الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة2 يناير 2023 09:57
للمشاركة:

المتظاهرون في إيران

يطوي عام 2022 صفحته الأخيرة في إيران، حاملًا معه أعباء اقتصادية وسياسية ومعيشية كثيرة. ولم تكن هذه السنة "بردًا وسلامًا" على طهران كما كان مُتوقعًا، فلم يُحيى الاتفاق النووي، ولم تُرفع العقوبات الغربية.

هذه المادة نُشرت ضمن العدد 20 من “خبرنامه ايران”.. للحصول على هذا المحتوى عند صدوره وبشكل دائم إضغط هنا للإشتراك في النشرة

وفي خضمّ هذه الأحداث المتراكمة، قد يكون الحدث الأبرز في الجمهورية الإسلامية، والذي أتى خارج سياق تطورات فيينا مركز الاهتمام العالم بداية العام، هو الاحتجاجات التي عمّت شوارع البلاد عقب وفاة الشابة مهسا أميني في أيلول/ سبتمبر الماضي.

أمام هذا الواقع، فرض المتظاهرون في إيران أنفسهم ليكونوا مفصلًا أساسيًا لمسار الأحداث خلال عام 2022.

انطلاق الاحتجاجات

تحت شعار “المرأة – الحياة – الحرية” بدأ المحتجون الإيرانيون حراكهم قبل أشهر، عقب وفاة أميني بعد دخولها بثلاثة أيام إلى مركز شرطة الأخلاق في العاصمة طهران، لاتهامها بمخالفة قواعد اللباس المفروض في البلاد.

واتسعت دائرة الاحتجاجات سريعًا في وقت لم تكد فيه حكومة إبراهيم رئيسي تنهي عامها الأول، وارتفع سقف شعاراتها إلى حد المطالبة بإسقاط النظام.

ورغم اختلاف الروايات بين المحتجين والسلطات، وقع قتلى وجرحى بالمئات وأوقف الآلاف، حيث وصفت الحكومة تلك الاحتجاجات “بأعمال الشغب” واتهمت الخارج بتأجيجها.

في بداية التحركات، وبعد تعامل الشرطة مع المتظاهرين، خرجت احتجاجاتٌ جديدةٌ خارجَ مستشفى كسرى في طهران الذي فارقت فيهِ مهسا الحياة، ثمّ قامت الشرطة الإيرانيّة مُجددًا بمواجهة المظاهرة واعتقلت عددًا من المُحتجّين.

تصاعدت حدّة الاحتجاجات مع توالي الأيام كما اتسعت رقعتها لتشملَ عشرات المدن الإيرانيّة ما اضطرَّ قوات الأمن للانتشار بكثافة في أغلبِ المدن التي طالتها التظاهرات وخاصّة في العاصِمة طهران وفي المدن التي تتبعُ محافظة كردستان. وأكّدت عددٌ من المنظمات الحقوقيّة بما في ذلك منظمة هنجاو المحليّة ومنظمة العفو الدوليّة إطلاقَ قوات الأمن النار على المتظاهرين، وهو ما أسفرَ عن سقوطِ عشرات القتلى في مناطق متفرّقة.

في المقابل، نشرت الحكومة الإيرانية مقطع فيديو يظهر أن أميني توفيت أثناء انتظارها في مركز للشرطة، دون تعرّضها لأي عنف.

وبعد الاتهامات بقتل المحتجين، أكدت طهران أن ما يحصل “عمليات شغب”، مؤكدة مقتل عدد من عناصر الشرطة وقوات التعبئة “الباسيج” نتيجة الاحتجاجات.

اهتمام غربي

حظيت هذه الاحتجاجات والمظاهرات بدعمٍ دولي، وخرجَ عشراتُ المتظاهرين في تورنتو واسطنبول ولندن وبعض المدن الأوروبية والأميركية الأخرى تعبيرًا عن “دعمِ الشعب الإيراني”.

على الجانبِ المقابل، وفي الوقت الذي كانت فيه التظاهرات ضد قانون الحجاب مستمرة، خرجت تظاهرات تؤيده وتدعم الحكومة الإيرانية حيثُ حملَ المتظاهرون صور علي خامنئي وروح الله الخميني كما لوَّحوا بأعلام إيران.

وشددت دول غربية إجراءاتها للتنديد بما أسمته “قمع السلطات الإيرانية للاحتجاجات”، حيث فرضت عليها بريطانيا وكندا عقوبات جديدة، كما انضمت ألمانيا إلى الدول الغربية المنددة بإعدام الناشطين في إيران.

وأعلنت الحكومة البريطانية فرض عقوبات على 10 مسؤولين إيرانيين على صلة بقطاع السجون، ومن بينهم 6 تربطهم صلة بالمحاكم المسؤولة عن مقاضاة المحتجين.

كما أضاف الاتحاد الأوروبي 20 شخصًا وكيانًا واحدًا من إيران إلى قائمته السوداء، ردًا على ما يوصف بانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في هذا البلد على خلفية الاحتجاجات.

وردًا على ذلك، كررت الخارجية الإيرانية، استدعاء السفراء الأجانب اعتراضًا على مواقف الحكومات الغربية من الاحتجاجات واحتضان وسائل إعلام ناطق بالفارسية، متهمة إياها بصب الزيت على نار الاحتجاجات.

بالتوازي، استهدف الحرس الثوري الإيراني مواقع المعارضة الكردية الانفصالية في إقليم كردستان العراق، متهمًا إياهم بدعم الاحتجاجات.

إلغاء شرطة الأخلاق

وفي خطوة أرادت فيها الجمهورية الإسلامية تخفيف غضب الشارع، أعلنت إيران إلغاء شرطة الأخلاق، بعد مراجعة قانون 1983 بشأن الحجاب الإلزامي في إيران الذي فُرض بعد أربع سنوات على الثورة الإسلامية في 1979.

وتمّ إنشاء شرطة الأخلاق التي تعرف محليا باسم “كشت ارشاد” (دوريات الإرشاد) من أجل “نشر ثقافة اللباس اللائق والحجاب”.

وتضم هذه المؤسسة الأمنية رجالا يرتدون بزات خضراء ونساء يرتدين التشادور. وبدأت هذه الوحدة دورياتها الأولى عام 2006.

ومع دخول إيران في العام الجديد، هدأ الشارع نسبيًا مقارنة ببداية الأحداث، إلا أن الجمر لا يزال مشتعلًا تحت الرماد. فهل يعود الشارع للاشتعال في العام الجديد، أم أن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي ستنجح بتغيير الواقع الذي أدى إلى بدء الاحتجاجات؟

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: