الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة15 يوليو 2022 18:39
للمشاركة:

بين اتفاقات التطبيع ومواجهة إيران.. ما كانت أهداف زيارة بايدن إلى المنطقة؟

تناولت الصحيفة الأسبوعية الصادرة عن المعاونية السياسية للحرس الثوري الإيراني "صبح صادق"، في مقال لـ"فرزان شهیدي"، موضوع زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة وأهدافها المتعلقة ببرنامج إيران النووي، والمواجهة بين طهران وتل أبيب.

كانت رحلة الرئيس الأميركي جو بايدن الأولى إلى الشرق الأوسط محط أنظار المراقبين، حيث يُنتظر من هذه الرحلة استيضاح ما تخطط له الإدارة الأميركية التي استبعدت خلال العامين الماضيين نوعاً ما الانخراط بشكل كبير في قضايا المنطقة.

وفي ختام رحلته، سيحضر بايدن قمة مجلس التعاون الخليجي في جدة، التي ستشمل هذه المرة قادة مصر، الأردن والعراق. وهكذا سيجتمع سيّد البيت الأبيض مع جزء لا بأس به من الزعماء العرب الرئيسيين، ليناقش قضايا باتت ملحة.

التعامل مع التهديد الإيراني

أعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أنّ “النفوذ المخرّب” لإيران سيكون أحد الموضوعات التي سيناقشها بايدن خلال زيارته إلى السعودية وإسرائيل، كما صرّح مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جايك سوليفان بأنّ الغرض من رحلة رئيسه هو التكامل وتعميق التعاون بين دول المنطقة ضد تهديد إيران، بما في ذلك تهديد الصواريخ والطائرات المسيّرة.

ويبدو أنّ التعثر الحالي في عملية المفاوضات النووية ورغبة الولايات المتحدة بطمأنة حلفائها، جعل واشنطن تتراجع عن نبرتها الناعمة تجاه إيران، حيث بدأ مسؤولون في واشنطن التحدث بشكل صريح عن ضرورة مواجهة التهديد والنفوذ الإيرانيين.

متابعة اتفاقيات التطبيع

إنّ دراسة إمكانية انضمام السعودية إلى اتفاق ابراهيم (اتفاق السلام بين الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، والذي تم توقيعه في البيت الأبيض في آب/ أغسطس 2020)، هو من الأهداف الهامة التي تم ذكرها بشكل كبير في وسائل الإعلام، حيث يريد بايدن مواصلة سياسة سلفه دونالد ترامب، الذي اقترح ما يسمى بـ “صفقة القرن”، لمطالبة السعوديين بإقامة علاقة رسمية مع اسرائيل وتوحيد الجهود ضد إيران.

وفي حال انضمت السعودية، كقطب إقليمي يدعي القدرة على قيادة العالم العربي والإسلامي، إلى قافلة السلام الإسرائيلي، فإنّ الجغرافيا السياسية والمعادلات في المنطقة ستخضع لتحوّل جذري.

إلا أنّ الوضع المعقّد للمنطقة يفرض تصوّراً مختلفاً، حيث سيكون من الصعب على الرياض الانضمام إلى السلام مع استمرار التزامها بخطة السلام العربية (التي قدمها الملك عبد الله في القمة العربية في بيروت عام 2002)، والتي تضع شروطاً للحل مع إسرائيل، منها إقامة دولة فلسطينية وعودة النازحين.

تشكيل الناتو العربي

أثيرت مسألة إنشاء “الناتو العربي” مرة أخرى عشية زيارة بايدن المرتقبة، وزعمت بعض وسائل الإعلام في المنطقة إنّ الهدف الأساسي لهذه الزيارة هو تشكيل هذا التحالف العسكري العربي – الإسرائيلي. لكنّ أوساطاً إعلامية إسرائيلية أفادت نقلاً عن مصادر أميركية بأن زيارة بايدن إلى المنطقة لا علاقة لها بتشكيل ناتو جديد في الشرق الأوسط.

وكان لافتاً إبداء بعض الدول العربية حماسها لهذه الفكرة. على سبيل المثال، أعلن الملك الأردني عبد الله إنه سيدعم تشكيل تحالف عسكري مشابه لحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط.

وفي هذه الصدد، علّق بعض المراقبين على الاجتماع العسكري السرّي رفيع المستوى بين ضباط أميركيين وإسرائيليين وعرب في مدينة شرم الشيخ المصرية، لافتين إلى أنّ الاتفاقيات الأولية لإنشاء تحالف عسكري يشبه الناتو تم التوصل إليها بالفعل، حيث أنّ الهدف هو مواجهة تهديدات إيران.

وتبدو قضية الناتو العرب مسألة دعائية أكثر مما هي حقيقية واقعية، خاصة أنّ مصادر غربية وإسرائيلية تؤكد أنّ أهداف زيارة الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط مرتبطة بشكل أكبر بالتفاهمات في إطار القيادة المركزية الأميركية في المنطقة (CENTCOM) أكثر من ارتباطها بحف عسكري إسرائيلي – عربي.

الواقع أنّ الناتو العربي بشكل منظمة رسمية، على الأقل في الوضع الراهن، ليس ضمن برنامج الإدارة الأميركية، إلا أنه شبه موجود في المجال العملي.

ومما يدل على ذلك هو التعاون الأمني والعسكري بين إسرائيل وبعض الدول العربية بدعم أميركي، كقيام إسرائيل بتركيب أنظمة إنذار مبكر متطورة في الإمارات والبحرين. ومن هنا لا يُستبعد أن يتحوّل هذا التعاون بعد حينٍ إلى حلف عسكري في ظل التركيز على الترويج لـ”إيران فوبيا”، مما سيجعل إيران وحلفاءها بالتأكيد أمام ظروف أمنية جديدة في المنطقة وسيُخضع ميزان القوى لتغييرات كبيرة.

الواقع السياسي المتأزم في إسرائيل

يعتقد البعض بأنّ زيارة بايدن ستتم بهدف تقديم دعم خاص لإسرائيل، خاصة أن تل أبيب تشهد انقسامات سياسية بسبب تصاعد الخلافات الداخلية والصراع على تشكيل الحكومة المقبلة.

في إسرائيل، رحّب رئيس الوزراء يائير لابيد بزيارة الرئيس الأميركي، معتبراً أنّ هذه الرحلة تهدف إلى دمج إسرائيل في المنطقة. وفي هذا الصدد يرى البعض أنّ هذه الزيارة ربما تُكسب إسرائيل بعض الدعم لكنها لن تكون قادرة على حل الأزمة السياسية الإسرائيلية.

وعلى الرغم من أنّ بايدن قلل من أهمية قضية الطاقة في زيارته المقبلة، لكنّ بعض الخبراء يرون أنّ هذه القضية هي أحد المحاور المهمة في الجهود الأميركية المرتقبة، خاصة مع الجانب السعودي.

ورغم أنّ لبايدن وجهة نظر سلبية وأحياناً قاسية في سياسته الخارجية تجاه السعودية، إلا أنّ الإدارة الأميركية خففت من لهجة خطابها تجاه الرياض في الآونة الأخيرة بسبب قضية الطاقة، حيث إنّ تذبذب سوق النفط بسبب الحرب في أوكرانيا وضع الولايات المتحدة في مأزق. ولهذا السبب، بات بايدن وحزبه الديمقراطي يحتاجان إلى مساعدة السعودية في الانتخابات المقبلة، لأنّ موقفهما اهتزّ بشدة بسبب قضية التضخم وارتفاع سعر البنزين على المستهلك الأميركي.

ويأمل بايدن خلال هذه الرحلة استخدام طاقة إنتاج النفط السعودية لزيادة الإمدادات، حتى يتمكّن من إدارة الأسعار إلى حد ما، حيث وافقت الرياض في وقت سابق، بصفتها العضو المحدد في منظمة أوبك+ على زيادة رفع مستوى الضخ خلال الشهرين المقبلين للمساعدة في خفض سعر النفط الخام في العالم، في حين شكك خبراء الطاقة في قدرة السعودية على زيادة إنتاجها هذا.

المفاوضات النووية

رغم أن بايدن لا يزال مهتماً بعملية المفاوضات النووية مع إيران وإحياء الاتفاق النووي، إلا أنّ طمأنة حلفائه في ما يتعلّق بهذه المفاوضات تحضر على جدول أعمال الزيارة. فلا تزال السعودية تعتبر إيران أكبر تهديد لها في المنطقة، مما يدفعها دائماً للتطلّع إلى الدعم الأميركي لمواجهة هذا التهديد، خاصة لجهة الضمانات الأمنية.

القلق السعودي له أسباب عدة، فمن جهة عانت الرياض من هزيمة في الحرب على اليمن ووافقت على وقف إطلاق النار، ومن جهة أخرى، تخشى نتائج المفاوضات النووية وإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، حيث يُعتقد بأنه إذا تم التوصل إلى اتفاق ورَفْعُ العقوبات الاقتصادية عن طهران، فسيؤدي ذلك إلى إطلاق يد النفوذ الإيراني إقليمياً. ومن جهة أخرى، فإنّ فشل المفاوضات النووية يُقلق السعودية أيضاً، لأنّ النتيجة ستكون تطوير التخصيب الإيراني، وبالتالي زيادة المخاوف الأمنية للسعودية وإسرائيل.

في المحصلة، لا يبدو أنه يُنتظر الكثير من زيارة الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، وذلك رغم ما حصدته هذه الرحلة حتى الآن من دعاية مكثفة.

الجدير ذكره، أنّ إدارة بايدن لطالما كانت غير مرتاحة تجاه الشرق الأوسط، حيث أنّ الانسحاب من أفغانستان ثم العراق كسر هيمنة القوة العظمى لواشنطن، كما هزّت النتائج السيئة في اليمن موقف الولايات المتحدة وحليفتها السعودية. والآن، يحاول بايدن مرة أخرى في زيارته الإقليمية الأولى إظهار أنّ بلاده ناشطة في القضايا الشرق أوسطية، وأنها مستمرة بدعم حلفائها بهدف الضغط على إيران وحلفائها.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: