الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 أغسطس 2022 17:01
للمشاركة:

75 عاماً في الشعر.. هوشنك ابتهاج بحضرة حافظ وشجريان

لعلّ من الصعوبة بمكان سرد سيرة شاعر وكاتب ومحقق كهوشنك ابتهاج الذي تُوُفّيَ في العاشر من شهر آب/ أغسطس الجاري عن عمر يناهز 94 عزماً، قضى 75 منها كشاعر أولاً ثم كناشط ثقافي ومحقق وباحث، إذ كيف لنا اختزال هذه الحياة المليئة بالأحداث والإبداع من دون إنقاص.

كانت بداية “سايه” أي الظل، وهو اللقب الذي اتخذه ابتهاج لنفسه جرياً على عادة الشعراء الكلاسيكيين مع الشعر في عمر 19 عاماً، مع مجموعته الشعرية الأولى “الترانيم الأولى”، وقد قدمها حينها مهدي حميدي شيرازي الذي كان يُعدُّ أهم الوجوه الأدبية في النقد والشعر والأدب عموماً، وبذلك نستطيع أن نقول إنّ هوشنكا ابتهاج دخل الساحة الشعرية والأدبية من بابها الواسع، في فترة كانت الحياة مقلقة للغاية، مع نهايات الحرب العالمية الثانية، والتي ألقت بظلالها على مختلف بقاع العالم، وأثرت على مختلف مناحي الحياة، ومنها الأدب وفنون الإبداع المتنوّعة.

قدّم ابتهاج شعراً غزلياً من وحي الغزليات الفارسية الكلاسيكية، مثل حافظ وسعدي وغيره، وليس الموضوع فقط هو ما اشترك به في غزلياته، لكنّ ابتهاج الذي عاصر بواكير الحداثة الشعرية في إيران، كتب شعراً حراً ومتفلّتاً من قيود الوزن أيضاً، وجرّب الفنون الشعرية المختلفة.

السياسة تاليا

على الرغم من أنّ مجايلي ابتهاج كانوا قد انخرطوا في السياسة وانتموا إلى الأحزاب، وكان اليسار يهيمن على التوجهات العامة للمثقفين والناشطين في المجال الثقافي والأدبي عموماً، فإنّ ابتهاج لم ينخرط في ذلك، وكان في خضم ذلك يكتب غزلياته، وقد شهد في ريعان شبابه عشقاً لفتاة أرمنية، كانت عنواناً لرهافته الشعرية.

ابتعاد ابتهاج عن السياسة في شبابه لم يكن ليعني أن ينأى بنفسه عن نبض المجتمع، واتخاذ بعض المواقف السياسية، فإثر أحداث ميدان جاله أو ما تُسمّى بالجمعة السوداء 1978 التي قُتل فيها العديد من المتظاهرين، وكانت من أهم بوادر الثورة الإسلامية لاحقاً، استقال هو ومجموعة مثقفين من العمل في الإذاعة التي كان يقدم فيها برنامجاً أسبوعياً عن الموسيقى، هم محمد رضا لطفي، محمد رضا شجريان وحسين علي زاده.

وسُجن الشاعر الإيراني كذلك عقب انتصار الثورة الإسلامية مدة عام بسبب كتاباته، وبعدها بأعوام وتحديداً في عام 1987، سافر إلو ألمانيا، لكنه كان يتردد على إيران بعدها، وظل الطابع العام لابتهاج الابتعاد عن السياسية.

ترانيم “سايه”

كان لعمل هوشنك ابتهاج في إذاعة إيران عام 1970 وحتى استقالته عام 1978 وتقديمه برنامجاً عن الموسيقى دور في توطيد علاقته بالفنانين الكبار، الذين كان يعمل بعضهم معه، كمحمد رضا شجريان، وقد كان لأسلوبه في غزلياته ورهافتها وقربها من الذوق الإيراني، وخاصة المتمسكين بالهوية والروح الإيرانية، جانب مهم في اختيار كبار الفنانين لأدائها. وقد غنى قصائده فنانون كبار أنصار محمد رضا شجريان، علي رضا افتخاري، شهر امناظري وغيرهم.

كان لإلقاء ابتهاج قصائد في حضرة حافظ شيرازي العام 1967 التي لاحقت استحساناً كبيراً من قبل الجمهور دور كبير في التفاته بشكل أكبر إلى شيرازي، وقد وصف ذاك اليوم في روايته “من باريس إلى باريس”، وكيف أنّ الناس كانوا يطالبونه بالمزيد بحماس كبير.

منزل الأرجوان

في العام 2007، كانت محافظة جيلان على موعد لتسجيل بيت هوشنك ابتهاج والذي بناه بنفسه على قائمة التراث الثقافي الوطني، واعتباره أقراً ثقافياً وطنياً، وتسميته ب”منزل الأرجوان”، نظراً لوجود شجرة أرجوان فيها وقصيدة لابتهاج ذائعة الصيت عن هذه الشجرة.

فابتهاج من مواليد مدينة رشت التي قضى فيها طفولته ودراسته عام 1928 التابعة لمحافظة جيلان شمال غرب البلاد.

وفي العام 2016، تم منحه جائزة الدكتور محمود أفشار يزدي الأدبية التاريخية الثالثة والعشرون، وأخيراً في العام 2017، كان ابتهاج على موعد مع أعلى جائزة للمهرجان الدولي السادس للفنون من أجل السلام، وقد حصل على جائزة “الفن من أجل السلام” العالمية إلى جانب ثلاث فنانين آخرين.

من أشهر قصائده المغناة هي “إيران اى سراى اميد/ إيران يامنزل الأمل”، التي غناها محمد رضا شجريان، والتي تعد من الأغاني الوطنية الإيرانية.

يقول في نصّ له من ترجمة محمد الأمين الكرخي:
نعم ، ليس هناك خوف من الموت…
أبسط قضية أمامنا هي الموت.
موتنا أسهل من قطف وريقة.
خوفي إنما على هذه الحديقة.
شخص ما يتربص خلف الباب بفأس حادة.

سيرة ذاتية مقتضبة

● أمير هوشنك ابتهاج المعروف أيضا بـ (ه.ا. سايه)
● من مواليد مدينة رشت بمحافظة جيلان في 25 شباط/ فبراير1928.
● درس الابتدائية والإعدادية في رشت، ثم الثانوية في طهران.
● نشر أولى مجموعاته الشعرية في عمر التاسعة عشر 1947.
● أصدر عدة مجلات أدبية في بدايات الخمسينيات من القرنالماضي.
● عمل في إذاعة إيران الرسمية مقدما لبرامج تعنى بالثقافةوالموسيقا منذ 1971 وحتى عام 1978.
● عمل كمدير لمؤسسة الإسمنت الإيرانية 22 عاماً.
● سجن في بدايات الثورة الإسلامية لعام كامل بسبب كتاباته.
● سافر إلى ألمانيا ولاية كولن في العام 1986 لكنّه ظلّ يتردّد على إيران.
● في العام 2007 تم وضع منزل ابتهاج على قائمة التراث. الثقافي الوطني، وتسميته ببيت الأرجوان.
● في العام 2016 كانت تم منحه جائزة الدكتور محمود أفشاريزدي الأدبية التاريخية الثالثة والعشرون.
● في العام 2017 حصل على جائزة (الفنّ من أجل السلام) العالمية.
● توفي بأحد مشافي كولن بألمانيا في 10 آب 2022.
● من دواوينه (الترانيم الأولى 1947 – صفحات من ليلة يلدا1965 – نصب تذكاري لدم الأرز 1981 – مرآة داخل مرآة1995 – الحزن والتململ 2006).
● حقّق ديوان حافظ الشيرازي وقضى عدة سنوات في هذاالعمل، وأعاد مراجعته لمرات، 1994.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: