الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 ديسمبر 2022 21:55
للمشاركة:

أقرها خاتمي وطبقها نجاد.. إيران تجمد عمل شرطة الأخلاق

كشف المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري عن تجميد عمل شرطة الأخلاق من قبل نفس الجهة التي أسستها، مضيفًا أنً دوريّات هذه الشرطة لا تشرف عليها السلطة القضائية.

وردًا على سؤالٍ بهذا الخصوص من أحد الحضور خلال لقاء من سلسلة لقاءات جرت تحت عنوان “شرح أبعاد الحرب المركبة في الاضطرابات الأخيرة”، شدد منتظري على أنّ مسألة “الحجاب السيء” في مدينة قم تُعتبر من الهواجس الرئيسية للسطة القضائية والمجتمع الثوري، بحسب تعبيره، مشيرًا إلى أنّ الملاحقة القضائية في هذا الشأن تأتي في المرحلة الأخيرة، وتسبقها إجراءات ثقافية. مؤكدًا أنّ السلطة القضائية ستستمر في مراقبة سلوكيات المجتمع الإيراني،

التصريحات التي أدلى بها المدعي العام الإيراني جاءت بعدما كشف في (التاريخ) أن البرلمان الإيراني والمجلس الأعلى للثورة الثقافية يعملان على موضوع الحجاب وستعرف النتائج في الأيام الـ 15 القادمة. وأشار منتظري في الوقت ذاته إلى أنّ السلطة القضائية لا تسعى لإيقاف عمل شرطة الأخلاق، بل إنّ المؤسسات الأمنية والثقافية تبحث عن حل حكيم للمشكلة التي ظهرت بعد الأحداث الأخيرة.

ووفق المدعي العام، فإنّ النظام القضائي الإيراني يقوم بصياغة مشروع قانون متعلّق بالعفة والحجاب.

يُذكر إنّ تأسيس دوريات الإرشاد يعود للمجلس الأعلى للثورة الثقافية، وقد ذكر أمين المجلس الأعلى للثورة الثقافية سعيد رضا عاملي سابقًا أنّ دوريات الإرشاد ليست عسكرية، حيث أنّ واجب الشرطة محاربة ومواجهة العصابات الفاسدة، بينما ليس من الضروري أن تقوم بعقد محاضرات أخلاقية، على حد قوله، في إشارة إلى الجلسة التوجيهية التي كانت تعقدها الشرطة الأخلاقية للنساء التي يتم توقيفهم بسبب عدم ارتداء الحجاب.

تاريخ دوريات الإرشاد

في أواخر عهد الحكومة الثامنة بقيادة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، تمت الموافقة على خطة بعنوان “خطة العفة الشاملة”، وذلك بعد أن أصدر هذ الأخير قرارًا بإعداد 16 استراتيجية للحجاب والعفة، وقد أقرت هذه الاستراتيجيات من المجلس الأعلى للثورة الثقافية الذي يرأسه وفق القانون رئيس الجمهورية.

وكُلِّفت قوة الشرطة بتنفيذ الخطة، إلا أنه تم إيقاف التنفيذ لاحقًا لأنّ حكومة الرئيس الإصلاحي لم تكن تريد أن تتحمّل عبء التنفيذ، ولهذا ترك تنفيذها للحكومة التالية بقيادة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، المحسوب على صفوف الأصوليين في حينه.

مع تشكيل الحكومة التاسعة برئاسة أحمدي نجاد، نفذت الشرطة هذا البرنامج تحت عنوان “خطة تعزيز الضمان الاجتماعي” بتعاون كامل مع السلطة القضائية والحرس الثوري ووزارة الاستخبارات ولاحقا قوة التعبئة “الباسيج”.

ركزت المراحل الأولى من الخطة بشكل أكبر على الملابس النسائية، وفي المراحل التالية تم إدراج خطط جمع المدمنين ثم جمع المخلّين بالأمن وتفتيش الورش ومحلات الملابس وصالونات الحلاقة الرجالية والتصوير الفوتوغرافي وجمع الفيديوهات وما إلى ذلك مما هو على جدول أعمال قوة الشرطة.

بلغ تنفيذ خطة التعامل مع ما سمي “الحجاب السيئ” ذروته عامي 2010 و2011. وخلال هذه الفترة، انضمت التعبئة إلى الشرطة من أجل التنفيذ الجاد لهذه الخطة.

في عام 2015، أي بعد تولي الرئيس حسن روحاني رئاسة المجلس الأعلى للثورة الثقافية بصفته رئيسًا للجمهورية، تمت الموافقة على خطة جديدة أطلقت ما سُمِّيَ ب” شرطة الأخلاق الخفية”.

وفي هذا الصدد جاء في بيان للشرطة أنذاك: “بحسب هذه الخطة، يقوم سبعة آلاف عنصر مخفي للأمن المعنوي بإبلاغ الشرطة بجرائم “المتحرشين بالنساء” و”كشف الحجاب” و”التلوّث الضوضائي”.

ومع بدء فترة حكم حكومة الرئيس ابراهيم رئيسي الحالية، وتحديدًا خلال أول صيف لتلك الحكومة المحافظة، شهدت البلاد إجراءات غیر مسبوقة في إطار تنفیذ الأحکام الاسلامیة المتعلقة بالحجاب، بدءاً من تکثیف تواجد عناصر شرطة الأخلاق في الأماكن العامة وتضییق الخناق علی نساء تعتبرها “سیئات الحجاب” (أي حجابهن غير موافق للقانون)، وصولاً الی سن قوانین بهدف توسیع الحجاب ولو بالفرض.

على سبيل المثال، أعلنت هیئة الأمر بالمعروف التي تعمل تحت إشراف منظمة الدعوة الإسلامية ومجلس صیانة الدستور قرارها بمعاقبة رؤساء المصارف والإدارات العامة التي تسمح لنساء غیر مرتدیات الحجاب الكامل بالدخول إلى هذه المؤسسات واستخدام الخدمات العامة.

من جانب آخر، أعلن عدد من مكاتب الهیئة في محافظات مختلفة – منها مشهد – إنشاء شرطة متخفية للأخلاق، إضافةً للقوات المتواجدة في الشوارع التي تشرف علی كیفیة حجاب النساء عبر استخدام أدوات متطورة – منها كامیرات المراقبة – التي تسجل المخالفات وتعاقبهن بعقوبات مالیة أو الاستدعاء وتشكیل ملف قضائي.

وفي خطوة نادرة، حددت الهیئة التفاصیل المرتبطة بالحجاب غیر الكامل، حيث تشمل حجم العباءات أو أنواع الجوارب، كما أنها أوضحت عدداً من المحرّمات للرجال، منها ربطة القوس أو ملابس تنكریة.

كل ما سبق ساهم في تصاعد اشتباكات شرطة الأخلاق مع المواطنين بشكل حاد، مما أدى إلى إثارة غضب الرأي العام، خاصة بسبب بعض الحالات، كتلك التي تم فيها اعتقال مهسا أميني ووفاة الأخيرة في المستشفى بعد أن أغمي عليها في أحد مراكز التوقيف التابعة لتلك الشرطة. الأمر الذي قاد لاحتجاجات تشهدها البلاد منذ أيلول/ سبتمبر 2022.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: