الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 يناير 2023 10:25
للمشاركة:

هل يكون الاتفاق النووي ضحية الحرب في أوكرانيا؟

تناول رئيس تحرير موقع "جاده إيران" علي هاشم أخر التطورات المتعلقة بمفاوضات إحياء الاتفاق النووي، مستطلعًا في مقاله بموقع "المونيتور" الأميركي وجهات نظر الأطراف المشاركة، وذلك بعد الحراك الدبلوماسي الذي شهدته الأوساط خلال الأسابيع الماضية.

“جاده إيران” تقدم لكم ترجمة كاملة للمقال:

نفى مسؤول أميركي كبير لـ”المونيتور” ما نقلته صحيفة “إسرائيل اليوم” عن قول وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين لنظيره الإسرائيلي إيلي كوهين الثلاثاء الماضي إنّ الاتفاق النووي الإيراني قد مات إلي حد ما.

مع ذلك، وجدت الولايات المتحدة وإسرائيل أرضية مشتركة للتركيز على إجراءات السلطات الإيرانية ضد المتظاهرين ودعم طهران العسكري لموسكو في حرب الأخيرة في أوكرانيا.

دبلوماسي أوروبي كبير مشارك في المحادثات النووية الأخيرة اعتبر في حديث مع “المونيتور” أنّ طهران “وضعت نفسها داخل عاصفة كبيرة: الوضع الداخلي، نقل الأسلحة إلى روسيا والمأزق بشأن الاتفاق النووي”.

وتؤكد مصادر أميركية وأوروبية للموقع أنّ إيران تراجعت عما وافقت عليه سابقًا وزادت طلباتها قبل أن تصل محاولات إحياء اتفاق عام 2015 إلى طريق مسدود في أيلول/ سبتمبر العام الماضي، مما دفع منذ ذلك الحين واشنطن وبروكسل للتركيز على خطة احتياطية لعزل طهران والضغط عليها.

وتابع الدبلوماسي الأوروبي: “القوى الغربية لديها نهج موحّد. الأمر المختلف هو أنّ بعض الأعضاء يمارسون ضغوطًا بشأن قضية حقوق الإنسان، مثل ألمانيا. حرب أوكرانيا تسمم جميع الملفّات الأخرى، بما في ذلك محادثات البرنامج النووي الإيراني”.

كل هذا الكلام لا يعني أنّ الصفقة قد ماتت، لكنها تتجه إلى ذلك، حيث سقط الكلام عن خطة العمل الشاملة المشتركة إلى حد كبير من تصريحات المسؤولين الأميركيين، واستعيض عنه بالتزام مبهم بالدبلوماسية، باعتبارها الطريقة المفضلة والأفضل لمنع إيران من إنتاج سلاح نووي.

المحاولات الأخيرة لاستئناف المحادثات النووية شهدت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى سلطنة عمان في 28 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حيث التقى هناك كبار المسؤولين، عقب لقاء جمعه مع منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في الأردن على هامش قمة العراق هناك الخميس 20 كانون الأول/ ديسمبر.

يصف الدبلوماسي الأوروبي لقاء الأردن هذا بأنه كان صعبًا وصريحًا، ويضيف: “إنّ مشكلتهم (الإيرانيين) مشكلة كبيرة، أكبر من خطة العمل الشاملة المشتركة. إيران وكوريا الشمالية همًا الدولتان الوحيدتان اللتان تزوّدان روسيا بالأسلحة”.

وأردف: “الإيرانيون لديهم أفضل الدبلوماسيين وهم يدركون أنهم يزدادون عزلة، لكنّ القوة ليست في وزارة الخارجية ولا بيد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بل بيد القائد الأعلى علي خامنئي”.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني السابق ، حسين موسويان والذي كان عضوًا في فريق التفاوض النووي بين عامي 2003 و 2009 ، لـ “المونيتور” الأميركي: “الاتفاق النووي مطروح على جدول الأعمال ولكن ليس على الطاولة”.
وأضاف موسويان أن الوضع الداخلي في إيران جعل القوى الغربية أقل اندفاعا بشأن الاتفاق النووي ، موضحًا أنهم قرروا تقديم ملف حقوق الإنسان على الملف النووي.

واتهم موسويان الدول الأوروبية بالقيام بحملات ضد إيران، وقال: “الأوربيون يلعبون دورًا أكثر فاعلية لخلق إجماعٍ ضد إيران، خاصة بسبب القضية الأوكرانية”.

وتابع: “يمكننا القول إنه في الوقت الحالي، وبالمقارنة مع الولايات المتحدة، أصبح الأوروبيون أكثر كاثوليكية من البابا في دفع السياسات العدائية ضد إيران”.

يُكمل المسؤول الأميركي نفسه الذي شارك في المحادثات في تصريحاته لـ”المونيتور” بشرط عدم الكشف عن هويته: “على مدى الأشهر الماضية، اتخذت القيادة الإيرانية سلسلة من القرارات ذات الأهمية الكبيرة والمُكلفة. في الداخل، يقومون بقمع شعبهم بدلًا من الاستماع إليهم. دوليًا، ينحازون لروسيا في حربها العدوانية. دبلوماسيًا، رفْض العديد من الصفقات العادلة التي كان من شأنها أن تؤدي إلى تخفيف كبير للعقوبات ورفض التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

ووفق المسؤول الأميركي، فإنّ مثل هذا السلوك له نتائج و”يعزل النظام عن شعبه وعن الكثير من أنحاء العالم”، وتابع: “يجب أن يفكروا في ما إذا كان هذا هو الطريق الذي يرغبون بأن يسلكوه وإلى أين يتجهون”.

بدوره دحض هذه الاتهامات مسؤول إيراني تحدث لـ “المونيتور” بشرط عدم الكشف عن هويته، مشددًا على أنّ “طهران ملتزمة منذ البداية بالتوصل إلى اتفاق، لكنّ تسييس الوكالة الدولية للطاقة الذرية حال دون ذلك”.

واتهم المسؤول الإيراني واشنطن بإعطاء الأولوية لمصالح آسرائيل، مضيفًا: “إنّ إسرائيل لا تريد اتفاقًا نوويًا، أو رفع العقوبات عن طهران، وتلتزم الولايات المتحدة بذلك، بكل بساطة”.

وبحسب المسؤول الإيراني، فإنّ القوى الغربية تماطل من أجل كسب الوقت بهدف التحضير للخيارات العسكرية ضد إيران، “تمامًا كما فعلت مع روسيا منذ عام 2014 بعد اتفاق مينسك”، مشيرًا إلى أنّ المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أعلنت بوضوح أنّ الغرب كان يكسب الوقت لتكديس الأسلحة في أوكرانيا، وأنهم كانوا يفعلون الشيء نفسه مع إيران، لكنّ الأمر لن ينجح.

من جهتهم يتهم مسؤولون غربيون إيران بشراء الوقت للمضي قدمًا في برنامجها النووي، مما يشكل بالنسبة إليهم سببًا آخر لعدم التهاون في العقوبات.

هنا يحذر المسؤول الأميركي الكبير من أنّ بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي فيما تواصل إيران توسيع برنامجها النووي، معلّقًا: “لن نتوقّف عن تشديد ضغوطنا الاقتصادية”.

واستطرد: “بينما يقضون وقتهم في بناء برنامج نووي لن يعود عليهم بأي فائدة، فإننا نقضي وقتنا في بناء أوسع إجماع دولي على الإطلاق لمعارضته ومواجهة سياسات النظام الإيراني الأخرى المزعزعة للاستقرار”.

أما الدبلوماسي الأوروبي، فقال: “إيران تكدّس اليورانيوم المخصّب، لكنها لا تتجه نحو القنبلة. هم لا يزالون تحت السيطرة إذا كانت دورتهم النووية لا تزال غير متجاوزة للخطوط الحمراء”.

وفي سياق متصل اعتبر الدبلوماسي الأوروبي أنّ إحدى ضحايا انهيار محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة قد تكون صفقة لإطلاق سراح سجناء أميركيين محتجزين في إيران، حيث يوجد ثلاثة من هؤلاء في السجون الإيرانية حاليًا.

وعلّق المسؤول الأوروبي: “تم الانتهاء من صفقة سجناء لكنها لم تتحقق”. وخلص المسؤول نفسه إلى أنه لن يكون خرق في المحادثات وبالتالي لا اتفاق نووي طالما أنّ هناك حربًا في أوكرانيا وإيران تورّد السلاح لروسيا.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: