الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة27 يونيو 2022 08:20
للمشاركة:

قطر محطة تفاوضية جديدة بين إيران وأميركا.. مجرد دولة مستضیفة أم أكثر؟

أثار إعلان منسق السیاسة الخارجیة للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل یوم السبت 25 حزيران/ يونيو 2022، عن عقد الجولة المقبلة من المفاوضات النوویة في إحدى دول الخلیج نقاشات عدیدة داخل الأوساط السیاسیة والإعلامیة في إیران.

وبینما توقعت الكثیر من المصادر السیاسیة غیر الرسمیة عقد الجولة المقبلة في سلطنة عمان نظرًا لدورها التاریخي للوساطة بین طهران وواشنطن، ذكرت وكالة “نور نیوز” التابعة للمجلس الأعلی للأمن القومي الإیراني أن حظوظ قطر لاستضافة المفاوضات أكثر من باقي الدول. كما أرجعت الوكالة ذلك إلی جهود قطر الحثیثة لخفض التصعید في المنطقة ورفع العقوبات عن الاقتصاد الإیراني. وهو الأمر الذي أكده مستشار الفريق المفاوض الإيراني محمد مرندي في تصريح إعلامي لاحق.

وفي شرح أكثر عن التفاصیل المتعلقة بالجولة القادمة من المفاوضات، كتبت مراسلة صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، سارة معصومي على حسابها في “تويتر” أن الجانب الأوروبي سیبقی الوسیط الذي ینقل بدوره الرسائل من الجانب الإیراني من غرفة إلی الجانب الأميرکي في غرفة أخری.

وفي غضون ذلك، برزت وجهات نظر مختلفة بین خبراء الشأن الإیراني بشأن حدود الدور القطری أو أي دولة خلیجیة أخری في استضافة المفاوضات المقبلة. وفي هذا السیاق أكدت معصومي نقلًا عن مصادر لها، عن عدم وجود دور للدولة المستضیفة في المفاوضات، حیث أن أوروبا ستؤدي المهمة لتقریب وجهات النظر وبالتالي لیست العواصم الخلیجیة هنا إلا موقعًا لإجراء المفاوضات.

لكن في المقابل رأی آخرون أن دور العواصم الخلیجیة قد یتجاوز ذلك، كما أنها أسهمت كثیرًا خلال الأشهر الأخیرة في تقدم الحوار بین الجانبین، ولم یبق دورها محدودًا في إطار نقل الرسائل.

وفي السیاق نفسه، كتب الخبیر بشأن القضایا الإیرانیة علي هاشم عبر تويتر: أشك في اقتصار دور قطر علی استضافة المفاوضات وحسب، حیث هناك قضایا معقدة فیها تحتاج أحیانًا إلی ضمانات من قبل الأطراف الأخرى، وفي ظل عدم الثقة بین الجانبین الإیراني والأميركي ستزداد مساحة الوسطاء.

وبالنظر إلی القضایا العالقة بین الطرفین في مفاوضات إحیاء الاتفاق النووي، یمكن فهم موقف علي هاشم في إطار دور محتمل لدول خلیجیة منها قطر أو عمان لتسهیل العملیات المصرفیة بعد قرار رفع العقوبات عن الأموال الإیرانیة، أو حتی أخذ الضمانات من الجانبین وفقًا للمصالح المشترکة التي توجد بینها والأطراف التفاوضیة الرئیسیة في حال التوصل الى الاتفاق.

وتؤكد التجربة التاریخیة لأهم المفاوضات التي جرت بین طهران وواشنطن بعد انتصار الثورة الاسلامیة، وتحديدًا عام 2011 في العاصمة العمانیة مسقط، أن الاعتماد علی وسطاء موثوقین یؤثر على موقف صانع القرار الإیراني للمضي قدمًا نحو الحوار.

من جهة أخری، أشار محللون آخرون إلی احتمالیة طرح قضایا تتجاوز الموضوع النووي بالنظر إلی تحدید الدوحة کعاصمة إقلیمیة لمواصلة المفاوضات بین إیران وأميركا بطریقة شبه مباشرة. وفي هذا المجال كتب الدبلوماسي السابق والمحلل نصرة الله تاجیك الذي لیس لدیه وجهة نظر إیجابیة تجاه نقل المفاوضات إلی قطر: قد یتم نقاش الملفات الإقلیمیة إلی جانب الملف النووي، كما أن مساحة السعودیة للتأثیر السلبي علی المفاوضات قد تزداد.

ردود فعل المعارضین لنقل مكان المباحثات

إلی جانب توقعات بشأن قرب التوصل إلی إحیاء الاتفاق النووي بعد تداول أنباء عن مفاوضات شبه مباشرة بین طهران وواشنطن في الخلیج، أثار الخبر ردود فعل سلبیة أیضًا، بالتحدید بين عدد من النشطاء والمحللین المنتمین إلی التیار الأصولي أو المحافظ.

فعلی سبیل المثال، وصف الخبیر الاقتصادي الأصولی مجید شاكري قرار نقل المفاوضات إلی الدوحة بدل أن تکون فی مسقط بغير الحكيم في إشارة ضمنیة إلی تنافس البلدین علی احتیاطي حقل الغاز في الخلیج، وقال: إذا لم تحصل إیران علی امتیاز اقتصادی من قبل القطریین، فهذا القرار سیکون خطئًا كبیرًا.

من جهته، كتب الخبیر الإقلیمي ذو الانتماء الأصولي عن الأخطاء الإستراتیجیة في القرار عبر تغریدة جاء فیها: إذا صحت الأنباء، فیظهر القرار أن جهاز السیاسة الخارجیة لا یملك صورة صحیحة عن المصالح الوطنیة، حیث نقل المفاوضات إلی دولة تستضیف أكبر قاعدة عسكریة في المنطقة، ولدیها علاقات خفیة مع الكیان الإسرائیلي.

ومن زاوية أخرى، وبعیدًا عن الدولة المستضیفة انتقد عدد من الخبراء ووسائل الإعلام الإصلاحیة أیضًا القرار لنقل مکان التفاوض، مؤكدین علی التجربة الفاشلة لإدارة الملف النووي خلال عهد الرئیس الأسبق محمود أحمدی نجاد والتي شهدت تدخل عواصم متعددة من خلالها.

وفي هذا المجال، انتقد المحلل السیاسي إحسان سلطاني نهج إیران في السیاسة الخارجیة قائلًا: كان یفتخر الوفد التفاوضي الإیراني برئاسة سعید جلیلي بنفسه لأنه یحدد محل المفاوضات، وعلیه تم نقل الحوار من عاصمة إلی أخری بدءًا من بغداد وصولًا إلی إسطنبول، بینما لم تحرز جمیع تلك المفاوضات أي نتیجة للمصالح الوطنیة على مدى 8 سنوات، وانهارت أخیرًا قبل أن تنتطلق من جدید في فیینا بمشاركة محمد جواد ظریف وعباس عراقتشي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: