الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 نوفمبر 2022 18:16
للمشاركة:

الحوار السعودي ـ الإيراني: عودة الشلل

جمع مصطفى الكاظمي أوراقه من أدراج قصر الزقورة قبل تسليم المكتب لمحمد شياع السوداني. خلال ولايته استثمر مصطفى الكاظمي منصبه لإدارة حوار صعب، كان مستعصيًا لسنوات، بين السعودية وإيران، إلى جانب حوارات أخرى جمعت إيران بالأردن ومصر والإمارات، علما أن الحوار بين الرياض وطهران هو الأكثر تأثيرا، والذي على أساسه تتقدم بقية المسارات أو تتراجع.


سمح هذا الاستثمار للكاظمي بالبقاء لمدة أطول مما كان متوقعا، بل صنع له حلفاء داخل الإدارة الإيرانية كما داخل السعودية، يكشف دبلوماسي إيراني رفيع لـ”جاده إيران” أن طهران وبخلاف حلفائها العراقيين، لا تنظر إلى الكاظمي على أنه خصم، بل صديق أسهم في تعبيد الطريق نحو علاقات إيرانية أفضل مع الإقليم. يضيف الدبلوماسي: “لكن عندما يكون التحدي بمستوى استمرار الفراغ، الحل يتطلب تضحيات”، ولذلك لم تكن طهران بعيدة عن الترتيبات التي أخرجت الكاظمي من رئاسة الحكومة. ليس هذا للقول إن محمد شياع السوداني ليس خياراً جرى الاتفاق عليه بين طهران وحلفائها، هو كذلك وأكثر، لكن تجربة الحوار مع السعودية والانعكاسات التي حملتها تلقي بظلالها على تقييم اللحظة، ولا سيما تقييم حجم تأثير خروج الكاظمي على الحوار كمسار مستمر، والوساطة كعامل فردي متحول بين شخصية إقليمية فاعلة وأخرى.


خمس جولات على مدى عام كامل في بغداد سمحت بالكثير من التفاهمات الأمنية وأحيانا ما هو أكثر من ذلك، ولو أن الظروف السياسية في العراق لم تكن قد تدهورت بمستوى كبير لربما كان اللقاء بين وزيري الخارجية الإيراني والسعودية قد تم أمام عدسات الكاميرات. العقدة الرئيسية ظلت نقل الحوار بشكل كامل من جانبه الأمني إلى الجانب السياسي وإعادة العلاقات الدبلوماسية، وهذا ما لم يكن من وجهة نظر السعودية قد نضج بشكل كامل.


يقول مصدر سياسي عراقي لـ”جاده إيران” إن مسألة الحوار مع السعودية، لا سيما مع الأهمية التي توليها طهران له، كان أحد أسباب تمسك تيار وازن داخل النظام في طهران ببقاء الكاظمي، لا سيما أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني. وهذا الذي دفع، بحسب المصدر، رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم لترتيب زيارة إلى السعودية في آب/ أغسطس الماضي للتأكيد على أنه يستطيع ضمان استمرار الحوار بدون الكاظمي.
رئيس الحكومة العراقية شياع السوداني أكد أن بلاده تلقت مؤشرات على الاهتمام بمواصلتها تسهيل الحوار الإيراني- السعودي، إلا أن مصدراً دبلوماسيا عربيا كشف لـ”جاده إيران” أن “الرياض أرسلت عبر قناة معتمدة رغبتها في تعليق الحوار مع طهران”، وحذت حذوها الأردن ومصر اللتان كانتا قد قطعتا شوطا كبيرا في التواصل مع الجمهورية الإسلامية.

وأشار المصدر إلى أن أسبابا عديدة تقف خلف الرغبة بالتعليق، أولها “تراجع مساحة التوافق والخشية من تحول اللقاءات إلى مساحة سلبية للتواصل بين البلدين، وهو ما قد يكون فيه أثار سيئة في ظل الاتهامات المتبادلة في أعقاب الأحداث الأخيرة المستمرة في إيران في أعقاب وفاة مهسا أميني المثيرة للجدل”. المسألة الثانية، “مرتبطة بالأولى وهي التوتر الداخلي الإيراني والذي لا يشجع الطرف الأخر على المضي في سياسة الانفتاح، خاصة مع الاتهامات الإيرانية للسعودية بتأجيج الاحتجاجات والوقوف خلف مدبري العنف على مقام شاهشراغ الذي أسقط ١٥ ضحية”. حتى لحظة كتابة هذه السطور، لا يمكن حسم الحقائق التي تظهر بين الفينة والفينة، حول الحوار بين بلدين، لكن المحسوم إلى اللحظة أن الحوار وصل إلى حائط مسدود، بسبب الأزمة أو بدونها، لكنه مع ذلك يبقى أولوية ثبت للجميع أنها أكثر فائدة من تمدد الصراع، ولذلك يرجّح المتابعون عن كثب أنها ستعود إلى الواجهة تدريجيا.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: