الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 يوليو 2022 21:06
للمشاركة:

عودة الوساطة القطرية.. مهمة صنع المستحيل بین واشنطن وطهران

"لا تظن أنّ سهول مغان انتهت، فهناك ألف كأس من النبیذ في شجرة العنب". هذا بیت من القصیدة الشهیرة للشاعر والمفكر الباكستاني محمد إقبال لاهوري الذي سجل في رصيده العدید من القصائد باللغتين الفارسیة والأردیة، لتتحوّل إلى جزء من تراث إيران الثقافي.



يحمل هذا البيت للقرّاء رسالة أمل، ودعوة لعدم اليأس لأنّ هناك دائماً الكثير من الفرص التي ستأتي في وقت لاحق.


السفیر الإيراني في الدوحة حمید رضا دهقاني الذي غالباً ما ینقل رسائله عبر الشبكات الاجتماعیة من خلال استخدام تعابیر أو حتی صور رمزیة، نشر هذا البیت قبل ساعات من زیارة وزیر الخارجیة القطري محمد عبد الرحمن إلى طهران. زیارة اعتُبرت مهمة وحساسة للغایة بالنظر لظروف المنطقة والعالم.


وتأتي هذه الزيارة بعد أسبوع من استضافة الدوحة لمفاوضات غير مباشرة بوساطة أوروبية بین طهران وواشنطن؛ محطة جدیدة في الطریق الطویل للملف النووي الإيراني جددت التوقعات بشأن إحياء الاتفاق النووي فی المدی المنظور، لكنها سرعان ما خيّبت الأمال حيث انتهت خلال أقل من یومین.


بعدها، تغيّرت اللهجة الأميركية والأوروبية، خاصة عندما تحدث المبعوث الرئاسي للشؤون الإيرانية روبرت مالي عن إضاعة الوقت في محادثات الدوحة، في حين رأى الرئیس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ إيران لم تستغل الفرصة التي توفرت في العاصمة القطرية.


أما في طهران فهناك روایة أخری، حيث يصف المسؤولون الإيرانيون المواقف الغربیة باللعبة الإعلامية الهادفة إلى رمي الكرة في ملعب دولة أنقذت الاتفاق عبر اتخاذ قرار صعب للبقاء فیه، رغم خسارة جمیع الامتیازات الاقتصادیة بعد انسحاب واشنطن غیر الشرعي عام 2018، على حد تعبيرهم.


وفي هذا الإطار أكد وزیر الخارجیة الإيراني حسین أمیرعبداللهیان خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع ضیفه القطري أنّ بلاده لم تطلب أي شيء خارج إطار اتفاق عام 2015. وتابع: “من حقنا الحصول علی ضمانات لاستخدام المصالح الاقتصادیة التي یوفرها الاتفاق لنا، وأبلغنا الجانب الأوروبي في الدوحة إننا مصرون على هذا الأمر”.


هكذا يصبح المشهد واضحاً إلى حد ما، فمن جهة إيران لا اتفاق من دون ضمانات اقتصادیة هذه المرة، ومن جهة الولايات المتحدة لا ضمانات جوهریة في ظل الوضع المحرج للحكومة أمام خصومها قبیل الانتخابات التشریعیة.


وبین هذا وذاك تبدأ مهمة قطر المستحیلة لتقریب وجهات النظر والحفاظ علی استقرار منطقة، بعد أن تمكنت مؤخراً من جذب استثمارات أجنبیة تبلغ 29 ملیار دولاراً لحقولها الغازية والتي ستغیر خریطة الطاقة في العالم بأكمله.


بدوره یشدد وزیر الخارجیة القطري علی ضرورة مواصلة الجهود البنّاءة لإحياء الاتفاق النووي وتشجیع الطرفین علی الحوار، حيث صرّح خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الإيراني: “ندعم عودة جمیع الأطرف إلى اتفاق عام 2015”.


ومن الجدير ذكره إنّ قطر لم تعد مجرّد دولة خلیجیة بالنسبة لوسائل الإعلام الإيرانية، فهي التي تمثل منذ مدة بعيدة قناة خلفیة ومفتاحاً ذهبياً لإقامة اتصالات مؤثرة مع الجانب الأميركي، سواء لتهدئة الأجواء أو بناء اتفاقات جدیدة، وهو دور كان يقتصر علی سلطنة عمان لسنوات عدة.


لكنّ هذه النظرة لیست إيجابية بالكامل، فهناك من يری أنّ قطر تستغل ظروف إيران لتنمیة استثماراتها في الحقول المشتركة، وأنها هي الفائزة في السلم أو الحرب.


وفي هذا السیاق، نشر الرئیس السابق للمصرف المركزي الإيراني والمرشح في الانتخابات الرئاسية الأخیرة المدعوم من الإصلاحيين عبد الناصر همّتي تغریدة جاء فیها: “بالتزامن مع الوساطة بین إيران والولايات المتحدة، اختارت قطر آخر الشركاء لمشروعها البالغ قیمته 29 ملیارد دولاراً. ستعمل عمالقة الطاقة لصالح قطر في الحقول المشتركة مع إيران. ألیس هذا جمیلاً”؟!


ویأتي هذا بینما تتهم جهات أخری تنتمي إلى التیار المتشدد قطر بالسمسرة من أجل واشنطن، وتصفها نشاطها بالفخ، كما جاء علی لسان خطیب الجمعة ومندوب القائد الأعلى في مدينة مشهد أیة الله علم الهدی.


لكن وبخلاف هذه التوجهات السلبیة، تراهن حكومة الرئيس إبراهيم رئیسي – وتحدیداً وزیر خارجیتها – على دور قطر لاحتواء الملف النووي الذي سیعود إلى خط الأزمه إذا لم یتم التوصل لاتفاق شامل بين الطرفين خلال الأشهر المقبلة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: