الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة29 يوليو 2022 22:44
للمشاركة:

“نصائح إلى إبراهيم رئيسي”.. هكذا يمكن للحكومة الإيرانية حل المشاكل السياسية والاقتصادية

نشر الدبلوماسي الإيراني السابق حسين موسويان رسالة موجهة إلى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أشار في مقدمتها إلى أبرز ما قامت به الحكومة منذ تولّيها الحكم، مبديًا بعض الملاحظات لتحسين أدائها وتطوير البلاد. وأكد موسويان على أهمية العلاقات الإقليمية والسياسات الخارجية لطهران، معتبرًا أنً الاتفاق النووي ليس الحل لجميع المشاكل الاقتصادية والسياسية الإيرانية. ودعا الدبلوماسي السابق الحكومة لتركيز جهودها على حل المشاكل الاقتصادية والتنمية الاقتصادية والصناعية.

في ما يلي ترجمة “جاده إيران” لرسالة موسويان التي نُشرت قس صحيفة “دنياي اقتصاد” التخصصية:

تصدرت التطورات الدبلوماسية العالمية الأسبوع الماضي زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الإقليمية لإسرائيل والسعودية، واجتماع الدول الضامنة لعملية أستانا بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في طهران. وكان الموضوعان مهمّين، لكن تغطيتها الإخبارية كانت أكثر من إنجازاتهما العملية. والملاحظة المهمة هي أنه لبعض الوقت، تستند معظم تحليلات وسائل الإعلام في العالم إلى حقيقة أنّ عصر نهج السياسة الخارجية لإيران في موازنة العلاقات مع العالم الشرقي والغربي قد انتهى، وبهذا انضمت إيران إلى معسكر الشرق.

إن السياسة الإقليمية لحكومة رئيسي والجهود المبذولة لتعزيز العلاقات مع الجيران سياسة صحيحة وحيوية، ويمكن اختصارها بالخطوات التالية: الجهود لوضع اللمسات الأخيرة على عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون، والعضوية في منظمة “بريكس”، ومواصلة المحادثات مع السعودية وتوقيع عقود لخط سكة حديد ممر “شمال ـ جنوب”، والجمع بين الموانئ وخطوط السكك الحديدية والطريق الجديد في أرمينيا إلى البحر الأسود وروسيا، شراء مباشر للبضائع من الهند وتبادلها مع روسيا بالروبل والروبية والريال، ربط السكك الحديدية والميناء الجديد مع باكستان ووصول البضائع مباشرة من الصين عن طريق السكك الحديدية عبر كازاخستان، المحادثات واللقاءات مع الجيران بما في ذلك الإجراءات الإيجابية في تعزيز علاقات إيران الإقليمية، إجراءات أخرى مثل محاولة إقامة علاقات مع مصر، إنشاء ممر بضائع إيران – الأردن وإيران – السويس من الحدود البرية، قطار طهران – بغداد – الرياض حتى البحر الأحمر. إن كل هذه الخطوات يمكن أن تعزز سياسة إيران الإقليمية.

وبعد الاتفاق النووي، كان اجتماع أستانا من المبادرات الصحيحة والناجحة لحكومة رئيسي، والتي عززت حيوية العملية الإقليمية من خلال الاجتماع الأخير لرؤساء الدول الثلاث في طهران.

مع هذا، أود أن أشارككم بعض النقاط المهمة لنجاح إيران والحكومة الثالثة عشرة:

أولاً: مصير سياسة إيران الإقليمية مرتبط بمكانتها في المعادلات الدولية وعلاقاتها مع القوى الإقليمية والعالمية. وتطوير وتعميق العلاقات مع قوى الكتلة الشرقية، خاصة مع القارة الآسيوية، أولوية حيوية يجب تعميقها بشكل شامل بكل القدرات والقوة. ولا شك أنّ الدبلوماسيين المخضرمين في وزارة الخارجية يتذكّرون بأنني تقدمت بهذا الاقتراح وأصررت عليه في اجتماع السفراء في مشهد المقدسة عام 1993 عندما كنت سفيراً في ألمانيا.

كما أنه لا يمكننا تجاهل حقيقة أنّ العالم الغربي وحلفاءه يسيطرون على حوالي 70% من اقتصاد العالم، ونحو 80% من المعاملات العالمية تتم بالدولار. وبينما بدأ مسار تغيير هذه العملية، سيستغرق الأمر عقدين أو أكثر لخلق توازن في حصة الشرق والغرب في الاقتصاد العالمي. على سبيل المثال، الناتج المحلي الإجمالي للهند التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.3 مليار شخص يكاد يساوي الناتج المحلي الإجمالي لولاية كاليفورنيا الأميركية، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة.

لذلك، تتطلّب مصالح إيران الوطنية أن تقوم سياسة إيران الخارجية على ثلاث أسس:

أ: تحسين علاقات إيران الإقليمية وتشكيل تحالفات إقليمية قوية، في الجنوب مع الدول العربية السبع في الخليج، وفي الشمال مع الدول المطلّة على بحر قزوين، بالإضافة إلى التحالفات الإقليمية مع تركيا وباكستان وأفغانستان.

ب: تعميق العلاقات مع قوى الكتلة الشرقية والقارة الآسيوية وخاصة الصين وروسيا والهند والعالم الإسلامي، وكذلك الاهتمام بقارة إفريقيا وأميركا اللاتينية.

ج: تطبيع العلاقات مع دول واتحادات الكتلة الغربية المهمة مثل أوروبا، اليابان، كندا وأستراليا، وكبح العداء والتوتر مع الولايات المتحدة.

ثانياً: لضمان الاستقلال والسيادة الوطنية وسلامة الأراضي، تُعتبر المكوّنات الأربعة التالية ضرورة حتمية:

أ: “القوة الاقتصادية” وإنتاج الثروة الوطنية

ب: “القوة العسكرية” وتوفير قوة الردع

ج: “القوة الناعمة” والتمتع بالثقافة، الأيديولوجيا، الحضارة والدبلوماسية العامة

د: الوحدة الوطنية والأمن.

ثالثًا: رغم كل الخلافات والتوترات الداخلية بين التيارات، فمنذ بداية الأزمة النووية عام 2002 وحتى الآن، كانت السياسة الحاكمة للنظام في حكومة محمد خاتمي، محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني هي حل الأزمة النووية سلميًا. ومن خلال الدبلوماسية، ومنذ بداية الاتفاق النووي في حكومة روحاني حتى اليوم، استندت سياسة النطام إلى محاولة الحفاظ على الاتفاق النووي.

كما تُعتبر النقاط الأربع التالية مهمة في القرارات المتعلقة بالاتفاق النووي:

بحسب فتوى القائد الأعلى علي خامنئي بشأن تحريم الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، فإنّ القوى العالمية واثقة من أنّ إيران لن تصنع قنبلة نووية. على الرغم من هذا، فالجانب الغربي بقيادة الولايات المتحدة، أبقى القضية النووية كأداة فعالة في أجندته، وفرض محيطًا من العقوبات ضد إيران، وضرب الاقتصاد الإيراني بمئات المليارات من الدولارات في السنوات العشرين الماضية. كما عمل على تغذية خوف الجيران من إيران، وهي ذريعة لتعزيز علاقات إسرائيل مع الدول العربية وما إلى ذلك. لذلك يجب أن تكون إستراتيجية إيران هي وضع نهاية لهذه المصالح والمطامع الغربية.

وبافتراض إحياء الاتفاق النووي، بغض النظر عن الحقيقة غير المكتوبة، لا يوجد ضمان لاستقرار هذا الاتفاق ولن يكون هناك ضمان سواء كان الرئيس الأميركي “ديمقراطيًا” أم “جمهوريًا”. والحقيقة هي أنه خلال فترة رئاسة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، كانت للولايات المتحدة سياسة تفاعل مع إيران بهدف حل التوترات، وكانت تأمل أنه من خلال إظهار حسن النية بما يتعلّق بالاتفاق النووي، ستكون قادرة على النجاح في هذا الاتجاه، لأنه وفقًا للاتفاق النووي، تم قبول تخصيب إيران والمياه الثقيلة، وتم رفع العقوبات النووية واسترجاع مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية المجمدة.

وكانت شروط إزالة إيران الكاملة من الفصل السابع من ميثاق المنظمة باعتبارها تهديدًا للسلام والأمن العالميين مهيئة، كما أصبحت علاقات إيران المصرفية مع العالم طبيعية.

ومع ذلك، بعد الاتفاق النووي، لا سيّما في عهد ترامب وانسحابه من الاتفاق، زادت التوترات في المنطقة. وفي الوضع الحالي، حتى لو تم إحياء الاتفاق النووي، يجب أن تستند فرضية إيران إلى حقيقة أنه إذا استمرت هذه الظروف، فلن يظل الاتفاق النووي مستقرًا ودائمًا، لأنه على الرغم من الاتهامات اليومية، فإنّ الولايات المتحدة والغرب واثقان من أنّ إيران سوف لن تفعل ذلك وأنها لا تصنع قنبلة نووية. ويرى الطرف الآخر أنّه مع انسحاب إيران من الاتفاق النووي، سيتم إحياء جميع قرارات مجلس الأمن الستة خلال رئاسة أحمدي نجاد، ووفقاً لهذه القرارات، سيكون تخصيب إيران لليورانيوم محظورًا، في حين أنّ تنفيذ البروتوكول الإضافي والوصول غير المقيّد إلى الوكالة سيكون من واجبات إيران. فضلًا عن 1500 عقوبة في عهد ترامب، سيتم تطبيق المزيد من العقوبات على إيران، وستكون الكرة في ملعب طهران بنظر الرأي العام العالمي.

إن القضايا الرئيسية في حكومة بايدن هي انتخابات الكونغرس الأميركي، الحرب في أوكرانيا، والمشكلات الاقتصادية الداخلية للولايات المتحدة؛ المسألة الإيرانية ليست أولوية. وكلّما اقتربنا من الانتخابات الأميركية، كان من الصعب على إدارة بايدن الانضمام إلى الاتفاق النووي. فإذا حصل الجمهوريون على الأغلبية في انتخابات الكونغرس في الخريف، من المحتمل ألا تتحسن ظروف حكومة بايدن.

لا شك أن الاتفاق النووي ليس الحل لجميع المشاكل الاقتصادية والسياسية لإيران، كما أنه فعال في تحسين العلاقات الخارجية والمشاكل الاقتصادية. يجب أن تركز جهود الحكومة على حل المشاكل الاقتصادية والتنمية الاقتصادية والصناعية لإيران. كما يجب اعتبار الاتفاق النووي مثل وقود سيارة محركها الاقتصاد غير الحكومي بالارتكاز على القطاع الخاص، وعجلاتها العلاقات الخارجية الصحيحة، والقضاء على الفقر والفساد والبطالة والتضخم، وما إلى ذلك من المكونات الأساسية الأخرى لهذه السيارة. لذلك، لا يوجد هناك مبالغة في أهمية الاتفاق النووي ولا تقليل من أهميته.

أما النقطة الأخيرة هي أن حكومة سعادتكم تعتمد على دعم القائد الأعلى والبرلمان والسلطة القضائية والجيش، ربما لم يتمتع أي رئيس في تاريخ البلاد بعد الثورة بمثل هذا الدعم. لذلك، يؤمل أن تتحقق بجهد كبير أهم ضرورات الوضع الراهن للبلاد، أي تحقيق “الوحدة الوطنية في البلاد”. ويمكن أن يبدأ هذا العمل بأفعال صغيرة جدًا وذات مغزى. مثلًا، قوموا بعقد اجتماع غداء مشترك مع جميع الرؤساء السابقين مرة واحدة في الشهر وناقشوا قضايا الدولة واستفيدوا من خبراتهم، ومن الجيّد أن يقوم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ورئيس السلطة القضائية محسني أجئي بهذا العمل مع رؤساء البرلمان والسلطة القضائية السابقين أيضًا.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: