الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 يوليو 2022 23:00
للمشاركة:

“سلام فرمانده”.. رمز للنفوذ الإقليمي أم مسرحية مكلفة؟

أثار الانتشار الواسع والانعكاسات غیر المتوقعة لنشید "سلام فرمانده" علی المستوی الإقلیمي والدولي ردود أفعال كثیرة لدى الأوساط السیاسیة والإعلامیة في إیران، التي تعتبر بدورها إقبال الشعوب وتحدیداً الأطفال وموالید العقد الأخیر علی النشید إنجازاً حضاریاً یدلّ علی رسوخ القیم الدینیة عند هذا الجیل رغم كل المؤامرات الأجنبیة والضغوط الإعلامیة التي تهدف إلى طمس الهویة الدینیة للمجتمعات الإسلامية.

وبحسب التقاریر، لاقى النشید ترحیباً كبيراً من قبل شعوب وتحدیداً أطفال دول عدة، منها لبنان، الیمن، البحرین، باكستان، كشمیر، نیجریا وغیرها من الدول التي أجرت نسختها الخاصة من النشيد باللغات والأساليب المختلفة.

وفي هذا السیاق، رأی المحلل السیاسي المقرّب من الحرس الثوري ورئیس تحریر صحیفة “همشهري” (التابعة لبلدیة طهران) عبدالله غنجي أنّ الانتشار الواسع لـ “سلام فرمانده” علی مستوی الدول الإسلامیة یدلّ علی ربط مصير المؤمنين بالإمام المهدي بالثورة الإسلامیة في ایران. وأضاف غنجي في تغريدة له: “أظهر إقبال الشعوب العربیة والإسلامیة علی سلام فرمانده رأس المال الروحي لإمام الزمان”.

ونشر العدید من مؤیدي النظام على شبكات التواصل الاجتماعي صور أداء النشید في الدول العربیة والإسلامیة – لا سيّما في لبنان – علی نطاق واسع، معتبرین أنها تمثل مدی القوة والنفوذ الإقلیمي لإیران علی المستوی الشعبي.

من جهته رأى كميل باقر زاده مدير القسم العربي والإفريقي في مكتب نشر آثار آیة الله علي خامنئي أنّ نشيد واحد بتكلفة زهيدة وفي وقت قياسي جداً استطاع أن يسبق المجموعات التي تدعي تسعى لنشر وترويج اللغة الفارسية من خلال إقامة الدورات، كما أنه نجح في تعليم مئات الكلمات الفارسية وعشرات الجمل الفارسية لملايين الناس من العرب. مضيفا أن الطريق الوحيد لترويج اللغة الفارسية وانتشارها الشعبي (وليس النخبوي) هو إنتاج الكثير من الأعمال الفنية والثقافية والإعلامية الراقية باللغة الفارسية مثل نشيد سلام فرمانده، ولا يكفي الاقتصار بالدورات الأكاديمية.

كما علّق الناشط السياسي الأصولي حسین كازروني في تغریدة له على صور لنشید “سلام فرمانده” في بیروت جاء فیها: “هذه الكلمات الفارسیة في النشید أقوی من إطلاق مئات الصواریخ نحو أعدائنا”.

https://www.instagram.com/tv/CeszDxWARWc/?igshid=YmMyMTA2M2Y=

وأشارت صحیفة “جوان” التابعة للحرس الثوري إلى انعكاسات واسعة للنشید في مناطق مختلفة في العالم، من جنوب شرق آسیا إلی آسیا الوسطی والشرق الأوسط، لافتة إلى حيوية الثقافة الشيعية.

وجاء في تقریر الصحیفة: “لم یكن یتخيّل صاحب الأغنیه أبو ذر روحي أنّ إنتاجه الثقافي سیجتاح الحدود ویتحوّل إلی رمز للثقافة الدینیة یتم تقلیده بمختلف اللغات واللهجات عبر العالم”.

ووصفت الصحیفة النشيد باللغة المشتركة لجمیع من یؤمن بظهوز المخلّص، بغضّ النظر عن الانتمائات الطائفیة والمذهبیة.

أما وكالة “فارس” فقد أكدت أن الإقبال الواسع على النشيد خارج إيران إنجازٌ مذهلٌ لا یوجد له تفسیر علمی حتى الآن. وتابعت في تقريرها: “لا توجد أغنية مماثلة أخری بشأن الإیمان بظهور المخلّص كسلام فرمانده أصبحت ظاهرة عالمیة، وهي بالتأكید ظاهرة خاصة تتطلّب عملاً من مراكز الدراسات والبحوث من أجل فهم أبعادها المختلفة”.

صحیفة “كیهان” الأصولية اعتبرت ما حصل بشأن النشید تمهیداً لإقامة حكومة الإمام المهدي في المستقبل. ووصفت الصحيفة النشيد بـ “حدث مذهل تجاوز بوّابة إیران وتوجّه نحو العالم لیجتاح قلوب الناس في آسیا وأفريقيا، كما أنه وصل إلی حدود الولايات المتحدة وأوروبا”.

وأضافت الصحيفة: “أثبت الانتشار الواسع لسلام فرمانده في الدول المختلفة أنّ الثورة الإسلامیة تمكّنت من تصدير نموذجها للشعوب الأخری وأنها تُعتبر رمزاً للمقاومة والانتصار أمام الأعداء”.

وتابعت: “غضب الأعداء من الانتشار الواسع للنشید عبر الدول المختلفة نابعٌ عن شعورهم بالخذلان، حیث یرون آمالهم تتحطم عندما یحتشد الالاف من الأطفال لقراءة هذا النشید الروحي”.

وتحدث وزیر التراث الثقافي عن الظروف البسیطة التي تم فيها إعداد النشيد قائلاً: “لیس صحیحاً أن نطلب الأموال لکل مشروع یخطر علی بالنا. فانظروا الی سلام فرمانده؛ نشید بسیط تم إعداده بمیزانیة لا تتجاوز ملیونین تومان (أقل من 100 دولار) والآن أصبح ظاهرة عالمیة”.

وتناول تقریر لمؤسسة التلفزیون والإذاعة الإیرانیة قضية النشيد من زاوية الحرب الناعمة، حيث جاء فيه: “تمكّنت الثورة الإسلامیة من إیصال رسالتها الحقیقیة عبر نشید بسیط یجتاج دول العالم، من جنوب شرق آسیا وصولاً إلی الدول العربیة”.

وأضاف التقریر: “ینظر العالم الآن الی أسالیب جدیدة للحكم بعد فشل النموذج اللیبرالي، ویمثل نشید سلام فرمانده رسالة هامة للغایة بالنظر إلی الظروف التي یمرّ بها العالم حالیاً، حيث يقدّم رواية مختصرة من رسالة الثورة الإسلامية لباقي الدول”.

وبرأي مذیع قناة “أفق” المقرّبة من الحرس الثوري أمیر حسین ثابتي، فإنّ السبب الرئیسي وراء انتشار “سلام فرمانده” علی الصعید الدولي هو الأيديولوجيا. وجاء في تغریدة نشرها بهذا الشأن: “لو لم یحتوِ النشید علی مفاهیم أیدیولوجیة لما لاقى ترحیباً واسعاً حتی علی المستوی الداخلي، فإنّ الأیدیولوجیا تعني القوة وبسط النفوذ”.

في المقابل، هناك من یری في الشارع الإیراني أنّ مشروع “سلام فرمانده” مجرّد مناورة لاستعراض القوة من خلال استخدام إمكانیات وأموال ضخمة لا تعبّر عن توجهات الشعوب، ولا سیما الأطفال الذین یرحّبون بأي نشید یوجد فیه ایقاع جیّد ومضامین دینیة أو ثقافیة بسیطة.

ولاقى النشيد بعض الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر الناشط المعارض حسين قاضي زاده ما حصل إهداراً لثروات إیران في لبنان وباكستان وباقي الدول من أجل مسرحیة تكلّف البلاد الكثير في ظل العقوبات. كما تحدث البعض عن استغلال الأطفال في تلك الدول من أجل استعراض قوة محور أمام خصومه، وسأل أحد الناشطين: “كيف يمكن جعل طفل صغير يتصرّف هكذا إلا من خلال فرض النفاق عليه”؟

ومن الآراء السلبية التي أتت رداً على انتشار نشيد “سلام فرمانده” ما قاله الكاتب العراقي خليفة الدليمي في تغريدة له، أكد فيها أنّ مؤسس الثورة الإسلامية في إيران آية الله روح الله الخميني لم يكن يحلم بأن تملأ صوره الشوارع في بغداد وأن يتحوّل مقر منظمة “مجاهدي خلق” إلى مقرّ للمقرّبين منه وأن يُنشد “سلام فرمانده” في ساحة الفردوس.

وشبّه بعض النشطاء عبارة “سلام فرمانده” التي تعني “سلام للقائد”، مع التحية التي يقوم بها الأطفال أثناء أدائهم، بتحية هتلر النازية، في حين قام البعض الآخر بنشر فيديوهات ساخرة من النشيد ومضمونه.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: