشاء والتصريحات والإجراءات المنعزلة والخاصة”.

لكن ما الذي يحدث في إيران ودفع مجلّتين تابعتين للحرس الثوري لانتقاد عدم “التنسيق” بين المسؤولين وأصحاب المناصب؟

تظهر هاتان المقالتان بعض الانقسام في الآراء والمواقف العلنية والخفية. ويبدرو أنّ انتقاد المجلة التابعة للنائب السياسي للحرس الثوري يركز بشكل أكبر على قضية الحجاب، الموضوع الذي أصبح أكثر جدلية في المجتمع منذ أيول/ سبتمبر الماضي.

مع بداية الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني، الفتاة البالغة من العمر 22 عامًا والتي عانت من مشكلة في الدماغ أثناء تواجدها في مقر شرطة الآداب، تحدث العديد من السياسيين عن الحق في التظاهر. تحدث أحدهم عن ضرورة إصلاح الحوار والحكم الجديد، وآخر عن الاستعداد للحوار والاستماع إلى الآراء النقدية من جميع فئات المجتمع. لكن مع تلاشي الاحتجاجات في الشوارع، يبدو أنّ هذه التصريحات تم نسيانها.

في تشرين الأول/ أكتوبر، وفي خضم احتجاجات الشارع، كتب مهدي محمدي، مستشار رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، في مقاله له: “في هذه الأيام، رأيت عن كثب أنّ عقل النظام مشغول في الإصلاحات التي يجب أن يقوم بها، أكثر من اللجوء للقمع. هناك مناقشات ساخنة للغاية جارية بشأن جزء من المجتمع لم يتم النظر إليه، وجوب أت يحصل ذلك”.

لم يحدد مستشار رئيس البرلمان أي جزء من المجتمع لم يتم أخذه بعين الاعتبار؛ وبالرجوع إلى الفترة التي نُشر فيها هذا المقال، يرجّح أن يكون المقصود هو المرأة، ولكن على أي حال، ليس فقط لم يطرأ تغيير على السياسات الرسمية فحسب، بل الآن بعد أن خمدت الاحتجاجات في الشوارع، باتت تنتشر همسات عن عودة دوريات شرطة الآداب مرة أخرى إلى الساحات.

من جهة أخرى، سُمعت أصوات عالية عن مشاحنات حادة بشأن موضوع الحجاب، من ختم بعض المحلات التجارية إلى أقوال بعض أعضاء البرلمان. قبل شهر تقريبًا، قال جلالي: “سنرفع تكلفة عقوبة عدم الالتزام بالحجاب ونزعه في البلاد. لن يكون هناك تراجع عن خطة العفة والحجاب”. وأردف: “التراجع عن هذه الخطة تراجع عن الجمهورية الإسلامية. خطة العفة والحجاب ستُنفَّذ في الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: