الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة15 يوليو 2022 16:12
للمشاركة:

طهران وصفت القرار بالـ”مسيّس”.. السويد تحكم بالسجن المؤبد على مسؤول إيراني سابق

أصدر القضاء السويدي الخميس حكمًا بالحبس مدى الحياة على حميد نوري، وهو أول مسؤول إيراني يحاكم بتهمة الضلوع في عمليات إعدام جماعية أمرت بها طهران عام 1988.

ودانت محكمة ستوكهولم نوري (61 عامًا) الذي كان يشغل منصب نائب المدعي العام المساعد في سجن كوهاردشت قرب طهران، بارتكاب “جرائم خطيرة ضد القانون الدولي” و”جرائم قتل”.

وجاء في نص الحكم أن نوري “كان ضالعًا بالاشتراك والتواطؤ مع آخرين في الإعدامات التي نُفّذت تطبيقا لفتوى مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران آية الله روح الله الخميني”.

وهذه أول مرة يُحاكم فيها مسؤول إيراني لضلوعه في الإعدامات التي طالت بشكل رئيسي منظمة “مجاهدي خلق” المعارضة والمتحالفة آنذاك مع بغداد، ردًا على هجمات ارتكبت مع نهاية الحرب العراقية-الإيرانية.

قرار مسيّس

واعتبرت محكمة ستوكهولم أن نوري الذي استخدم اسمًا مستعارًا “ساق السجناء إلى اللجنة” المكلّفة الحكم بإعدامهم “ورافقهم إلى موقع تنفيذ الإعدام”.

وجاء قرار المحكمة متوافقًا مع طلب النيابة العامة التي كانت قد طالبتها بإنزال الحكم بالحبس مدة الحياة بحق نوري، علمًا بأن هذه الأحكام عادة ما تقتصر في السويد على الحبس فعليًا لمدة 15 عامًا.

وندّدت إيران بالحكم ووصفته بأنه “مسيّس”. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الإيرانية أن طهران “تدين بشدة هذا القرار المسيّس الذي يقتصر على اتّهامات لا أساس لها ومفبركة ضد إيران ونظامها القضائي من خلال الحكم بالسجن مدى الحياة بحق حميد نوري”.

وبدأت محاكمة نوري في ستوكهولم في آب/ أغسطس 2021، ما أدى إلى توتّر العلاقات بين السويد وإيران وأثار خشية من أعمال انتقامية تطال السجناء الغربيين المحتجزين في إيران وبينهم الأكاديمي الإيراني-السويدي أحمد رضا جلالي.

وطيلة جلسات الاستماع التي امتدت خلال تسعة أشهر، نفى نوري، المبتسم والذي يتصرف بطريقة مبالغ فيها في كثير من الأحيان، مضمون شهادات أدلى بها معتقلون سابقون اتهموه بالمشاركة في سلسلة الإعدامات.

وفي تأكيد لولائه للنظام الإيراني، ندّد بما وصفه بأنه “مؤامرة” دبّرتها منظمة “مجاهدي خلق” في محاولة لتشويه سمعة النظام في طهران، على حدّ قوله.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال توماس سودركفيست وهو أحد محاميي الدفاع عن نوري إن الدفاع يعتزم استئناف الحكم الصادر بحق موكله.

وتقدّر جماعات حقوقية أن خمسة آلاف سجين على الأقل أُعدموا صيف العام 1988 إثر سلسلة أحكام أصدرتها “لجان الموت”، بينما تُقدّر منظمة “مجاهدي خلق” عدد القتلى بثلاثين ألفًا.

وقفات احتجاجية

طوال المحاكمة التي انتقلت لفترة وجيزة إلى ألبانيا للاستماع إلى بعض الشهادات نهاية عام 2021، نظم أنصار “مجاهدي خلق” المعارضة في المنفى والتي تعتبرها طهران “إرهابية”، وقفات احتجاجية أمام محكمة ستوكهولم.

والخميس تجمّع أمام المحكمة نحو 300 شخص احتفلوا بصدور الحكم بإطلاق الهتافات وتلويح الأعلام، وفق مراسلة لوكالة فرانس برس.

وقالت مهري عمراني البالغة 61 عامًا والتي قضت ثماني سنوات في السجن والتي أدلى زوجها بشهادة ضد نوري: “إنه يوم كبير بالنسبة لي، يوم كبير لكل عائلات الضحايا، يوم كبير لكل السجناء السياسيين”.

وبالفارسية هتف المحتشدون “شكرًا للسويد” و”لقد ربحنا هذه المرة” و”من هو مرتكب مجزرة 1988؟ إنه رئيسي! إنه رئيسي”.

وتكتسي القضيّة حساسية كبيرة في إيران، حيث يتهم ناشطون مدافعون عن حقوق الإنسان مسؤولين يتولون مناصب رفيعة حاليًا، بأنهم كانوا أعضاء في تلك اللجان، بينهم الرئيس الحالي ابراهيم رئيسي.

ويأمل الأطراف المدنيون في القضية أن تفتح هذه المحاكمة المجال أمام مزيد من الملاحقات القضائية لكبار المسؤولين الإيرانيين.

وقال رضا فلاحي وهو أحد الشهود الـ46 في القضية في تصريح لفرانس برس: “هذه ليست سوى بداية القصة”.

وقال محامي الأطراف المدنيين في القضية كينيث لويس إن “القرار ليس ضد حميد نوري فقط بل ضد النظام الإيراني برمّته”.

وجرى توقيف نوري في مطار ستوكهولم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 بعدما قدم معارضون إيرانيون في السويد شكاوى ضده لدى القضاء السويدي الذي يحظى بولاية قضائية عالمية للنظر في جرائم ضد الانسانية، بغضّ النظر عن مكان وقوعها.

وطالبت طهران مراراً الحكومة السويدية بإطلاق سراح نوري. وكان جواب ستوكهولم أن قضاءها “مستقل تمامًا”.

وخشية من سلسلة اعتقالات طالت أخيرًا مواطنين أوروبيين في إيران “بدون سبب واضح”، نصحت وزارة الخارجية السويدية مواطنيها بعدم السفر غير الضروري إلى إيران.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: