الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة29 يوليو 2022 22:38
للمشاركة:

اقتراحات لإحياء الاتفاق النووي.. استمرار الوضع الراهن ليس في مصلحة إيران

أجرت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، حوارًا مع محلل القضايا الاستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران ناصر هاديان، حول ما اعتبرته انسداد في مسار المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي، حيث أكد هاديان أنّ "فشل المفاوضات يعني تصعيدًا جذريًا للتوتر، الذي لن ينجو أحد في منطقة غرب آسيا من تداعياته".

أجرت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، حوارًا مع محلل القضايا الاستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران ناصر هاديان، حول ما اعتبرته انسداد في مسار المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي، حيث أكد هاديان أنّ “فشل المفاوضات يعني تصعيدًا جذريًا للتوتر، الذي لن ينجو أحد في منطقة غرب آسيا من تداعياته”.

واعتبر هاديان أنه من أسباب عدم التوصل لنتيجة في المفاوضات النووية هو عدم استعداد الولايات المتحدة لدفع النفقات اللازمة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، وكذلك التغييرات التي أحدثتها الانتخابات الرئاسية في إيران مع تحوّل المفاوضات النووية إلى جدل سياسي داخلي، بالإضافة إلى افتقار فريق التفاوض الإيراني الجديد للخبرة اللازمة وهدره للوقت.

وذكَر محلل العلاقات الدولية في حديثه للصحيفة الإصلاحية بأنه قدّم سابقًا اقتراحات للتوصل إلى اتفاق جيد، من بينها تخزين أجهزة طرد مركزي إضافية ويورانيوم مخصب في إيران، وتغيير طريقة التحقق لتأمين المصالح الإيرانية من إحياء الاتفاق النووي ودفع التعويضات، ومناقشة آلية التشغيل، وإمكانية موافقة إيران على إضافة بنود أو التزامات جديدة للغرب في مجال مراقبة أو تقليص القدرة النووية.

هاديان أشار إلى أنّ هذه الاقتراحات مع قضية الضمان التي يمكن أن تعطي درجة من الاستقرار للاتفاق ستجعل منه أكثر ديمومة، لكن يجب على إيران أيضًا تقديم تنازلات للوصول إلى هذا الاتفاق.

وتابع: “إنَ إحدى نقاط الخلاف اليوم هي مسألة الحصول على ضمانات تؤدي إلى استقرار الاتفاقية النهائية واستمرارها وتحويلها إلى ما يسمى باتفاق جيد”. ولفت إلى أنّ الفريق المفاوض الإيراني لم يكن لديه من يشرح مواقف إيران للعالم، ونتيجة لذلك تحوّل ما كان في صالح إيران إلى ضرر لها، وهكذا استطاع الجانب الأميركي تأطير الموضوع بشكل كامل في إطار أهدافه والسيطرة على روايته والادعاء بأن إيران هي التي ترفض إعطاء رد إيجابي.

الأستاذ الجامعي رأى أنّ المسبب الأساسي لأزمة المفاوضات النووية هو انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مما تسبب بمعاناة لإيران وخسارتها أكثر من 240 مليار دولار، كما لحق بالكثير من الإيرانيين أضرار مادية من جراء العقوبات، وفقد البعض أرواحهم من عواقب ذلك، وكانت النتيجة فقدان الشعب الإيراني ثقته بالغرب وعدم تأييده تحسين العلاقة معه.

وبحسب هاديان، فإنّ الأميركيين ينتظرون أخذ ما يسمونه “عاصمة إيران الإستراتيجية”، والتي تتكوّن من اليورانيوم المخصب بنسبة تتراوح بين 20% و60%، ثم يشرعون باقتراح اتفاقية جديدة ببنود أقوى وأطول.

وخاطب الأميركيين قائلًا: “السؤال في إيران ليس ما إذا كنّا سنعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة أم لا، ولكن ما إذا كنا سنكون أفضل حالًا في اتفاقية أقوى وأطول”.

هاديان اقترح طريقتين على الولايات المتحدة لإرضاء المطالب الإيرانية في ما يتعلّق بمسألة الضمانات، أولهما أن تعترف واشنطن بحق طهران بالعودة الى برنامجها النووي في غضون أسبوع بناءً لاحتياجاتها وتقديرها (تخصيب 20 أو 60 أو 90%)، وثانيًا أن تصدر وزارة الخزانة الأميركية المزيد من التصاريح لتسهيل التجارة مع إيران.

وأكمل: “هذه الطرق تتطلب التزامًا أوروبيًا، حيث يتوجّب عليهم القيام بأمرين أساسيين: الأول هو الالتزام بعدم استخدام آلية الزناد في مجلس الأمن، وعدم التعاون مع واشنطن ضد طهران في مجلس الأمن بحال انسحاب أميركي جديد من الاتفاق النووي، والثاني تشكيل صندوق ووضع المبلغ الذي يحدده الاقتصاديون الإيرانيون كاحتياطي يتراوح من 20 إلى 30 مليار يورو. ويجب أن يقوم هذا الصندوق بأمرين أساسيين: الأول هو تمويل المشاريع التي يزيد عمرها عن 5 سنوات. ثانياً، يجب دفع غرامات الشركات الموقعة على عقود مع إيران من هذا الصندوق في حال الانسحاب الأميركي”.

وعن مسؤولية الصين وروسيا، دعا هاديان هاتين الدولتين للالتزام بتسليم إيران نفس شحنات اليورانيوم التي أخذوها منها خلال أسبوعين بحال انسحاب البيت الأبيض مجددًا من الاتفاق.

وشدد هاديان على أنّ هذه المقترحات تجعل من الصعب على الولايات المتحدة الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة مرة أخرى، مضيفًا أنه يمكن تشكيل لجنة من 15 عضوًا من الشخصيات الدولية المستقلة للتحقيق في ما إذا كان الغرب قد أوفى بالتزاماته في هذه الاتفاقية وما إذا حققت إيران الفوائد التي سعت اليها.

ووفق محلل العلاقات الدولية، فإنّ فشل المفاوضات النووية وعدم التوصل لاتفاق جديد سيؤدي إلى مسارين: الأول هو استمرار الوضع الراهن، وذلك بطريقتين: الأولى بعدم اتخاذ الجانبين أي إجراء هادف لتغيير الوضع في الميدان، وهذا الوضع ليس من مصلحة أي من الأطراف المتفاوضة وخاصة ايران، لأن المستثمرين لا يأتون إليها وليس لديها علاقة مصرفية تجارية عادية مع العالم، واعتمادها على الموارد المحلية محدود ولا تستطيع تزويد السوق بالنفط بطريقة رسمية وبسعر عالمي، كما أنّ التنمية الاقتصادية غير ممكنة في ظل ظروف العقوبات، وكذلك بالنسبة للغرب فهذا الوضع ليس من المرغوب فيه لأنه قلق دائمًا بشأن التطوير الكمي والنوعي لبرنامج إيران النووي.

أما الطريقة الثانية لاستمرار الوضع الراهن فتكمن بأن يتفق الطرفان على نوع من الاتفاق المؤقت المكتوب أو غير المكتوب بشأن مسار تصعيد التوتر، وهو أمر صعب ومعقد وغير ممكن، على حد تعبير هاديان.

المسار الثاني وهو تصعيد التوتر، يمكن أن يتخذ أكثر من سيناريو: الأول، أن تنقل الولايات المتحدة ملف إيران من مجلس المحافظين إلى مجلس الأمن، وتصدر قرارًا على جدول الأعمال، وهنا ستستخدم روسيا أو الصين حق النقض ضده. والسيناريو التالي هو استخدام آلية الزناد المدرجة في خطة العمل الشاملة المشتركة من قبل بريطانيا أو فرنسا، والتي تنتهي بالعودة التلقائية لقرارات مجلس الأمن المعلقة. ردًا على ذلك، ستنسحب إيران ليس فقط من خطة العمل الشاملة المشتركة، بل من معاهدة حظر الانتشار النووي، وعليه ستضطر الولايات المتحدة إلى إنشاء ترتيب عسكري جديد في المنطقة لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية، مع علمها بأنّ هذا السيناريو غير ممكن لأنّ إيران لن تقف مكتوفة الأيدي وستتجه نحو تصعيد التوتر وتحويله إلى حرب إقليمية.

وبشأن إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية، أوضح هاديان أنّ هذا الطلب الإيراني يأتي من موقع ضعف، كما أنّ طلب الولايات المتحدة من إيران عدم الانتقام لمقتل قائد فيلق القدس السابق اللواء قاسم سليماني يأتي أيضًا من موقع ضعف، مذكّرًا بأنّ الحرس يواجه أكثر من 80 عقوبة تحت عناوين مختلفة أخرى، مما يجعل تأثير إزالة اسمه من قائمة المنظمات الإرهابية مسألة رمزية، وفق هاديان.

ودعا هاديان إلى التفاوض مباشرة مع الأميركيين للحصول على أفضل النتائج، وتنحية الوسطاء ذوي المصالح المختلفة.

وفي السياق، اعتبر الأستاذ في جامعة طهران أنّ القانون الإستراتيجي الذي أقرّه البرلمان الإيراني لم يسبب ضررًا لفريق التفاوض الإيراني، مشيراً إلى أنّ تقليص الالتزامات لن يكون أمرًا سلبيًا في المفاوضات، حيث أنّ هذا القانون عزز يد فريق التفاوض وهو يشبه الإجراءات التي اتخذها الكونغرس الأميركي بشأن الاتفاق النووي، بحسب هاديان.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: