الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 أكتوبر 2022 10:41
للمشاركة:

قصة الطائرات المسيًرة.. من بريطانيا إلى إيران وتركيا

سلّطت العناوين الرئيسية للصحف مؤخرًا الضوء على أهمية الطائرات المسيّرة التي تستخدمها الجهات الحكومية وغير الحكومية، سواء كان ذلك في سوريا أو العراق أو أوكرانيا. وصار واضحًا أنّ هذه الأنظمة وصلت إلى مرحلة جديدة من القدرة الفتّاكة بحيث أصبحت جزءًا من أي ترسانة عسكرية. هكذا توسّع سوق الطائرات المسيّرة بشكل كبير وبات العديد من البلدان - حتى الصغيرة منها كجيبوتي – يشتريها من دول متقدمة في هذا المجال كتركيا وإيران.

لمحة تاريخية

يُعدُّ سلاح الطائرات من دون طيار، المعروف بالمسيرات أو الدرون، سلاحًا قديمًا نسبيًا، حيث أجريت عليه الاختبارات الأولى عام 1917 من قبل القوات البريطانية. أما خلال الحرب الباردة فكان الاستخدام العسكري للمسيرات محصوراً بمهام الإستطلاع، كتلك التي قام بها قبل الجيش الأميركي في فيتنام، بالإضافة إلى بعض المهام التكتيكية كما فعل سلاح الجو الإسرائيلي خلال حربه مع سوريا ومصر (تشرين الأول/ أكتوبر 1973) ومعركة سهل البقاع (حزيران/ يونيو 1982). كان استخدام المسيّرات الإسرائيلية في تلك المعارك يهدف إلى إرباك أنظمة الدفاع الجوي السورية والمصرية، مما سمح للطائرات الحربية التقليدية بتدمير هذه الأنظمة.

في مطلع الألفية الثانية، أدت هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، بالإضافة إلى ما عُرف بالحرب على الإرهاب (GWOT)، لزيادة استعمال المسيّرات من قبل القوات الأميركية في مهام المراقبة والهجوم، مما جعلها سلاحاً مفضلاً لتتبِّع وضرب خصومها في العراق وأفغانستان.

ساهمت التكنولوجيا ذات الطابع المزدوج بانتشار المسيّرات بنحو ملحوظ، مما سمح لبعض الجماعات المسلحة غير النظامية التي تطبّق تكتيكات الحرب الهجينة في منطقة الشرق الأوسط، كحزب الله اللبناني وحركة “حماس” الفلسطينية، بالإضافة إلى بعض المنظمات الأخرى كتنظيم “داعش”، بالحصول على بعض القدرات الجوية المحدودة إما عبر شراء النماذج الجاهزة المخصصة للإستعمال المدني أو عبر صنعها محلّيًا.

تركيا وطائرات “بيرقدار”

إن فشل الصين في دورها كدولة بديلة للولايات المتحدة في مجال تصدير الطائرات المسيّرة في الشرق الأوسط، والذي كان يرجع أساسًا إلى عدم توافق أنظمتها مع أنظمة C2 وISR الغربية الموجودة في الجيوش العربية، أتاح لتركيا أن تبرز كلاعب جديد في هذا المجال نظراً للنجاح التي حققته طائرة Byraktar TB2 الشهيرة في ميادين عدة.

بوزن إقلاع يبلغ 650 كلغ فقط وكحد أقصى، تُعتبر ال TB2 أخف بكثير من مثيلاتها كال Reaper الأميركية أو CAIG Wing Loong II الصينية، ومع ذلك تستطيع التحليق لمدة 27 ساعة، كما أنها مجهّزة بقنابل ذكية من طراز MAM-L وMAM-C، مما يمكّنها من إصابة الأهداف الواقعة بين 8 إلى 14 كلم وإلحاق أضرار جسيمة بها، خصوصًا إذا كانت غير محمية كبعض أنواع الدبابات أو أنظمة الدفاع الجوي.

استطاعت ال-TB2 تحقيق نجاح كبير في دول عديدة، من ليبيا حيث كانت تعتبر رأس حربة للقوات التركية المتمركزة في مطار مصراتة وحلفائها من قوات حكومة الوفاق في إيقاف الحملة العسكرية على طرابلس وتدمير خلال فترة تمتد من أيلول/ ستمبر 2019 وتموز/ يوليو 2020 ما يقارب من عشرة أنظمة من طراز بانتسير. كما استُعملت هذه المسيّرات من قبل القوات الأذربيجانية لتدمير عدد من أنظمة الدفاع الجوي للقوات الأرمنية خلال مواجهات عام 2020 في مرتفعات قره باغ.

إيران الحاضر الغائب

تُعتبر إيران من أقدم المستخدمين للمسيّرات، بحيث كانت أول استخدام بدءاً من ثمانينيات القرن الماضي، أي خلال حرب الخليج الأولى، ضمن مهمات استطلاع. لعب هذا السلاح دوراً في تعويض النقص التي تعاني منه القوات الجوية الإيرانية نظراً للعقوبات المفروضة.
بعد ذلك شكّل تزويد حلفاء إيران (حزب الله، حماس وأنصار الله) المعتمدين نظام قتال غير متكافئ واجهة لإظهار فعالية هذا السلاح، سواءً في مهام القصف أو الاستطلاع. وبالتالي يُعتبرُ استخدام شاهد 136 أول استخدام لطائرات من دون طيار إيرانية من قبل قوات كلاسيكية.

شاهد 136 هي من أنواع الدرون الانتحارية أو ال-loitering munition بخلاف الطرازات الأخرى، وتتميّز بشكلها الهندسي ذي أجنحة الدلتا، بالإضافة إلى احتوائها على رأسٍ حربي بزنة 40 كيلوغرام. يتم تسييرها بواسطة محرّك MD-550 الإيراني ذي الأربع أسطوانات بسرعة قصوى تبلغ حوالي 185 كلم/ ساعة، وبمدى أقصى ما بين 1800 و2500.

استُخدمت شاهد 136 عملاتياً للمرة الأولى من قبل جماعة أنصار الله اليمنية في 18 أيلول/ سبتمبر 2019 خلال الهجمات على منشأة أرامكو النفطية الواقعة في بقيق وهجرة خريص شرق السعودية، وذلك قبل أشهر من إعلان الحرس الثوري الإيراني حيازته هذا النوع من الطائرات.

كما استُخدمت مؤخراً من قبل الجيش روسي خلال هجماته على منشأت الطاقة الأوكرانية تحت مسمى GERAN-2 أو جيرانيوم (أي إبرة الراعي). ومن المحتمل أن تكون Geran-2 مصنّعة في روسيا بموجب اتفاق joint venture بين البلدين، نظراً للنقص الحاد التي تعاني منه روسيا في مجال المسيّرات، بالإضافة إلى انعدام وجود ما يسمى بال drone warfare ضمن الفكر العسكري الروسي.

المصادر:

Maged, H and Lasconjarias, G,  “The threat of use of autonomous weapons systems by non-state actors: the case study of the Syria-Iraq theater of warfare, IRSEM research paper No77.

https://www.irsem.fr/institut/actualites/research-paper-no-77-4-september

-2019.html
Les drones de combat turcs multiplient les succès commerciaux,
june 14th 2021

https://meta-defense.fr/2021/06/14/les-drones-de-combat-turcs-multiplient-les-succes-commerciaux/

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: