الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة13 سبتمبر 2022 21:21
للمشاركة:

جمود في مفاوضات إحياء الاتفاق النووي: تبادل التهم سيد الموقف

يسود صمت دبلوماسي تام بين طهران وواشنطن ولا رسائل تنتقل عبر وسطاء. يبدو أنّ هناك نوعاً من "إرهاق المفاوضات" بين جميع الأطراف. تقول إيران إنّ الكرة في ملعب الولايات المتحدة، والأخيرة تقول عكس ذلك.

ساد التشاؤم حين أعرب المسؤولون الأوروبيون عن شكوكهم بشأن إمكانية التوصل لاتفاق في أي وقت قريب. يوم الاثنين، قال وزير الخارجية أنطوني بلينكين إنه “من غير المحتمل” التوصل لاتفاق لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة في المدى القريب.

تنسب إسرائيل الفضل إلى الحالة الرديئة التي باتت عليها اللعبة بعد تسليم المستشار الألماني أولاف شولتز “معلومات استخبارية حساسة وذات صلة” بشأن برنامج إيران النووي “أثبتت أنّ الإيرانيين يكذبون، بينما لا تزال المحادثات جارية”.

قال مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إنّ المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران روبرت مالي تم تحييده جانباً وإنّ محادثات فيينا “لم تعد بيد مالي”.

كلمة “سخيفة” هي الكلمة التي استخدمها مسؤول أميركي كبير لوصف هذه التقارير لـ”جاده إيران”. وأوضح المسؤول – الذي طلب عدم الكشف عن هويته – أنّ الولايات المتحدة لم تشدد موقفها على الإطلاق، ولم تتأثر بأي طرف خارجي.

وأضاف المسؤول: “لقد كان لدينا موقف ثابت لفترة طويلة. السبب الوحيد لعدم تمكننا من إبرام صفقة خلال الأسابيع الماضية هو أنّ إيران أعادت طرح قضايا خارجية”.

ونفى مسؤول أوروبي تحدث لـ”جاده إيران” بشرط عدم الكشف عن هويته أن يكون الإسرائيليين قد لعبوا دورًا في إغراق المحادثات.

“أيًا كان ما قد يقوله الإسرائيليون من أجل الحصول على الفضل، فإنّ أولئك الذين يتحمّلون مسؤولية الوضع الذي نحن فيه الآن هم الإيرانيون”.

وشدد المسؤول الأوروبي على أنه “لم يكن هناك تصلّب في المواقف الأوروبية أو الأميركية”، بل “كانت هناك خطوة أخيرة من جانب طهران نتيجتها الوحيدة هي المأزق الحالي”.

نشط المسؤولون الإسرائيليون خلال الأسابيع القليلة الماضية في محاولاتهم لمنع إحياء الاتفاق النووي. قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد لمجلس الوزراء يوم الأحد إنّ “إسرائيل تقوم بحملة دبلوماسية ناجحة لوقف الاتفاق النووي ومنع رفع العقوبات عن إيران. الأمر لم ينتهِ بعد. الطريق طويل. لكن هناك بوادر مشجعة”.

تقدّر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الآن أنّ الصفقة لن يتم إبرامها قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني/ نوفمبر في الولايات المتحدة. حتى ذاك الحين، فإنّ الاتفاق “لن يمنح إيران حصانةً من عمليات الموساد”، كما حذر رئيس المخابرات الإسرائيلية ديفيد بارنيع في خطاب ألقاه الأحد 12 أيلول/ سبتمبر.

مع بقاء عامين فقط من ولاية الرئيس جو بايدن، ومن دون ضمانات بأنّ الإدارة الأميركية المستقبلية ستلتزم بالاتفاق، تريد إيران تشديد لغة الصفقة وجعلها أقل تعقيدًا. لم ينسوا تجربتهم عام 2015 حيث كان هناك خلاف على مضمون الأوراق الصادرة عن الموقّعين على الصفقة.

أوضح مسؤول إيراني كبير لـ”جاده إيران” – رقض الكشف عن هويته -إنّ ذكريات الصفقة الأصلية وقرار الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الصفقة تسببا بصدمة سياسية لا يمكن تجاهلها.

وشدد المسؤول على أنّ “لعبة اللوم لا تساعد في التوصل إلى اتفاق”. وتابع: “صبرت إيران منذ سنوات وأبدت حسن النية على الرغم من التجربة السيئة في الاتفاق النووي مع الغرب على وجه التحديد. لا يمكن تحميل إيران المسؤولية عن افتقار الغربيين للقرار والمصداقية على حد سواء”.

وأكمل المسؤول الإيراني أنّ بلاده هي الدولة التي حافظت على الاتفاق النووي بعد مغادرة الولايات المتحدة.

“وعلى الرغم من الثمن الباهظ والضغوط الشديدة وعدم القدرة الأوروبية والحد الأدنى من التعاون، أصرّت إيران على البقاء في الصفقة لأنّ قرار الانخراط في المحادثات منذ البداية كان نتيجة تفكير استراتيجي وليس خطوة تكتيكية، لأنه يخدم المصالح الإيرانية”، قال المسؤول الإيراني.

وانتقد ذات المسؤول، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، زاعمًا أنها انحازت إلى جانب واحد في وقت يتعيّن عليها موازنة علاقتها مع جميع الأطراف.

وقال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي يوم الاثنين إنّ فجوة المعلومات بشأن الأنشطة النووية الإيرانية تتسع. “عملية التوضيح التي نحاول إجراؤها مع إيران لم تُثمر حتى الآن. ما زلنا نتوقع حدوث ذلك”.

وتأتي تعليقات غروسي بعد أيام من إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الأخير عن إيران أنها “ليست في وضع يسمح لها بتقديم ضمانات بأنّ برنامج إيران النووي سلمي بشكل حصري”.

تطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران تزويدها بتفسيرات ذات مصداقية في ما يتعلّق بجزئيات اليورانيوم الاصطناعية الموجودة في ثلاثة من مواقعها غير المعلنة.

ويشير التقرير إلى أنّ “قضايا الضمانات المتعلّقة بهذه المواقع الثلاثة لا تزال معلّقة”. وتصرّ إيران على إغلاق التحقيق، مؤكدةً أنّ الوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة يجب أن لا تتأثر بالضغط السياسي.

في المقابل، علق المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي على تصريحات الوكالة الدولية، قائلًا إنّ “طهران تعاونت بالفعل مع الوكالة في تحقيقاتها بشأن المواقع المذكورة”. ورفض كمالوندي تصريح غروسي الأخير، لافتًا إلى أن “الحديث عن فجوة في مراقبة برنامج إيران النووي ليس لها أساس قانوني”، وحث الوكالة الدولية للطاقة الذرية على عدم الحكم على أساس ما وصفه بـ”وثائق ملفّقة قدمها النظام الصهيوني تحمل أهدافًا سياسية محددة”.

مع استمرار الجمود، من غير الواضح ما إذا كان أي من الجانبين سيتراجع خطوة إلى الوراء تسمح بالتوصل إلى حل وسط، مع تأكيد طهران على لسان مصدر مسؤول لـ “جاده إيران”، أن “بلاده جاهزة لجميع الخيارات. إذا كان الطرف الآخر لديه الجهوزية للاتفاق، فيمكن الانتهاء من الترتيبات في غضون أيام قليلة، أو حتى أقل من ذلك”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: