الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة26 ديسمبر 2022 04:48
للمشاركة:

إيران الإلكترونية.. هكذا تطوّرت الجمهورية الإسلامية في قطاع الإنترنت

لاحظ الكاتب نيكي أخافان في كتابه بعنوان "إيران الإلكترونية" تحوّلًا كبيرًا مع السنوات الأولى من الألفية الجديدة بشأن هوية الإيرانيين المسيطرين على الإنترنت. فبعد أن كانت السيطرة في هذا المجال للمغتربين بسبب قدرتهم الأكبر للوصول إلى الشبكة العنكبوتية، دخلت السلطات الإيرانية هذا العالم وتعاملت معه بأسلوبين: تصفية المواقع الإلكترونية وحجبها من جهة، والمشاركة في إنتاج أنواع معيّنة من المحتوى من جهة أخرى.

هذه المادة نُشرت ضمن العدد 19 من “خبرنامه ايران”.. للحصول على هذا المحتوى عند صدوره وبشكل دائم إضغط هنا للإشتراك في النشرة

الإنترنت وتسمية الخليج

أشار أخافان إلى أنّ الإنترنت في إيران شكّل منذ سنواته الأولى وسيلة مواتية لنشر ثقافة القوميات، كما أنّ العديد من التحرّكات الناجحة على الشبكة كانت تغذّيها المشاعر القومية.

وفي هذا الإطار، لفت الكاتب إلى أنَ الإنترنت في إيران مثّل إحدى أكثر الساحات احتضانًا للنقاشات المتعلّقة باسم الخليج (الخليج الفارسي أو الخليج العربي)، مؤكدًا أنً قلّة من القضايا القومية كان لها حضور على الإنترنت بين الإيرانيين كهذه القضية.

تابع أخافان: “باعتبارها واحدة من القضايا القليلة التي تثير طيفًا واسعًا من الأفراد، بغض النظر عن قناعاتهم السياسية أو مكان تواجدهم، فإنّها توفر فرصة للبدء في الكشف عن تنوّع الإنترنت الإيراني. كما يوضح تتبّع التعبئة بشأن قضية اسم الخليج الفارسي انخراط الدولة الإيرانية، مما يدلّ على أنّ دور الدولة يتجاوز مجرّد عرقلة الوصول إلى التقنيات الجديدة، على عكس الجزء الأكبر من التحليلات بشأن الإنترنت الإيراني”.

عالَمُ المدوّنات الإيراني

بحسب الكاتب، يقدّم عالَم المدوّنات الإيراني، وهو أكثر مكوّنات الإنترنت الإيرانية حيوية، مشهدًا غنيًا ومتنوّعًا يتخطّى حدود الأيديولوجيا والجغرافيا.

أخافان رأى أنّ احتضان الإيرانيين المُبكر والحماسي للتدوين ألهم العلماء والصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، خاصةً عندما باتت المدوّنات مكانًا مناسبًا تمامًا للتعبير عن المعارضة ونشر المعلومات وتفسير الأحداث الماضية والحالية.

هنا أيضًا لاحظ الكاتب أنه في حين كون الإنترنت في المقام الأول مجالًا للجهات الفاعلة غير الحكومية، فإنّ يد الدولة لم تكن غائبة في المشاركة والتأثير في عالم المدوّنات، لا سيّما في الأمور التي تمس القضايا المركزية.

وأضاف: “تُظهر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لقمع عالَم المدوّنات، مثل تصفية المحتوى ومنع الوصول، وفي بعض الحالات اعتقال المدوّنين، أنّ النظام الحاكم على دراية بالتحدي الخطير الذي يمثله هذا العالم. لكنّ بعض الإجراءات التي اتخذتها الدولة تكشف عن تقديرها أيضًا للفرص التي يوفرها عالم المدوّنات للترويج لأجندتها الثقافية والسياسية”.

إعادة بناء الصراع عبر الإنترنت

وتناول كتاب “إيران الإلكترونية” مسألة ترسيخ تراث الحرب الإيرانية – العراقية من خلال نشر مواد فنية ثقافية عبر شبكة الانترنت.

وفي هذا الإطار كان معهد الشهيد أفيني – المموّل من مصادر حكومية وخاصة عدة – من بين أول من رسّخ نفسه كمصدر على الانترنت للمواد المتعلّقة بالحرب. وفي وقت مبكر من عام 2003، كان موقع Aviny.com يضم مجموعة من المواد الصوتية والمرئية.

وبحسب الكتاب، بينما تم إنشاء الموقع للفت الانتباه إلى إنتاجات وشخصية معدّ وثائقيات الحرب الشهير مرتضى أفيني، فقد قدّم منذ أيامه الأولى محتوى آخر، بما في ذلك المواد المتعلّقة على نطاق واسع بالحرب والماضي الثوري لإيران، فضلًا عن المواد الدينية.

وركّز أخافان أيضًا في كتابه على موقع “راسخون”، الذي يصفه بأنه يتّسم بشفافية كبيرة لأنه يعلن بشكل صريح بأنّ مموّل من قبل منظمة الوقف والجمعيات الخيرية التي ترعاها الحكومة، كما يشير إلى أنه في عام 2008 حصل على مباركة القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

ولعلّ الأهم من ذلك، برأي الكاتب، أنّ الموقع يعرض أهدافه الثقافية بوضوح، على أنّ أهم هذه الأهداف هو إنتاج وتوسيع المعرفة وبناء الثقافة بالطريقة الإسلامية الصحيحة.

“ثورة تويتر”

أكثر الاستحقاقات التي لعبت فيها وسائل التواصل الاجتماعية دوراً في إيران وفق الكاتب كانت انتخابات عام 2009 الرئاسية، حيث أشاد الصحافيون والمعلّقون مع تكشّف حجم المظاهرات بـ”ثورة تويتر” الإيرانية واعتبروها مصدر “التغطية الإعلامية المثيرة”.

وفي هذا الإطار، ذكّر الكاتب بأنه في تلك الفترة طلبت وزارة الخارجية الأميركية من شركة “تويتر” تأجيل الصيانة المجدولة حتى لا يتم تعطيل الوصول إلى الخدمة مع خروج الإيرانيين إلى الشارع!

لكنّ أخافان استدرك منوّهًا إلى أنه بمجرّد أن أصبح واضحًا أنّ المتظاهرين لم يتمكَنوا من فرض رغبتهم على الحكومة، بغض النظر عن مدى براعتهم في استخدام الانترنت، أصبحت المزاعم عن قدرة الإعلام الرقمي أثناء التداعيات التي أعقبت الانتخابات معتدلة إلى حد ما.

على سبيل المثال، اعترف كلاي شيركي الذي يصفه الكاتب بالمتحمّس للتكنولوجيا بأنه على الرغم من “استخدام النشطاء كل أداة تكنولوجية ممكنة للاحتجاج”، فإنّ هذا لم يكن كافيًا لمقاومة عنف الدولة.

مع ذلك، بقي الشعور بأنّ شيئًا ما ملحوظًا قد حدث في الأيام التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الإيرانية المتنازع عليها، على حد تعبير الكاتب، الذي لفت إلى أنه في حين لم ينجح المحتجون الإيرانيون في تلبية مطالبهم كما فعل نظراؤهم في العالم العربي عام 2011 وما بعده، سهّلت وسائل التواصل الاجتماعي المشاركة السريعة للمعلومات، مما سمع للمعارضين الإيرانيين بالالتفاف على قيود الدولة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: