الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة29 يوليو 2022 21:10
للمشاركة:

الواقع الأمني والمعيشي في خوزستان.. سكان الأهواز يطالبون السلطات بالتحرّك

طالب سكان محافظة خوزستان الأسبوع الماضي في رسالة موجهة إلى وزير الداخلية والمحافظ ورئيس بلدية الأهواز وقائد المنطقة والقائد العام لقوة شرطة المحافظة بضمان الأمن، حيث تم تشكيل حملة مستقلة بهذا الشأن لجمع التواقيع. وأوضحت الكاتبة في صحيفة "هم‌ میهنان" الهه باقري سنجرئي الواقع الأمني في المنطقة على مدار السنوات السابقة، شارحة كيفية تعامل السلطات المحلية مع ذلك.

وجاء في الرسالة: “بالنظر إلى أننا نشهد هذه الأيام في الأهواز حالة من انعدام الأمن، بما في ذلك سرقة المنازل، سرقة الدراجات النارية والدراجات الهوائية في الأماكن العامة، عمليات نشل متكررة واضطرابات في الشوارع، لذلك نطلب من المسؤولين الكرام التعامل مع الوضع الفوضوي في مدينتنا بأسرع وقت وضبط الأمن”.

واستطاع هذا الطلب جمع سبعة آلاف توقيع في فترة زمنية قصيرة، لكن سرعان ما تقدمت شرطة مدينة الأهواز بطلب لإلغاء هذه الحملة، وهو ما حصل فعلًا بأمر قضائي من المحكمة.

وبحسب مسؤولي الحملة، في اليوم الأول لنشر هذا المطلب، طلب مديرو الشرطة في الأهواز وقف هذا الأمر، حيث تم إرسال أمر محكمة إلى الرئيس التنفيذي للحملة حميد بيدي من خلال الشرطة في المحافظة، وذلك نيابة عن مكتب المدعي العام في طهران.

من هنا، قال بيدي للصحيفة: “إيقاف حملة شعبية لن ينتج عنه سوى جعل الموقعين على تلك الحملة أكثر غضبًا وزيادة استيائهم، كما أنه سيؤدي إلى اليأس من الخيارات المدنية للمطالب الاجتماعية من دون استخدام العنف. ومن الطبيعي أنه عندما يوقّع آلاف الأشخاص على حملة ما، فإنهم يتوقعون الحصول على إجابة مقنعة من مسار منطقي وإداري وآمن. إلغاء هذا المطلب القانوني سوف يسبب لهم خيبة الأمل. من ناحية أخرى، تخلق هذه القضية موجة إعلامية واسعة داخل وخارج ايران، مما يؤدي بسهولة إلى إخراج الفضاء الإعلامي للموضوع من الحالة المنطقية”.

رسميًا، ينفي المسؤولون وجود أي مشاكل أمنية في الأهواز، حيث قال وزير الداخلية أحمد وحيدي في 11 أيار/ مايو الماضي: “الأمن مستقر في الأهواز والجميع يعيش بسلام”. إلا أنّ الأهوازيين كرروا الحديث عن انعدام الأمن في منطقتهم، ودائمًا ما يكررون شكواهم التالية: “إذا ساعدتنا الرياح والتربة والأمطار وخلت السنة والشهور من العواصف الرملية والفيضانات، وإذا لم تتورّط العشائر في معارك دامية مع بعضها البعض، وإذا لم يؤدِّ غليان العواطف إلى جرائم الشرف، بلا شك بسبب الأزمات الاقتصادية والفقر والبطالة والتهميش المتزايد، ستواجه خوزستان باستمرار انعدام الأمن الاجتماعي، من سرقة معدات البنية التحتية للمدينة، مثل كابلات الهاتف والأسلاك الكهربائية، وسرقة الهواتف المحمولة والابتزاز بجميع أنواع الأسلحة في الشوارع المزدحمة”.

من خلال البحث البسيط في أرشيف الأخبار على مدار السنوات العشر الماضية، صادفنا العديد من التقارير عن انعدام الأمن والسرقة والاضطراب الاجتماعي في مدن مختلفة في خوزستان. ففي مطلع عام 2014، أعلن المشرف على مركز معالجة السرقات الخاص بمدينة الأهواز محمد أحمدي إنّ الإحصائيات تدل على أنّ السرقات الصغيرة في ذلك العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2013 قد زادت، مشيراً إلى أنّ أهم الأسباب التي أدت لهذه الزيادة هو الفقر، بالإضافة إلى وجود شعور بالاختلاف والتمييز في المجتمع، انتشار الإدمان على المخدرات وانخفاض مستوى الوعي الاجتماعي والثقافي لبعض الأسر.

عام 2018، أعلن أحد ممثلي خوزستان في مجلس خبراء النظام، هو عباس كعبي، إنّ خوزستان لديها أعلى إحصائيات لانعدام الأمن الاجتماعي، مثل المخدرات، الطلاق والأضرار التي تلحق بالأسرة، الفقر، السرقة وعواقب التهميش بين المحافظات.

وفي العام نفسه، أعرب النائب القضائي لخوزستان عباس حسيني بويا عن استيائه من تزايد حالات السرقة، داعيًا لضرورة إنشاء مقرّ يُعنى بمنع السرقة في خوزستان. وفي السياق لفت قائد شرطة خوزستان محمد صالحي أثناء تنفيذ خطة التحسين الاجتماعي عام 2021، إلى أنه تم القبض على 99 لصًا محترفًا في ستة أيام فقط، اعترفوا بـ249 نوعًا من السرقة، شملت عمليَّتَي سرقة بالسلاح.

وهذا كله ليس إلا غيضًا من فيض، فهذه القضية يرى العديد من النشطاء والمواطنين والمقيمين في مختلف مناطق خوزستان أنها أصبحت مشكلتهم اليومية. ومع كل ما يحدث ما تزال سلطات المدينة تتجاهل مطالب المواطنين بضمان أمن هذه المحافظة وتتعامل معها بصورة سلبية وسط صمت ولا مبالاة من قبلها.

بطالة في قلب الصناعة الإيرانية

من جهته، قال عضو البرلمان الإيراني السابق علي ساري إنّ مشاكل الأهواز وانعدام الأمن لها أسباب عديدة، أهمها البطالة، الفقر والأزمة الاقتصادية والمعيشية المستعرة، لأنّ محافظة خوزستان هي القلب الصناعي لإيران، وإنّ عدم وجود وظائف لأغلب الشبّان يتسبب بأضرار كثيرة في المدينة، على حد تعبيره.

وأمام هذا الواقع، رأت الكاتبة والناشطة الاجتماعية في مدينة عبادان ماندانا صادقي، في حديث مع الصحيفة، أن “المشاكل في المحافظة بأكملها، من أقصى نقطة في الجنوب إلى أقصى الشمال، تتشابه مع بعضها البعض”.

وأضافت: “لا يقتصر انعدام الأمن على الأهواز ويمكن رؤيته في المحافظة بأكملها، وربما لم يواجه المسؤولون الذين لا يهتمون بها حتى الآن حالات انعدام الأمن بسبب نمط حياتهم. ففي الأهواز، وحتى في المناطق المتميّزة مثل بادادشهر أو كيانباراس، لا يجرؤ أي من المارة على حمل هاتفه المحمول في يده رغم أنّ السلطات تهتم بتلك المناطق أكثر بسبب وجود سكان يتمتعون بظروف مالية جيدة. وحتى في حدائق المباني، ورغم وجود كاميرات مراقبة أو أجهزة إنذار ضد السرقة، إلا أن الإحصائيات تدل على الكثير من عمليات السرقة هناك “.

وتابعت قائلة: “بحسب الإحصائيات المنشورة في شهر كانون الثاني/ يناير من العام الماضي، فإن هذه المدينة لديها أكثر المناطق الهامشية في البلاد من حيث مساحة المناطق الهامشية، حيث تضم 20 حيًا هامشيًا، وقد تم التخلي عن أطراف المدينة لدرجة أنه تم اعتبارها بمثابة درع بشري لمنع دخول الأضرار الاجتماعية، مثل السرقة والصراعات والأزمات الطبيعية كالفيضانات والجفاف وما إلى ذلك، الى المناطق الحضرية. لذلك، من الطبيعي أننا عندما نواجه مدينة تم التخلي عن أطرافها تمامًا ولم يتم القيام بأي نشاط ثقافي فيها، يجب أن نواجه العنف وانعدام الأمن”.

ويوافقها الرأي رئيس المجمع النسائي والنائب التنفيذي السابق للإدارة العامة لمحافظة خوزستان بريشهر رضائي مشيرًا إلى أنّ انعدام الأمن لا يكون فقط بالسطو المسلّح، بل أيضًا تعبر عنه مشاكل تتعلّق بالصرف الصحي، قلة وسائل النقل العام، انعدام الأمان للنساء في شوارع المدينة، الجهل بالطريقة الصحيحة لتقديم الطلبات والاعتراضات وسوء الخدمات المقدمة.

رضائي نوّه في هذا الإطار إلى أنّ الناس غاضبون جدًا ولا يعرفون الطريقة الصحيحة للتعبير عن مطالبهم، بحيث يظهرون ردود فعل واسعة مع أصغر مشكلة.

ووفق تقرير وكالة أنباء فارس في 2 آب/ أغسطس الجاري، أعلن مدير عام محكمة حسابات خوزستان إنه في العام السابق، تم العثور على 748 مخالفة في مؤسسات حكومة خوزستان، باختلاسات بلغ مجموعها خمسة آلاف مليار تومان، وحتى الآن تم تحديد 94 مليار تومان كخسائر مؤكدة.

فقر النساء يشكل خطرًا على أمن الأهواز

من هنا، رأت عالمة النفس والباحثة في مجال المرأة بونه بيل رام أنّ النساء في أطراف محافظة خوزستان ومدينة الأهواز يعانين من سلسلة من الأزمات، وأنّ النساء اللواتي يعشن في المركز لديهنّ مشاكل أخرى بسبب انعدام الأمن، مضيفةً أنّ القضايا الثقافية هي أكثر ضررًا من انعدام الأمن على المرأة، لأنّ الأهواز مدينة ترحب بالمهاجرين الذين يشملون النساء الفقيرات، أي أن النساء من مقاطعات أخرى يأتون إلى الأهواز بحالة من الفقر، ويتم تأجير بيت بسهولة لامرأة ليس لديها شهادة ميلاد أو لنساء منحرفات، وهو أمر لا يحدث بسهولة في مدن أخرى، بحسب رأيها.

ووفق عالمة النفس، فإنّ هذا القبول للمهاجرين يدل على أنه ليس هناك أي أمان في المدينة، مؤكدةً أنّ زيادة هؤلاء المهاجرين تخلق العديد من المشاكل، خاصة في الثقافة العامة التي تسمح بإيذاء المرأة.

وشددت بيل ران على أنَ جزءًا من أسباب ما يحدث يعود للمديرين والمسؤولين، فعندما تقبل هذه المدينة النساء الفقيرات، فإنها تقبل انعدام الأمن والضرر الاجتماعي وبيع الأطفال وما إلى ذلك، وعندما تزيد الضواحي المهمشة، ويزيد عدد النساء المعيلات لأسرهن اللواتي لا يتمتعن بظروف اقتصادية جيدة، فإنه من الطبيعي أن يتم التخلي عن الثقافة بينهن وبالتالي ازدياد الوضع سوءًا، كما تؤكد الباحثة في مجال المرأة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: