الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 يوليو 2022 21:49
للمشاركة:

مذكرات شمران في لبنان 1: “أنا الآتي من جبل عامل”

يحمل كتاب "مذكّرات الشهيد الدكتور مصطفى شمران في لبنان" جزءًا لا بأس به من مذكّرات وزير الدفاع الإيراني الأسبق، حيث عاصر الأحداث السياسية اللبنانية عن قرب خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وهو المقرّب من الشخصية السياسية المحورية في تلك الحقبة الإمام موسى الصدر.

وينقل هذا الكتاب الكثير من الكلام الذي جاء على لسان شمران نفسه، في خطابات وكلمات ألقاها عن أحوال لبنان وإيران والطائفة الشيعية بشكل عام. ويصف الرجل انتقاله من لبنان إلى إيران بأنه كان بابًا لينقل عبره استغاثة الشيعة في لبنان المعرّضين لعمليات القتل والاضطهاد من قبل إسرائيل.

ويقول وزير الدفاع الإيراني الأسبق: “لقد أتيت إلى إيران حاملًا معي دويَّ صراخ واستغاثة شيعة لبنان. لقد أتيت حتى أوقظ وجدان الأشخاص المتعهّدين والمسؤولين. لقد جئت من صميم الآلام والحرمان، من واقع الظلم وأنين الليالي، من آهات السحر ودموع اليتامى، من لوعة المستغيثين وحرقة الأرامل، حتى أقف على تحريك شفقة عديمي الرحمة وقساة القلوب”.

ويعرّف شمران المنطقة التي أتى منها بأنها الأرض التي وطأتها قدما أبي ذر الغفاري، “ذلك الصحابي الجليل لرسول الله، والذي كان أول من بلّغ مباني الإسلام القويم للناس في تلك المنطقة، وقام ببناء مسجد لعبادة الله ما زال موجودًا حتى الآن في ميس الجبل يُعرف بمسجد أبي ذر الغفاري”.

ويشير الكتاب إلى ما عايشه من حالات قتل وتهجير في جنوب لبنان، ورغبته بالتصدي لهذه القضية، حيث يقول: “لقد أتيت لكي أفصح عن وفاة أكثر من 100 ألف شخص وإصابة أكثر من 400 ألف آخرين بجروح وعلل غالبيّتهم من الشيعة. لقد أتيت لكي أخبر عن تشرّد حوالي ثلاثين ألف شيعي من جنوب لبنان، كانوا تائهين إما في الأماكن النائية، أو على قارعة الطرقات، أو في زوايا المساجد والمدارس، وكان مأواهم الوحيد غطاءً يسترون به أجسادهم”.

ويغوص شمران في كلامه خلال تلك الحقبة عن الممارسات الإسرائيلية في جنوب لبنان، فيلفت مثلًا إلى أنه في كل يوم كانت القذائف الإسرائيلية تتسبب بحرق وتخريب البيوت والمنازل، مضيفًا أنّ القصف الإسرائيلي لم يكن ليستثني أحدًا من طريقه، ليُسقط حق العيش والتواجد لشيعة جنوب لبنان، بحسب رأيه.

ووسط اندفاعه في الحديث عما يحصل في لبنان، يتحدث شمران في إحدى كلماته عما سيق بحقه من اتهامات بأنّ أفكاره ومخططاته تصب في مصلحة الدول الخارجية، وبأنّه ترك مصالح إيران جانبًا من دون اكتراث لها.

ويردّ شمران على هذه الاتهامات بالقول:
“أولًا، إنّ همي وحرصي الكبير هو لإيران لا لأي مكان آخر. فإنّي أعمل على إظهار كل ما يتهدد ثورتنا (يقصد الثورة الإسلامية بقيادة روح الله الخميني) من أخطار وتعقيدات، كما أني أبيّن هذه المطالب من أجل حرصي على سلامة وحماية إيران لا غير.

ثانياً: لقد قضيت في لبنان ثماني سنوات، ومررت بلحظات صعبة وخطرة ووقفت في مهبّ معترك الموت والحياة والشهادة. وكلي فخر بانتسابي إلى مؤسسات المدرسة اللبنانية من حركة المحرومين التي تم تأسيسها على يدي السيد موسى الصدر، والتي كانت مسؤولية وضع نظامها ملقاةً على عاتقي. وقد كان لي قدم السبق في جميع المجريات السياسية بالإضافة إلى التغيير في لبنان ودول الشرق الأوسط الأخرى التي كنت فيها، بحيث كنت أخبَرَ من أي شخص آخر بما يجري في المنطقة من أحداث، وكنت الأكثر حرصًا على استمرار الشيعة في لبنان، وكنت مطّلعًا على كل ما يجري، في الوقت الذي كان قلبي يتلوّى ألمًا على ما يحلّ بالشيعة المحرومين من جنايات وخيانات وانتهاكات”.

ونتيجة قناعته بخبرته واطلاعه على خفايا الأمور وبواطن الأحداث، كان وزير الدفاع الإيراني الأسبق يلوم البعض على لجوئهم للدول الأجنبية وإلى “كتابات اليمين واليسار والمرتزقة الأجانب” للوقوف على ما يجري بدل التوجّه إليه وسؤاله هو.

وفي هذا الإطار جاء على لسان شمران: “إذا أراد شخص أن يعرف شيئًا عن لبنان وشيعته وعن السيد موسى الصدر، فأنا أفضل مطّلع على أخبارهم وأنبائهم الأساسية. أتعجّب من الأفراد الذين يذهبون وراء كتابات اليمين واليسار والمرتزقة الأجانب، أو يجدّون السعي وراء أشخاص مشكوك بأمرهم ليسوا أصحاب نهج ثابت ومستقيم، يعملون كل ذلك حتى يطّلعوا على الوضع اللبناني ومجرياته ولا يرجعون إليّ، في الوقت الذي كنتُ فيه في خضمّ الأحداث وكنت مطّلعًا على مجريات الأمور أكثر من أي شخص آخر”.

مذكرات شمران في لبنان 2: اندفاع للقتال و”استغلال” الأحزاب اليسارية للحرب

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: