الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 يوليو 2022 22:30
للمشاركة:

شبكة إقليمية لمواجهة إيران.. هل تبدأ أميركا “الخطة ب” ضد طهران؟

نشر المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي دراسة بشأن إعداد خطة "ب" تتعلّق بإيران وملفها النووي، حيث ستقدم "جاده إيران" في أربع حلقات خلاصة لهذه الدراسة، التي اعتبرت أنّ النهج الذي اتبعه الرئيس الأميركي جو بايدن بعرضه لأكثر من عام وبحسن نية على إيران العودة المتبادلة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 من أجل منع طهران من الحصول على سلاح نووي هو نهج فشل بشكل واضح.

بناءً عليه، استنتج المعهد أنه حان الوقت لتقرّ إدارة بايدن بأنّ سياستها الأصلية تجاه إيران لا تستطيع تحقيق أهدافها المعلنة وتتبنّى “الخطة ب”، والتي تتمثل بإستراتيجية متكاملة للضغط الشامل على طهران، وتركّز بشكلٍ خاص على تعزيز قدرات شركاء الولايات المتحدة الإقليميين للدفاع عن أنفسهم، كما جاء في نص الدراسة.

وأكد المعهد أنه في كل الأحوال لن تكون هناك عودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، لأنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق قائم على صفقة 2015، فسيكون أقصر وأضعف من الاتفاق الأصلي، وفق الدراسة، التي لاحظت أنّ برنامج إيران النووي تقدم بشكل كبير، خاصة لجهة إتقانها عمل أجهزة الطرد المركزي الأكثر كفاءة، لدرجة أنّ فرض نفس القيود النووية التي كانت مفروضة قبل سبع سنوات من شأنه أن يحدّ من البرنامج النووي الإيراني بمقدار النصف فقط، ولنصف المدة، مقارنة بالاتفاق الأصلي، أي من مدة عام، إلى ستة أشهر فقط ستكون كافية لقيام طهران بصنع قنبلتها النووية.

وتابع المعهد في دراسته: “بعد عامين فقط من الآن، ستبدأ حتى هذه القيود النووية الدّنيا بالانهيار، حيث أنه بحلول عام 2031 سيتمتع النظام الإيراني ببرنامج تخصيب شرعي على نطاق صناعي قادر عل إنتاج مواد انشطارية متعددة الأسلحة في وقت قصير”.

المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي رأى أنّ نقطة ضعف أخرى في الصفقة الجديدة تكمن في تخفيف العقوبات على طهران، مما يشمل عشرات المليارات من الدولارات التي يمكن أن تستخدمها في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، كما أوردت الدراسة.

وعدّد المعهد بعض الأحداث التي اعتبرها دليلاً على تضاعف العدوان الإقليمي الإيراني بعد الصفقة النووية لعام 2015، منها أخد بحارة أميركيين كرهائن ومضايقة سفن حربية أميركية بشكل متكرر.

وعلى حد تعبير المعهد، فإنّ “طهران ترفض حتى هذا العرض السخيّ للغاية، وتطالب الولايات المتحدة أيضاً برفع العقوبات عن الحرس الثوري غير المرتبطة بخطة العمل الشاملة المشتركة”.

ووصفت دراسة المعهد هذا الأمر بالمطلب بالوقح، لافتةً إلى أنه أثار موجةً من المعارضة من قبل الحزبين الأميركيين الرئيسيين في الكونغرس، مما أجبر البيت الأبيض على التراجع ورفْضِ شطب الحرس عن لائحة العقوبات.

وأشار المعهد إلى أنه رغم ذلك، لا تزال الإدارة الأميركية تقدّم لإيران يداً مفتوحة، حيث سمحت واشنطن لطهران بزيادة صادراتها النفطية بنحو 250%، وإعادة ملء خزائنها منذ بدء المحادثات في الربيع الماضي.

واستنتج المعهد في دراسته أنّ “استمرار هذا النهج لا يؤدي إلا إلى زيادة احتمالية النتائج السلبية التي تأمل إدارة بايدن بتجنّبها: إيران نووية وصراع إقليمي واسع النطاق”، منوّهاً إلى أنّ الهجوم الروسي على أوكرانيا يقدم تحذيرات من مخاطر الاستمرار في المسار الحالي ودروساً مفيدة لكيفية المضيِّ قدماً.

وقارن المعهد بين القضية النووية الإيرانية والقضية الأوكرانية، حيث رجّح أنه كما أدت التصريحات الأميركية عن عدم التزام واشنطن بإرسال قوات للدفاع عن الأراضي الأوكرانية إلى الهجوم الروسي – برأيه – فإنّ “تقاعس” الولايات المتحدة سيدفع لأن تقوم إسرائيل بعمل عسكري ضد إيران، مما قد يؤدي إلى نزاع إقليمي أوسع مع إيران وحلفائها، لا سيّما حزب الله اللبناني.

ودعا المعهد اليهودي الإدارة الأميركية للانتقال إلى الخطة “ب” “بحماسة وتصميم” لمنع حصول إيران على سلاح نووي وتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، مما يستلزم تبنّي استراتيجية ضغط شاملة ضد النظام الإيراني بهدف “وقف واحتواء المزيد من التقدم لنشاطه الخبيث”، بحسب ما جاء في الدراسة.

وعدّدت الدراسة العناصر التي يجب أن تشملها الإستراتيجية الشاملة ضد إيران بما يلي:

أولاً، التوضيح لكل من إيران وحلفاء الولايات المتحدة أنّ واشنطن ملتزمة باستخدام جميع عناصر القوة للدفاع عن المصالح الأميركية الحيوية في الشرق الأوسط، وقبل كل شيء عبر منع إيران من تطوير أسلحة نووية والسيطرة على المنطقة.

ثانياً، تعزيز الاستعداد العسكري الأميركي عن طريق تحديث التخطيط للطوارئ المتعلّقة بالعمليات العسكرية ضد إيران، إجراء التدريبات العسكرية المشتركة وربط هذه الإجراءات باتصالات استراتيجية واضحة.

..،ثالثاً
بايدن بين الصين والشرق الأوسط.. صراع الأولويات الأميركية

اعتبرت مجلّة “الدبلومات” الأميركية أنّ زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة إلى منطقة الشرق الأوسط كان لها آثار على السياسة الأميركية في المحيطين الهادئ والهندي، أهمها ما سينتج من انعكاسات للقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ورأت المجلّة أنّ هذا اللقاء الذي يأتي مخالفاً لحديث بايدن السابق عن رغبته بالدفاع عن القيم وجعل السعودية دولة منبوذة، سيدفع دولاً عديدة في آسيا للتعامل مع الصين اقتصادياً، بعد فقدان الثقة بالشعارات التي رفعها الرئيس الأميركي.

وبرأي “الدبلومات”، بدل عودة بايدن إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وإزالة مصدر إلهاء كبير للسياسة الخارجية الأميركية – وجلب الطاقة الإيرانية إلى الأسواق الغربية – اتبع بايدن في الجوهر سياسة الضغظ الأقصى التي انتهجها سلفه ضد إيران.

وأشارت المجلة إلى أنه بجانب البحث عن المزيد من النفط، أصبحت رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط نوعاً ما جولة لمناهضة إيران، تماماً كما كانت رحلته الآسيوية الأخيرة جولة مناهضة للصين.

وتابعت: “لم تؤدِّ رحلة بايدن إلى اشتداد دوامة موت خطة العمل الشاملة المشتركة فحسب، بل إلى تهديد إيران باستخدام القوة، كما قد يعني حرباً كارثية محتملة أخرى واسعة النطاق، والتي لا تستطيع الولايات المتحدة تحمُّلَها”.

“الدبلومات” اعتبرت أنه على الصعيد الإقليمي، أدت سياسة بايدن إلى نتائج عكسية من ناحيتين: أولها: إعلان دول المنطقة إنها لن تنضم إلى تحالف مناهض لإيران. ثانيها: إعلان إيران إنها أصبحت قادرة تقنياً على صنع قنبلة نووية.

ووفق المجلّة، تعمل سياسة بايدن تجاه إيران ضد سياسته تجاه الصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، مذكرةً بأنّ إيران نفسها انتقلت تاريخياً من التحالف مع الغرب إلى حركة عدم الانحياز لتنضم في السنوات الأخيرة إلى المعسكر الصيني – الروسي الأوراسي بسبب العقوبات الأميركية وخيارات إيران السياسية.

ووصفت “الدبلومات” خطة العمل الشاملة المشتركة بأنها فرصة للولايات المتحدة لإغراء إيران وتقليل اعتمادها على الصين وروسيا، جلب الطاقة الإيرانية إلى الأسواق والبناء على الثقافة الموالية للغرب في البلاد.

وشددت المجلة على أنً سياسات الرئيس الأميركي تدفع إيران إلى تعزيز اتجاهها نحو الشرق، من خلال الانضمام بحماس إلى منظمة شنغهاي وربما البريكس، فضلاً عن توقيع اتفاقية استراتيجية مدتها 25 عاماً مع الصين والسعي لاتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة روسيا.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: