الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة2 سبتمبر 2022 10:28
للمشاركة:

ما هو الخطأ الذي يرتكبه الليبراليون عند التعامل مع إيران وكوبا؟

أشار الكاتب الأميركي ماتثيو بيتّي إلى أنّ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما اتخذ خطوات أكثر تجاه تطبيع العلاقات مع إيران وكوبا من أي رئيس أميركي آخر منذ عقود، مضيفاً أنّ أنصار أوباما كانوا قد وعدوا بأنّ زيادة الروابط مع الولايات المتحدة ستساعد في تحرير المجتمعين الإيراني والكوبي.


وفي مقال له في مجلّة “الناشيونال إنترست“، قال بيتّي إنّ الصقور حاربوا بضراوة لإيقاف تشكل تلك الروابط، بحجة أنّ تغيير النظامين الكوبي والإيراني هو الحل الوحيد، لافتًا إلى أنه في حين عملت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على وضع طهران وهافانا تحت ضغط أميركي أكبر من أي وقت مضى، حاولت الإدارة الأميركية الحالية بقيادة الرئيس جو بايدن الحد من التوترات، مع إظهار القليل من الرغبة بشأن انفتاح دبلوماسي كبير.


وبحسب الكاتب، تعلن حالياً مجموعة من الصقور الليبراليين عن نفسها على أنها تمثل الطريق الوسطي، حيث تجادل بأنّ كلًا من الدبلوماسية الساذجة وحملات العزل العنيف فشلت، تاركةً المعتدلين المنهكين في العالم لتشكيل مسار أكثر عملية.


وتُختصر رؤية هذه المجموعة، كما ورد في مقال بيتّي، بأن تبقى العقوبات الاقتصادية، لكن مع استثناءات إنسانية، كما سيستمر الضغط العسكري، لكن على شكل ضربات دفاعية دقيقة، وفي حين أنّ تغيير النظام في إيران وكوبا لا يزال هو الهدف، لكنه سيأتي نتيجة لعب مباراةٍ طويلة.


وتابع الكاتب: “لا يوجد أي من هذه المعسكرات على استعداد للتعامل من إيران وكوبا كما هي. لا يمكن للدبلوماسية أن تكون مجرّد وسيلة لتأمين المصالح الأميركية، ولكن يجب أن تحقق انتصار أسلوب الحياة الأميركي. غالباً ما يكون المركز الليبرالي المتشدد، الذي يفتخر بالاعتدال والبراغماتية، هو الأكثر هوسًا بالنصر الأيديولوجي”.


وفي هذا السياق، أشار بيتّي إلى أنّ المحلل في مؤسسة كارنيغي وخبير العلاقات الأميركية – الإيرانية كريم سجادبور هو أحد الصقور الليبراليين الأكثر وضوحًا، كما ذكر أنّ سجادبور في سلسلة من مقالاته اعتبر أنّ التطبيع مع إيران مستحيلٌ لأنّ الجمهورية الإسلامية بحاجة إلى معاداة الولايات المتحدة من أجل البقاء.


ووفق بيتّي، يقترح سجادبور حرباً باردة دائمة تهدف إلى إخراج القيادة الإيرانية من حالة التوازن، مما سيفتح المجال لثورة ديمقراطية ليبرالية داخل إيران، برأي الأخير.


هنا ذكّر بيتّي بأنّ سجادبور قارن في مقال له نُشر مؤخّرًا في صحيفة “نيويورك تايمز” القائد الأعلى الإيراني علي خامنئي بالأخوين كاسترو في كوبا، حيث أراد الطرفان حكم دولتيهما “المنعزلتين من الرأسمالية الدولية والمجتمع الدولي”،.


وجاء في مقال لسجادبور: “بالنسبة للسيد خامنئي، فإنً الوضع المثالي هو القدر المناسب من العزلة. السيد خامنئي لا يريد أن يكون لا كوريا الشمالية ولا دبي. إنه يريد أن يكون قادراً على بيع نفط إيران في السوق العالمية من دون عقوبات، لكنه لا يريد أن تكون إيران مندمجة بالكامل مع النظام العالمي”.


وعلّق بيتّي على هذا الكلام بالقول: “هناك عبارة أقصر بكثير لما يصفه سجادبور: السيادة الوطنية. يرغب قادة إيران وكوبا بالتعامل مع العالم على أساس براغماتي، مع الحفاظ على أنظمة الحكم الخاصة بهم. من المفترض أن تعمل الدول القومية بهذه الطريقة”.


ولفت بيتّي إلى أنّ المبعوث الأميركي السابق الخاص بإيران برايان هوك كان مولعًا بالادعاء بأنّ إيران ليست دولة “ويستفالية”، بل إنها “مافيا دينية فاسدة”. يضيف بيتّي: “على العكس من ذلك، فإنّ القادة الأميركيين هم من نسوا مبادئ ويستفاليا. لا تعرف واشنطن حقًا كيف تستوعب البلدان التي ترغب بالقيام بأعمال تجارية من دون استيراد مجموعة كاملة من المؤسسات على الطراز الأميركي أو قبول حالة تابعة للولايات المتحدة”.


ورأى الكاتب الأميركي أنّ حلم إيران وكوبا بنشر الثقافة الإسلامية في الحكم أو الشيوعية في العالم بنفس الطريقة التي تمارسها الولايات المتحدة اليوم انتهى بعد ثلاثة عقود تربعت خلالها الأخيرة على عرش القوة العظمى، وعزلة طويلة عن الدول المجاورة.


وأكمل بيتّي: “القومية هي الاسم الجديد للّعبة. يحاول السياسيون الإيرانيون المزج بين الرموز الإسلامية والإشارات إلى امبراطوريات ما قبل الإسلام. من المرجح أن يرى زائر هافانا صور الشاعر الوطني خوسيه مارتي أكثر من كارل ماركس وفلاديمير بوتين. الراحل فيديل كاسترو، الذي حاول ذات مرة القضاء على الدين، تعلّم في النهاية احتضان القديسين الأفرو – كوبيين. يتحدث متشددو النظام في طهران وهافانا عن الاستقلال والأمن، بدلًا من نشر لواء الإسلام والماركسية”.


رغم ذلك، أكد الكاتب أنّ العداء للولايات المتحدة يُعتبرُ جزءاً من أيوديولوجيّتَي إيران وكوبا، وذلك بسبب التهديد المادي الذي تشكّله واشنطن على سيادتهما، مشددًا على أنه لا يتعيّن على المرء أن يؤمن بالأخلاق الإسلامية أو النظرية الاقتصادية الماركسية لرفع الراية بوجه عدو خارجي.


ونقل بيتّي عن الموسيقار الإيراني المنفي محسن نامجو قوله عام 2019: “إذا بدأت الحرب، لا قدّر الله، فعمدئذٍ أنا … الرجل الذي لا يوصف إلا بأنه كافر، سأعود لإيران كي تدافع عن وطني الأم”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: