الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 يوليو 2022 22:46
للمشاركة:

إيران والسعودية.. رغبة التفاوض لا تزال حاضرة

رأى الباحث السياسي علي موسوي خلخالي، في مقال له، أنّ الحكومة الإيرانية الـ 13 اتبعت النهج الصحيح لتوسيع العلاقات مع جيرانها، النهج الذي يتماشى تماماً مع المصالح الإستراتيجية الكلية للبلاد ويمكن أن يجلب لها العديد من الفوائد. وبرأيه فإنّ تحسين العلاقات مع السعودية والدول العربية الأخرى يمكن أن يمنح إيران مكانة خاصة كواحدة من القوى المهمة في المنطقة، ويعزز بشكل كبير نفوذ إيران الإقليمي والدولي.

في ما يلي الترجمة الكاملة من “جادة إيران” لمقال موسوي خلخالي في موقع “دبلماسي إيران“:

حدث انقطاع في المفاوضات بين إيران والسعودية، رغم أن الجانبين يرسلان إشارات إيجابية ويدعوان بعضهما البعض للتفاوض والاتفاق، ورغم الحديث عن توسيع العلاقات وطمأنة بعضهما البعض لحل الخلافات، إلا أنه يبدو أن الجانبين ليسا مستعدين بعد لعقد اجتماع على مستوى دبلوماسي رفيع. ومع ذلك، لا يزال هناك مجال لاستمرار المحادثات، والأجواء التي تحكم العلاقات بين البلدين إيجابية تماماً، حيث كان موسم الحاج هذا العام دليلاً على ذلك.

كانت هناك توقعات بأنه قبل بدء الاجتماع في جدة وزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، ستتخذ إيران والسعودية خطوات عملية لتوسيع العلاقات، لكنّ هذا لم يحدث حتى الآن. ويبدو أنّ الجانبين ما زالا مصرّين على استمرار المفاوضات الفنية للوصول إلى المرحلة الدبلوماسية.

ويمكن ملاحظة ذلك من التحليلات التي كتبها صحافيون وخبراء سعوديون. على سبيل المثال، ذكر محمد السلمي الذي تربطه علاقات وثيقة بالمؤسسات الحكومية السعودية، هذه المسألة في تحلیل بعنوان “دور السعودية وإيران في المستقبل” في صحيفة “الإندبندنت”. ومن خلال تعداد ثلاث خطوات يمكن اتخاذها من أجل توسيع العلاقات الإيرانية السعودية، قال السلمي إنّ “المسؤولين في وزارتي البلدين والمؤسسات المعنية الأخرى يجب أن يراجعوا ويقيموا الإطار الإستراتيجي الذي اقترحته فرق الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية”.

وتوصل الكاتب إلى خاتمة مفادها: في هذه المرحلة فقط يمكننا أن نأمل حقاً أن تكون هناك اجتماعات دبلوماسية ذات مغزى بين ممثلي البلدين بحيث يتم رفع مستوى المفاوضات من المستوى الأمني الفني إلى المستوى الدبلوماسي. وفي هذا المسار الدبلوماسي، يتعيّن على الجانبين الاتفاق على خطة إستراتيجية مشتركة لعملية التفاوض، ويمكن أن تؤدي هذه المرحلة إلى تقدم سريع بهدف بناء الثقة بين الطرفين، بحسب الكاتب السعودي.

و يبدو أنّ ما له أهمية خاصة للسعوديين وهم مصرّون على التوصل إلى اتفاق بشأنه قبل أي شيء آخر هو قضية اليمن. وفي الحقيقة يُعدّ اليمن حديقة خلفية سياسياً للسعودية، وهو مهم للغاية لدرجة أنّ السعوديين يعتقدون بأنه يمكن أن يكون حجر الأساس في العلاقات الجديدة مع إيران.

وعلى الرغم من أنّ الإيرانيين أكدوا في كل جولة مفاوضات أنّ قضية اليمن هي مسألة لا تتدخل فيها إيران وأن السعودية هي التي يجب أن تتوصل إلى اتفاق مع اليمنيين، إلا أنّ السعودية تعتقد بأن حركة أنصار الله التي تسيطر على صنعاء وجزء كبير من اليمن وهي في حالة حرب مع السعوديين، تتصرّف تحت تأثير إيران ويمكن للأخيرة أن تضغط عليها. في حين أنّ الحقيقة هي أن الحوثيين أو أنصار الله ليسوا تحت تأثير إيران، لأنهم يتّخذون الكثير من قراراتهم بشكل مستقل.

صحيح أنّ إيران كانت فعالة في وقف إطلاق النار في اليمن واستطاعت إقناع أنصار الله بالموافقة على الهدنة، لكن الحقيقة أن الحركة ما زالت لا تثق بالسعودية وهي تقول إن السعوديين يرغبون بمواصلة الوضع الحالي حتى الوصول إلى مرحلة التآكل في الداخل اليمني، على أمل أن يتخذوا يوماً ما إجراءات ضدهم ويهزموهم تماماً، لذا فهم غير متفائلين بوقف إطلاق النار الحالي حتى لو حاولت إيران الحفاظ عليه.

وتؤكد التصريحات الأخيرة للمسؤولين الحوثيين هذا الادعاء. فعلى سبيل المثال، قال عضو المجلس السياسي اليمني المحسوب على “أنصار الله” محمد علي الحوثي في 17 تموز/ يوليو إنّ “وقف إطلاق النار الحالي خضع للتحقيق من قبل قيادة الثورة اليمنية ولم يسفر عن نتائج بعد”، وأضاف أنّ حركة “أنصار الله” غير راضية عن وقف إطلاق النار هذا. وفي 27 حزيران/ يونيو، غرّد نائب وزير الخارجية في حكومة أنصار الله حسين العزي قائلاً: “من غير المتوقع تمديد وقف إطلاق النار الذي أعلنته الأمم المتحدة في اليمن بين جماعة أنصار الله والتحالف العربي بقيادة السعودية”. لذلك، هناك ارتياب عميق من جانب الحركة تجاه السعوديين، وإزالة عدم الثقة يجب أن يتم قبل كل شيء من قبل الرياض. قبل الحرب، كان اليمنيون ينظرون إلى السعوديين على أنهم أخ أكبر، ومع بداية الحرب، شعروا بخيانة كبيرة من جانبهم. بالطبع، ليس هناك شك بأنّ وقف إطلاق النار الحالي هو فرصة ذهبية يجب استغلالها على أكمل وجه للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وسلام لإنهاء معاناة آلاف اليمنيين الأبرياء.

بناء على ما سبق، اعتبر الكاتب السعودي محمد السلمي أنه على فرق التفاوض تقديم الحلول والتوصيات لجميع القضايا الإستراتيجية، بالإضافة إلى مجموعة من الخيارات والحلول الإستراتيجية.

هذه الفكرة صحيحة تماماً ويمكن أن تكون فعالة في تعميق العلاقات بين البلدين في أبعادها الاجتماعية والعلمية. وفي هذا الصدد، تم اتخاذ إجراءات حتى الآن، من بينها في مؤتمر مركز الجزيرة للدراسات بالتعاون مع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية، الذي عُقِدَ في العاصمة القطرية الدوحة في مطلع حزيران/ يونيو.

في النهاية، وعلى الرغم من كل هذه الظروف، يحاول الجانبان الحفاظ على الأجواء الإيجابية للمفاوضات من أجل دفع أجواء الحوارات الثنائية. حتى أنّ الجانبين يحاولان حل مخاوف بعضهما البعض قدر الإمكان، وكان أبرز ما حصل في هذا الإطار في قمة جدة، حيث اتخذت السعودية وحلفاؤها العرب، بما في ذلك الإمارات، مصر والأردن، نهجاً ودياً تماماً تجاه إيران، حتى أنه يتعارض مع رغبات الولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مقابلة مع شبكة سي إن إن: “كل أعضاء مجلس التعاون يتحدثون مع إيران لأنهم يريدون حل الخلافات من خلال المفاوضات”، معرباً عن أمله باستغلال إيران لهذه الفرصة وحوافزها التي تشمل تكاملاً أفضل في المنطقة وتعاوناً اقتصادياً مع الجيران.

وبعد ذلك بساعات، كتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان تغريدة جاء فيها: “إيران تصافح الأيدي المفتوحة تجاهها، وتعطي الأولوية لجيرانها في سياستها الخارجية، وتتجه نحو تعزيز العلاقات مع جيرانها”. وهو ما يُعتبر بوضوح رداً على نظيره السعودي.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: