الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 نوفمبر 2022 13:16
للمشاركة:

بين التلفزيون الرسمي والقنوات المعارضة.. الصراع في إيران ينتقل إلى الإعلام

ضاعت أخبار المظاهرات التي عاشتها بعض المدن الإيرانية في الأسابيع الماضية، في دهاليز الصراعات السياسية لبعض وسائل الإعلام. ومعها، باتت الأخبار سلاحًا بيد مشغلي تلك الوسائل، ولم يعد المتلقي قادرًا على تمييز الحقيقة من التزييف.

إذًا، بات “الخبر” سلاحًا تطلقه وسائل الإعلام، لتعيد هذه الأخيرة تصويب بنادقها باتجاه بعضها، لينشأ حدث آخر بالتوازي مع المظاهرات، وهو صراع الصحافة الإيرانية المعارضة، مع تلك العاملة داخل إيران، والتابعة لحكومة طهران.

التلفزيون الإيراني يتهم قناة معارضة

صراع “الحقيقة” بدا واضحًا في المواجهة بين التلفزيون الرسمي الإيراني من جهة، وقناة “إيران إنترناشونال” (قناة معارضة إيرانية تبث من لندن وممولة من المملكة العربية السعودية).

فقد نشر التلفزيون الإيراني الرسمي مقطع فيديو يُظهر صحافيًا إيرانيًا يقوم بالتصوير في منطقة بومهن شرقي العاصمة طهران. ووفق التلفزيون، فقد ادعى الصحافي أن الصور تظهر محافظة كردستان، مشيرًا إلى أن “أصحاب المحلات التجارية أغلقوا أبوابهم تماشيًا مع الحركة الاحتجاجية”.

وإذا أكد التلفزيون الإيراني أن “ادعاءات الصحافي كاذبة”، أشار إلى أنه قام بإرسال المقاطع إلى “بي بي سي فارسي” و”إيران إنترناشونال”، اللتين قامتا بنشرها مباشرة دون التأكد من صحتها.

وأشار التلفزيون إلى أن “التصوير جرى في الساعة الثامنة صباحًا، أي قبل بدء دوام العمل، وبالتالي لم تكن المحلات قد فتحت أبوابها بعد”.

وشدد التلفزيون الإيراني في هذا السياق، على أن “هذه المرة هي واحدة من حالات أخرى قامت فيها القناتان بنشر فيديوهات كاذبة تحتوي على معلومات خاطئة”.

طلب المساعدة من المخابرات

وفي السياق عينه، عملت وسائل الإعلام الرسمية في إيران على متابعة الحملة ضد تلك القنوات الفارسية المعارضة، حيث أشارت وكالة أنباء “تسنيم” شبه الرسمية، إلى أن “عضوين في قناة إيران إنترناشونال، طالبا من جهاز الأمن الإيراني مساعدة وزارة الاستخبارات لتسمح لهم بالعودة إلى الجمهورية الإسلامية”.

واعتبرت الوكالة أن “مع فشل المشروع المناهض للأمن الإيراني، بحث بعض موظفي القنوات المعارضة عن طريقة لتركها”.

وأشارت الوكالة إلى أن “بعض موظفي إيران إنترناشونال بدأ يبحث عن طريقة لترك المؤسسة، والالتحاق بقناة بي بي سي فارسي”.

وهذا الواقع ظهر في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن الصحافية في قناة بي بي سي فارسي رعنا رحیم بور تستطيع العودة إلى إيران بعد تهديدها من قبل قناة “إيران إنترناشيونال”.

ردود القنوات المعارضة

هذه الاتهامات الرسمية في إيران، واجهتها قناة “إيران إنترناشونال”، نافية أن تكون قد نشرت أي فيديوهات فيها معلومات مغلوطة.

لكن اللافت في الموضوع، أن القناة المعارضة لجأت إلى مهاجمة قناة “بي بي سي فارسي”، متهمة الإعلامية العاملة لديها رنا رحيم بور، بتكرار كلام المسؤولين الإيرانيين المناهضة للتحركات والتظاهرات في البلاد.

وبعيدًا عن صراع الإعلاميين، بدا واضحًا دخول هذه الوسائل في صلب الصراع السياسي الإيراني. فقد عمد المسؤولون الإيرانيون في الآونة الأخيرة على انتقاد عمل هذه المؤسسات، مطالبين الجهات المعنية بالتصدي لها.

كما عمد الإيرانيون الرافضون للاحتجاجات، إلى تنظيم حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، طالبين بمحاسبة المسؤولين عن تلك القنوات، ومطلقين عليها التهم بـ”العمالة”.

من جهة أخرى، نالت هذه المناوشات الإعلامية من بعض القنوات العربية، حيث نشرت “اندبنت فارسي” وثيقة تزعم أن قناة “الجزيرة” القطرية قد منعت موظفيها من التعاطي مع أخبار التظاهرات، قبل أن ينفي مدير مكتب القناة في طهران عبد القادر فايز هذه المعلومات.

وقال فايز: “هذه وثيقة مزورة وملفقة ولا أساس لها من الصحة، مضللة في لغتها المتواضعة وأسلوبها غير المحترف، المسميات والمصطلحات والمناصب المذكورة خاطئة وغير متداولة في شبكة الجزيرة، هذا تزوير فاشل ووضيع”.

وأضاف: “تزوير يستهدف الجزيرة كشبكة إعلامية ومن خلفها دولة قطر وسياساتها فضلًا عن إنجازاتها غير السياسية. الجزيرة بكل قنواتها العربية والإنكليزية تعاملت وتتعامل مع الاحتجاجات الشعبية في إيران بحرفية دون أن تغفل شيئًا، ودون أن تسبق معطيات الحدث نفسه في هذا الملف كثير الاستقطاب والجدل”.

في المحصلة، لم تعد وسائل الإعلام في الصراع السياسي الحالي مصدرًا للخبر، بل بات بعضها طرفًا لدى كل جهة، تُستخدم لتنفيذ بعض الأجندات ولتجييش الشارع ضد الطرف الآخر.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: