الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة27 يونيو 2022 20:05
للمشاركة:

الحجاب یقسم الإيرانيين.. الجیل الجدید یتحدی والنظام لا یتراجع

تشهد إيران انقسامات عمودیة في مجتمعها منذ سنوات تتمحور حول القضایا الاجتماعیة والثقافیة أكثر من تلك السیاسیة أو الطبقیة.

ورغم أنّ الكثیر من علماء الاجتماع الإيرانيين یصفون تلك الانقسامات بمواجهة ناعمة لا تزال مختبئة تحت جلد المجتمع ویمكن احتواؤها من خلال خطوات مدروسة، لكنها تتحول في بعض الحالات لتحدیات لا یمكن تجاوزها بسهولة، فتجعل المجتمع ساحة لاختبار القوة بین فئتین تمثل كل واحدة منهما نمطاً خاصاً للحیاة.

وبینما یوظف النظام كل ما لدیه من الإمكانيات والقدرات لتعزیز نمط حیاة هو النمط “الإسلامي – الإيراني” من خلال تمویل المجموعات الدينية ودعم الأنشطة الترویجیة، إلا أنه في المقابل یزداد إقبال جزء كبیر من الشباب والمراهقین من موالید ما بعد التسعینیات علی نمط حیاة لیس معادیاً للدین، إنما یمكن وصفه بالعلماني.

ویبرز الحجاب باعتباره قضیة رمزیة عند المجتمع الإيراني في خط المواجهة بین الطرفین، حيث يصطف البعض ممن يؤيدون الحجاب كفرضٍ بالنظر للتعاليم الإسلامية، بوجه من يشدد على حرية الاختیار من ضمن حقوق المواطن في المجتمعات الحدیثة.

وعلیه، أعاد تجمع عدد من الفتیات والفتیان المراهقین الذين لا یتجاوز متوسط أعمارهم 18 عاماً بأسالیب بعیدة عن المعاییر الثقافیة للنظام في مدینة شیراز جنوب إيران الخمیس الماضي مرة أخری فتح المجال أمام نقاشات حادة بشأن حدود الحجاب وما یتجاوز ذلك من نمط الحیاة وحق اختیار المواطن.

وتم تداول صور ومقاطع فیدیو عن التجمع تُظهر أنّ أغلبیة الفتیات لم ترتدي الحجاب، بینما جری التجمع للاحتفال بالیوم العالمي للانزلاق علی الألواح، ما قد یعتبر أمراً شاذاً بالنسبة للأعراف العامة في البلاد، علی الأقل وفق رؤیة النظام.

ویأتي ذلك بعد أقل من أسابیع على احتفالات كبیرة شهدتها المدن الإيرانية تناغماً مع نشید “سلام فرمانده”، الذي هدف لإظهار القاعدة الجماهيرية التي تؤید نمط حیاة إسلامي وعدم وجود شرخ بین خطاب النظام والأجیال الجدیدة، الذي بات يُسمى بجيل الانستغرام، كما تسميه المعارضة.

وكما كان متوقعاً، جاء الرد عنیفاً حیث أصدر المدعي العالم الإيراني أوامر باعتقال الأشخاص الذین دعوا لإقامة التجمع. ولم تقتصر الاجراءات علی هذا الحد، فشملت خطوات إغلاق عدد من المقاهي الشعبیة للشباب والمراهقین في المدینة، كما ذكرت تقارير إعلامية، فضلاً عن فرض أجواء أمنیة في بعض الحدائق التي یذهب إليها الجيل الجديد للانزلاق علی الألواح أو الاستراحة.

وأعلنت جهات حكومیة – كمكتب ممثل الولي الفقیه في المحافظة والحوزات الدینیة – إلى جانب السلطة القضائیة – دعمها الإجراءات التي اتُخذت عبر بیانات صدرت خلال الأیام الماضیة.

وأثارت الخطوات هذه انتقادات واسعة في أوساط المعارضین الإصلاحيين، الذين عبّروا عن رفضهم “الحلول الأمنية للقضايا الثقافیة”. وفي هذا المجال نشر عالم الاجتماع والمحلل السیاسي المنتمي للتيار الإصلاحي عباس عبدي تغریدة جاء فیها: “تُظهر إجراءاتهم أنهم لا يزالون ینظرون إلى ما جری نظرة أمنیة، وهذا يدلّ على أنّ القضية لن تُحلّ”.

وكان لافتاً في الانتقادات التي طالت الإجراءات الحكومیة أنها لم تبقَ في إطار المعارضة الإصلاحية، بل شملت أيضاً عدداً من الخبراء الأصوليين، منهم المحلل السیاسي عماد أفروغ الذي دعا لضرورة اجتناب الحكومة المواجهة الأمنیة أو القضائیة مع المراهقین، مشدداً على ضرورة الحوار معهم ونقل التعالیم الإسلامية إليهم من خلال برامج ثقافیة مشجعة.

من جهته علّق أستاذ العلوم السیاسیة في جامعة طهران صادق زیباكلام علی ما جرى في شیراز من خلال تغريدة جاء فيها: “لا يسأل المسؤولون أنفسهم لمرة واحدة لماذا لم تتكلل جمیع الجهود التي بذلت عبر المؤسسات التعلیمیة والإعلامية وغیرها خلال أربعة عقود لأسلمة الجیل الجدید بالنجاح”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: