الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة15 يوليو 2022 18:47
للمشاركة:

مذكّرات وزير الدفاع الأميركي السابق.. اختلاف كبير في الرؤية بين تل أبيب وواشنطن حول طهران

منذ وصول البرنامج النووي الإيراني إلى مراحل متطوّرة ومقلقة بالنسبة للغرب وإسرائيل، أي منذ أكثر من 10 سنوات، راحت الآراء بين الأميركيين والإسرائيليين تختلف بشأن كيفية التعامل مع هذا التحدي، أو بطريقة أخرى، كيفية منع إيران من الحصول على سلاح نووي.

ويكمن خلف هذا الاختلاف ما هو أكثر من نظرية أو رأي، بل نظرة مغايرة لردة الفعل المتوقعة من طهران بحال قيام طائرات حربية بشنّ غارات عنيفة على منشآت نووية إيرانية.

ففي حين كانت إسرائيل تشجّع على الحسم، فتدعو حيناً لتشكيل هيكل دولي للتعامل عسكرياً مع البرنامج النووي لإيران، وتهدد حيناً آخر بالتصرّف بمفردها إذا اقتضت الضرورة، كان جزء من المؤسسة السياسية – العسكرية الإسرائيلية يقدّر بأنّ رد طهران سيبقى محدوداً للغاية، تماماً كما حصل مع العراق عندما استهدفت إسرائيل مفاعله النووي أيام حكم صدام حسين.

من جهة أخرى، كان للولايات المتحدة تقدير مختلف، يبدأ بالنظرة التاريخية للشعب الإيراني والحضارة الفارسية ولا ينتهي بالمعارك الجانبية التي حصلت في بحر الخليج خلال فترة الحرب العراقية – الإيرانية، عندما أصرّ الحرس الثوري الإيراني على ضرب ناقلات النفط والتصادم مع أعتى القطع البحرية الأميركية، رغم ضآلة قدراته آنذاك وانشغاله بجبهات واسعة مع بغداد.

الدرس الذي تعلّمه الأميركي من تلك المعارك في تلك الفترة هو أنه حتى لو هُزم الإيرانيون في البحر عسكرياً، إلا أنه باستطاعتهم، من خلال زوارقهم السريعة وألغامهم البحرية، أن يؤثروا بشكل كبير على حركة تجارة النفط في مضيق هرمز، مع ما يستتبع ذلك من ارتدادات هائلة على الاقتصاد العالمي.

ولعلّ ما تحدث عنه وزير الدفاع الأميركي السابق ومدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA أيضاً روبرت غيتس في كتاب مذكراته بعنوان: “الواجب”، يكفي لشرح مدى الاختلاف في وجهات النظر الأميركية والإسرائيلية بشأن هذه القضية.

ويروي غيتس في كتابه ما دار من حديث بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو خلال لقاء جرى عندما زار وزير الدفاع الأميركي إسرائيل في أواخر تموز/ يوليو 2009، حيث أُجريت نقاشات موسّعة عن إيران وبرنامجها النووي.

وتزامنت تلك النقاشات مع هزة شعبية كبرى أصابت الداخل الإيراني عُرفت باسم “الثورة الخضراء”، عندما فاز محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية بفارق 11 مليون صوت، في حين اعتبرت المعارضة الإيرانية، كما الدول الغربية، أنّ هذه الانتخابات مزوّرة، وهو الوصف نفسه الذي لجأ إليه غيتس في كتابه.

ووفق رواية الوزير الأميركي، كان نتنياهو مقتنعاً بأنّ النظام الإيراني هشٌّ جداً، وبأنّ هجوماً على منشآت إيران النووية من المرجح أن يؤدي إلى قلب نظام الحكم من قبل الشعب الإيراني.

ويتابع غيتس: “لكني كنتُ أخالفه الرأي بشدة، لاقتناعي بأنّ من شأن الهجوم العسكري الأجنبي أن يجعل الشعب الإيراني يلتفّ حول حكومته”.

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مقتنعاً أيضاً، كما جاء في الكتاب، بأنّ الرد الإيراني بعد الضربة سيكون شكلياً، ربما إطلاق عشرات الصواريخ على إسرائيل وإطلاق حزب الله اللبناني وابلاً آخر.

أما حجة نتنياهو في ذلك، فهي أنّ الإيرانيين واقعيون، لذلك فهم لن يعمدوا إلى جرّ هجوم عسكري كبير من الولايات المتحدة من خلال ضرب أهداف أميركية، خصوصاً البوارج في الخليج، أو مهاجمة منشآت الدول الأخرى النفطية، وأنّ وقف صادرات نفط الخليج سيضيّق الخناق على الاقتصاد الإيراني.

يعلّق غيتس على نتنياهو قائلًا: “عدت وخالفته الرأي مجدداً، وأخبرته إنه مضلَّلٌ بسكوت العراقيين عند تدمير مفاعلهم أوزيراك (أو مفاعل تموز) عام 1981 من قبل إسرائيل، وبغياب أي رد فعل من السوريين عند تدمير مفاعلهم عام 2007، وقلت إنّ الإيرانيين، أي الفُرس، مختلفون جداً عن العراقيين والسوريين”.

وأضاف وزير الدفاع الأميركية أنّ نتنياهو كان متفائلاً جداً في توقع رد فعل إيراني خفيف، في حين حاول غيتس لفت نظره إلى أنه إذا كان مخطئاً فإنّ من شأن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية أن يُشعل حرباً في المنطقة.

ويختم الوزير الأميركي بتوقع ربما يكون قد أصاب به، حيث اعتبر أنّ مسألة حصول هجوم عسكري على إيران من عدمه سيبقى مثار جدل بين إسرائيل والولايات المتحدة، على الرغم من عدم وجود فرق كبير في التقويم الاستخباراتي بين الطرفين بشأن تبعات سيطرة طهران على سلاح نووي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: