الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 أغسطس 2022 23:32
للمشاركة:

“لاينبغي مجاملة أحد في هذا العالم”.. برلماني إيراني يشرح أسباب احتياج البلاد للقنبلة النووية

على ضوء التصريح الأخير لرئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي الذي تحدث فيه عن قدرة إيران الفنية على تصنيع قنبلة ذرية، وبالإشارة إلى تصريحات سابقة في هذا الإطار أدلى بها كلًا من رئيس المجلس الاستراتيجي لسياسات إيران الخارجية كمال خرازي، وأمين لجنة حقوق الإنسان في البلاد محمد جواد لاريجاني، نشر موقع "ايران ديبلوماسي" مقابلة مع عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني احمد بخشايس اردستاني، الذي يحمل شهادة دكتوراة في العلوم السياسية من جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية، والمصنف كباحث في القضايا الدولية ومجال الأمن. موقع "جاده إيران" يقدم ترجمة لأبرز ما جاء في ذلك النص:

بعد إفصاح رئيس المجلس الاستراتيجي لسياسات إيران الخارجية كمال خرازي قبل أسابيع، ومن ثم أمين لجنة حقوق الإنسان الإيرانية محمد جواد لاريجاني الاثنين 1 أب/ أغسطس 2022، عن قدرة إيران على صنع أسلحة نووية، أدلى رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي بتصريح مماثل. وجاء في بيان لإسلامي: “كما ذكر السيد خرازي، تمتلك إيران القدرة الفنية لصنع قنبلة ذرية، لكن مثل هذا البرنامج ليس على جدول أعمالنا”.

وبعد أقل من يوم، حاول المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي شرح كلام إسلامي في مقابلة مع شبكة “الميادين”، حيث قال: “هناك سوء تفسير لتصريحات رئيس هيئة الطاقة الذرية بخصوص قدرة إيران على الحصول على قنبلة نووية. إيران بسبب قدراتها الإستراتيجية لا تحتاج إلى قنبلة نووية ولن تتجه نحو صنع قنبلة نووية”. لكن يبدو أنّ ما حاول المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية القيام به غير مجدي، لأن عضو البرلمان محمد رضا صباغيان بافقي وفي جلسة برلمانية علنية في نفس اليوم (الثلاثاء الماضي)، تحدث ليس فقط عن “القدرة” ولكن أيضاً عن وجود “رغبة” إيرانية لصنع أسلحة نووية، حيث علّق بالآتي: “إن العدو يعلم بأنه في حال استمرار الغطرسة والتهديد، سنطلب من القائد الأعلى للثورة الإسلامية تغيير إستراتيجية وفتوى صنع الأسلحة النووية”.

وفي هذا الشأن يعتقد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني أحمد بخشايش أردستاني بأنه لا ينبغي ولا يمكن لإيران أن تكون محايدة بعد الآن بسبب تجربتها التاريخية في الحرب العالمية الأولى والثانية، معتبراً أنّ سياسة الحياد لم تعد تعمل. ويبدو أنّ إيران لديها القدرة على صنع أسلحة نووية، لكنها لا تحاول الوصول إلى هذه النقطة، إنما تحاول استخدام استعراض “القدرة”، بالتوازي عدم وجود “الرغبة” لصنع الأسلحة النووية كأداة ضغط على الجانب الآخر.

مع ذلك، ما زلت أعتقد بأنّ على جمهورية إيران الإسلامية أن تتجه نحو صنع الأسلحة النووية. وبالنظر إلى الظروف المحلية والإقليمية والعالمية، خاصة بعد حرب أوكرانيا، أقدم هذا التحليل بشكل أكثر حسماً، لأن إيران ليس لديها خيار سوى صنع أسلحة نووية. لأن المراهنة على أن تصب تلك التغيرات المذكورة في صالح إيران لن يكون دقيقًا، وهو ذاته الأمل الذي كانت تنتظره حكومة روحاني على المقلب الأميركي، حيث ينبغي السؤال هل ساعد مجيء الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنصب بحلّ المشكلات أو تفاقم الأزمة؟

لذا، إن وصل بايدن أو أي رئيس آخر في الولايات المتحدة إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية عام 2024 لا يمكن لذلك أن يغيّر الوضع. وحتى لو أصبح شخص أكثر مرونة من بايدن، مثل بيرني ساندرز، رئيساً للولايات المتحدة بعد عامين، فهذا لايغيّر شيئاً. إن الحل الوحيد هو صنع أسلحة نووية، الأمر الذي سينهي هذا النزاع المستمر منذ 20 عاماً بشأن القضية النووية ويوضح موقفنا من العالم مرة واحدة وإلى الأبد. نعم أنا أعتقد بأنّ إيران لديها القدرة على صنع قنبلة نووية ويجب أن تصنعها. وأقولها بكل صراحة، لأن من أجل مصلحتنا وأمننا، لا ينبغي أن يكون لدينا أي مجاملة مع أي شخص أو حركة، سواء في الداخل أو في المنطقة أو في العالم؛ الأولوية هي حماية أمن جمهورية إيران الإسلامية ومصالحها.

الآن ولأي سبب كان، هناك صراع لا يمكن حله بين إيران وإسرائيل. لأي سبب من الأسباب، إن كان صواباً أو خطأ، نحن الآن في حرب شاملة مع الصهاينة. الآن، وفقاً لبعض الإحصاءات، تمتلك إسرائيل ما بين 70 و 400 رأس نووي. إذاً، لأجل “توازن الرعب”، يجب على إيران أن تحقق القدرة على صنع أسلحة نووية، وطبعاً عدد الرؤوس النووية ليس مهماً لتوازن الرعب. على إيران أن تتجه نحو إنتاج أسلحة رئيسية لتحقيق التوازن مع إسرائيل.

بالتأكيد إن جزء من المشاكل الحالية في البلاد، ليس بسبب العقوبات، ولكن بسبب الفساد المنهجي وعدم الكفاءة وعدم وجود برنامج لدى جميع المسؤولين في جميع الحكومات. لا أقصد حكومة واحدة فقط. فكل الحكومات مسؤولة عن الوضع الحالي. والأهم عندما نشهد هذا الحجم غير المسبوق من العقوبات والضغوط المعيشية على الشعب الإيراني، فلماذا لا يكون الحد الأدنى من كل هذا الضغط هو صنعنا لقنبلة نووية؟! لأنه ليس من المنطقي حقاً أن نتحمل سياسة الضغط الأقصى، ومن ناحية أخرى، فإن قوتنا الذرية ليست قادرة حتى على إنتاج الكهرباء.

إضافة إلى هذا، إننا ندفع مبالغ مالية أيضاً. هذا ليس عقلانياً ولا ممكناً أصلاً. وهنا يبرز السؤال الأهم في أذهان الشعب الإيراني: إذا كنا نعاني من العقوبات والضغوط الاقتصادية لسنوات عديدة بسبب الأنشطة النووية، فمتى يجب أن تأتي إلينا هذه القوة؟ إذا لم تستطع الطاقة النووية تعويض نقص الكهرباء، فما الفائدة؟

يجب ألا ننسى أنه في ظل هذه العقوبات، تضرر الاقتصاد الإيراني بمليارات عدة من الدولارات، وتأثرت سبل عيش الناس، وأصبحت مائدة طعام الإيرانيين أصغر وأصغر، وتوفي مرضى السرطان؛ لذلك، هناك ضرورة للرد على كل هذه الضغوط المفروضة لمجرّد أنّ جمهورية إيران الإسلامية تبحث عن طاقة نووية سلمية وعن المعرفة، بصنع قنبلة ذرية، وذلك على الأقل لإيجاد توازن الرعب ضد إسرائيل بعد أن تحملنا كل هذه التكاليف والضغوط في هذه السنوات.

يجب ألا نربط امتلاك الأسلحة النووية واستخدامها لتحسين الأمن الداخلي والخارجي بالمشاكل الاقتصادية والمعيشية، على الرغم من أن العقوبات تسببت بربط هاتين المسألتين معاً. يجب على إيران أن تتحرك باتجاه يسمح لها بصنع قنبلة نووية وحل المشاكل المعيشية. لا يجب أن نرى امتلاك أسلحة نووية على أنه وحش؛ هذه أيضاً نقطة تاريخية يمكن تجاوزها. إن المشكلة هي السياسة الخاطئة لحكومة إبراهيم رئيسي، لأنه لا يمكن تحسين الاقتصاد بالشعارات. وأنا أيضاً من أشد المنتقدين للوضع الحالي. وفي حديثي السابق مع صحيفة “شرق”، انتقدت بشدة الفريق الاقتصادي لحكومة رئيسي ونظرة جامعة الإمام صادق للاقتصاد.

إيران لن تصبح مثل كوريا الشمالية. لأن كوريا الشمالية هي كوريا الشمالية وإيران أيضاً هي إيران. تمتلك إيران إمكانات عالية جداً في مجال الجغرافيا السياسية، ولديها نقاط عالية في مجال الطاقة والموارد البشرية والجوفية. إيران النووية وإيران بأسلحة نووية لن تكون مغلقة ومحدودة مثل كوريا الشمالية.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ موقع “ايران ديبلوماسي

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: